الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. من أوجه شَتَّى ويعسر نظمها
…
جدا وَلأَجل صعوبة الاوزان
أتكون خردلة تَسَاوِي الطود فِي الْأَجْزَاء فِي شَيْء من الأذهان
إِذْ كَانَ كل مِنْهُمَا أجزاؤه
…
لَا تَنْتَهِي بالعد والحسبان
…
وَإِذا وضعت الجوهرين وثالثا
…
فِي الْوسط وَهُوَ الحاجز الوسطان
…
فلأجله افْتَرقَا فَلَا يتلاقيا
…
حَتَّى يَزُول اذا فيلتقيان
مَا مَسّه إِحْدَاهمَا مِنْهُ هُوَ الممسوس للثَّانِي بِلَا فرقان
…
هَذَا محَال أَو تَقولُوا غَيره
…
فَهُوَ انقسام
وَاضح التِّبْيَان
…
شرع النَّاظِم رَحْمَة الله تَعَالَى فِي إبِْطَال القَوْل بالجوهر الْفَرد مَعَ ان الْقَائِلين بِهِ من الْمُتَكَلِّمين يَزْعمُونَ أَن إثْبَاته هُوَ أصل الدّين وَالْإِيمَان
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَغَيره اتّفق الْمُسلمُونَ على ان الاجسام تتناهى فِي تجزئتها وانقسامها حَتَّى تصير أفرادا وَمَعَ هَذَا فقد شكّ هُوَ فِيهِ وَكَذَلِكَ شكّ فِيهِ أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ وَأَبُو عبد الله الرَّازِيّ
قَالَ شيخ الاسلام وَمَعْلُوم ان هَذَا القَوْل لم يقلهُ أحد من أَئِمَّة الْمُسلمين وَلَا من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين لَهُم باحسان وَلَا أحد من ائمة الْعلم الْمَشْهُورين بَين الْمُسلمين وَأول من قَالَ ذَلِك فِي الاسلام طَائِفَة من الْجَهْمِية والمعتزلة وَهَذَا من الْكَلَام الَّذِي ذمه السّلف وعابوه وَلَكِن حاكي هَذَا الاجماع لما لم يعرف أصُول الدّين إِلَّا مَا فِي كتب الْكَلَام وَلم يجد الا من يَقُول بذلك اعْتقد هَذَا إِجْمَاع الْمُسلمين وَالْقَوْل بالجوهر الْفَرد بَاطِل وَالْقَوْل بالهيولي وَالصُّورَة بَاطِل انْتهى كَلَامه
قَوْله هَل يُمكن التَّرْكِيب من جزئين الخ أَي ان الْقَائِلين بالجوهر
الْفَرد اخْتلفُوا هَل يُمكن تركيب الْجِسْم من جزئين أَو أَرْبَعَة اَوْ سِتَّة أَو ثَمَانِيَة أَو سِتَّة عشر على خلاف بَينهم حَكَاهُ الْأَشْعَرِيّ فِي المقالات
وَفِي الْعقل وَالنَّقْل لشيخ الاسلام من يثبت الْجَوْهَر الْفَرد وَيَقُول بتماثل الاجسام وَأَن مَا يحدثه الله تَعَالَى من الْحَوَادِث انما هُوَ تَحْويل الْجَوَاهِر الَّتِي هِيَ أجسام من صفة إِلَى صفة مَعَ بَقَاء أعيانها وَيُنْكِرُونَ الاستحالة وَجُمْهُور الْعُقَلَاء وَأهل الْعلم من الْفُقَهَاء وَغَيرهم متفقون على بطلَان قَوْلهم وان الله تَعَالَى يحدث الْأَعْيَان ويبدعها وان كَانَ يحِيل الْجِسْم الاول الى جرم آخر فَلَا يَقُولُونَ إِن جرم النُّطْفَة بَاقٍ فِي بدن الانسان وَلَا جرم النواة بَاقٍ فِي النَّخْلَة انْتهى كَلَامه
وَقَول النَّاظِم أتكون خردلة تَسَاوِي الطود الخ أَي أتكون الخردلة الَّتِي فِي غَايَة الصغر والحقارة تَسَاوِي الْجَبَل الْعَظِيم بِجَامِع أَن أَجزَاء كل مِنْهُمَا لَا تَنْتَهِي بِالْحَدِّ والحسبان هَذَا فِي غَايَة الاحالة ثمَّ ذكر النَّاظِم دَلِيلا آخر على بطلَان هَذَا الْمَذْهَب فَقَالَ واذا وضعت الجوهرين وثالثا الخ أَي اذا فَرضنَا جُزْءا بَين جزئين فاما ان يكون الْوسط حاجبا للطرفين عَن التمَاس اَوْ لَا فعلى الأول يكون للوسط طرفان بِأَحَدِهِمَا يماس اُحْدُ الجزئين وبالآخر يماس الآخر فَلَا محَالة يكون بَين جهتيه امتداد قَابل للْقِسْمَة وَلَو وهما وَكَذَا يكون للجزئين الطَّرفَيْنِ جهتان باحداهما يماس كل من ذَيْنك الجزئين الْوسط وبالآخر يكون فَارغًا من لِقَائِه فيكونان منقسمين وعَلى الثَّانِي فَأَما ان يكون الْوسط متداخلا فِي اُحْدُ الطَّرفَيْنِ وَفِي كليهمَا فَلَا يحصل مِنْهُمَا حجم فَلَا يتألف مِنْهُمَا جسم أَو لَا يكون بَين تِلْكَ الْأَجْزَاء تَرْتِيب فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُمَا تركيب وللقائلين بِإِبْطَال الْجَوْهَر الْفَرد أَذِلَّة أُخْرَى على بُطْلَانه تركناها اختصارا وَالله اعْلَم