الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَآفَة الْخمر كَرَاهَة مذاقها الْمنَافِي للذة شربهَا وَآفَة الْعَسَل عدم تصفيته وَهَذَا من أيات الرب تَعَالَى أَن يجْرِي أَنهَارًا من أَجنَاس لم تجر الْعَادة فِي الدُّنْيَا باجرائها ويجريها فِي غير أخدُود وينفى عَنْهَا الْآفَات الَّتِي تمنع كَمَال اللَّذَّة بهَا كَمَا نفى عَن خمر الْجنَّة جَمِيع آفَات خمر الدُّنْيَا من الصداع والغول واللغو ونزف المَال وتصدع الرَّأْس وَهِي كريهة المذاق وَهِي رِجْس من عمل الشَّيْطَان توقع الْعَدَاوَة والبغضاء بَين النَّاس وتصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة وَتَدْعُو الى الزِّنَا وَرُبمَا دعت الى الْوُقُوع على الْبِنْت وَذَوَات الْمَحَارِم وَتذهب الْغيرَة وتورث الخزي والندامة والفضيحة وتلحق شاربها بأنقص نوع الانسان وهم المجانين وتسلبه أحسن الاسماء وَالصِّفَات وتكسوه أقبح الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وآفات الْخمر أَضْعَاف أَضْعَاف مَا ذَكرْنَاهُ وَكلهَا منفية عَن خمر الْجنَّة
فصل
فِي طَعَام أهل الْجنَّة
…
وطعامهم مَا تشتهيه نُفُوسهم
…
وَلُحُوم طير ناعم وسمان
وفواكه شَتَّى بِحَسب مُنَاهُمْ
…
يَا شيعَة كملت لذِي الْأَيْمَان
لحم وخمر والنسا وفواكه
…
وَالطّيب مَعَ روح وَمَعَ ريحَان
وصحافهم ذهب يطوف عَلَيْهِم
…
بأكف خدام من الْولدَان
…
.. وَانْظُر إِلَى جعل اللذاذة للعيو
…
ن وشهوة للنَّفس فِي الشَّيْطَان
للعين فِيهَا لَذَّة تَدْعُو إِلَى
…
شهواتها بِالنَّفسِ والأمران
سَبَب التَّنَاوُل وَهُوَ يُوجب لَذَّة
…
أُخْرَى سوى مَا نَالَتْ العينان
…
قَالَ تَعَالَى {إِن الْمُتَّقِينَ فِي ظلال وعيون وفواكه مِمَّا يشتهون كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} المرسلات وَقَالَ تَعَالَى {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار أكلهَا دَائِم وظلها} الْوَاقِعَة وَقَالَ تَعَالَى {وأمددناهم بفاكهة وَلحم مِمَّا يشتهون يتنازعون فِيهَا كأسا لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم} الرَّعْد وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُل أهل الْجنَّة وَيَشْرَبُونَ وَلَا يتمخطون وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبُولُونَ طعامهم ذَلِك جشاء كريح الْمسك يُلْهمُون التَّسْبِيح وَالْحَمْد وَفِي الْمسند وَالنَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن زيد بن ارقم قَالَ جَاءَ رجل من اهل الْكتاب الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِم تزْعم أَن اهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ قَالَ نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن أحدهم ليعطي قُوَّة مائَة رجل فِي الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع والشهوة قَالَ فَإِن الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب يكون لَهُ الْحَاجة وَلَيْسَ فِي الْجنَّة أَذَى قَالَ يكون حَاجَة أحدهم رشحا يفِيض من جُلُودهمْ كريح الْمسك فيضمر بَطْنه وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي صَحِيحه بِنَحْوِهِ وروى الْحسن بن عَرَفَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّك لتنظر إِلَى الطير فِي الْجنَّة فتشتهيه فَيخرج من يَديك مشويا وروى الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن فِي الْجنَّة طيرا أَمْثَال البخاتي فَقَالَ أَبُو بكر إِنَّهَا لناعمة يَا رَسُول الله قَالَ أنعم مِنْهَا من
يأكلها وَأَنت مِمَّن يأكلها وروى الْحَاكِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَلحم طير مِمَّا يشتهون} الْوَاقِعَة نَحوه بِلَفْظَة أُخْرَى وَعَن ابْن عَمْرو فِي قَوْله تَعَالَى {يُطَاف عَلَيْهِم بصحاف من ذهب} الزخرف قَالَ بسبعين صَحْفَة كل صَحْفَة فِيهَا لون لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وروى الدَّرَاورْدِي عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ فِي الْكَوْثَر وَيَرْفَعهُ فِيهِ طيور أعنافها كأعناق الجزر فَقَالَ عمر إِنَّهَا لناعمة فَقَالَ أكلهَا أنعم مِنْهَا فِي رِوَايَة أَبُو بكر بدل عمر وَقَالَ تَعَالَى {وَيَطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون إِذا رَأَيْتهمْ حسبتهم لؤلؤا منثورا} الدَّهْر قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَالْفراء مخلدون لَا يهرمون وَلَا يتغيرون وَقَالَ آخر مخلدون مقرطون مسورون فِي آذانهم القرطة وَفِي أَيْديهم الأساور وَهَذَا ابْن الْأَعرَابِي قَالَ الْأَولونَ الْخلد هُوَ الْبَقَاء قَالَ ابْن عَبَّاس لَا يموتون وَهَذَا قَول مُجَاهِد وَمُقَاتِل والكلبي وجمعت طَائِفَة بَين الْقَوْلَيْنِ لَا يعرف لَهُم الْكبر والهرم وَفِي آذانهم القرطة وشبههم بِاللُّؤْلُؤِ لما فِيهِ من الْبيَاض وَحسن الْخلقَة وَفِي كَونه منثورا فَائِدَتَانِ احداهما أَنهم غير معطلين بل مثبوثون فِي خدمتهم وجوائحهم وَالثَّانِي أَن اللُّؤْلُؤ إِذا كَانَ منثورا لَا سِيمَا على بِسَاط من ذهب أَو حَرِير كَانَ أحسن لمنظره وأبهى من كَونه مجموعا فِي مَكَان وَفِي حَدِيث انس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنا أول النَّاس إِذا بعثوا وَفِيه يطوف على ألف خَادِم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون الْمكنون المستور المصون الَّذِي لم تبتذله الْأَيْدِي
وَقَول النَّاظِم وَانْظُر إِلَى جعل اللذاذة للعيون الخ أَي انْظُر إِلَى اللذاذة الَّتِي تحصل بالعيون بِسَبَب النّظر إِلَى ألوان الَّذين هم كَاللُّؤْلُؤِ المنثور وشهوة النَّفس لما فِي الصحاف الَّتِي يطوفون بهَا فَاجْتمع لَهُم لَذَّة النّظر وَلَذَّة