الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْمَلأ الْأَعْلَى تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت وَتسمع سَلام الْمُسلم عَلَيْهَا عِنْد قبرها وتدنو حَتَّى ترد عليه السلام وللروح شَأْن آخر غير شَأْن الْبدن وَهَذَا جِبْرِيل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ رَآهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهُ سِتّمائَة جنَاح مِنْهَا جَنَاحَانِ قد سد بهما مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَكَانَ يدنو من النَّبِي صلى الله عليه وسلم يضع ركبته وَيَديه على فَخذيهِ وَمَا اظنك يَتَّسِع بطانك أَنه كَانَ حِينَئِذٍ فِي الْمَلأ الاعلى فَوق السَّمَاوَات حَيْثُ هُوَ مستقره وَقد دنا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذَا الدنو فَإِن التَّصْدِيق بِهَذَا لَهُ قُلُوب خلقت لَهُ وأهلت لمعرفته وَمن لم يَتَّسِع بطانه لهَذَا فَهُوَ اضيق ان يَتَّسِع للايمان بالتنزل الإلهي الى سَمَاء الدُّنْيَا كل لَيْلَة وَهُوَ فَوق سمواته على عَرْشه لَا يكون فَوْقه شَيْء الْبَتَّةَ بل هُوَ العالي على كل شَيْء وعلوه من لَوَازِم ذَاته وَكَذَلِكَ دنوه عَشِيَّة عَرَفَة من اهل الْموقف وَكَذَلِكَ مَجِيئه يَوْم الْقِيَامَة لمحاسبة خلقه وإشراق الأَرْض بنوره وَكَذَلِكَ مَجِيئه الى الارض حِين دحاها وسواها ومدها وبسطها وهيأها لما يُرَاد مِنْهَا وَكَذَلِكَ مَجِيئه إِلَيْهَا قبل يَوْم الْقِيَامَة حِين يقبض من عَلَيْهَا وَلَا يبْقى اُحْدُ كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأصْبح رَبك يطوف فِي الارض وَقد خلت عَنهُ الْبِلَاد هَذَا وَهُوَ فَوق سمواته على عَرْشه
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
هَذَا وَقَوْلِي إِنَّهَا مخلوقة
…
وحدوثها الْمَعْلُوم بالبرهان
هَذَا وَقَوْلِي إِنَّهَا لَيست كَمَا
…
قد قَالَ اهل الافك والبهتان
لَا دَاخل فِينَا وَلَا هِيَ خَارج
…
عَنَّا كَمَا قَالُوهُ فِي الديَّان
وَالله لَا الرَّحْمَن أثبتم وَلَا
…
أرواحكم يَا مدعي الْعرْفَان
…
.. عطلتم الْأَبدَان من أرواحها
…
وَالْعرش عطلتم من الرَّحْمَن
…
قَوْله هَذَا وَقَوْلِي إِنَّهَا مخلوقة الخ هَذِه الْمَسْأَلَة ذكرهَا النَّاظِم فِي كتاب الرّوح وَحَاصِل كَلَامه انه قَالَ أَجمعت الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم على ان روح الانسان محدثة مخلوفة مصنوعة مربوبة وَهَذَا مَعْلُوم بالاضطرار من دين الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم كَمَا يعم بالإضطرار من دينهم أَن الْعَالم حَادث وان معاد الْأَبدَان وَاقع وَأَن الله تَعَالَى وَحده الْخَالِق وكل مَا سواهُ لَهُ وَقد انطوى عصر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم وهم الْقُرُون المفضلة وهم على ذَلِك من غير اخْتِلَاف بَينهم فِي حدوثها وَأَنَّهَا مخلوقة حَتَّى نبغت نَابِغَة مِمَّن قصر فهمه فِي الْكتاب وَالسّنة فَزعم أَنَّهَا قديمَة غير مخلوقة حَتَّى نبغت نَابِغَة مِمَّن قصر فهمه فِي الْكتاب وَالسّنة ن فَزعم انها قديمَة غير مخلوقة وَاحْتج لذَلِك انها من امْر الله وامر الله غير مَخْلُوق وَبِأَن الله أضافها اليه كَمَا أضَاف اليه علمه وَكتابه وَقدرته وسَمعه وبصره وَيَده وَتوقف آخَرُونَ فَقَالُوا لَا نقُول مخلوقة وَلَا غير مخلوقة وَقد سُئِلَ عَن ذَلِك حَافظ اصبهان أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فَقَالَ اما بعد فان سَائِلًا سَأَلَ عَن الرّوح الَّتِي جعلهَا الله سُبْحَانَهُ قوام أنفس الْخلق وأبدانهم وَذكر ان اقواما تكلمُوا فِي الرّوح وَزَعَمُوا انها غير مخلوقة وَخص بَعضهم مِنْهَا أَرْوَاح الْقُدس وَأَنَّهَا من ذَات الله قَالَ وَأَنا أذكر أقاويل متقدميهم وَأبين مَا يُخَالف أقاويلهم من الْكتاب والأثر وأقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأهل الْعلم وأوضح خطأ الْمُتَكَلّم فِي الرّوح بِغَيْر علم وان كَلَامهم يُوَافق قَول جهم بن صَفْوَان وَأَصْحَابه فَذكر ان النَّاس اخْتلفُوا فِي معرفَة الْأَرْوَاح ومحلها من النَّفس فَقَالَ بَعضهم الارواح كلهَا مخلوقة قَالَ وَهَذَا مَذْهَب اهل الْجَمَاعَة والأثر واحتجت بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم الارواح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف رَوَاهُ الامام أَحْمد وَمُسلم
وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وَرَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي وَعبد الله بن عَبَّاس وأمير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن عنسبة رضي الله عنهم والجنود المجندة لَا تكون إِلَّا مخلوقة وَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح من أَمر الله اخفى الله حَقِيقَتهَا وَعلمهَا عَن الْخلق واحتجت بقول الله تَعَالَى {قل الرّوح من أَمر رَبِّي} الاسراء
وَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح نور من نور الله تَعَالَى وحياة من حَيَاته وَاحْتَجُّوا بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن الله خلق خلقه من ظلمَة ثمَّ القى عَلَيْهِم من نوره وَتَمام الحَدِيث فَمن أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور يَوْمئِذٍ اهْتَدَى وَمن أخطأه ضل رَوَاهُ الامام احْمَد وَالْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه وَقَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كِتَابه تَأَول صنف من الزَّنَادِقَة وصنف من الروافض فِي روح ابْن آدم مَا تأولته النَّصَارَى فِي روح عِيسَى وَمَا تَأَوَّلَه قوم من ان الرّوح انْفَصل من ذَات الله تَعَالَى وتقدست أسماؤه فَصَارَ فِي الْمُؤمن فعبد صنف من النَّصَارَى عِيسَى وَمَرْيَم جَمِيعًا لَان عِيسَى عِنْدهم روح من الله فَصَارَ فِي مَرْيَم فَهُوَ غير مَخْلُوق عِنْدهم وَقَالَ صنف من الزَّنَادِقَة وصنف من الروافض إِن روح آدم عليه السلام مثل ذَلِك أَنه غير مَخْلُوق وتأولوا قَوْله {ونفخت فِيهِ من روحي} الْحجر وَقَوله {ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه} السَّجْدَة فزعموا أَن روح ابْن آدم لَيْسَ بمخلوق كَمَا تَأَول من قَالَ إِن النُّور من الرب غير مَخْلُوق قَالُوا ثمَّ صَار بعد آدم فِي الْوَصِيّ بعده ثمَّ هُوَ فِي كل نَبِي ووصي الى ان صَار فِي عَليّ بن ابي طَالب رضي الله عنه ثمَّ فِي ابنية الْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهما ثمَّ فِي كل وَصِيّ وَإِمَام فِيهِ يعلم الامام كل شَيْء لَا يحْتَاج ان يتَعَلَّم من اُحْدُ
وَقَالَ وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين أَن الْأَرْوَاح فِي آدم وبنيه وَعِيسَى وَمن سواهُ من بني آدم كلهَا مخلوقة الله خلقهَا وأنشأها وَكَونهَا وَأخْبر عَنْهَا ثمَّ أضافها إِلَى نَفسه كَمَا أضَاف اليه سَائِر خلقه قَالَ تَعَالَى {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} الجاثية
قَالَ شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية رحمه الله روح الْآدَمِيّ مخلوقة مبدعة بِاتِّفَاق سلف الْأمة وأئمتها وَسَائِر أهل السّنة وَقد حكى إِجْمَاع الْعلمَاء على انها مخلوقة غير وَاحِد من أَئِمَّة الْمُسلمين مثل مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي الامام الْمَشْهُور الَّذِي هُوَ من اعْلَم اهل زَمَانه بالاجماع وَالِاخْتِلَاف وَكَذَلِكَ أَبُو مُحَمَّد ابْن قُتَيْبَة
قَالَ النَّاظِم فِي كتاب الرّوح قد تكلم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة طوائف من اكابر الْعلمَاء والمشايخ وردوا على من يزْعم أَنَّهَا غير مخلوقة وصنف الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مندة فِي ذَلِك كتابا كَبِيرا وَقَبله الامام مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَغَيره وَالشَّيْخ ابو سعيد الخرار وَأَبُو يَعْقُوب النهرجوري وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَقد نَص على ذَلِك الْأَئِمَّة الْكِبَار وَاشْتَدَّ نكيرهم على من يَقُول ذَلِك فِي روح عِيسَى بن مَرْيَم عليه السلام فَكيف بِروح غَيره كَمَا ذكره الامام احْمَد رضي الله عنه فِيمَا كتبه فِي محبسه فِي الرَّد على الزَّنَادِقَة والجهمية انْتهى
قَوْله هَذَا وَقَوْلِي إِنَّهَا لَيست كَمَا قد قَالَ اهل الافك والبهتان الخ
قَالَ النَّاظِم فِي كتاب الرّوح فِي الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة لما سُئِلَ عَن حَقِيقَة الرّوح وَهل هِيَ النَّفس اَوْ غَيرهَا وَذكر مَذَاهِب النَّاس فِي ذَلِك قَالَ وَقَالَت طَائِفَة لَيْسَ النَّفس جسما وَلَا عرضا وَلَيْسَت فِي مَكَان