الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. ملكتهم تِلْكَ المهابة فاعترت
…
تِلْكَ القوائم كَثْرَة الرجفان
وتفجرت تِلْكَ الْعُيُون بِمَائِهَا
…
ولطالما غاضت على الْأَزْمَان
وأتى الْمُسلم بِالسَّلَامِ بهيبة
…
ووقار ذِي علم وَذي إِيمَان
لم يرفع الْأَصْوَات حول ضريحه
…
كلا وَلم يسْجد على الأذقان
كلا وَلم ير طَائِفًا بالقبر اسبوعا كَأَن الْقَبْر بَيت ثَان
ثمَّ انثنى بدعائه مُتَوَجها
…
لله نَحْو الْبَيْت ذِي الْأَركان
هذي زِيَارَة من غَدا متمسكا
…
بشريعة الاسلام وَالْإِيمَان
من افضل الْأَعْمَال هاتيك الزيا
…
رة وَهِي يَوْم الْحَشْر فِي الْمِيزَان
لَا تلبسوا الْحق الَّذِي جَاءَت بِهِ
…
سنَن الرَّسُول بأعظم الْبطلَان
هذي زيارتنا وَلم ننكر سوى الْبدع المضلة يَا أولي الْعدوان
وَحَدِيث شدّ الرحل نَص ثَابت
…
يجب الْمصير اليه بالبرهان
…
مُرَاد النَّاظِم رحمه الله انا قُلْنَا بِمَا قَالَت بِهِ الْأَئِمَّة قبلنَا ودلت عَلَيْهِ النُّصُوص فَذكر ان حج الْبَيْت فَرِيضَة وَهَذَا مَعْلُوم بالاضطرار من دين الاسلام
قَوْله ورحالنا شدت اليه الخ يُشِير الى الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث ابي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تشد الرّحال الا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد الحَدِيث
وَكَذَا نَشد رحالنا لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ الخ أَقُول
قَوْله هَذِه مَسْأَلَة الزِّيَارَة وَهِي الَّتِي أفتى فِيهَا شيخ الاسلام وَحبس بِسَبَبِهَا حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْس ولنذكر جَوَابه فِي الْمَسْأَلَة وَذَلِكَ أَنه سُئِلَ عَن رجل نوى زِيَارَة قبر نَبِي من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام مثل نَبينَا صلى الله عليه وسلم وَغَيره
فَهَل يجوز لَهُ فِي سَفَره أَن يقصر الصَّلَاة وَهل هِيَ زِيَارَة شَرْعِيَّة أم لَا وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ من حج فَلم يزرني فقد جفاني وَمن زارني بعد مماتي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي وَقد رُوِيَ عَنهُ انه قَالَ لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي هَذَا
أجَاب الشَّيْخ رضي الله عنه الْحَمد لله رب الْعَالمين أما من سَافر لمُجَرّد زِيَارَة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ فَهَل يجوز لَهُ الْقصر على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا وَهُوَ قَول مُتَقَدِّمي الْعلمَاء الَّذين لَا يجوزون الْقصر فِي سفر الْمعْصِيَة كَأبي عبد الله ابْن بطة وَأبي الْوَفَاء ابْن عقيل وَطَوَائِف كَثِيرَة من الْعلمَاء الْمُتَقَدِّمين أَنه لَا يجوز الْقصر فِي هَذَا السّفر لِأَنَّهُ سفر مَنْهِيّ عَنهُ وَمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد رحمهم الله أَن السّفر الْمنْهِي عَنهُ فِي الشَّرِيعَة لَا يقصر فِيهِ وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه يقصر وَهَذَا يَقُوله من يجوز الْقصر فِي السّفر الْمحرم كَأبي حنيفَة ويقوله بعض الْمُتَأَخِّرين من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَأحمد مِمَّن يجوز السّفر لزيارة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ كَأبي حَامِد الْغَزالِيّ وَأبي الْحسن ابْن عَبدُوس الْحَرَّانِي وَأبي مُحَمَّد ابْن قدامَة الْمَقْدِسِي وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ إِن هَذَا السّفر لَيْسَ بِمحرم لعُمُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم زوروا الْقُبُور وَقد يحْتَج بعض من لَا يعرف الحَدِيث بالاحاديث المروية فِي زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَقَوْلِه من زارني بعد مماتي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن ماجة وَأما مَا يذكرهُ بعض النَّاس من قَوْله من قَوْله من حج فَلم يزرني فقد جفاني فَهَذَا لم يروه اُحْدُ من الْعلمَاء وَهُوَ مثل قَوْله من زارني وزار أبي فِي عَام وَاحِد ضمنت لَهُ على الله الْجنَّة فان هَذَا أَيْضا بَاطِل بِاتِّفَاق الْعلمَاء لم يروه أحد وَلم يحْتَج بِهِ أحد وانما يحْتَج بَعضهم بِحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ
وَنَحْوه وَقد احْتج أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي على جَوَاز السّفر لزيارة الْقُبُور بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يزور مَسْجِد قبَاء وَأجَاب عَن حَدِيث لَا تشد الرّحال بِأَن ذَلِك مَحْمُول على نفي الِاسْتِحْبَاب وَأما الْأَولونَ فانهم يحتجون بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تشد الرّحال الا الى ثَلَاثَة مَسَاجِد الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الاقصى ومسجدي هَذَا وَهَذَا الحَدِيث اتّفق الْعلمَاء على صِحَّته وَالْعَمَل بِهِ فَلَو نذر الرجل أَن يُصَلِّي فِي مَسْجِد أَو مشْهد أَو يعْتَكف فِيهِ أَو يُسَافر اليه غير هَذِه الثَّلَاثَة لم يجب عَلَيْهِ ذَلِك بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَلَو نذر أَن يَأْتِي الْمَسْجِد الْحَرَام لحج أَو عمْرَة وَجب عَلَيْهِ ذَلِك بِاتِّفَاق الْعلمَاء وَلَو نذر أَن يَأْتِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو الْمَسْجِد الاقصى لصَلَاة اَوْ اعْتِكَاف وَجب عَلَيْهِ الْوَفَاء بِهَذَا النّذر عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه وَأحمد وَلم يجب عَلَيْهِ عِنْد ابي حنيفَة لِأَنَّهُ لَا يجب عِنْده بِالنذرِ إِلَّا مَا كَانَ جنسه وَاجِبا بِالشَّرْعِ أما الْجُمْهُور فانهم يوجبون الْوَفَاء بِكُل طَاعَة كَمَا ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ
وَأما السّفر الى بقْعَة غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة فمل يُوجب أحد من الْعلمَاء السّفر اليها إِذا نَذره حَتَّى نَص بعض الْعلمَاء على أَنه لَا يُسَافر الى مَسْجِد قبَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ من الثَّلَاثَة مَعَ أَن مَسْجِد قبَاء تسْتَحب زيارته لمن كَانَ بِالْمَدِينَةِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بشد رَحل كَمَا فِي الصَّحِيح من تطهر فِي بَيته ثمَّ أَتَى مَسْجِد قبَاء لَا يُرِيد الا الصَّلَاة فِيهِ كَانَ كعمرة قَالُوا ولان السّفر لزيارة قُبُور الانبياء وَالصَّالِحِينَ بِدعَة لم يَفْعَلهَا اُحْدُ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَلَا أَمر بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا استحبها اُحْدُ من ائمة الْمُسلمين فَمن اعْتقد ذَلِك عبَادَة وفعلها فَهَذَا مُخَالف للسّنة واجماع الْأمة وَهَذَا مِمَّا ذكره أَبُو عبد الله ابْن بطة فِي الابانة الصُّغْرَى
من الْبدع الْمُخَالفَة للسّنة والاجماع وَبِهَذَا يظْهر ضعف حجَّة ابي مُحَمَّد الْمَقْدِسِي فان زِيَارَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمَسْجِد قبَاء لم تكن بشد رَحل وَهُوَ يسلم لَهُم ان السّفر اليه لَا يجب بِالنذرِ
وَقَوله إِن قَوْله لَا تشد الرّحال مَحْمُول على نفي الِاسْتِحْبَاب يُجَاب عَنهُ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن هَذَا تَسْلِيم مِنْهُ ان هَذَا السّفر لَيْسَ بِعَمَل صَالح وَلَا قربَة وَطَاعَة فقد خَالف الاجماع واذا سَافر لاعتقاد أَنَّهَا طَاعَة فَذَلِك محرم باجماع الْمُسلمين فَصَارَ التَّحْرِيم من جِهَة اتِّخَاذه قربَة وَمَعْلُوم ان احدا لَا يُسَافر اليها الا لذَلِك وَأما اذا قدر أَن شدّ الرحل اليها لغَرَض مُبَاح فَهَذَا جَائِز وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب
الْوَجْه الثَّانِي أَن الحَدِيث يَقْتَضِي النَّهْي وَالنَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَمَا ذَكرُوهُ من الْأَحَادِيث فِي زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَكلهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاق أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ بل هِيَ مَوْضُوعَة لم يرو أحد من أهل السّنَن الْمُعْتَمدَة شَيْئا مِنْهَا وَلم يحْتَج اُحْدُ من الائمة مِنْهَا بِشَيْء بل مَالك إِمَام أهل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة الَّذين هم أعلم النَّاس بِحكم هَذِه الْمَسْأَلَة كره أَن يَقُول الرجل زرت قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَو كَانَ هَذَا اللَّفْظ مَعْرُوفا عِنْدهم مَشْرُوعا أَو مأثورا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكرههُ عَالم الْمَدِينَة وَالْإِمَام احْمَد رضي الله عنه أعلم النَّاس فِي زَمَانه بِالسنةِ لما سُئِلَ عَن ذَلِك لم يكن عِنْده مَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي ذَلِك إِلَّا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ مَا من رجل يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى أرد عليه السلام وعَلى هَذَا اعْتمد أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَكَذَلِكَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ روى عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ إِذا دخل الْمَسْجِد قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله السَّلَام عَلَيْك يَا أَبَا بكر السَّلَام عَلَيْك
يَا أَبَت ثمَّ ينْصَرف وَفِي سنَن أبي دَاوُد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عيدا وصلوا عَليّ أَيْنَمَا كُنْتُم فان صَلَاتكُمْ تبلغني وَفِي سنَن سعيد بن مَنْصُور عَن حسن بن حسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب أَنه رأى رجلا يخْتَلف الى قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو عِنْده فَقَالَ يَا هَذَا إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عيدا وصلوا عَليّ أَيْنَمَا كُنْتُم فان صَلَاتكُمْ تبلغني فَمَا أَنْت وَرجل بالأندلس مِنْهُ الا سَوَاء وَكَانَ الصَّحَابَة والتابعون لما كَانَت الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة مُنْفَصِلَة عَن الْمَسْجِد الى زمن الْوَلِيد ابْن عبد الْملك لَا يدْخل عِنْده اُحْدُ لَا لصَلَاة هُنَاكَ وَلَا لمسح قبر وَلَا لدعاء بل هَذَا انما كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْمَسْجِد وَكَانَ السّلف من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِذا سلمُوا عَلَيْهِ وَأَرَادُوا الدُّعَاء دعوا مستقبلي الْقبْلَة وَلم يستقبلوا الْقَبْر وَأما الْوُقُوف للسلام عَلَيْهِ صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة يسْتَقْبل الْقبْلَة ايضا وَلَا يسْتَقْبل الْقَبْر وَقَالَ أَكثر الْأَئِمَّة يسْتَقْبل الْقَبْر عِنْد السَّلَام خَاصَّة وَلَا يسْتَقْبل الْقَبْر عِنْد الدُّعَاء وَلَيْسَ فِي ذَلِك إِلَّا حِكَايَة مكذوبة تروى عَن مَالك ومذهبه بِخِلَافِهَا وَلم يقل أحد من الْأَئِمَّة أَنه يسْتَقْبل الْقَبْر عِنْد الدُّعَاء وَاتفقَ الائمة على أَنه لَا يتمسح بِقَبْر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا يقبله وَهَذَا كُله مُحَافظَة على التَّوْحِيد فان من أصُول الشّرك بِاللَّه سُبْحَانَهُ اتِّخَاذ الْقُبُور مَسَاجِد كَمَا قَالَت طَائِفَة من السّلف فِي قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا لَا تذرن آلِهَتكُم وَلَا تذرن ودا وَلَا سواعا وَلَا يَغُوث ويعوق ونسرا} نوح وَقَالُوا هَؤُلَاءِ كَانُوا قوما صالحين فِي قوم نوح فَلَمَّا مَاتُوا عكفوا على قُبُورهم ثمَّ صوروا على صورهم تماثيل ثمَّ طَال عَلَيْهِم الأمد فعبدوها وَقد ذكر هَذَا الْمَعْنى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس وَذكره مُحَمَّد ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَغَيره فِي التَّفْسِير عَن غير وَاحِد من السّلف وَذكره
وثيمة وَغَيره فِي قصَص الانبياء من عدَّة طرق وَقد بسطت الْكَلَام على أصُول هَذِه الْمسَائِل فِي غير الْموضع وَأول من وضع الْأَحَادِيث فِي السّفر لزيارة الْمشَاهد أهل الْبدع الرافضة وَنَحْوهم الَّذين يعطلون الْمَسَاجِد ويعظمون الْمشَاهد يدعونَ بيُوت الله الَّتِي أَمر الله أَن يذكر فِيهَا اسْمه ويعبد فِيهَا وَحده لَا شريك لَهُ ويعظمون الْمشَاهد الَّتِي يُشْرك فِيهَا ويبتدع فِيهَا دين لم ينزل الله بِهِ سُلْطَانا فان الْكتاب وَالسّنة إِنَّمَا فيهمَا ذكر الْمَسَاجِد لَا الْمشَاهد كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {قل أَمر رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأقِيمُوا وُجُوهكُم عِنْد كل مَسْجِد} الْأَعْرَاف وَغير ذَلِك من الْآيَات وَالله تَعَالَى أعلم انْتهى
وَاعْلَم ان من أَدِلَّة المجوزين لشد الرحل الى مَا ذكره التقي السُّبْكِيّ فِي كِتَابه شِفَاء السقام من الْأَحَادِيث المروية فِي زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَقَوْلِه عليه السلام من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِي رِوَايَة حلت لَهُ شَفَاعَتِي وَقَوله عليه الصلاة والسلام من جَاءَنِي زَائِرًا لَا يعمله حَاجَة الا زيارتي كَانَ حَقًا عَليّ ان أكون لَهُ شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَقَوله صلى الله عليه وسلم من حج الى مَكَّة ثمَّ قصدني فِي مَسْجِدي كتب لَهُ حجتان مبرورتان رَوَاهُ ابْن عَبَّاس وَقَوله صلى الله عليه وسلم من حج فزار قَبْرِي بعد وفاتي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ والْحَدِيث الَّذِي رُوِيَ من حج الْبَيْت وَلم يزرني فقد جفاني رَوَاهُ ابْن عمر وَأَطْنَبَ السُّبْكِيّ فِي الْأَدِلَّة وَقد أجَاب المانعون عَن جَمِيع ذَلِك كَمَا قَالَ الامام الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن احْمَد بن عبد الْهَادِي فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ الصارم المنكي فِي الرَّد على السُّبْكِيّ مَا نَصه أما بعد فَانِي وقفت على الْكتاب الَّذِي أَلفه بعض قَضَاهُ الشَّافِعِيَّة فِي الرَّد على شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين احْمَد بن تَيْمِية فِي مَسْأَلَة شدّ الرّحال واعمال الْمطِي الى الْقُبُور وَذكر
أَنه سَمَّاهُ شن الْغَارة على من أنكر سفر الزِّيَارَة ثمَّ زعم أَنه اخْتَار ان يُسَمِّيه شِفَاء السقام فِي زِيَارَة خير الْأَنَام فَوَجَدته كتابا مُشْتَمِلًا على تَصْحِيح الاحاديث الضعيفة والموضوعة وتقوية الْآثَار الْوَاهِيَة والمكذوبة وعَلى تَضْعِيف الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الثَّابِتَة والْآثَار القوية المقبولة أَو تحريفها عَن موَاضعهَا وصرفها عَن ظواهرها بالتأويلات المستنكرة الْمَرْدُودَة وَرَأَيْت مؤلف هَذَا الْكتاب رجلا مماريا معجبا بِرَأْيهِ مُتبعا لهواه ذَاهِبًا فِي كثير مِمَّا يَعْتَقِدهُ الى الْأَقْوَال الشاذة والآراء الساقطة صائرا فِي أَشْيَاء مِمَّا يعتمده الى الشّبَه المخيلة والحجج الداحضة وَرُبمَا خرق الاجماع فِي مَوَاضِع لم يسْبق اليها وَلم يُوَافقهُ اُحْدُ من الْأَئِمَّة عَلَيْهَا وَهُوَ فِي الْجُمْلَة لون عَجِيب ونبأ غَرِيب تَارَة يسْلك فِيمَا ينصره ويقويه مَسْلَك الْمُجْتَهدين فَيكون مخطئا فِي ذَلِك الِاجْتِهَاد وَمرَّة يزْعم فِيمَا يَقُوله ويدعيه أَنه من جملَة المقلدين فَيكون من قَلّدهُ مخطئا فِي ذَلِك الِاعْتِقَاد ونسأل الله سُبْحَانَهُ أَن يلهمنا رشدنا ويرزقنا الْهِدَايَة والسداد هَذَا مَعَ أَنه إِن ذكر حَدِيثا مَرْفُوعا أَو أثرا مَوْقُوفا وَهُوَ غير ثَابت قبله اذا كَانَ مُوَافقا لهواه وان كَانَ ثَابتا رده إِمَّا بِتَأْوِيل أَو غَيره اذا كَانَ مُخَالفا لهواه وَإِن نقل عَن بعض الْأَئِمَّة الْأَعْلَام كمالك أَو غَيره مَا يُوَافق رَأْيه قبله وان كَانَ مطعونا فِيهِ غير صَحِيح عَنهُ وَإِن كَانَ مِمَّا يُخَالف رَأْيه رده وَلم يقبله وَإِن كَانَ صَحِيحا ثَابتا عَنهُ وان حكى شَيْئا مِمَّا يتَعَلَّق بالْكلَام على الحَدِيث وأحوال الروَاة عَن اُحْدُ من أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل كالامام احْمَد بن حَنْبَل وابي حَاتِم الرَّازِيّ وَأبي حَاتِم ابْن حبَان البستي وَأبي جَعْفَر الْعقيلِيّ وابي احْمَد ابْن عدي وابي عبد الله الْحَاكِم صَاحب الْمُسْتَدْرك وَأبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَغَيرهم من
الْحفاظ وَكَانَ مُخَالفا لما ذهب اليه لم يقبل قَوْله ورده عَلَيْهِ وناقشه فِيهِ وان كَانَ ذَلِك الامام قد أصَاب فِي ذَلِك القَوْل وَوَافَقَهُ غَيره من الْأَئِمَّة عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مُوَافقا لما صَار اليه تَلقاهُ بِالْقبُولِ وَاحْتج بِهِ وَاعْتمد عَلَيْهِ وان كَانَ ذَلِك الامام قد خُولِفَ فِي ذَلِك القَوْل وَلم يُتَابِعه غَيره من الْأَئِمَّة عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ عين الْجور وَالظُّلم وَعدم الْقيام بِالْقِسْطِ نسْأَل الله تَعَالَى التَّوْفِيق ونعوذ بِهِ من الخذلان وَاتِّبَاع الْهوى هَذَا مَعَ أَنه حمله إعجابه بِرَأْيهِ وَغَلَبَة اتِّبَاع هَوَاهُ على أَن نسب سوء الْفَهم والغلط فِي النَّقْل الى جمَاعَة من الْعلمَاء الْأَعْلَام الْمُعْتَمد عَلَيْهِم فِي حِكَايَة مَذَاهِب الْفُقَهَاء وَاخْتِلَافهمْ وَتَحْقِيق معرفَة الْأَحْكَام حَتَّى زعم أَن مَا نَقله الشَّيْخ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ من النَّهْي عَن شدّ الرّحال وإعمال الْمطِي الى غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة كالذهاب الى قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ والى الْمَوَاضِع الفاضلة وَنَحْو ذَلِك هُوَ مِمَّا غلط فِيهِ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد اَوْ ان ذَلِك مِمَّا وَقع مِنْهُ على سَبِيل السَّهْو والغفلة قَالَ وَلَو قَالَه هُوَ يَعْنِي الشَّيْخ ابا مُحَمَّد أَو غَيره مِمَّن يقبل كَلَامه الْغَلَط لحكمنا بغلطه وَأَنه لم يفهم مَقْصُود الحَدِيث فَانْظُر الى كَلَام هَذَا الْمُعْتَرض المتضمن لرد النَّقْل الصَّحِيح بِالرَّأْيِ الْفَاسِد واجمع بَينه وَبَين مَا حَكَاهُ عَن شيخ الاسلام من الافتراء الْعَظِيم والافك الْمُبين وَالْكذب الصراح وَهُوَ مَا نَقله عَنهُ من أَنه جعل زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقبور سَائِر الانبياء عليهم السلام مَعْصِيّة بالاجماع مَقْطُوعًا بهَا هَكَذَا ذكر هَذَا الْمُعْتَرض عَن بعض قُضَاة الشَّافِعِيَّة عَن الشَّيْخ أَنه قَالَ هَذَا القَوْل الَّذِي لَا يشك عَاقل من أَصْحَابه وَغير أَصْحَابه أَنه كذب مفترى لم يقلهُ قطّ وَلَا يُوجد فِي شَيْء من كتبه ولأول كَلَامه عَلَيْهِ بل كتبه كلهَا ومناسكه وفتاويه وأقواله وأفعاله
تشهد بِبُطْلَان هَذَا النَّقْل عَنهُ وَمن لَهُ أدنى علم وبصيرة يقطع بِأَن هَذَا مفتعل مختلق على الشَّيْخ وَأَنه لم يقلهُ قطّ وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة فتصبحوا على مَا فَعلْتُمْ نادمين} الحجرات وَهَذَا الْمُعْتَرض يعلم أَن مَا نَقله عَن القَاضِي الْمَشْهُور بِمَا لَا أحب حكايته عَنهُ فِي هَذَا الْمقَام عَن شيخ الاسلام من هَذَا الْكَلَام كذب مفترى لَا يرتاب فِي ذَلِك وَلَكِن يطفف ويداهن وَيَقُول بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قلبه وَلَقَد أَخْبرنِي الثِّقَة أَنه ألف هَذَا الْكتاب لما كَانَ بِمصْر قبل أَن يَلِي الْقَضَاء بِالشَّام بِمدَّة كَثِيرَة ليتقرب بِهِ الى القَاضِي الَّذِي حكى عَنهُ هَذَا الْكَذِب ويحظى لَدَيْهِ فخاب امله وَلم يتَّفق عِنْده وَقد كَانَ هَذَا القَاضِي الَّذِي جمع الْمُعْتَرض كِتَابه لأَجله من أَعدَاء الشَّيْخ الْمَشْهُورين وَقد زعم هَذَا الْمُعْتَرض أَيْضا مَعَ هَذَا الْأَمر الفظيع الَّذِي ارْتَكَبهُ من التَّكْذِيب بِالصّدقِ والتصديق بِالْكَذِبِ أَن الفتاوي الْمَشْهُورَة الَّتِي أجَاب بهَا عُلَمَاء اهل بَغْدَاد مُوَافقَة للشَّيْخ مختلقة مَوْضُوعَة وَضعهَا بعض الشَّيَاطِين هَكَذَا زعم مَعَ علم الْعَام وَالْخَاص بِأَن هَذِه الفتاوي مِمَّا شاع خَبَرهَا وذاع واشتهر امرها وانتشر وَهِي صَحِيحَة ثَابِتَة متواترة عَمَّن افتى بهَا من الْعلمَاء وَقد رَأَيْت أَنا وغيري خطوطهم بهَا الى ان قَالَ وليعلم قبل الشُّرُوع فِي الْكَلَام مَعَ هَذَا الْمُعْتَرض أَن شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى لم يحرم زِيَارَة الْقُبُور على الْوَجْه الْمَشْرُوع فِي شئ من كتبه وَلم ينْه عَنْهَا وَلم يكرهها بل استحبها وحض عَلَيْهَا ومصنفاته ومناسكه طافحة بِذكر اسْتِحْبَاب زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسَائِر الْقُبُور
قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بعض مَنَاسِكه بَاب زِيَارَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أشرف على مَدِينَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل الْحَج أَو بعده فَلْيقل مَا تقدم فاذا
دخل اسْتحبَّ لَهُ ان يغْتَسل نَص عَلَيْهِ الامام احْمَد فاذا دخل الْمَسْجِد بَدَأَ بِرجلِهِ الْيُمْنَى وَقَالَ بِسم الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك ثمَّ يَأْتِي الرَّوْضَة بَين الْقَبْر والمنبر فَيصَلي بهَا وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ ثمَّ يَأْتِي قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيستقبل جِدَار الْقَبْر وَلَا يمسهُ وَلَا يقبله وَيجْعَل الْقنْدِيل الَّذِي فِي الْقبْلَة عِنْد الْقَبْر على رَأسه ليَكُون قَائِما وجاه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيقف متباعدا كَمَا يقف لَو ظهر فِي حَيَاته بخشوع وَسُكُون منكسر الرَّأْس غاض الطّرف مستحضرا بِقَلْبِه جلالة موقفه ثمَّ يَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام عَلَيْك يَا نَبِي الله وَخيرته من خلقه السَّلَام عَلَيْك يَا سيد الْمُرْسلين وَخَاتم النَّبِيين وقائد الغر المحجلين أشهد ان لَا أَله أَلا الله وَأشْهد انك رَسُول الله أشهد أَنَّك قد بلغت رسالات رَبك وَنَصَحْت لأمتك ودعوت الى سَبِيل رَبك بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وعبدت الله حَتَّى أَتَاك الْيَقِين فجزاك الله أفضل مَا جزى نَبيا ورسولا عَن أمته اللَّهُمَّ آته الْوَسِيلَة والفضيلة وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته يغبطه بِهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على ابراهيم وَآل ابراهيم انك حميد مجيد اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على ابراهيم وَآل ابراهيم انك حميد مجيد اللَّهُمَّ احشرنا فِي زمرته وتوفنا على سنته وأوردنا حَوْضه واسقنا بكأسه مشربا رويا لانظمأ بعده أبدا ثمَّ يَأْتِي أَبَا بكر وَعمر رضي الله عنهما فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا أَبَا بكر الصّديق السَّلَام عَلَيْك يَا عمر الْفَارُوق السَّلَام عَلَيْكُمَا يَا صَاحِبي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وضجيعيه وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته جزاكما الله تَعَالَى عَن صَحبه نبيكما وَعَن الاسلام خيرا سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار
قَالَ ويزور قُبُور اهل البقيع وقبور الشُّهَدَاء إِن أمكن هَذَا كَلَام الشَّيْخ بِحُرُوفِهِ وَكَذَلِكَ سَائِر كتبه ذكر فِيهَا اسْتِحْبَاب زِيَارَة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسَائِر الْقُبُور وَلم يُنكر زيارتها فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع وَلَا ذكر فِي ذَلِك خلافًا الا نقلا غَرِيبا ذكره فِي بعض كتبه عَن بعض التَّابِعين وانما تكلم فِي مَسْأَلَة شدّ الرّحال وأعمال الْمطِي الى مُجَرّد زِيَارَة الْقُبُور وَذكر فِي ذَلِك قَوْلَيْنِ للْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَحدهمَا القَوْل بِإِبَاحَة ذَلِك كَمَا يَقُوله بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي وَاحْمَدْ وَالثَّانِي أَنه مَنْهِيّ عَنهُ كَمَا نَص عَلَيْهِ إِمَام دَار الْهِجْرَة مَالك بن أنس وَلم ينْقل عَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خِلَافه وَإِلَيْهِ ذهب جمَاعَة من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَاحْمَدْ هَكَذَا ذكر الشَّيْخ الْخلاف فِي شدّ الرّحال واعمال الْمطِي الى الْقُبُور وَلم يذكرهُ فِي الزِّيَارَة الخالية عَن شدّ رَحل واعمال مطي وَالسّفر الى زِيَارَة الْقُبُور مَسْأَلَة وزيارتها من غير سفر مَسْأَلَة أُخْرَى وَمن خلط هَذِه الْمَسْأَلَة بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة وجعلهما مَسْأَلَة وَاحِدَة وَحكم عَلَيْهِمَا بِحكم وَاحِد وَأخذ فِي التشنيع على من فرق بَينهمَا وَبَالغ فِي التنفير عَنهُ فقد حرم التَّوْفِيق وحاد عَن سَوَاء الطَّرِيق وَاحْتج الشَّيْخ لمن قَالَ بِمَنْع شدّ الرحل بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور الْمُتَّفق على صِحَّته من حَدِيث ابي هُرَيْرَة وابي سعيد الْخُدْرِيّ بِحَدِيث لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَسْجِدي هَذَا وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى هَذَا هُوَ الَّذِي نَقله الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى حكى الْخلاف فِي مَسْأَلَة بَين الْعلمَاء وَاحْتج لأحد الْقَوْلَيْنِ بِحَدِيث مُتَّفق على صِحَّته فَأَي عتب عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلَكِن نَعُوذ بِاللَّه تَعَالَى من الْحَسَد وَالْبَغي وَاتِّبَاع الْهوى وَالله سُبْحَانَهُ المسؤول ان يوفقنا واخواننا الْمُسلمين لما يُحِبهُ ويرضاه من الْعَمَل الصَّالح وَالْقَوْل الْجَمِيل فانه يَقُول الْحق وَيهْدِي السَّبِيل انْتهى
وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ لما تضمنته هَذِه الأبيات الَّتِي تقدّمت وَالله أعلم
قَوْله من بعد مَكَّة أَو على الاطلاق الخ هَذِه الْمَسْأَلَة فِيهَا خلاف مَشْهُور بَين الْعلمَاء فَذهب أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي احدى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى أَن مَكَّة أفضل وَذهب مَالك الى ان الْمَدِينَة أفضل وَهُوَ الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد وَاحْتج من فضل مَكَّة بِمَا رَوَاهُ عبد الله بن عدي بن الْحَمْرَاء أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَاقِف بالحزورة فِي سوق مَكَّة وَالله انك لخير أَرض الله وَأحب ارْض الله الى الله وَلَوْلَا أَن قومِي أَخْرجُونِي مِنْك مَا خرجت رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَن مضاعفة الصَّلَاة فِيهَا أَكثر وَأما الحَدِيث الْمَرْوِيّ اللَّهُمَّ إِنَّهُم أَخْرجُونِي من أحب الْبِقَاع إِلَيّ فأسكني أحب الْبِقَاع اليك فَهُوَ حَدِيث لَا يعرف
قَالَ شيخ الاسلام هُوَ حَدِيث مَوْضُوع كذب لم يروه أحد من أهل الْعلم
وَاحْتج من فضل الْمَدِينَة بأخبار صَحِيحه تدل على فَضلهَا لَا على فضيلتها على مَكَّة وَالله أعلم
وَقَول النَّاظِم رحمه الله ونراه عِنْد النّذر فرضا الخ اعْلَم ان الْعلمَاء اخْتلفُوا فِيمَن نذر طَاعَة بِشَرْط يرجوه كَأَن شفى الله مريضي فعلي أَن أَتصدق بِكَذَا وَنَحْو ذَلِك فَذهب جُمْهُور الْعلمَاء إِلَى أَنه يجب الْوَفَاء بِكُل طَاعَة وَحكي عَن ابي حنيفَة أَنه لَا يحب الْوَفَاء الا بِمَا جنسه وَاجِب باصل الشَّرْع كَالصَّوْمِ أما مَا لَيْسَ كَذَلِك كالاعتكاف فَلَا يُوجب الْوَفَاء بِهِ وَحجَّة الْجُمْهُور قَوْله صلى الله عليه وسلم من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالله أعلم