الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
م
فصل
فِي بَيَان شبه غلطهم فِي تَجْرِيد الْأَلْفَاظ بغلط الفلاسفة فِي تَجْرِيد الْمعَانِي
…
هَذَا هداك الله من إضلالهم
…
وضلالهم فِي الْمنطق اليونان
…
كمجردات فِي الخيال وَقد بنى
…
قوم عَلَيْهَا أوهن الْبُنيان
ظنُّوا بِأَن لَهَا وجودا خَارِجا ووجودها لَو صَحَّ فِي الأذهان
…
أَنى وَتلك مشخصات حصلت
…
فِي صُورَة جزئية بعيان
…
لَكِنَّهَا كُلية إِن طابقت
…
أفرادها كاللفظ فِي
الْمِيزَان
يَدعُونَهُ الْكُلِّي وَهُوَ معِين
…
فَرد كَذَا الْمَعْنى هما سيان
تَجْرِيد ذَا فِي الذِّهْن أَو فِي خَارج
…
عَن كل قيد لَيْسَ فِي الْإِمْكَان
لَا الذِّهْن يعقله وَلَا هُوَ خَارج
…
هُوَ كالخيال لَطِيفَة السَّكْرَان
لَكِن تجردها الْمُقَيد ثَابت وسواه مُمْتَنع بِلَا إِمْكَان
…
فتجرد الاعيان عَن وصف وَعَن
…
وضع وَعَن وَقت لَهَا وَمَكَان
…
فرض من الاذهان يفرضه كفر
…
ض المستحيل هما لَهَا فرضان
الله أكبرهم دهى من فَاضل
…
هَذَا التجرد من قديم زمَان
تَجْرِيد ذِي الالفاظ عَن تركيبها
…
وكذاك تَجْرِيد الْمعَانِي الثَّانِي
ذَا
…
وَالْحق أَن كليهمَا فِي الذِّهْن مَفْرُوض فَلَا تحكم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الأذهان
…
فيقودك الْخصم المعاند بِالَّذِي
…
سلمته للْحكم فِي الْأَعْيَان
…
فَعَلَيْك بالتفصيل إِن هم اطلقوا
…
أَو أجملوا فَعَلَيْك بالتبيان
…
يَعْنِي النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى أَن غلط اتكلمين فِي تَجْرِيد الْأَلْفَاظ يشبه غلط الفلاسفة فِي تَجْرِيد الْمعَانِي وَذَلِكَ أَن الفلاسفة يَزْعمُونَ أَن الْجَوَاهِر الْعَقْلِيَّة الَّتِي هِيَ الْعقل وَالنَّفس والمادة وَالصُّورَة لَهَا حَقِيقَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب أَنه لَا حَقِيقَة لَهَا فِي الْخَارِج وَإِنَّمَا هِيَ أُمُور معقوله فِي الذِّهْن يجردها الْعقل من الامور الْمعينَة كَمَا يجوز الْعقل الكليات الْمُشْتَركَة بَين الْأَصْنَاف كالحيوانية الْكُلية والانسانية الْكُلية والكليات إِنَّمَا تكون كليات فِي الأذهان لَا فِي الْأَعْيَان وَهَذَا معنى قَول النَّاظِم يَدعُونَهُ الْكُلِّي وَهُوَ معِين الخ
وَمن هَؤُلَاءِ من يظنّ أَنَّهَا تكون فِي الْخَارِج كليات وان فِي الْخَارِج ماهيات كُلية مُقَارنَة للأعيان غير الموجودات الْمعينَة وَكَذَلِكَ مِنْهُم من يثبت كليات مُجَرّدَة عَن الْأَعْيَان يسمونها الْمثل الأفلاطونية مِنْهُم يثبت دهرا مُجَردا عَن المتحرك وَالْحَرَكَة وَيثبت خلاءا مُجَردا لَيْسَ متحيزا لَا قَائِما بمتحيز وَيثبت هيولي مُجَرّدَة عَن جَمِيع الصُّور الهيولي فِي لغتهم بِمَعْنى الْمحل يُقَال لِلْفِضَّةِ هيولي الْخَاتم وَالدِّرْهَم والخشب هيولي الْكُرْسِيّ أَي هَذَا الْمحل الَّذِي تصنع فِيهِ هَذِه الصُّورَة وَهَذِه الصُّورَة الصناعية عرض من الاعراض وَيدعونَ ان الْجِسْم هيولي مَحل الصُّورَة الجسمية غير نفس الْجِسْم الْقَائِم بِنَفسِهِ وَهَذَا غلط وَإِنَّمَا هَذَا يقدر فِي النَّفس كَمَا يقدر امتداد مُجَرّد عَن كل ممتد وَعدد مُجَرّد عَن كل مَعْدُود وَمِقْدَار مُجَرّد عَن كل مُقَدّر وَهَذِه كلهَا امور
مقدرَة فِي الاذهان لَا وجود لَهَا فِي الاعيان وَهَؤُلَاء الَّذين جردوا الْحَقَائِق عَن قيودها وأخذوها مُطلقَة أخرجوها عَن مسمياتها وماهياتها جَمِيع الْقُيُود الْخَارِجَة فَلم يجعلوها دَاخِلَة فِي حَقِيقَتهَا فأثبتوا إنْسَانا لَا طَويلا وَلَا قَصِيرا وَلَا أسود وَلَا أَبيض وَلَا فِي زمَان وَلَا فِي مَكَان وَلَا سَاكِنا وَلَا متحركا وَلَا هُوَ فِي الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا لَهُ لحم وَلَا لَهُ عظم وَلَا عصب وَلَا ظفر وَلَا لَهُ شخص وَلَا ظلّ وَلَا يُوصف بِصفة وَلَا يتَقَيَّد بِقَيْد ثمَّ رَأَوْا الانسان الْخَارِجِي بِخِلَاف ذَلِك كُله فَقَالُوا هَذِه عوارض خَارِجَة عَن حَقِيقَته وَجعلُوا حَقِيقَته تِلْكَ الصُّورَة الخالية الَّتِي جردوها فَهِيَ الْمَعْنى لحقيقة هَؤُلَاءِ الَّذين اعتبروها مُجَرّدَة عَن سَائِر الْقُيُود وجعلهم تِلْكَ الْأُمُور الَّتِي لَا تكون إنْسَانا فِي الْخَارِج لِأَنَّهَا خَارِجَة عَن حَقِيقَته كجعل هَؤُلَاءِ الْقُيُود الَّتِي لَا يكون اللَّفْظ مُقَيّدا إِلَّا بهَا مقتضية لمجازه فَتَأمل هَذَا التشابه والتناسب بَين الْفَرِيقَيْنِ هَؤُلَاءِ فِي تَجْرِيد الْمعَانِي وَهَؤُلَاء فِي تَجْرِيد الْأَلْفَاظ وَتَأمل مَا دخل على هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من الْفساد فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وبسبب هَذَا الْغَلَط دخل من الْفساد فِي الْعُلُوم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى وَهَذَا معنى قَول النَّاظِم فتجرد الْأَعْيَان عَن وصف الخ أَي إِن تجرد الْمعِين عَن الْوَصْف والوضع وَالْوَقْت وَالْمَكَان إِنَّمَا هُوَ شَيْء يفرضه الذِّهْن كفرض المستحيل قَوْله الله أكبركم دهي من فَاضل فاياك والإصغاء إِلَى التجريدين لِأَن الْحق أَنَّهُمَا مفروضان فِي الذِّهْن فَلَا تسلإم مَا ادَّعَاهُ المتكلمون والفلاسفة فيهمَا فيقودك الْخصم المعاند بِهَذَا الَّذِي سلمته وَتصير مَغْلُوبًا مَعَه مقهورا وَالله اع
ذَلِك إبطالا لما قصدوه فلذاك حملُوا نصوصهم على ظواهرها واعتقدوها على حَقِيقَتهَا فياليتهم أجروا نُصُوص الْكتاب وَالسّنة هَذَا المجرى وَلَكِن عِنْدهم ان نُصُوص الْكتاب وَالسّنة ظواهر لفظية لَا تفِيد الْيَقِين وَلذَلِك سطوا عَلَيْهَا بالتحريف وسموه تَأْوِيلا وتأويلهم هَذَا لَيْسَ هُوَ الْمَعْنى بالتأويل فِي الْكتاب وَالسّنة وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم فَانْظُر إِلَى الاعراف الخ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {هَل ينظرُونَ إِلَّا تَأْوِيله} الْأَعْرَاف وَقَوله تَعَالَى فِي سُورَة يُوسُف {يَا أَبَت هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ من قبل} يُوسُف وَقَوله تَعَالَى فِي سُورَة الْكَهْف عَن الْخضر فِي قصَّة مُوسَى {ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا} الْكَهْف
قَوْله فاذا مَرَرْت بآل عمرَان الخ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ آل عمرَان
قَالَ شيخ الاسلام إِن الصَّوَاب قَول من يَجعله مَعْطُوفًا وَتَكون الْوَاو لعطف الْمُفْرد على مُفْرد أَو يكون كلا الْقَوْلَيْنِ حَقًا وَهِي قراءتان والتأويل الْمَنْفِيّ غير التَّأْوِيل الْمُثبت وَأَن الصَّوَاب هُوَ قَول من يَجْعَلهَا وَاو اسْتِئْنَاف فَيكون التاويل الْمَنْفِيّ علمه عَن غير الله هُوَ الكيفيات الَّتِي لَا يعلمهَا غَيره وَهَذَا فِيهِ نظر وَابْن عَبَّاس جَاءَ عَنهُ انه قَالَ أَنا من الراسخين الَّذين يعلمُونَ تَأْوِيله وَجَاء عَنهُ ان الراسخين لَا يعلمُونَ تَأْوِيله وَجَاء عَنهُ انه قَالَ التَّفْسِير على اربعة اوجه تَفْسِير تعرفة الْعَرَب من كَلَامهَا وَتَفْسِير لَا يعْذر اُحْدُ بجهالته وَتَفْسِير يُعلمهُ الْعلمَاء وَتَفْسِير لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَمن ادّعى علمه فَهُوَ كَاذِب وَهَذَا القَوْل يجمع الْقَوْلَيْنِ وَيبين ان الْعلمَاء يعلمُونَ من تَفْسِيره مَا لَا يعل غَيرهم وان فِيهِ مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله فَأَما من جعل الصَّوَاب قَول من جعل الْوَقْف عِنْد قَوْله