الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله إِذْ قَالَ مبلغ علمه الخ أَي إِن الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى قَالُوا بمبلغ علمهمْ ونهوا النَّاس عَن قبُول كَلَامهم إِذا خَالف النُّصُوص وأوصوا بِتَقْدِيم النُّصُوص عَلَيْهِ كالامام أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وابي حنيفَة وَغَيرهم فرحمة الله عَلَيْهِم فَلَقَد نصحوا الْعباد وخلصوا أنفسهم عِنْد سُؤال الرب تَعَالَى لَهُم يَوْم الْقِيَامَة
قَوْله وَالْخَوْف كل الْخَوْف الخ أَي ان الْخَوْف الْعَظِيم والخطر الشَّديد على الَّذين تركُوا النُّصُوص لأجل قَول فلَان وَفُلَان واذا أَرَادوا الاحسان أولوها بالتأويلات الْبَاطِلَة وَحملُوهَا على الِاحْتِمَالَات الْبَعِيدَة وَمَعَ ذَلِك لَو قَالَ ذَلِك خصم لَهُم فِي تَأْوِيل كَلَام مشايخهم وَمن يرضونه رَمَوْهُ بالداء العضال وَنَادَوْا على فَسَاد مَا قَالَه
فصل
فِي لَازم الْمَذْهَب هَل هُوَ مَذْهَب ام لَا
…
ولوازم الْمَعْنى ترَاد بِذكرِهِ
…
من عَارِف بلزومها الحقان
وسواه لَيْسَ بِلَازِم فِي حَقه
…
قصد اللوازم وَهِي ذَات بَيَان
اذ قد يكون لُزُومهَا الْمَجْهُول اَوْ
…
قد كَانَ يُعلمهُ بِلَا نكران
لَكِن عرته غَفلَة بلزومها اذ كَانَ ذَا سَهْو وَذَا نِسْيَان
ولذاك لم يَك لَازِما لمذاهب الْعلمَاء مَذْهَبهم بِلَا برهَان
…
ذكر النَّاظِم فِي هَذَا الْفَصْل أَن لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب
قَوْله ولوازم الْمَعْنى الخ أَي إِن لَوَازِم الْمَعْنى ترَاد من عَارِف بلزومها وَأما سواهُ فَلَيْسَ ذَلِك بِلَازِم فِي حَقه اذ قد يكون جَاهِلا لُزُومهَا أَو يكون عَالما بِهِ وَلَكِن عرته أَي حصل لَهُ سَهْو ونسيان فلذاك لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب
قَالَ شيخ الاسلام فِي جَوَاب لَهُ وَأما قَول السَّائِل هَل لَازم الْمَذْهَب مذهبا أم لَيْسَ بِمذهب فَالصَّوَاب أَن لَازم مَذْهَب الانسان لَيْسَ بِمذهب لَهُ إِذا لم يلتزمه فَإِنَّهُ إِذا كَانَ قد أنكرهُ ونفاه كَانَت إِضَافَته اليه كذبا عَلَيْهِ بل ذَلِك يدل على فَسَاد قَوْله وتناقضه فِي الْمقَال غير الْتِزَامه اللوازم الَّتِي يظْهر أَنَّهَا من قبيل الْكفْر والمحال فَالَّذِينَ قَالُوا بأقوال يلْزمهَا أَقْوَال يعلم أَنه لَا يلتزمها لَكِن لم يعلم أَنَّهَا تلْزمهُ وَلَو كَانَ لَازم الْمَذْهَب مذهبا للَزِمَ تَكْفِير كل من قَالَ عَن الاسْتوَاء وَغَيره من الصِّفَات أَنه مجَاز لَيْسَ بِحَقِيقَة فان لَازم هَذَا القَوْل يَقْتَضِي أَن لَا يكون شَيْء من أَسْمَائِهِ أَو صِفَاته حَقِيقَة انْتهى
…
فالمقدمون على حِكَايَة ذَاك مذ
…
هبهم أولو جهل مَعَ الْعدوان
…
لَا فرق بَين ظُهُوره وخفائه
…
قد يذهلون عَن اللُّزُوم الداني
سِيمَا اذا مَا كَانَ لَيْسَ بِلَازِم
…
لاكن يظنّ لُزُومه بجنان
لَا تشهدوا بالزور وَيحكم على
…
مَا تلزمون شَهَادَة الْبطلَان
بِخِلَاف لَازم مَا يَقُول آلهنا
…
وَنَبِينَا الْمَعْصُوم بالبرهان
فَلِذَا دلالات النُّصُوص جلية
…
وخفية تخفى على الأذهان
…
.. وَالله يرْزق من يَشَاء الْفَهم فِي
…
آيَاته رزقا بِلَا حسبان
…
وَلما ذكر النَّاظِم رحمه الله أَن الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب شرع فِي ذكر مَا ألزمهُ أهل التعطيل أهل الاثبات فَقَالَ
…
وَاحْذَرْ حكايات لأرباب الكلا
…
م عَن الْخُصُوم كَثِيرَة الهذيان
فحكوا بِمَا ظنوه يلْزمهُم فقا
…
لوا ذَاك مَذْهَبهم بِلَا برهَان
كذبُوا عَلَيْهِم باهتين لَهُم بِمَا
…
ظنوه يلْزمهُم من الْبُهْتَان
فَحكى الْمُعَطل عَن أولي الاثبات قو
…
لَهُم بِأَن الله ذُو جثمان
وَحكى الْمُعَطل أَنهم قَالُوا بِأَن الله لَيْسَ يرى لنا بعيان
…
وَحكى الْمُعَطل أَنهم قَالُوا يجو
…
ز كَلَامه من غير قصد معَان
وَحكى الْمُعَطل أَنهم قَالُوا بتحييز الْإِلَه وحصره بمَكَان
…
وَحكى الْمُعَطل أَنهم قَالُوا لَهُ الْأَعْضَاء جلّ الله عَن بهتان
وَحكى الْمُعَطل أَن مَذْهَبهم هُوَ التَّشْبِيه للخلاق بالانسان
…
وَحكى الْمُعَطل عَنْهُم مَا لم يقو لوه وَلَا اشياخهم بِلِسَان
ظن الْمُعَطل أَن هَذَا لَازم
…
فَلِذَا أَتَى بالزور والعدوان
فَعَلَيهِ فِي هَذَا محاذير ثلا
…
ث كلهَا مُتَحَقق الْبطلَان
ظن اللُّزُوم وقذفهم بلزومه
…
وَتَمام ذَاك شَهَادَة الكفران
…
حَاصِل هَذِه الأبيات أَن النَّاظِم رحمه الله يَحْكِي أَشْيَاء مِمَّا ألزم بهَا أهل التعطيل أهل الاثبات فحكت المعطلة عَن المثبتة أَنهم يَقُولُونَ إِن الله
تَعَالَى وتقدس جسم وحكوا عَنْهُم أَن مَذْهَبهم أَن الله لَا يرى فِي الْآخِرَة كَمَا قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي المعالم أطبق أهل السّنة على ان الله تَعَالَى يَصح أَن يرى وَأنْكرت الفلاسفة والمعتزلة والكرامية والمجسمة ذَلِك ثمَّ قَالَ أما إِنْكَار الفلاسفة والمعتزلة فَظَاهر وَأما انكار الكرامية والحنابلة فلأنهم أطبقوا على أَن الله تَعَالَى لَو لم يكن جسما فِي مَكَان امْتنعت رُؤْيَته انْتهى
قَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن بن ابراهيم الْفَزارِيّ فِي كِتَابه غَايَة السول فِي علم الْأُصُول بعد أَن حكى كَلَام الرَّازِيّ هَذَا وَمَا أَدْرِي أَي الْأَمريْنِ أسْرع الى فضيحته نَقله أَو تَقْرِيره أما نَقله فَلِأَن الْحَنَابِلَة لَا يخْتَلف أَوَّلهمْ وَآخرهمْ فِي أَن الْمُنكر لرؤية الله تَعَالَى جَاحد لكتابه وَسنة رَسُوله واجماع اهل النَّقْل وَأما تَقْرِيره فَلِأَن قَوْله أطبقوا على أَنه لَو لم يكن جسما فِي مَكَان لامتنعت رُؤْيَته إِنَّمَا هُوَ اسْتِدْلَال يَقْتَضِي اثبات الْجِسْم بِدَلِيل صِحَة الرُّؤْيَة لِأَن التَّقْدِير يكون لَو لم يكن جسما لَا متنعت رُؤْيَته فَيكون جسما فَمثل هَذَا لَا يخفى على الْفَخر الرَّازِيّ وانما هُوَ الْهوى إِذا غلب أعمى وأصم فان كل لَبِيب يعلم من كَلَام هَذَا الرجل أَن فِي قلبه من الْحَنَابِلَة دَاء لَا دَوَاء لَهُ فانه اولا أخرجهم عَن اهل السّنة فتراه يرى السّنة مَا ابتدعه فِي دين الاسلام والشرعة المحمدية من المباحث الكلامية والشبه الْعَقْلِيَّة والآراء الفيلسوفية فَحكم على من لَا يقوم مقامهم بِأَنَّهُم لَيْسُوا من أهل السّنة وَثَانِيا أطلق عَلَيْهِم اسْم التجسيم والتجسيم لَا يَعْتَقِدهُ مُسلم وَأطَال الْفَزارِيّ الْكَلَام قَوْله وَحكى المعطلة عَنْهُم انهم قَالُوا يجوز كَلَامه من غير قصد معَان أَقُول قَالَ ابْن السُّبْكِيّ فِي جمع الْجَوَامِع وَلَا يجوز وُرُود مَالا معنى لَهُ فِي الْكتاب وَالسّنة خلافًا للحشوية قَالَ
الْمحلي فِي شَرحه أَي فِي تجويزهم وُرُود ذَلِك فِي الْكتاب وَالسّنة قَالُوا لوُجُوده فِيهِ كالحروف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور انْتهى قَالَ بعض محشيه وَقد اضْطربَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا فِي معنى هَذَا فَقَالَ الزَّرْكَشِيّ والكوراني إِن أحدا لم يقل إِن فِي الْقُرْآن مَا لَا معنى لَهُ وَقَالَ الْآمِدِيّ لَا يتَصَوَّر اشْتِمَال الْقُرْآن الْكَرِيم على مَالا معنى لَهُ أصلا وَقد استدلت الحشوية ايضا بِآيَة {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} آل عمرَان بِالْوَقْفِ فَقَالُوا الْكَوْن الْمُتَشَابه غير مَعْلُوم لنا فقد خاطبنا الله بِمَا لَا نفهمه وَهُوَ المهمل نَقله الجخندي وَمَعْلُوم أَن فواتح السُّور والآيات المتشابهات وان فهم لَهَا معنى صَحِيح إِلَّا أَنه غير مَقْطُوع بانه مُرَاد قَائِله تَعَالَى وَلذَلِك سلك كثير من الْمُفَسّرين هَذَا حَيْثُ قَالُوا فِي الفواتح وَالله اعْلَم بمراده وَلما رأى الحشوية ان مثل هَذَا غير مَفْهُوم مِنْهُ مُرَاد قَائِله نفوا الْمَعْنى عَنهُ أصلا وَقَالُوا إِنَّه لَا معنى لَهُ لَا بِمَعْنى أَنه غير مَوْضُوع بل بِمَعْنى مَا ذكرنَا هَذَا مَا فِي وسعي من تَوْجِيه هَذَا الْكَلَام الَّذِي اضْطَرَبَتْ فِيهِ الأفهام وَلم أر لأحد مِمَّن كتب هُنَا كلَاما شافيا انْتهى كَلَامه
وحكت المعطلة عَنْهُم انهم قَالُوا بِجَوَاز وُرُود مَالا معنى لَهُ فِي الْقُرْآن وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بتحيز الله وحصره وَحكى المعطلة أَنهم قَالُوا لَهُ اعضاء وانهم شبهوا الله تَعَالَى بخلقه وحكت المعطلة عَنْهُم غير هَذَا مِمَّا لم يقولوه وَلنْ تقله اشياخهم وَالْأَمر كَمَا قَالَ النَّاظِم إِن المعطلة ظنُّوا أَن هَذَا لَازِما لقَولهم فحكوه عَنْهُم وكذبوا عَلَيْهِم واعتدوا لِأَن لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم فَعَلَيهِ أَي على الْمُعَطل فِي نِسْبَة ذَلِك الى اهل الاثبات معاذير ثَلَاث وَكلهَا بَاطِلَة الأول ظن اللُّزُوم وَالثَّانِي قذفهم بلزومه وَالثَّالِث شَهَادَته عَلَيْهِم بالْكفْر