الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
الفقه الإسلامي والحديث النبوي صلى الله عليه وسلم ليسا من المسلمات الواجبة.
3 -
الجن والشياطين قوم وحشي من الإنس سكنوا الجبال.
4 -
لم يأمر الإسلام باستعباد الإنسان.
5 -
الإسلام دين متطور ولا يزال يتطور وهو صالح لكل زمان ومكان
(1)
.
(ب) منهجه:
لم تصرح المراجع عن مذهب جراغ علي في بداية أمره، هل كان سني النشأة أم كان شيعيًا، إلا أن كتاباته عامة تلمح إلى أنه انطلق من مبادئ سنية، وحيث تناول في دراسته مصادر أهل السنة الأربعة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ولم يتعرض للمنهج الشيعي لا مدحًا ولا قدحًا، وبراعته في اللغات القديمة والحديثة قد مكنته من دراسة مقارنة بين الأديان الثلاثة: الإسلام والنصرانية واليهودية.
وكان جراغ علي صديقًا مخلصًا لسيد أحمد خان وشريكًا له في عمله، متأثرا منه، ومؤثرًا فيه في بعض الموضوعات، فقد اتبع السيد نفسه جراغ علي في بعض أفكاره مثلا: قول السيد بأن الجن قوم قديم من الإنس سكنوا الجبال مأخوذ من جراغ علي.
ويربط جراغ علي منهجه الجديد بالعلماء العصرانيين العرب من أمثال: رفاعة رافع الطهطاوي من مصر، وسيد آفندي من بيروت، والعالم العقلاني خير الدين من تونس، والصحافي الأديب الناقد أحمد فارس الشدياق، فيحيل إليهم في بعض أفكاره
(1)
ينظر حياته العلمية بالتفصيل في المرجع المذكور سابقا وفي مقدمة أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجراغ علي ترجمة: عبد الحق بي. أي. رفاه عام استيم بريس لاهور سنة 1911 م، 1/ 1 - 32، وسير سيد اور أن كي نامور رفقاء (السير سيد ورفقاءه المشهورون) لسيد عبد الله، ايجو كيشن بك هاؤس عليكره 1994 م ص: 77 - 81.
الجديدة كأنه يعدُّ نفسه أحدًا من هؤلاء
(1)
إلا أن له منهجا خاصا مستقلا متأثرا بمناهج المستشرقين، بل هو من أولئك المفكرين الذين لعبت بهم مناهج المستشرقين فتأتروا بها تأثرًا كاملًا.
ويرى أن في القرآن مناهج النقد للروايات الدينية، وفيه أصول وضوابط قيمة، وبها قد شُرح العلم اليوناني القديم، وعليها قامت الثقافة الأوربية الجديدة، ولكن هذه المنهجية القيمة قد ضاعت في حيل الفقهاء وتزمتهم الديني
(2)
.
فيرى أن القانون الإسلامي لا بد من أن يقوم على أسس جديدة ولم يعتبر الإجماع والقياس من مصادر الإسلام، واستدل في رفضه للإجماع بأقوال العلماء أمثال: أحمد بن حنبل وابن حزم وابن حبان
(3)
وغيرهم من العلماء الذين استصعبوا وقوع الإجماع بعد الصحابة
(4)
وأما الاجتهاد والقياس فإنما يعتمدان على المنابع الثلاثة القرآن والسنة والإجماع، فالسنة والإجماع (في نظره) ليسا مصدرين متفق عليهما ومن ثم قال استنباطات الفقهاء ليست حجة
(5)
.
ونظريته إلى الحديث لا تختلف كثيرًا عما وصل إليه جولدتسيهر فيما بعد من أن الرواية بالمعني وامتداد الزمن من أسباب حدوث التغيير في الحديث، وعلى هذا الأساس ردَّ على ما أورده المستشرقون: ميور (Muir) وأسبورن (Osbron) وهيوم (Hume) من اتهامات وشبهات حول الأحاديث وقال: إن الحديث أصلًا
(1)
ينظر تهذيب الأخلاق ترتيب ملك فضل الدين اندين استيم بريس لاهور ص: 3/ 87.
(2)
ينظر رسائل جراغ علي حيدرآباد 1918 م ص: 224 - 226.
(3)
ينظر أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجراغ علي 1/ 21 - 22.
(4)
لم ينكر أحد منهم دليل الإجماع إلا أنهم ذهبوا مذاهب في وقوعه وقد تناولت هذه المسألة بالتفصيل وبينت توجيه أقوال العلماء في بحثي المكمل للماجستير ينظر ص: 18 - 19، 41 - 45.
(5)
ينظر أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجراغ علي 1/ 13 - 14.
وعقيدة ليس مما يجب على المسلم اتباعه ولم يعتمد على منهج المحدثين في تصحيح الروايات إنما استخدمه في تضعيف بعض الروايات ورفضها
(1)
.
بعد أن رفض المنابع الثلاثة: الحديث والإجماع والقياس وبعد أن رأى بضرورة تفسير جديد للقرآن بدأ يبحث عن أسس جديدة يقوم عليها القانون الإسلامي، وهذه الأسس تبني على الإنسانية والعقلانية والحرية، لأن الإنسان يولد حرًّا ومعصومًا عن الخطأ ثم يتلوث بالجرائم التي في البيئة والمجتمع، والإسلام فيه صلاحية التغيير والارتقاء حسب مقتضيات سياسية واجتماعية، والإيمان الذي دعا إليه القرآن هو نفسه يقبل الارتقاء والتغيير والتقدم حسب مقتضيات العقل والأحوال المستجدة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك
(2)
لنا ضابطًا قانونيًا لا اجتماعيًا ولا دينيًا، ولم يأمر أحدًا من أتباعه بترتيب ذلك، بل خيَّر أمته ليرتبوا نظامًا من عندهم يتطابق مقتضيات سياسية واجتماعية حسب كل زمن
(3)
.
ومن هنا يرى أن القانون الإسلامي الكلاسيكي أو الفقه الموروثي ليس شريعة إنما هو قانون كان مروجًا في ذاك الزمن، إذ أن فيه أجزاء وعناصر من القانون الجاهلي، وفيه أحاديث موضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه أصول الإنسانية والعقلانية والأخلاقية وغيرها من الأمور
(4)
.
وبنى منهجه العقدي الجديد على أساس يقول: إن في القرآن تلميحات وإشارات إلى الطبيعة وقوانينها، وهي تهدى الإنسان إلى الدين الفطري
(5)
. وحاول في كتاباته متأثرًا بسيد أحمد خان أن يبرز مطابقة الشريعة الإسلامية للمعارف الجديدة
(1)
ينظر أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجراغ علي: 1/ 20 - 18، ورسائل لجراغ علي ص:19.
(2)
هذا في نظره ولكن الحقيقة كما هو معروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا هالك.
(3)
ينظر أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجراغ على 1/ 43.
(4)
ينظر المرجع السابق: 1/ 42 - 47.
(5)
ينظر المرجع السابق: 2/ 74 - 75.
والكشوفات الحديثة معتمدًا فقط على دراسة القرآن رافضا كل مصدر آخر من السنة والإجماع والقياس.
واختار منهج المستشرق نولدكه (Noldeke) في تقسيم السور إلى مكية ومدنية وبنى هذا التقسيم على نظرية التطور في الوحي وإن كان تقسيمه يختلف إلى حد ما عن تقسيم نولدكه، فقد بنى تقسيمه على مقتضيات التجدد
(1)
.
واعترف بالنسخ في القرآن بخلاف سيد أحمد خان إلا أنه سمى الناسخ والمنسوخ باسم جديد وهو "المطلق والمقيد"، ورأي أن هذا التوضيح يساعده في توجيهه آيات الجهاد إلى جهاد دفاعي
(2)
.
وانطلق من منطلق أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم كنظرة عامة المستشرقين، فينسب كلام الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: ..... لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى أن معصية تعدد الأزواج بدأت تنتشر بشكل رهيب في العرب، فآخر وسيلة استخدمها ليمنع الناس من هذه المعصية إعلانه في القرآن {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
(3)
(4)
.
واتجه اتجاه المستشرق هاملتون جب (Hamilton Gibb) في قوله: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مصلحًا اجتماعيًا إلا أنه استطاع أن يوجه الإنسانية الجاهلية المنغرقة في الأوهام إلى التمسك بوحدانية الخالق، وربّى فيهم الخلق الفاضلة وعظَّم فيهم قدر المرأة، فقد حدد التعدد في الزواج وذم على استعباد الإنسان وقضى على عادة قتل الأولاد
(5)
.
(1)
ينظر تحقيق الجهاد لجراغ علي، ترجمة مولوي غلام حسنين، حيدرآباد ص: 202 - 212.
(2)
ينظر رسائل لجراغ علي ص: 42 - 43، 112.
(3)
سورة النساء: 129.
(4)
ينظر أعظم الكلام لجراغ علي ص: 2/ 252.
(5)
ينظر تحقيق الجهاد لجراغ علي ص: 78.
وبالجملة إن جراغ علي بعد أن اعتقد بإيجاد أساس متحرك جديد للتشريع الإسلامي تناول كثيرًا من القضايا الفقهية وتكلم فيها ولم يتطرق إلى المسائل العقدية إلا قليلًا، وكانت معظم كتاباته ردًا على المستشرقين الغربيين أمثال: ميور (Muir)، واسمث (Smith)، وجورج سيل (George Sale)
(1)
واشبرنجر (Sprenger)
(2)
فأبطل أدلتهم ونقدهم نقدًا شديدًا إلا أنه انجرح بأسلحته التي وجهها إلى المستشرقين، وتأثر بهم وسلك مناهجهم واتبع أفكارهم
(3)
.
(1)
سيل (George Sale) 1697 - 1736: مستشرق إنجليزي اشتهر بترجمته لمعاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية. ولد في لندن وكان أبوه صموئيل سيل تاجرا في لندن، دخل سيل طالبا في معهد "المعهد الداخلي"(1720)، وإلى جانب إتقانه للغة العربية كان سيل يتقن اللغة العبرية، وقد اقتنى سيل مجموعة جيدة من المخطوطات العربية والتركية والفارسية. وقد قدم بين يدي ترجمته بمقال تمهيدي تحدث فيه عن القرآن وتاريخ العرب قبل الإسلام وديانتهم، وقدم لمحة عامة عن أهم الفرق الإسلامية. (انظر موسوعة المستشرقين للبدوي دار العلم للملايين بيروت ط/3 - 1993 م ص: 358).
(2)
اشبرنجر (Aloys Spenger) 1813 - 1893: مستشرق نمساوي الأصل ثم تجنس بالجنسية الإنجليزية درس الطب واللغات الشرقية في جامعة فييّنا سنة 1832 م، وحصل على درجة الماجستير في اللاهوت من جامعة ليدن بهولندا (1841)، وسكن الهند (1843 - 1857)، عين في القسم الطبي لشركة الهند الشرقية في كلكتا، وعين عميدا للكلية الإسلامية في دلهي (1844)، وأصدر خلال هذه السنوات عدة كتب منها تحقيق كتاب "اصطلاحات الصوفية" لعبد الرزاق الكاشاني طبع في كلكتا (1844)، وكتاب "حياة محمد" (Life of mohammad from orignal sorces) طبع منه القسم الأول في مدينة إله آباد (1851) (انظر موسوعة المستشرقين للبدوي ص: 28).
(3)
قد تناول أقوال هؤلاء المستشرقين بالرد والنقد في كتابه أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام في مختلف الصفحات ينظر على سبيل المثال: 1/ 39، 45، 71، 75 - 2/ 13، 64، 70 - 71، 73، 74.