الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة من العقل مع الشرع، فإذا دل العقل على خلاف ما جاء به في الشرع الثابت الصحيح نتهم العقل ونخطئه ونتبع النقل الثابت الصحيح
(1)
.
5 - عدم الاحتجاج بأخبار الآحاد في أمور الاعتقاد:
بعد أن تقررت عند الأشعرية والماتريدية قاعدة تقديم العقل على النقل قالوا خبر الآحاد ظني الثبوت وظني الدلالة، والنص المتواتر وإن كان قطعي الثبوت لكنه ظني الدلالة، ولما أن العقل عندهم أحكامه قطعية، وأحكام النقل ظنية فاتهموا ناقلي خبر الآحاد بالافتراء والسهو والغلط.
فيقول الزَّبيدي
(2)
رحمه الله: "كل لفظ يرد في الشرع ..... وهو مخالف للعقل إما أن يتواتر أو ينقل آحادا، والآحاد إن كان نصا لا يحتمل التأويل قطعنا بافتراء ناقله أو سهوه أو غلطه، وإن كان ظاهرا فظاهره غير مراد
…
" اهـ
(3)
.
وأما الأشعرية فقد صرحوا بعدَم الاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة، قال الرازي رحمه الله:"إن أخبار الآحاد مظنونة فلم يجز التمسك بها في معرفة الله تعالى وصفاته" اهـ
(4)
.
ثم ساق خمسة أوجه على ظنية أخبار الآحاد وعدم الاحتجاج بها في الاعتقاد وهي كلها مجرد شبهات.
(1)
ينظر مجموع الفتاوى 3/ 88 وما بعدها.
(2)
الزَّبيدي: هو محمد بن الحسيني الشهير بمرتضى اليماني من كبار علماء الحنفية واسع الاطلاع باللغة فهو مؤلف تاج العروس، كان صوفيا صنف شرح الإحياء فساير الغزالي. (الأعلام للزركلي 7/ 70).
(3)
شرح الإحياء للزبيدي 2/ 105 - 106، ويوجد أصل هذه القاعدة في شرح المقاصد في علم الكلام للتفتازاني الطبعة التركية 2/ 50، وفي شرح المواقف للجرجاني مع حواشي أخرى مطبعة السعادة مصر، ط / 1، 1325 هـ 1/ 56 - 57.
(4)
أساس التقديس للرازي مطبعة مصطفى البابي الحلبي 1354 هـ ص: 168 - 171.
ومن المعروف أن حديث الآحاد عند المحدثين ما دون المتواتر يدخل فيه الغريب والعزيز والمشهور، فهو كل حديث لم يبلغ عدد الرواة -في كل طبقة من الطبقات- إلى مبلغ يمنع في العادة تواطؤهم على الكذب، وقد يتفرد به واحد فيسمى غريبا، وقد يرويه اثنان فأكثر فيسمى عزيزا، وقد يستفيض أن يرويه جماعة فيكون مشهورا أو مستفيضا، وعلى هذا فلا يفيد وصفه بأنه حديث آحاد أنه مروي عن واحد دائما، وعلى هذا معظم أحاديث الصحيحين والسنن المشهورة آحاد ليست متواترة
(1)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: "فممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك، والشافعي، وأصحاب أبي خنيفة، وداود بن علي وأصحابه، كأبي محمد ابن حزم، ونص عليه الحسين بن علي الكرابيسي
(2)
، والحارث بن أسد المحاسبي
(3)
" اهـ
(4)
.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله: "وقد اختلف العلماء في إفادة حديث الآحاد الصحيح العلم واليقين، فبعضهم كالإمام النووي في "التقريب" ذهب إلى أنه يفيد الظن الراجح، وذهب آخرون إلى أن ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحهما من الأحاديث المسندة يفيد العلم والقطع، ورأى الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في الإحكام
(5)
أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا.
(1)
ينظر نخبة الفكر لابن حجر ص: 11 - 19، والحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام للألباني من رسائل الدعوة السلفية ص: ن.
(2)
الكرابيسي (ت: 248 وقيل 245): هو العلامة فقيه بغداد، أبو علي الحسين بن علي بن يزيد البغدادي صاحب التصانيف (سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 79).
(3)
المحاسبي (ت: 243): هو الزاهد العارف أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي صاحب التصانيف الزهدية. (سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 110).
(4)
مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم اختصار الشيخ محمد بن الموصل 1/ 480.
(5)
ينظر الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 1/ 119 - 137.