الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
إنه كفر أهل السنة وعلماءهم من شبه القارة وخارجها.
7 -
إنه نظم بعض القصائد وبالغ فيها في مدح أئمة الشيعة ومنقبتهم
(1)
.
علاقته بالاستشراق والاستعمار
إن كان الاستعمار لم ينشئ البريلوية فإنه قد استغل أفكارها لصالحه كل الاستغلال، فوجهها لضرب العقيدة الصحيحة وحال بها بين المسلمين وبين ما يأمر به دين الله، وتلك خدمة لا تدانيها خدمة، فتحققت آماله المعلقة التي كان يسعى إليها الغربيون منذ الحروب الصليبية، فحلَّ مكان شرع الله غير شرع الله مما لا يتنافى مع المصالح الاستعمارية، وتجسدت آمالهم في صورة أمور ثلاثة مازالت الأمة تعاني من آلامها، ويتجرع المصلحون مرارتها اليوم، كتجرع إخوانهم الذين عاصروا الاستعمار بالأمس وهي كما يلي:
" (أ) تهوين أمر العلماء في نظر العامة، والاستخفاف بهم لأنهم كفار لا يستحقون أي تقدير أو احترام، وبذلك انقطعت الصلة بين العلماء الربانيين وعامة الناس.
(ب) فقدت القيادات المقتدرة -التى حملت السيوف في وجه الإنجليز ووجهِ كل معتد على شرع الله- مراكزها القيادية، وأحلَّ محلها علماء البريلوية الموالين للفكر المستعمر في صورة تشجيع الناس على عصيان أوامر الله وارتكاب منهياته.
(ج) شغلوا الأمة بإبراز خلافات تبعد بهم عن قضيتهم الأم، قضية طرد الدخلاء والفكر الدخيل" اهـ
(2)
.
إضافة إلى ما سبق من إسقاط فريضة الجهاد وكان هذا من أهم أهداف الاستعمار بل هو المهم على الإطلاق وقد أفتى البريلوي بإسقاط الجهاد بقوله
(1)
ينظر ياد أعلى حضرت الشرف البريلوي 29، حدائق بخشش للبريلوي ص:12.
(2)
أثر الفكر الغربي لخادم حسين ص: 347.
الصريح: "إنه لا جهاد علينا مسلمي الهند بنصوص القرآن العظيم ومن يقول بوجوبه فهو مخالف للمسلمين ويريد إضرارهم" اهـ
(1)
.
فقد كتب في موضوع الجهاد عدة كتب كلها تدور حول إسقاط فرضية الجهاد من المسلمين الهنود، وإثبات أن الهند دار إسلام ولا جهاد في دار تنسب إلى الإسلام، ومن أهمها "إعلام الأعلام بأن هندوستان دار الإسلام"
(2)
.
وقد سبقت الإشارة في تمهيد هذا الباب إلى أن من أهم المسائل التي أثيرت حول الجهاد في الهند "مسألة دار الحرب ودار الإسلام"، فإذا كانت الهند دار حرب يجوز الجهاد ضد الحكام وإذا كانت الهند دار الإسلام فلا يجوز القتال، ومن العلماء من قال: إن الهند دار حرب يجوز فيها القتال. ومنهم من قال: إن الهند مع كونها دار الإسلام يجوز فيها القتال. أما البريلوى فقد كتب في هذا الموضوع رسالة تشتمل على عشرين صفحة بعنوان: "إعلام الأعلام بأن هندوستان دار الإسلام" وأثبت فيها أمرين أساسيين:
الأول: أن الهند التي تسلط عليها الإنجليز الكفار ونهبوها وغصبوها هي دار إسلام وهو من أغرب استدلالاته.
والأمر الثاني: الذي حاول إثباته في هذه الرسالة أن المجاهدين الذين سماهم الوهابيين، هم مرتدون لا يجوز أخذ الجزية منهم ولا يعطون الأمان المؤبد، ويجوز استرقاق نسائهم، ولا تحل مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم ولا الصلاة على ميتهم ولا مخالطتهم ولا مجالستهم ولا مشاركتهم في أمورهم
(3)
.
وكتب كتابًا آخر سماه "دوام العيش في أن الأئمة من قريش"
(4)
. وكان هذا ردًا على الدعوة إلى مناصرة الخلافة العثمانية التي زلزلت أقدام الإنجليز وزحزحت عرشهم
(1)
المحجة المؤتمنة للبريلوي ص: 208.
(2)
للبريلوي طبع في مطبعة بريلي - الهند.
(3)
ينظر إعلام الإعلام بأن هندوستان دار الإسلام ص 19 - 20.
(4)
طبع في لاهور باكستان.
وضعفت شوكتهم في الهند، واستدل في هذه الرسالة على ترك مناصرة الخلافة بأن الخليفة لا يكون إلا من قريش فبما أن العثمانيون الأتراك ليسوا من قريش لا تثبت خلافتهم، وعلى ذلك ليس على مسلمي الهند مناصرتهم ومحاربة الإنجليز ومقاتلتهم إلى أن قال:"إن التقنع بحماية الأتراك خداع محض، وإنما المقصود الحقيقي من وراء حركة الخلافة تحرير الأراضي الهندية دون شيء آخر" اهـ
(1)
.
ثم صرح بما استهدف إليه بهذه الرسالة فقال: "لا جهاد ولا قتال على مسلمي الهند في ضوء الشريعة الإسلامية"
(2)
.
وقد أبدى هو وجماعته المولاة التامة للحكام الإنجليز ومما يدل على ذلك المعروض الذي قدم من قبل علماء البريلوية في حفل وداع "مايكل فرانسس أدورد"(Michael Francis Edward) حاكم البنجاب قالوا فيه: قبل كل شيء نهنئ معاليكم بمناسبة انتهاء الحرب العالمية الضروس، وقد انتهت بكل خير في حكم معاليكم المؤقر، فقد عادت الدولة البريطانيا ذات البركات الإلهية أكثر عظمة من ذي قبل، كما صرح بذلك الملك المعظم، إن سيوف الدولة البريطانية ما دخلت غمودها حتى نال العالم الحرية والأمن، وعم الخير والرفاهية بين الشعوب المستضعفة .... ولا ننسى ذلك الفضل الذي منت به علينا حكومتكم الرشيدة، حين أيّد سفهاؤنا الأتراك وساندوهم فيما يبتغون، كل ذلك أثر نتيجة عدم وعيهم وعدم إعطاء الأمور حقها من الفهم والإدراك ومع ذلك فقد أكد لنا ملكنا العظيم بعدم انتهاك مقدساتنا الإسلامية، وإن هذه الروح الفياضة جددت فينا الحب والولاء والوفاء ....
ونرجو من معاليكم بعد العودة إلى بريطانيا أن تؤكدوا للملك أن وفاءنا وولاءنا لن يتغير أبدًا، مهما قامت المحن والثورات، وأنا على ثقة أن أتباعنا في الجيش سيكونون أوفياء لملكنا المعظم دومًا وأبدًا ....
(1)
دوام العيش ص 95.
(2)
المرجع السابق ص 46.
وإنا نأسف على أعمال أولئك الأعداء، أعداء الوطن الذين نظموا الاضطرابات والتجمعات غير الشرعية، وشوهوا وجه منطقة البنجاب الجميل ونعود فنؤكل لمعاليكم إنا نستنكر تلك الأعمال بشدة لأن كتابنا العظيم يوصينا بالابتعاد عن ذلك" اهـ
(1)
.
ويقول إحسان إلهي ظهير رحمه الله: "لا يمكن منصفا أن يعرض عن القول بأن وزن البريلوي والبريلوية وثقلهم كان في كفة الاستعمار الإنكليزي الغاصب إن لم يقل بعمالتهم وجاسوسيتهم وعملهم على حسابهم، لأنه أمر الناس بمقاطعة الجهاد والمجاهدين وترك موالاتهم ضد الاستعمار والمستعمرين بل بالعكس أمر الناس بولايتهم وموالاتهم" اهـ
(2)
.
إن الكلمة الرائجة عند الاستعمار والمنقولة عنهم هي "فرق تسد" فحَمَّلُوا أحمد رضا البريلوي لواء التفريق والتكفير فحمل هذا اللواء ورفعه فوق شبه القارة كلها، ولم يجد شخصًا بارزًا إلا سبه وشتمه وفسّقه وكفّره، وخاصة الذين نازلوا الاستعمار وقاتلوا ضده والذين مازالوا يتربصون عليهم الدوائر ويتحينون لهم الفرص ليقضوا عليهم ويطردوهم من بلادهم، فرماهم بأسهمهم التي قصد المستعمرون أن يرميهم بها، وحرّض السذج من المسلمين عليهم باسم الدين والإسلام، واتهمهم بهتك حرمات الصالحين وتصغير شأن الأولياء، وتقليل مرتبة الأنبياء حسب الخطة المرسومة
(3)
.
وكان من الخطة المرسومة من قبل المستشرقين والمستعمرين إبعاد المسلمين عن دينهم الحقيقي، وتثبيتهم على ما عليهم من البدع والخرافات مما أخذوها من الأديان
(1)
مجلة جتان ص 12 عدد أكتوبر 1966 م.
(2)
البريلوية عقائد وتاريخ لإحسان إلهي: 44.
(3)
ينظر المرجع السابق ص: 38 - 37.
المجاورة أو من تقاليد آبائهم الجهال، فاستطاع البريلوي أن يروج كل خرافة باسم الدين مستدلًا بأنه بدعة حسنة
(1)
.
وبهذا قد تم ما قصده المستشرقون من دراسة الإسلام في ممارسات المسلمين وما وجدوه عند العامة من الخرافات اعتبروه من أصل الدين واتهموا من خالف هذه الخرافات بأنهم خوارج ومبتدعة. كما بين ذلك جولدتسيهر فقال:
"وأما من الوجهة العملية فلا بد من أن يحكم أهل السنة
(2)
. (يقصد عامة المسلمين من أهل البدع الخرافات) على الوهابيين بأنهم من الخوارج المنشقين، إذ أن الحائد من جادة الدين القويم، هو ذلك الذي يخرج على الإجماع ويرفض ما اتفق أئمة المسلمين خلال أعصر التاريخ على حله وسنيته وعدالته، وليس في هذه الحالة من حاجة إلى المطالبة بالوثائق والأسانيد القديمة للسنة، لأن ما اتفق عليه الإجماع
(3)
. أصبح سنة تلقاء نفسه، وليس سنيًا إلا كل ما يوافق الديانة العامة المعترف بها، وكلما يتفق وتقاليدها وأحكامها المتبعة، وما يعارض هذا الإجماع يعد ضلالًا وزيفًا" اهـ
(4)
.
ثم يضيف جولدتسيهر قائلًا: "وذلك أن المسلمين إذا تبعوا عادة من العادات أو ألفوا تقليدا من التقاليد، وارتضاه جمهورهم زمنًا طويلًا ولم ينكروه، أصبحت هذه العادة أو التقليد في النهاية جزءًا من صحيح السنة" اهـ
(5)
.
ويستدل على زعمه السابق بما يأتي فيقول: "وإنا نجد في مولد النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا بارزًا يوضح لنا كيفية تطور البدعة وتحولها إلى سنة، والمولد النبوي
(1)
ينظر على سبيل المثال كتاب: جاء الحق أحمد يار، وهو كتاب مليء بالخرافات والبدع.
(2)
علما بأن مصطلح "أهل السنة" تسمى به أهل البدع الخرافات في الهند.
(3)
والإجماع في نظر المستشرقين هو كل ما يمارسه جمهور المسلمين، وكذلك جعلوا بناء القباب على القبور والاحتفال بالمولد من الدين.
(4)
العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص: 269، ومن هذه الوجهة نظر "كايتاني" في كتابه "حوليات الإسلام للحروب الإسلامية الأولى"(ينظر 2/ في مواضع متفرقة).
(5)
العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص: 253.