الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو محدث ممكن، يقبل الوجود والعدم، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود فلا يلزم من اتفاقهما في مسمى "الوجود" أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا، بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه
(1)
.
أقوال المتأثرين بالاستشراق:
قال إقبال: "ولكي يؤكد القرآن وحدانية الذات الأولى، فإنه يطلق عليها اسم علم هو "الله" ثم يعرفه فيقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}
(2)
.
على أنه من العسير أن نفهم على وجه الدقة معنى الفرد، فالفردية على حد قول "برجسون" في كتابه "التطور المبدع"(Creative Evolution) تتفاوت في مراتبها، وهي لا تتحق تحققًا تامًا حتى في حالة وحدة الإنسان التي تبدو لنا منعزلة عن غيرها.
يقول برجسون: "وعلى وجه خاص يمكن أن يقال في الفردية إنه بينما نجد الميل إلى تحقيق الفردية مائلًا في كل شيء في الوجود، ونجد الميل إلى التوالد لجسم حي أن يعيش مفترقًا عنه، ولكن هذا يجعل التوالد أمرًا مستحيلًا، فأي معنى للتوالد سوى بناء جسم عضوي جديد بواسطة جزء انفصل عن جسم عضوي قديم" اهـ
(3)
.
ثم أضاف إقبال قائلا: "فالفردية إذن تحمل في طياتها خصيمها نفسه، وعلى ضوء هذه العبارة يتضح أن الفرد الكامل المتمايز عما سواه بوصف كونه ذاتًا فريدة ولا نظير لها، لا يمكن أن نتصوره متضمنًا لعدوه، بل يجب أن نتصوره بريئًا من الميل
(1)
التدمرية تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع لابن تيمية تحقيق محمد بن عودة السعوي ط/ 1 - 1405 هـ ص: 20.
(2)
سورة الإخلاص: 1 - 5.
(3)
تشكيل جديد لإقبال، ص: 95 - 96.
إلى التوالد المضاد له، وهذه الخاصية من خصائص الذات الكاملة هي عنصر من أهم العناصر اللازمة في مفهوم الذات الإلهية كما صورها القرآن" اهـ
(1)
.
ثم أثار إقبال سؤالا بقوله: "هل العالم يواجه الذات الإلهية بوصف كونه غيرًا" لها وبينهما فراغ مكاني يتوسط بين الذات وبين هذا الغير؟ "
(2)
.
ثم أجاب فقال: "والجواب عن هذا هو أنه بالنسبة للذات الإلهية لا يوجد خلق بمعنى حادث معين له "قبل" وله "بعد"، فالعالم لا يمكن أن يعد حقيقة مستقلة الوجود مقابلة للذات الإلهية، ولو أننا نظرنا إلى الأمر كذلك لأصبحت الذات الإلهية والكون ذاتين منفصلتين تقابل إحداهما الأخرى في ظرف فارغ من حيّز غير متناه وقد رأينا فيما سبق أن المكان والزمان والمادة تفسيرات يضمها الفكر لقدر الذات الإلهية الخالقة الحرة، وهي ليست حقائق مستقلة لها وجود في ذاتها، وإنما أحوال للعقل في تصوره لوجود الله.
وقد أثير مرة البحث في موضوع الخلق بين مريدي بايزيد البسطامي الصوفي المشهور، فأدلى أحدهم، في صراحة، بالرأي الذي تقبله الفطرة السليمة:"كان الله ولا شيء معه" فأجاب الولي: جوابًا قاطعًا أيضًا فقال: "الآن كما كان" أي لا وجود إلا الله، فعالم المادة إذن ليس شيئًا يشارك الله في الأزل، ويحدث الله ما يشاء، وهو كأنه على مسافة منه بل هو في طبيعته الحقيقة فعل واحد متصل يجزئه الفكر إلى كثرة من أشياء منفصل بعضها عن بعض ولقد ألقى الأستاذ "ايدنجتون"(Eddington) ضوءًا جديدًا على هذه النقطة الهامة وإني أبيح لنفسي أن أقتبس العبارة الآتية من كتابه "المكان والزمان والجاذبية"(Space Time and Gravitation)
(3)
.
(1)
تشكيل جديد لإقبال، ص: 95 - 96.
(2)
المرجع السابق: ص 100.
(3)
المرجع السابق ص: 100 - 110.