الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: هي الكتب التي تلقاها العلماء (علماء أهل الكتاب) بالقبول واتفقوا على صحتها، ثم اشتهرت في كل المدن، واشتغل العلماء بتدريسها قرنا بعد قرن ولم ينكروا عليها في زمن من الأزمنة فهذه كلها صحيحة يعتمد عليها.
الثاني: هي الكتب التي كتبها العلماء المعتبرون وقبلها أكثر العلماء وأنكرها بعضهم، أو كانت في زمن ما مقبولة ومقدسة عند أكثر العلماء، واستدلو بها في أمورهم، ثم أتى عليها زمن صارت فيه متروكة، أو هي اشتهرت في زمن ثم زالت شهرتها في زمن، فهذه كلها صحيحة ومعتمدة عندنا ولكنها أقل درجة من القسم الأول .... " اهـ
(1)
.
تحليل العبارة وتعيين الشبهة
إن المنهجية الجديدة المتأثرة بالاستشراق التي نادت بالدعوة إلى تقارب الأديان قامت على أساس أن الديانات الموجودة في الساحة كلها صحيحة بوجه ما، ومن ثم حاولوا التسوية بين الإسلام والديانات الأخرى المحرفة، وكما حاولوا التسوية بين القرآن والكتب الأخرى.
فنرى السيد نهج هذا المنهج وسوّى بين القرآن والكتب السابقة، بل وبين القرآن وبين ما هو من وضع البشر، وبعد أن عرف أن للقرآن سندا متصلا والكتب الأخرى ليس لها سند، اخترع لها قاعدة من عنده وهي قاعدة "الشهرة"، واعتمادا على هذه القاعدة أنكر التحريف اللفظي في التوراة واعتبر الأناجيل الموجودة بأيدي النصارى كتبا مقدسة ثابتة صحيحة، واعتنى بها اعتناء كبيرا حتى فسر التوراة والإنجيل في ضوء القرآن الكريم كما يُفسَّر القرآن في ضوء الأحاديث النبوية وسماه "تبيين الكلام في تفسير التوراة والإنجيل على ملة الإسلام" وبين غرضه من هذا التفسير قائلا:"من تمنياتي أن أؤلف بين قلوب المسلمين وقلوب النصارى فيتحابون فيما بينهم، لأن القرآن يشير إلى أن أقرب فرقة إلى مودة المسلمين هم النصارى" اهـ
(2)
.
(1)
تفسير القرآن للسيد: 1/ 186.
(2)
مقدمة تبيين الكلام للسيد: ص: 2.
ولعله يريد الإشارة بالعبارة السابقة إلى قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}
(1)
.
فهل تناسى السيد تاريخ العداوة (تاريخ الحروب الصليبية)؟ وكيف يدعو المسلمين إلى ولاية النصارى؟ ومع أن الله سبحانه تعالى قد حسم موضوع المودة والعداوة بيننا وبين أهل الكتاب فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
(2)
وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}
(3)
.
ولكن الذي يهمنا أنه كيف تنازل السيد في سبيل إيجاد المودة والمحبة عن دينه وقرآنه، وسوّي بين الحق والباطل ونظر إلى القرآن -الذي تكفل الله بحفظه، والذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه- وإلى الأناجيل المحرفة التي شهد أهلها على بطلانها بنظرة واحدة.
والدعوة إلى تقارب الأديان من أخطر الدعوات التي دعت إليها المنهجية الجديدة المتأثرة بالاستشراق، وهي تهدم كل الفوارق الموجودة بين الإسلام الحق والنصرانية المحرفة، كما صرح بذلك أمير علي وقال:"إننا إذا استثنينا عقيدة الأبوة الإلهية لعيسى عليه السلام فهما (الإسلام والمسيحية) في جوهرهما دين واحد، كلاهما وليد القوى الروحية المتشابهة في الإنسانية" اهـ
(4)
.
وقد أشار إلى خطورة هذه الدعوة الأستاذ محمد حسين فقال: "التقريب بين الأديان إفساد لها وتحدٍّ لسنة الله في خلقه" اهـ
(5)
قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ
(1)
سورة المائدة: 82.
(2)
سورة المائدة: 51.
(3)
سورة البقرة: 120.
(4)
روح الإسلام لأمير علي: 2/ 180.
(5)
الإسلام والحضارة الغربية لـ د. محمد حسين: المكتب الإسلامي بيروت ط / 1، 1399 هـ.