‌أولا: حقيقة العرش: - أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند - جـ ١

‌

‌المطلب الأول: حقيقة العرش والاستواء:

‌

‌أولا: حقيقة العرش:

أصل العرش في اللغة: سرير الملك، وعرش البيت سقفه،

(1)

والعرش في الأصل شيء مسقّفٌ وجمعه عروش،

(2)

والعرش الذي يختص به رب العرش العظيم سيكون سريرًا عظيمًا فخمًا لا نظير له، إذ هو أعظم المخلوقات على الإطلاق، فقد جاء وصفه وصفًا لا مجال بعده للشك في الكتاب والسنة وأجمعت الأمة على إثباته.

أما الكتاب فقد جاء فيه ذكر العرش في إحدى وعشرين موضعًا، وفي سبعة منها جاء ذكر العرش مع ذكر استواء الرب عليه، وبقية الآيات فيها مدح الرب بأنه ذو العرش العظيم.

قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

(3)

.

وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}

(4)

وقال أيضًا: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}

(5)

وقال أيضًا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ

اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}

(1)

وقال تعالى: {لَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}

(2)

وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}

(3)

وقال أيضًا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}

(4)

.

فالآيات السابقة ذكرها تبين أن الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، له الخلق والأمر، وأما الآيات التي مدح الله فيها نفسه بأنه ذو العرش العظيم فهي كما يلي:

قال الله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

(5)

وقال أيضًا: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا}

(6)

وقال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}

(7)

وقال الله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}

(8)

وقال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}

(9)

وقال أيضًا: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ

الْعَظِيمِ}

(1)

وقال تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

(2)

وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}

(3)

.

وقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}

(4)

وقال تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}

(5)

وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}

(6)

وقال تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}

(7)

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}

(8)

وقال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}

(9)

.

وأما الأحاديث فقد جاءت أحاديث صحيحة كثيرة تصف العرش وصفًا لا يبقى بعده شك في ثبوت العرش العظيم على حقيقته ونذكر بعضا منها مصنفة على الموضوعات التالية:

1 -

العرش أعظم المخلوقات وأكبرها على الإطلاق:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة" اهـ

(1)

.

2 -

العرش له قوائم وجوانب:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانبي العرش، فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثني الله" اهـ

(2)

وفي رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش

(3)

.

3 -

العرش سقف لجنات الفردوس:

قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة" اهـ

(4)

.

4 -

للعرش ظل يستظل به المتحابون في الله:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "المتحابون في الله في ظل العرش" اهـ

(5)

.

5 -

العرش معلَّقة به قناديل فيها أرواح الشهداء:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أرواحهم (أرواح الشهداء) في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسير من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل" اهـ

(1)

.

6 -

العرش له فوق وتحت:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي" اهـ

(2)

.

وفي حديث طويل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ..... فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي" اهـ

(3)

.

7 -

العرش من أثقل المخلوقات وزنًا:

عن جويرية رضي الله عنها قالت: قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" اهـ

(4)

.

8 -

العرش يهتز ويسكن:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اهتز عرش الرحمن لموت سعد ابن معاذ (رضى الله عنه) " اهـ

(5)

.

9 -

العرش يحمله الملائكة وهم من أعظم المخلوقات: