الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زمان، ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم أن يتجه المسلمون في جميع أنحاء الأرض إلى الكعبة المشرفة" اهـ
(1)
.
قال جراغ علي: "لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن عادة تعدد الزوجات قد انتشرت في العرب والدول الشرقية، وامتزجت بطبيعتهم، لم يكن أمامه بد إلّا أن يأمرهم في القرآن خلاف هذه العادة، واتباع القرآن كان فرضا عليهم" اهـ { ...... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}
(2)
{ ..... وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
(3)
ولم يكن من وسعه أكثر من هذا، وكل مصلح ومقنن لا يستطيع أكثر من هذا" اهـ
(4)
.
تحليل العبارة وتعيين الشبهة
إن أمير علي وجراغ علي في العبارات السابقة قد صرحا بأن القرآن كان من عند محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن إلهي المصدر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصدر الأحكام القرآنية من عنده، واتبعا في ذلك منهجًا استشراقيًا من وجوه عديدة:
الأول: قد فسرا الظاهرة الدينية الخالصة بتفسير مادي بحت فقد ذكر أمير علي أن من أسباب تحويل القبلة أن تظل ذكرى المكان الذي شهد مولد الإسلام حية في أذهان العالم الإسلامي.
وذكر جراغ علي أن من أسباب تحديد تعدد الزواجات في زوجة واحدة (في زعمه) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن عادة تعدد الزوجات قد انتشرت في العرب، فأراد أن يجعل الحد عليه.
(1)
روح الإسلام لأمير علي: 2/ 38.
(2)
سورة النساء: 3.
(3)
سورة النساء: 29.
(4)
أعظم الكلام في ارتقاء الإسلام لجلراغ علي: 2/ 24 - 25.
فربطا أحكام الدين بأحداث اجتماعية وتاريخية ومنهجيتهما هذه عرفت في الغرب بمنهجية علم الاجتماع المعرفي المادي والتي استخدمها المستشرقون في دراسة الإسلام بهدف إنكار المصدر الرباني للعقيدة الإسلامية، وإرجاع وجود الأفكار والمبادئ العقدية في الإسلام إلى حوادث وظروف تاريخية واجتماعية أو اقتصادية أو سياسية الخ، باعتبار أن هذه العوامل هي الباعث الحقيقي لتلك التعاليم الدينية
(1)
.
الثاني: نسبة الأمر والنهي الإلهيين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نسب أمير علي الأمر بتحويل القبلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن القضية منصوصة نسبتها إلى الله عز وجل في قوله تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}
(2)
.
ونسب جراغ علي الأمر في تحديد الزواج بواحدة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أن القضية نازلة من عند الله عز وجل في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}
(3)
.
ثم أصرّ على ذلك فقال: "أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن" اهـ ثم أكّد الأمر بقوله: ولم يكن في وسعه أكثر من هذا، وبين سبب نسبة الأمر إلى القرآن هو أن محمدًا كان يعرف أن أتباعه يعتقدون بأن القرآن كان فرضًا عليهم، فاستغلّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد فأمرهم في القرآن.
وإن نسبة الأمر إلى محمد صلى الله عليه وسلم والتجنب من نسبته إلى الله عز وجل أسلوب من الأساليب الاستشراقية، قد مارسه المستشرقون وأصروا عليه ليجعل القرآن بشري المصدر، وهذا أشدّ ضررًا من نسبة الأمر إلى القرآن إذ أن بعض
(1)
منهجية علم الاجتماع المعرفي لـ د. محجوب أحمد الكردي. موضوع نشرته دراسات استشراقية وحضارية كتاب دوري محكم من إصدارات مركز للدراسات الاستشراقية والحضارية بكلية الدعوة بالمدينة المنورة العدد الأول 1413 هـ ص: 140.
(2)
سورة البقرة: 144.
(3)
سورة النساء: 3.