الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضا: "إن باطنية الفلاسفة يفسرون ما وعد الناس به في الآخرة بأمثال مضروبة لتفهيم ما يقوم بالنفس بعد الموت من اللذة والألم، لا بإثبات حقائق منفصلة يتنعم بها، ويتألم بها
(1)
.
أقوال المتأثرين بالاستشراق
قال سيد أحمد خان: "قد انقسم الناس في تصورهم عن الجنة والنار من خلال آيات القرآن الكريم إلى فريقين: فريق عندهم عقول مستنيرة مدرّبة، فيتخيلون أن الوعد بالجنة والوعيد بالنار قد وردا بألفاظ لم يقصد بها تلك الأشياء بعينها، إنما المقصود بها تقريب معاني السرور والراحة العليا إلى فهم الإنسان في أنسب تشبيه، وهم بهذا التخيل الجميل للجنة يرغبون في الإتيان بالأوامر ويزجرون عن أرتكاب النواهي.
وآخرون عندهم عقول متحجرة مغلقة وهم من علماء الدين والزهاد الشهوانيين يظنون أنهم سيجدون في الجنة عددًا لا تحصى من أجمل الحور العين ويشربون الخمر، ويأكلون الفواكه، وينعمون في أنهار اللبن والعسل، ويمارسون من الشهوات ما يشاءون، فبهذا التخيل التافه البليد هم يسعون في طاعة الأوامر وينتهون عن الزاجر، وكلا الفريقين يصل إلى نتيجة واحدة، وهكذا يكتمل أهداف التربية لكافة الأنام، فمن لم يتدبر في هذه الحقائق القرآنية التي جاءت مطابقة للفطرة الإنسانية لم يفهم من القرآن شيئا، وحرم نعمة عظمى" اهـ
(2)
.
وقال أيضًا: "هذا التصور عن الجنة أنها خلقت كحديقة من الحدائق، فيها قصور عالية مبنية من رخام ولؤلؤ، وفيها أشجار يانعة خضراء، وفيها أنهار من خمر ولبن وعسل، وفيها فواكه من كل نوع وفيها سقاة وساقيات في غاية الجمال لابسين أسورة من فضة كما تلبس عندنا بائعات اللبن، فيسقون أهل الجنة خمرًا.
(1)
مجموع الفتاوى لابن تيمية 13/ 238.
(2)
تفسير القرآن للسيد: 1/ 35.
وأصحاب الجنة منهم من ألقى يده في نحر حبيبته الحوراء، ومنهم من وضع رأسه على فخذها، ومنهم من التفّ حول صدرها، ومنهم من انكبَّ بقبلة على شفتها، ومنهم من يمارس شيئا في زاوية من زوايا الجنة، وآخر في أخرى.
وهذا الفحش يا للعجب! لو كانت هذه هي الجنة، أقول بدون أي مبالغة إن دور الزنا والخمارات (بيوت الدعارة) خير منها ألف مرة" اهـ
(1)
.
قال أمير علي: "ولكن الزعم بأن النبي العربي صلى الله عليه وسلم وعد أتباعه بجنة مليئة بالشهوات والحور العين وضروب متنوعة من الملذات لا يزال قائمًا، وهو زعم يتم على الجهل، والتعصب القديم على السواء .... والوصف الوارد في الجنة والجحيم وصف مستمد من واقع الحياة، وإن كان في بعض المواطن يكاد يكون حسيًا، ولكن الزعم بأنه وصف شهواني، أو أن محمدًا عليه الصلاة والسلام أو أحدًا من أتباعه، حتى ولو كان من علاوة أهل الظاهر، يفهمه على أنه كذلك حديث مفترى، وإن الكأس التي لا فيها غول، وقاصرات الطرف لا يمكن أن تكون لذات شهوانية"
(2)
.
وقال أيضًا: " .... وفي هذا القدر كفاية في دحض ما افتراه القائلون بأن القرآن صوّر الحياة الآخرة بصور حسية، ونختم هذا الفصل بهذه الآية الكريمة التي تكشف عما ينطوي عليه الإسلام من السمو الروحي العميق، والآمال والأماني السامية التي عليها منهجه في الحياة:{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي}
(3)
(4)
.
وقال إقبال: "ليس البرزخ حالة انفعالية للانتظار والتوقف إنما هو عبارة عن الشعور الذاتي بحالة التغيير بالتهيؤ لما يستقبله بعد أن ظهر له بعض الجوانب من
(1)
تفسير القرآن للسيد: 1/ 33.
(2)
روح الإسلام لأمير علي: 2/ 70 - 71.
(3)
سورة الفجر: 27 - 30.
(4)
روح الإسلام لأمير علي: 2/ 77.
الحقيقة المطلقة، وبعبارة أخرى: هي كيفية تولد في نفس الإنسان اختلالًا شديدًا" اهـ
(1)
.
وقال أيضًا: "أما الجنة والنار فليستا مكانين معينين، لأن القرآن عبَّر عنهما كأنها أحوال داخلية في نفس الإنسان، والتي تدور في عينيه، حيث قال عن النار:{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}
(2)
وبعبارة أخرى هو شعور نفسي بالألم الشديد أمام الخسران والهزيمة، وأما الجنة فهي شعور نفسيٌّ بالغلبة على قوى الهلاك والفناء، والمسرّة والنجاح ولم يجعل الإسلام الإنسان متعرضًا للشقاوة واللعنة الأبديتين" اهـ
(3)
.
وقال أيضًا: "أنا أرى في رواية القرآن هذه جاءت لفظة "الجنة" والمقصود بها الإشارة إلى مرحلة بدائية للإنسان وهي مرحلة لم ترتبط بما حوله من الأشياء، فلم يشعر بتكاليف الحياة ومشاقها التي سوف يستقبلها عندما تحيط به حاجاته في ضروريات الحياة" اهـ
(4)
.
وقال أيضًا: " .... ويبقى هنا أمر لم يتضح بعد وهو: لماذا هذا الزمن غير المتناهي للمجازاة بالسعادة والسرور، والأخلاق الفاضلة؟ وكيف يمكن لله أن يوجد اتصالًا بين هذه التصورات المتباينة؟ (ثم يبحث إقبال عن الجواب عند المستشرق "وليم جيمز"
(5)
.
(1)
تشكيل جديد لإقبال: 181، ويقول إنه أخذ هذه الفكرة من " Helmholtz".
(2)
سورة الهمزة: 6 - 7.
(3)
المرجع السابق: 185 - 186.
(4)
المرجع السابق: 127.
(5)
المرجع السابق: 171.