الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: منهجية شبلي النعماني
(أ) حياته العلمية:
ولد شبلي النعماني ابن حبيب الله 1858 م -1916 م (1274 هـ - 1332 هـ) في قرية بندول من ولاية يو. بي (الشمالية)، أخذ العربية والمنطق والحكمة من مولانا فاروق الجرياكوتي، وكان متصلبًا في مذهبه الحنفي في ذلك الزمان، صرف برهة من الدهر في المباحثة مع أهل الحديث في بعض المسائل الفقهية، وصنف في ذلك "إسكات المقتدي" ورسالة في قراءة الفاتحة خلف الإمام، ثم ولى التدريس بمدرسة العلوم في عليكره -والتي أصبحت جامعة عليكره فيما بعد- وهناك صحب الأساتذة المستشرقين الغربيين، وأدار معهم كؤوس المذاكرة وتعلم الفرنسية من المستشرق السير توماس آرنولد (Sir Thomos Arnold) وعلمه العربية، وسافر إلى الروم والشام ومصر ولقبته الحكومة الإنكليزية "شمس العلماء" وأقبل إلى ندوة العلماء بـ لكهنؤ فولوه على دار العلوم، واشتهر باعتزاله في الأصول وكان شديد النكير على الأشاعرة وله كتب ورسائل في ذلك
(1)
.
وكان شاعرًا فله قصائد شعرية بالأردية والفارسية ولما سافر إلى اصطنبول سنة 1893 م قابل السلطان عبد المجيد، وتأثر به وقال فيه قصيدة، فمنحه السلطان وسامًا.
وتعرف في دمشق بواسطة خالد الكردي على الصوفية النقشبندية الذين كانوا يربطون أنفسهم بأشهر الصوفية الهنود: غلام علي، وميرزا مظهر جانجانا، ولقي الشيخ محمد عبده في القاهرة.
وقد شجعه السير سيد أحمد خان على الانشغال بالتاريخ الإسلامي فكتب التاريخ مستهدفًا إلى إحياء الإسلام بالروايات القديمة على منهجية مشتملة على
(1)
ينظر نزهة الخواطر: للشيخ عبد الحي اللكهنوي: 8/ 74.
الروايات والوقائع مع النقد والترجيح بمعايير العقل، واهتم في كتاباته التاريخية بسير الشخصيات المعروفة في الإسلام، واختار شخصيات فذة لهم صيت في التاريخ
(1)
.
ومن الأسباب التي دفعته إلى هذا الاختيار أنه أراد الرد على المستشرقين فيما أوردوا من شبهات واتهامات على الشخصيات الإسلامية المشهورة بدءًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إلى السلاطين المشهورين في التاريخ، وممن اشتهر في زمنه بإثارة هذه الشبهات إشبرنكر (Springer) مدير الجمعية الآسوية في بنغال، والسير وليم ميور (William Muir) حاكم الولاية الشمالية (U.P)، هذان المستشرقان من داخل الهند، وأما من اشتغل في إثارة هذه الفتنة خارج الهند فهم كثير أمثال رينان (Renan)
(2)
نولدكة (Noldeke) ولهوسن (J.Welhausen)
(3)
جولدتسيهر (Goldziher)
(4)
.
قد تصدى لهم شبلي وكشف الستار عن تدليساتهم وتلبيساتهم وتحريفاتهم في التاريخ الإسلامي، وقال فيهم "إنهم يبنون نظرياتهم على روايات غير معتبرة ويفرضون بواعث مصطنعة للقصص والحوادث التاريخية ثم يصلون إلى نتائج خاطئة وأخطاء جسيمة" اهـ
(5)
.
(1)
ينظر هند وباك مين إسلامي جديديت لعبد العزيز ص: 121 - 122.
(2)
رينان: (Erest Renan) 1823 م - 1892 م مستشرق فرنسي عنى خصوصا بتاريخ المسيحية، وتاريخ شعب إسرائيل، أتقن العبرية وتعلم قليلا من العربية، ونشرت له مقالات حول بعض الكتب العربية منها: مقامات الحريري (1853) ورحلات ابن بطوطة (1853) ومروج الذهب للمسعودي (1873) وغيرها من المقالات. لكن شهرة رينان في البلاد العربية منذ سنة 1883 م حتى اليوم إنما ترجع إلى محاضرة ألقاها في السوربون بتاريخ 29 مارس سنة 1883 م عنوانها: "الإسلام والعلم" هاجم فيها الإسلام، وقد رد عليها السيد جمال الدين الأفغاني. (موسوعة المستشرقين ص: 311).
(3)
ولهوسن ينظر لترجمته ص: 633 في هذا البحث.
(4)
ينظر مقدمة إسلام اور مستشرقين لسيد صباح الدين عبد الرحمن، والكتاب من ترتيب عبد الرحمن برواز الاصلاحي، دار المصنفين 1986 م 4 / أ- ب.
(5)
سيرة النبي لشبلي النعماني دار المصنفين أعظم كره 1925 م: 1/ 95 - 97.