الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعلو وغيرها، ومما أخبر به عن نفسه وأخبر به (في الأصل بها) عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يشتق منه اسم (في الأصل اسما) كحبه المؤمنين والمتقين والمحسنين ورضاه (في الأصل رضائه) عن عباده المؤمنين، ورضاه لهم الإسلام دينا، وكراهته انبعاث المنافقين، وسخته على الكافرين وغضبه عليهم، وإثبات وجهه ذي الجلال والإكرام، ويديه المبسوطتين بالإنفاق، وغير ذلك مما هو ثابت في الكتاب والسنة والفطر السليمة" اهـ
(1)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون لله ما أثبته (لنفسه) من الصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب الأمثال، وينزهونه من النقص والتعطيل وعن التشبيه والتمثيل، إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على الممثلة {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد على المعطلة" اهـ
(2)
.
الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات تقتضي أمورا منها:
أولا: أن لا يوصف الله عز وجل إلّا بما وصف به نفسه أو وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث
(3)
:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالواجب أن ينظر في هذا الباب، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه" اهـ
(4)
.
(1)
معارج القبول للحكمي: 1/ 74.
(2)
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية لابن تيمية، تحقيق د. محمد رشاد سالم، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض ط / 14061 هـ -1986 م، 2/ 111.
(3)
ذكره ابن تيمية من قول الإمام أحمد ينظر في الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية تقديم محمد عبد الرزاق حمزة مطبعة المدني القاهرة، ص:31.
(4)
منهاج السنة لابن تيمية 2/ 554 - 555.
ثانيا: القطع بأنه ليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه أو تمثيل لصفاته بصفات خلقه.
كما قال ابن حماد رحمه الله: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس فيما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله تشبيه" اهـ
(1)
.
ثالثا: قطع الطمَع عن إدراك كيفية صفات الله سبحانه وكل من حاول إدراك ذلك خرج إلى ضرب من التشبيه
(2)
.
رابعا: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر:
بسبب الغفلة عن هذا الأصل، ضلّ من أثبت بعض الصفات، ونفى البعض الآخر، إذ لا فرق بين ما نفاه وما أثبته، والقول فيهما واحد وكذلك القول في الأسماء
(3)
.
خامسا: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، يحتذى في ذلك حذوه:
ومثاله: فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف
(4)
.
سادسا: الاعتصام بالألفاظ الشرعية الواردة في هذا الباب نفيا وإثباتا، والتوقف في الألفاظ التي لم يرد نص بذكرها نفيا ولا إثباتا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " .... والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي ...... وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من
(1)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/ 532، وفي أصل الكتاب "فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه" فصلحنا العبارة.
(2)
منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشيخ محمد الأمين الشنقيطي من مطبوعات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1980 م ص:28.
(3)
ينظر التدمرية لابن تيمية تحقيق محمد عودة السعوي ط/1، 1405 هـ -1985 م ص:31.
(4)
ينظر رسالة في الكلام على الصفات للخطيب البغدادي ص 2.
المتأخرين، مثل لفظ "الجسم" و "الجوهر" و "المتحيز" و "الجهة" ونحو ذلك ..... ولا يعدل إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة، إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد بها، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد بها معنى باطل نفي ذلك المعنى، وإن جمع بين حق وباطل أثبت الحق وأبطل الباطل" اهـ
(1)
.
ومن صفات الله العلى أن الله تعالى مستو على عرشه العظيم، ومنها هو عال فوق كل شيء، وهو بائن عن خلقه. ولما أنه قد تخبط بعض المتأثرين بالاستشراق في إثبات هاتين الصفتين لله عز وجل أعني بهما صفتي الاستواء والعلو، بل أنكر بعضهم حقيقة عرش الله العظيم، خصصنا هذا المبحث لمطلبين: المطلب الأول: حقيقة العرش والاستواء. والمطلب الثاني: مباينة الخالق عن الخلق.
(1)
منهاج السنة لابن تيمية 2/ 554 - 555.
المطلب الأول: حقيقة العرش والاستواء.
الشبهة الأولى: إنكار حقيقة العرش العظيم.
الشبهة الثانية: إنكار حقيقة استواء الرب على عرشه العظيم.