الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمسلمون لا قوة عندهم ولا عدة لقتال حكامهم بل هم ضعفاء، إذا قاتلوا فالهزيمة متأكدة لهم، وبهذا تنكسر شوكة المسلمين ويذهب عزهم.
الجواب: ما دام المسلمون في أمن من حكامهم النصارى، فلا يجوز للمسلمين الجهاد ضدهم، لأن الجهاد لا يشرع إلا عند فقدان الأمن والحرية، والأمر هنا خلاف ذلك، وإضافة إلى ذلك يشترط للقتال أن يترجح غلبة المسلمين، وإذا كانت الهزيمة متأكدة للمسلمين فلا يجوز الجهاد.
(توقيعات: المولوي محمد اللكهنوى، المولوي عبد الحي اللكهنوي، المولوي فيض الله اللكهنوي، مولوي قطب الدين الدهلوي، المولوي محمد نعيم اللكهنوي، المولوي مفتي سعد الله اللكنهوي، المولوي لطف الله الرامفوري، المولوي غلام علي الرامفوري)
(1)
.
فتوى الجمعية المحمدية:
السؤال الثاني هل يجوز الجهاد في الهند أم لا؟
الجواب: إن الهند دار إسلام، ودار الإسلام لا يجوز فيها الجهاد، وهذا الأمر أوضح من أن يستدل عليه بدليل أو بمثال، ولكن القتال من سوء حظه، إذا بدأ ضد الحكام الإنكليز يعتبر خروجًا على الحاكم، والخروج ممنوع حسب الشريعة الإسلامية، وإذا نشب مثلُ هذا القتال يجب على المسلمين مساندةُ الحكام والقتال معهم ضد الثُوّار. (وهذه الفتوى مذكورة في فتاوى عالمكير)
(2)
.
إذن ترك الجهاد وإنكار السنة قضيتان قد قامتا لخدمة الاستعمار، فكل زعامة نادت بإحدى هاتين القضيتين أو بكلتيهما ساندها الاستعمار وشجعها الاستشراق، فالبريلوية مع رفضهم السنن الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تقليدًا لآبائهم
(1)
ينظر هماري هندوستاني لـ هنتر ص: 312.
(2)
ينظر المرجع السابق ص: 314.
ومشايخهم أنكروا الجهاد، والقرآنيون معروفون في إنكار السنة لأن هذا هو أساس دعوتهم، فقد شنعوا على من نادى بالجهاد ضد العدو، والقاديانية مع ادعائهم بنبوة غلام أحمد القادياني فإنهم قبل كل شيء منكرو السنة ورافضو الجهاد، وكذلك الفرقة النيجرية (الطبيعية) أنكروا السنة ليجعلوا الدين حسب مزاجهم، وجعلوا الجهاد مرفوضًا في دينهم الجديد، وكل هذا يحتاج إلى تفصيل يترك إلى حين الكلام عن كل فرقة.
حتى الجماعة الإسلامية والجماعة التبليغية لم تنجوا من هاتين البليتين مع كونهما من أقرب الجماعات إلى الحق، فقد رأينا موقف الجماعة الإسلامية من السنة عندما ذكرنا آراء مؤسسها حول السنة، وكذلك الجماعة التبليغية وهي لم تميز بين الصحيح والضعيف من السنة، وحولت جميع النصوص الواردة في الجهاد في صالح الاستعمار، فقسمت الجهاد إلى جهادين: الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر واستدلت على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وفسرت الجهاد الأصغر بالقتال ضد الأعداء وزعمت بأنه قد انتهى دوره، وأما الجهاد الأكبر في نظرهم هو الدعوة إلى مبادئهم الستة المحرفة، فقد حملوا كل الآيات التي في الجهاد إلى جهادهم هذا.
وهكذا لما حاد المسلمون عن جادة الطريق ظهر في حيز الوجود فرق وجماعات كثيرة، وكان السبب في وجودها كما ذكرنا الابتعاد عن المنهج السليم وترك الجهاد وإنكار السنة، ولكن المستشرقين اصطنعوا أسبابا جديدة من عندهم لتفريق عقائد المسلمين لتخفى الأسباب الحقيقية عن أنظار المسلمين، ومن الأسباب التي ذكرها المستشرقون عدم وفاء الإسلام بمتطلبات العصر الحاضر، فيقول المستشرق إسمث:
"أكبر قضية أشكلت على مسلمي اليوم، هي أنه لا يوجد تطابق بين الإسلام والعصر الحاضر وهذا الأمر أصبح جليًا أمام مسلمي الهند ....
(1)
.
ثم يبين إسمث آراء المسلمين حول هذه القضية المصطنعة التي لم يكن لها وجود في تاريخ الإسلام المجيد بقوله: "وقد اختلف آراء الناس حول تحديد معنى الشريعة والمراد بها".
قال بعضهم: الشريعة معددة ومرتبة في مكتبة، وليس علينا إلا القيام بتنفيذها.
وقال الآخرون منهم بعض العلماء وبعض أفراد السلطة: نريد أن نصوغ الشريعة القديمة صياغة جديدة لتكون موافقة للعصر الحديث.
وقال البعض مشيرًا إلى القرن الأول: نحن نأخذ الدين من حيث أخذ سلف هذه الأمة، ولكننا بحاجة إلى ناس ذوي فهم عال وذكاء فذ، وذوي همة عالية وعزم مصمم.
ويرى البعض أن الماضي أسطورة يُرجع إليها للدراسة والاهتداء إذ أن الشريعة ليست جامدة إنما هي متحركة متأثرة بمقتضيات الزمن في الحاضر والمستقبل، فإذا سلمنا هذا فالشريعة تتغير وتتبدل دائمًا ....
ويرى البعض أن الشريعة إنما هي في القرآن وليست السنة من أدلة الشريعة ..
(2)
.
ثم يقدم حلّا من عنده لهذه المشكلة المصطنعة فيقول: "إذا نظرنا إلى ما سبق تبين أن المسلمين بحاجة إلى القيام بصياغة جديدة للقانون الإسلامي وهو أمر عظيم تشرع به الشريعة الجديدة" اهـ
(3)
.
(1)
إسلام دور حاضر مين (الإسلام في العصر الحاضر) لـ إسمث ص: 138.
(2)
ينظر المرجع السابق ص: 197 - 198.
(3)
المرجع السابق ص: 197 - 198.
"وهذا كله لا ينال المسلمين إلا إذا نظروا إلى الإسلام بأنه لم يأت من عند الله، ولا هو رابطة حية بين الله الإنسان إنما هو حقيقة تاريخية بل هو أمر دنيوي فتشكل بشكل نظام في الماضي" اهـ
(1)
.
هذه هي الغاية القصوى التي أرادها الأعداء وخططوا لها كل تخطيط، ولكن المسلمين لغفلتهم وجهلهم لم يفطنوا إلى ذلك، اتبعوهم في منهجهم، وادعوا صياغة الإسلام من جديد، كما رأينا ذلك كله في الصفحات السالفة، فوقعوا فريسة لأهدافهم وغاياتهم، وتفرقوا واختلفوا، وكُسِرت شوكتهم وذهبت ريحهم، فانقسموا إلى جماعات وتفرقوا إلى فرق ومن أهم هذه الفرق: البريلوية والنيجرية والقرآنية والقاديانية، وفيما يلي نذكر بعض أهم النقاط التي تبين أسباب بروز كل فرقة إلى حيز الوجود مع بيان أهم اعتقاداتها وصلتها بالاستشراق.
(1)
إسلام دور حاضر مين (الإسلام في العصر الحاضر) لـ إسمث ص: 205.