الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستشرقين نسبوا ما ورد في القرآن إلى القرآن مثل قولهم: قال القرآن، وذلك خروجًا من الخلاف (على حسب زعمهم) الذي حدث بين فئات المستشرقين هل القرآن كلام الله أو كلام محمد صلى الله عليه وسلم.
تتعين الشبهة بعد هذا التحليل العلمي إذن في النقطة التالية وهي: أن مصدر القرآن كان بشريا وإن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يصدر الأحكام من عنده، وينسبها إلى الله.
تفنيد الشبهة:
شبهة بشرية القرآن:
ويكون الرد على هذه الشبهة من وجوه:
أولًا: إن الثابت عند جميع الفرق الإسلامية التمييز بين ما قال الله عز وجل وبين ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. فالقرآن هو كلام الله يختلف عن كلام الرسول، والأحاديث النبوية هي الأخرى وحي من الله ولكنها مضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فما ثبت في القرآن نُسب إلى الله عز وجل تشريفًا وتعظيما وتفريقًا بين قول الله وقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم من خيار في تشريع الأحكام وما كان يتّبع إلا ما يوحى إليه، وقد حذر الله عز وجل نبيه من أن يأتي من عنده بشيء: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(1)
.
أمر الله عز وجل نبيه أن يتبع الوحي ولا يستعجل في الحكم حتى يأتي أمر الله قال تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}
(2)
.
(1)
سورة التحريم: 1.
(2)
سورة يونس: 109.
ثالثًا: أما قول أمير علي: "أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن تظل ذكرى المكان الذي شهد مولد الإسلام فيه .... " اهـ فنرد عليه ونقول: قد أخطأ أمير علي حيث جعل مولد الإسلام مكة مكانًا والعهد المكي زمانا قياسا على الأديان الباطلة إذ أن لكل ديانة منها مولدا، ولكن الإسلام ليس له مولد في الدنيا لا مكانًا ولا زمانًا، لأن الدين عند الله الإسلام، وهو دين جميع أهل السماء وأهل الأرض وهو دين جميع الأنبياء والرسل، فقد جاء الإسلام إلى هذه المعمورة مع أبي البشر وأول الرسل أبينا آدم عليه السلام، وهو أول إنسان على وجه الأرض.
رابعًا: أما قول جراغ علي: "أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن خلاف هذه العادة، واتباع القرآن كان فرضًا عليهم" اهـ فيقصد به الأمر بعدم التعدد وتحديد الزواج بواحدة.
وإذا كان هذا هو المقصود بالآية وكان اتباع القرآن فرضًا علي كل المسلمين، فلماذا لم يتبع هذا الحكم الخلفاء الراشدون والصحابة أجمعون؟ فلماذا أجازوا لأنفسهم التعدد؟ بل الأصل في الزواج هو التعدد لقوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} وعند الخوف من الجور فواحدة قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} ، وهذا وذاك كل من عند الله عز وجل وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالجملة قد أخطأ أمير علي وجراغ علي في نسبة هذه الأحكام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفا أنها من عند الله عز وجل، وصرحا ببشرية القرآن وفتحا المجال للمستشرقين المتشككين والمستغربين للظن بأن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم.