الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للمباهلة عام 1907 م، وتحدى بأن الكاذب من الرجلين سيموت في حياة الصادق، ودعا الله تعالى أن يقبض الكاذب في حياة صاحبه ويسلط عليه داءًا مثل الكوليرا والطاعون فيكون فيه حتفه
(1)
.
ففي شهر مايو 1908 م أصيب بالكوليرا الوبائية
(2)
. وكان ذلك الوباء حتفًا له، وهو في لاهور يقضي حاجته، ونقلت جثته إلى قاديان حيث دفن في المقبرة التي سماها "بهشتي مقبرة"(مقبرة الجنة).
والشيخ ثناء الله قد عاش بعد موته أربعين سنة، وانتقل إلى رحمة الله في 15 من مارس سنة 1948 م وهو في الثمانين من عمره، ومن ثم قد لقب الشيخ ثناء الله بـ "فاتح القاديان" رحمه الله رحمة واسعة
(3)
.
نشأة القاديانية وصلتها بالاستعمار
والاستشراق
نشأة القاديانية وصلتها بالاستعمار:
قد سبق أن ذكرنا تصريحات سافرة من الميرزا غلام القادياني وأتباعه بأن القادياني وأسرته كانت عملية للاستعمار، ومن خلال هذه التصريحات السابقة نتأكد أن القاديانية وليدة الاستعمار، والمستشرقون هم الدين خططوا لها تخطيطًا مرسومًا من عندهم.
وكما صرح غلام أحمد القادياني أيضا بأن الدين الذي يدين به ويدعو إليه قائم على أساسين وهما كما يقول: "من ديني الذي أنا أبديه للناس مرة بعد أخرى أن الإسلام منقسم إلى قسمين:
(1)
ينظر تبليغ رسالت (إعلان من غلام أحمد القادياني) 10/ 120.
(2)
ينظر اعتراف ذلك من الميرزا القادياني لصهره النواب ناصر في حياة ناصر النواب ناصر الدهلوي ص: 14 - 15.
(3)
ينظر القادياني والقاديانية للندوي ص: 28 - 26، والقاديانية لإحسان إلهي ص: 154 - 159.
الأول: أن نطيع الله تعالى.
والثاني: أن نطيع الحكومة التي بسطت الأمن وأظلتنا بظلها وحمتنا من أيدي الظالمين، وهذه الحكومة هي الحكومة البريطانية
(1)
.
وكتب بشير الدين محمود أحمد ابن القادياني خطابا قدمه إلى الملك "جورج"(George) الخامس ملك المملكة البريطانية، وذلك بمناسبة زيارته للهند سنة 1931 م، فيقول فيه:"إن منهج هذه الجماعة من يوم تأسيسها أن تطيع الحكومة القائمة، وتبتعد عن جميع أعمال الفتنة والفساد (يقصد أعمال الجهاد لتحرير البلاد من الاحتلال الإنكليزي)، وأن مؤسسها عليه السلام كان قد وضع ضمن شروط المبايعة التي لا يمكن للمرء أن ينضم إلى الجماعة بدونها، وهو ضرورة أن يتعهد الشخص بأن يطيع الحكومة القائمة، ولهذا قد اجتنب أعضاء هذه الجماعة الفتنة والفساد، وأصبحوا أسوة وقدوة للآخرين" اهـ
(2)
.
ولسنا بحاجة أن نكثر النصوص في إثبات صلة القاديانية بالاستعمار، ولكن الذي يهمنا في هذا المقام أن نبين الدوافع التي تسببت في نشأة هذه الفرقة، ولقد سبقت الإشارة في تمهيد هذا الباب من أن ترك الجهاد وإنكار السنة قضيتان قد قامتا لخدمة الاستعمار، فكل زعامة نادت بأحدى هاتين القضيتين أو بكلتيهما ساندها الاستعمار وشجعها الاستشراق، فالقاديانية نادت بكلتيهما.
أما الجهاد الذي أقلق الاستعمار وشغل خاطر الاستشراق فأفتى الميرزا غلام أحمد القادياني بكل صراحة بحرمته في عصره، وكتب كتابات طافحة بذلك ومن ذلك قوله:"لقد ألغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاءً باتًا" اهـ
(3)
.
(1)
شهادة القرآن للقادياني ط/ 6 مطبعة البنجاب الباكستان ص: 3.
(2)
كتاب تحفة شهزاده ويلز لبشير الدين محمود أحمد القادياني نقلا عن ما هي القاديانية؟ لأبي الأعلى المودودي دار القلم كويت 1401 هـ - 1981 م ص: 14 (ومعلوم أن ولي العهد للتاج البيطاني يلقب بأمير ويلز (prince of wales).
(3)
ينظر كتاب الأربعين لغلام أحمد القادياني ط/ 2 - 1920 م ص: 19.
وأما السنة النبوية التي حسدها المستشرقون في بقائها بكل ثبوت عند المسلمين، وخافوا من عودة المسلمين بالتمسك بها إلى أصل الدين الحنيف، فأنكرها غلام أحمد القدياني بالدعوة إلى اتباع نفسه والتمسك بما اخترع من دين فيقول في ذلك:
"فكلما ذكرت مرارًا أن هذا الكلام الذي أتلوه وهو كلام الله بطريق القطع واليقين كالقرآن والتوراة، وأنا نبي ظلي
(1)
، وبروزي
(2)
. من أنبياء الله، وطاعتي واجبة على كل مسلم في الأمور الدينية وكما يجب على كل مسلم أن يؤمن بأني المسيح الموعود، وكل من بلغته دعوتي فلم يحكِّمني، ولم يؤمن بأني المسيح الموعود، ولم يؤمن بأن الوحي الذي ينزل عليّ من الله، هو مسئول يوم القيامة ومحاسب في السماء وإن كان مسلمًا، لأنه قد رفض الأمر الذي قد وجب عليه في وقته، إنني لا أقتصر على قولى:"أنني لو كنت كاذبًا لهلكت"، بل أضيف إلى ذلك أنني صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله لتصديقي آيات سماوية تربو على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن، وشهد لي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد عين الأنبياء زمان بعثتي، وذلك هو عصرنا هذا، والقرآن يعيّن عصري، وقد شهدت لي السماء والأرض، وما من نبي إلا وقد شهد لي" اهـ
(3)
.
وإن كانت هذه الدعوى حرب على الكتاب والسنة بل على جميع الكتب السماوية إلا أنه قد يعترف أحيانًا بأن القرآن كلام الله وهو يتبعه، ولكن السنة النبوية لم يشر قط في كتاب من كتبه أنه يعمل بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة أو يتبع منهج الصحابة في ذلك.
(1)
معناه عند الميرزا: "أنا مرآة انعكست فيها الصورة المحمدية والنبوة المحمدية بتمامها"(نزول المسيح ص: 3).
(2)
ومعناه عند الميرزا: "انعكست الكمالات المحمدية كلها من النبوة المحمدية في لون البروز في مرآة ظلي"(ايك غلطي كا إزالة).
(3)
تحفة الندوة لغلام أحمد القادياني مطبع ضياء الإسلام، قاديان ط/ 1902 م ص:4.
يقول الشيخ عبد الله السامرَّائي: "لقد جرّب المستعمرون وسائل كثيرة في محاربة الإسلام عن طريق القوة، وعن طريق الإفساد الحضاري بواسطة الإغراء بالمال والسلطان وعن طريق الإكراه والاضطهاد فلم يحصد من ذلك إلا الكراهية والعناد والإصرار على المقاومة، فأدركوا أن خير وسيلة لمحاربة الإسلام وإضعافه في محاربته من الداخل عن طريق قيام حركة دينية تتحدث باسم الإسلام، وتدين بمبادئه، وترفع شعاراته، وتدخل في حوار مع واحد من أسسه، وتتحرك عبره في سبيل تفجيره من الداخل فالانتقال منه إلى إشعال الحريق في المبادئ الأخرى، ولما كانت مبادئ الإسلام متكاملة متفاعلة مع بعضها فإن الدخول إلى محاربتها يكون قويا عند اختراق مبدأ النبوة الذي هو الأساس المتين للعقيدة الإسلامية، وإن ركوب موجة النبوة يصلح أن يكون مدخلًا لهدم الإسلام من الداخل والهجوم على بقية مبادئه" اهـ
(1)
.
وقد جاء في وثيقة بريطانية باسم " The arrival of British Empire in India" - وتؤيده القرائن الخارجية- أن إنكلترا أرسلت وفدا من المفكرين (المستشرقين) البريطانيين والزعماء النصارى في سنة 1869 م إلى الهند لدراسة الوسائل والطرق التي يمكن أن تتخذ لتسخير المسلمين وحملهم على طاعة السلطة البريطانية، فلما رجع الوفد قدّم تقريرين وذلك سنة 1870 م وذكر فيهما: أن أكثر المسلمين في الهند يتبعون زعماء هم الدينيين اتباعا أعمى، فلو وجدنا شخصا يدعي أنه نبي حواري لاجتمع حوله كثير من الناس، ولكن ترقيب شخص كهذا أمر في غاية الصعوبة، فإن حلت هذه المسألة، فمن الممكن أن ترعى نبوة هذا الشخص بأحسن وجه تحت إشراف الحكومة، والآن -ونحن مسيطرون على سائر الهند- نحتاج إلى
(1)
القاديانية والاستعمار الإنكليزي لعبد الله السامرائي ص: 39.
مثل هذا العمل لإثارة الفتن بين الشعب الهندي وجمهور المسلمين وإضرابهم الداخلي
(1)
.
فاختاروا لهذا الغرض رجلًا مناسبًا وأعدوه إعدادًا كاملًا فوقع الاختيار على الميرزا غلام أحمد القادياني حسب الخطة المرسومة من قبل الدوائر الاستعمارية، وكأن الخطة كانت متكاملة وشاملة للخطوط العريضة التالية:
1 -
أن يكون المرشح لتولي أمر الدعوى واحدًا من العوائل المشهورة بعمالتها للإنجليز والمعروفة تاريخيًا وعمليًا بولائها وخدماتها لهم.
2 -
أن يكون رجل الدعوى مسلمًا وممن اشتهر في الدفاع عن الإسلام، وعمل في حقل مقاومة خصومه وساهم فكريًا في الدفاع عنه، وله قدرة على الكتابة والخطابة، والانتقال من موقع فكري إلى آخر وفقًا لظروف وتطور الأحوال.
3 -
أن يمر المرشح في معارك ثقافية صاخبة، وأن يكون مستعدًا للدخول في "مختبر تجارب"، وينتقل عبره من حالة إلى أخرى ويلبس لكل حالة لَبُوسَها فيكون مرة رجل دينٍ مجددا وأخرى ملهما، وثالثة متصوفا حتى يصل إلى أعلى الدرجات.
4 -
أن يختبر هذا المرشح في إخلاصه وولائه للمستعمرين الإنجليز، وفي استعداده لتبني بدعة منافية للإسلام، لأنه يظل أمينًا على مهمته حتى آخر الشوط.
5 -
أن تكون فيه مواصفات الزعامة الدينية، ولديه مقوِّمات القيادة الفكرية والاجتماعية بحيث يكون قادرًا على زعامة دعوة تقف بمستوى العقيدة الإسلامية.
هذه الشروط والملامح كانت موجودة في شخصية الميرزا غلام أحمد، وإن كانت هناك أمور لم تكن بالدرجة المطلوبة، فإن المستعمرين الإنجليز عملوا على
(1)
عجمي إسرائيل ص: 19 نقلا عن موقف الأمة الإسلامية من القاديانية وثيقة تاريخية ضد القاديانية اتفق على قبولها أعضاء مجلس الأمة في باكستان وبضوئها أصدر مجلس الأمة الباكستاني قرارا باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة، نشرته جمعية تحفظ ختم النبوة المركزية بباكستان.