الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعطلة عامة في باب الاستواء بقوله: "لم يستو عليه (العرش) الرب، ولن يستوي أبدًا بل لا يمكن أن يستوي عليه" اهـ
(1)
.
إذن الشبهة في العبارات السابقة واضحة وهي تنقسم إلى نقطتين:
أولا: إنكار حقيقة العرش العظيم.
ثانيا: إنكار حقيقة استواء رب العرش العظيم على عرشه.
تفنيد الشبهة:
الشبهة الأولى: إنكار حقيقة العرش العظيم:
ويكون الرد على هذه الدعوى من وجوه:
أولا: بإنكاره حقيقة العرش اضطر إلى إنكار جملة من الصفات الثابتة لله عز وجل: قبضة الله ويمينه واستواؤه وخلقه السموات والأرض في ستة أيام، كما اضطر إلى إنكار جملة من الغيبيات: ملائكته ونفخة الصور ومقاليد السموات وكون العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض، بل أنكر الغيبيات كلها
(2)
، وهذا الضلال المبين يكفيه ردا وتفينيدا لشبهته.
ثانيا: في إنكاره لحقيقة العرش حمل الكلام على المجاز رغم كونه يحتمل على الحقيقة، واعتمد في ذلك على منهج الزمخشري في تفسيره "الكشاف" فقد رد عليه غير واحد من المفسرين، فقال الرازي تعليقًا على قول الزمخشري، : "ولا نرى بابًا في علم البيان أدقّ ولا ألطف من هذا الباب فيقال له (للزمخشري) هل تسلم أن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة وأنه إنما يعدل عن الحقيقة إلى المجاز عند قيام الدلالة على أن حمله على حقيقته ممتنع، فحينئذ يجب حمله على المجاز، فإن هذا الأصل فحينئذ يخرج القرآن بالكلية عن أن يكون حجة، فإن لكل أحد أن يقول المقصود من الآية
(1)
تفسير القرآن لسيد أحمد خان 3/ 128.
(2)
وسيأتي الكلام عن الغيبيات في الفصل الخاص بالغيبيات إن شاء الله.
الفلانية كذا وكذا، وأنا أحمل الآية على ذلك المقصود ولا ألتفت إلى الظواهر، مثاله: من تمسك بالآيات الواردة من ثواب أهل الجنة وعقاب أهل النار، فالمقصود بيان سعادة المطيعين، وشقاوة المذنبين، وأنا أحمل هذه الآيات على هذا المقصود، ولا أثبت الأكل والشرب ولا سائر الأحوال الجسمانية" اهـ
(1)
.
وهذا الذي حصل من السيد فقد أنكر حقيقة الجنة وحقيقة النار.
ثالثا: أوَّل السيد العرش إلى المُلكِ والسلطة وأوَّل الحمل إلى الحمل المعنوي وأوَّل الملائكة إلى المؤمنين من الإنس فكأنه يريد أن يقول: إن الملك والسلطة لا يكون بيد الله يوم القيامة إنما يتحمله الإنسان وهو من أخص الأوقات، فأين هذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"يقبض الله الأرض، ويطوي السماوات بيمينه تم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض" اهـ؟
(2)
.
رابعا: قال السيد: "ما فائدة هذا العرش الذي لم يستو عليه الرب .... ؟ وقد أثار هذه الشبهة اعتمادا على قول الأشاعرة المعطلة لحقيقة الاستواء وهذا يخالف ما كان عليه السلف وأئمتهم من أهل السنة والجماعة.
فنحن نؤمن كما آمن أئمة السلف بأن العرش ثابت على حقيقته والرب مستو عليه كما يليق بجلاله، ثم نسأل السيد ما فائدة لفظة "العرش" التي ذكرت في القرآن إحدى وعشرين مرة، وفي السنة أكثر من وخمسين مرة إذا لم تدل على معناها الحقيقي؟ ، وإذا كان المقصود به الملك والسلطة لماذا عدل من هذا اللفظ الصريح الظاهر إلى لفظ "العرش" الغامض؟ أليس هذا اتهام على كلام الله بأنه غير فصيح.
(1)
التفسير الكبير (مفاتيح الغيب): لفخر الدين الرازي دار الكتب العلمية بيروت ط /1، 1411 هـ: 27/ 14.
(2)
صحيح البخاري مع الفتح: 8/ 551 (4812).