الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشعور الساذج، وهو لمعان للشعور الذاتي، ومن هنا استيقظ الإنسان، وشعر بأنه سبب وعلة، ويمكن له الخلق" اهـ
(1)
.
تحليل العبارة وتعيين الشبهة
تتحدث العبارات السابقة عن شخصية آدم بأنه خيال لا حقيقة له، وأريد بآدم في الآيات القرآنية جنس البشر ولا غير، وقد صرح السيد بهذا الرأي وفصله في مواضع كثيرة، فذكر قصة آدم وقال: "إن في هذه القصة أربعة فرقاء:
الفريق الأول: الله عز وجل.
الفريق الثاني: الملائكة، المراد بها القوى الملكوتية.
الفريق الثالث: إبليس أو الشيطان، المراد به القوى البهيمية.
الفريق الرابع: آدم، المراد به الإنسان الذي هو مجموعة القوى البشرية رجالا ونساء.
فالمقصود من القصة هو حكاية عن فطرة الإنسان بلسانه الحالي، وليس بلسانه القولي" اهـ
(2)
.
وبالجملة أراد السيد أن ينكر حقيقة آدم التي أجمعت عليها الشرائع السماوية كما أنكر حقيقة الملائكة والجن الشياطين، ولكنه لم يتمكن من ذلك كما سنرى في الصفحات القادمة.
وأما إقبال فدرس القصة دراسة مقارنة بين التناخ (العهد القديم) والقرآن الكريم، وأنكر جميع الروايات الإسرائيلية حول هذه القصة، ولكنه وقع في تأويلات بعيدة وهو يردّ على الرواية الإسرائيلية، فوصل إلى النتيجة نفسها التي وصل إليها السيد فأنكر حقيقة آدم وأنكر أن يكون هو أبا البشر ومن ثم أنكر دخوله الجنة
(1)
ينظر تشكيل جديد لإقبال ص: 124 - 128.
(2)
تفسير القرآن للسيد: 1/ 55، وينظر مقالات السير سيد لمرتبه مولانا محمد إسماعيل الباني بتي، مجلس ترقي أدب لاهور ط/2، 1984 م ص: 216 - 234.
وهبوطه منها، ثم بدأ يؤول الآيات الواردة في هذا المعنى بقوله: إن المراد بآدم جنس البشر والمراد بالهبوط الهبوط المعنوي الخلقي، وغير ذلك من التأويلات.
السؤال هنا: ماذا يريد السيد وإقبال بهذا الإصرار على إنكار الحقيقة الثابتة بالكتاب والسنة، أليس هذا هو تأثر بالمنهج الغربي وانبهار وانهزام أما النظرية الداروينية
(1)
التي تقول: "بدأت الحياة الأولى للإنسان والحيوان والنبات على هذه الأرض بجرثومة أو جراثيم حية، فتطورت من حال إلى حال تحت تأثير عوامل طبيعية حتى وصلت إلى هذه التنوعات التي نراها، وعلى رأسها الإنسان" اهـ
(2)
.
ونحن لا نتهم إقبالًا بأنه رفض النظرية الإسلامية في أصل الإنسان وقبل نظرية الداروينية في أصل البشر، بل إنه كان ممن تصدى بالرد على النظرية الداروينية، ولكنه انجرح بالأسلحة التي استخدمه للرد على الأعداء، فتأثر بهم، وأعطى الضوء الأخضر لمن يريد أن يدخل نظرية داروين وغيرها في أذهان المسلمين، وبين أن القرآن لا يعارض هذا ولا يخالفه بل أيد تلك النظرية من حيث لا يشعر فأثبت نظرية التطور البشري بأنه نشأ أول ما نشأ ساذجا سذاجة لا يبلغ بها تناول الشؤون الرفيعة والمعاني العالية من التمدن والثقافة.
(1)
هي نظرية ظهرت سنة 1859 م حاملة اسم مؤسسها شارل داروين، والتي تقول: إن الأرض كانت قطعة من الشمس كان ذلك قبل أكثر من 5000 مليون سنة ثم انفصلت عنها فكانت كرة نارية ملتهبة تدور في الفضاء، ويغلفها غازات ساخنة، ولم تكن الأرض في هذه الحالة صالحة لأيّ نوع من الحياة ثم أخذت هذه الكرة تبرد تدريجا، وتنصهر بعد انفصالها على هيئة غاز،
…
كما انفجر من باطن الأرض ينابيع عظيمة من المياه كونت البحار والمحيطات الأولى .... وكما تدعي هذه النظرية بأن أصل الإنسان كان جرثومة، فتطورت وصارت قردا، ثم تطور القرد فأصبح إنسانا (ينظر نظرية التطور بين العلم والدين لعلي أحمد الشحات مؤسسة الخانجي القاهرة ص: 101).
(2)
ينظر شبهات وردود حول العقيدة الربانية وأصل الإنسان لعبد الله علوان من سلسلة بحوث إسلامية هامة دار السلام، بيروت ط/ 3، 1398 هـ ص:80.