الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات ليجعلوها مطابقة وموافقة لما ذهبوا إليه بدون تحقيق وتفحيص، والحقيقة أن عيسى عليه السلام لم يرجمه اليهود بالحجارة، وما قتلوه على الصليب، إنما توفي وفاة طبيعية، ورفع الله درجته ومنزلته" اهـ
(1)
.
وقال ميرزا غلام أحمد القادياني: " {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} المراد بالرفع الموت بكل احترام كما قيل في إدريس عليه السلام: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}
(2)
"
(3)
.
واستدل على ما ذهب إليه فقال: "قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}
(4)
وردت في الآية كلمة "فَان" بدلا من كلمة "يفنى" للدلالة على أن الفناء متواصل ومتسلسل مع كل مخلوق، ولكن هذا المولوي
(5)
يظن أن مسيح بن مريم الذي خلق بالتراب، قد استثني من هذا القانون الفطري الطبيعي.
وقال تعالى: " {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
…
} إذا طال العمر يذهب العقل ويزول الإدراك، فالمسيح إذا بقي إلى هذا اليوم فلا بد من أن يكون قد ذهب عقله، فتبين من هذا أنه مات ووافته المنية." اهـ
(6)
.
تحليل العبارة وتعيين الشبهة:
العبارات السابقة تبين أن السيد قد أنكر رفع عيسى حيا إلى السماء، وتحمس لهذا الإنكار، واستدل بآيات عديدة، وحاول بمنهج التأويل البعيد بأن يحرف الآيات في صالحه، واستهدف من ورائه إنكار كل حادث حدث خلافا للعادة، فمنها رفع عيسى حيا إلى السماء.
(1)
تفسير القرآن للسيد: 2/ 44 - 45.
(2)
سورة مريم: 57.
(3)
براهين أحمدية لغلام أحمد القادياني ص: 599.
(4)
سورة الرحمن: 26، 27.
(5)
يقصد به الشيخ ثناء الله الأمرتسري الذي ردّ على شبهاته ردّا قويا.
(6)
براهين أحمدية للقاديني: 610.
وأما غلام أحمد القادياني فقد استدل إلى ما ذهب إليه من موت عيسى وعدم رفعه إلى السماء بثلاثين آية من القرآن الكريم، واستهدف من ورائه الادعاء بأنه هو المسيح الموعود، وجعل المسيح مسيحين: مسيح بني إسرائيل ومسيح ابن مريم، فمسيح بني إسرائيل في زعمه هو الذي ولد من مريم ليوسف النجار الذي جاء وصفه في الحديث:"فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر" اهـ
(1)
. فمات ودفن وانضم مع صف الأنبياء الذين خلت من قبله ولن يعود أبدا.
وأما مسيح بن مريم فهو القادياني نفسه حسب زعمه، وهو المسيح الموعود الذي جاء وصفه في الحديث: بأنه "رجل آدم كأحسن ما يرى من آدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه رَجِل الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت، فقلت من هذا الرَجِل الشعر؟ فقالوا هذا المسيح ابن مريم" اهـ
(2)
.
وهكذا قد حرف القادياني جميع النصوص التي فيها ذكر المسيح حتى تكون في صالحه فجعل الرفع رفع درجات والنزول بمعنى البعثة.
(3)
.
ثم عقد المقارنة بين المسيحين، وجعل نفسه أفضل من مسيح بني إسرائيل، وأطال لسانه على رسول من رسل الله، ونال من شأنه ورماه بالزنا والسرقة والكذب والدجل ..... وغيرها من المنكرات التي يطول ذكرها، ولنا معه وقفات في المبحث الخاص بالقاديانية.
بعد أن عرف السيد والقادياني أن مذهب أهل السنة والجماعة هو الاعتقاد بأن عيسى عليه السلام قد رفع إلى السماء حيا جسدا وروحا اختارا مذهب إنكار الرفع لغرض في أنفسهما: فالسيد اختار هذا المذهب لهدف هو: أن لا يتعارض مع
(1)
صحيح البخاري مع الفتح: 6/ 477 (3438).
(2)
المصدر السابق: 6/ 477 (3440).
(3)
ينظر وفاة مسيح ونزول مسيح لمحمد علي اللاهوري القادياني: أحمدية أنجمن إشاعت اسلام الهند ص: 90 - 91.