الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: المعجزات
1 - تعريف المعجزة:
المعجزة في اللغة: يقال: "أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه
…
والتعجيز النسبة إلى المعجز، وقد عجزه، ويقال: عجّز فلان رأي فلان إذا نسبه إلى قلة الحزم كأنه نسبه إلى العجز. ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم ما أعجز به الخصم عند التحدي والهاء للمبالغة والجمع معجزات" اهـ
(1)
.
المعجزة اصطلاحا: قال الفخر الرازي: "المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة" اهـ
(2)
.
وقال ابن حمدان الحنبلي: " (المعجزة) مخرق العادة من قول أو فعل إذا وافق دعوى الرسالة وقارنها وطبقها على جهة التحدي ابتداء بحيث لا يقدر أحد على مثلها ولا على ما يقاربها" اهـ
(3)
.
وقال ابن حزم وهو يذكر الفرق بين المعجزة وحيل أرباب العجائب من السحرة وغيرهم: "أما التخييل بنوع من الخديعة كسكين مثقوبة النصاب تدخل فيها السكين ويظن من رآها أنها دخلت في جسد المضروب بها، في حيل غير هذه من حيل أرباب العجائب كالحلاج
(4)
وأشباهه، فأمر يقدر عليه من تعلمه، وتعلمه ممكن
(1)
تاج العروس للزبيدي: 4/ 52 مادة "ع ج ز".
(2)
لوامع الأنوار البهية للرازي طبعة حكومة قطر: 2/ 289 - 290.
(3)
المرجع السابق: 2/ 290.
(4)
الحلاج (309 هـ / 922) م: هو الحسين بن منصور الحلاج أبو مغيث فيلسوف، يُعد تارة في كبار المتعبدين والزهاد، وتارة في زمرة الملحدين، أصله من بيضاء فارس، ونشأ بوسط العراق أو بتستر وانتقل إلي البصرة وحج ودخل بغداد وعاد إلي تستر وظهر أمره سنة 299 هـ فاتبع الناس طريقته في التوحيد والإيمان قالوا: إنه كان يأكل يسيرا ويصلي كثيرا يصوم الدهر، وأنه كان يظهر مذهب الشيعة للملوك العباسيين ومذهب الصوفية للعامة، وله تصانيف في ذلك يدعي حلول الإلهية =
لكل من أراده، فالذي يأتي به الأنبياء عليهم السلام هو إحالة الذاتيات، ومن ذلك صرف الحواس عن طبائعها كمن أراك ما لا يراه غيرك أو مسح يده على مريض فأفاقه، أو سقاه ما يضرّ علته فبرئ، أو أخبر عن الغيوب في الجزئيات عن غير تعديل ولا فكرة، فهذه كلها إحالة الذاتيات وما ثبت إذ ثباتها لا يكون إلّا لنبي" اهـ
(1)
.
والآيات والمعجزات التي آتاها الله الأنبياء والرسل تندرج تحت ثلاثة أمور: العلم والقدرة والغنى.
فالأخبار بالمغيبات الماضية والآتية، كإخبار عيسى قومه بما يأكلونه وما يدخرونه في بيوتهم، وإخبار رسولنا صلى الله عليه بأخبار الأمم السابقة، وإخباره بالفتن وأشراط الساعة التي ستأتي في المستقبل كذلك من باب العلم.
وتحويل العصى أفعى، وإبراء الأكمه والأبرص، وإخبار الموتى، وشق القمر وما أشبه هذا، من باب القدرة عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الناس، وحمايته له ممن أراد به سوءا، ومواصلته للصيام مع عدم تأثير ذلك على حيويته ونشاطه من الغنى
(2)
.
"ويعطي الله بعض عباده أمورا خارجة للعادة إكراما لهم لصلاحهم وقوة إيمانهم، وقد يكون ذلك سدّا لحاجتهم، كالحاجة للطعام والشراب والأمن وقد يعطيهم ذلك لنصرة دينه ورفعة كلمته إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، فمن ذلك إعطاء مريم فاكهة في غير موسمها" اهـ
(3)
.
= فيه (الأعلام للزركلي: 2/ 285). ووضع المستشرق غولدتسيهر رسالة في الحلاج وأخباره وتعاليمه، وكذلك صنف المستشرق لويس مسينيون كتابا في الحلاج وطريقته ومذهبه.
(1)
الفصل في الملل لابن حزم: 1/ 146.
(2)
مجموع الفتاوى لابن تيمية: 11/ 312 - 313.
(3)
الرسل والرسالات للأشقر: دار النفائس أردن ط /6 - 1415 هـ / 1995 م ص: 155.