الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذه النسبة ويفتخر ويقول: "لقد أقرّت الحكومة بأن أسرتي في مقدمة الأسر التي يختص في الهند بالنصح والإخلاص للحكومة الإنكليزية، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدي وأسرتي كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها، اعترف بذلك الموظفون الإنكليز الكبار" اها هـ
(1)
.
وفي هذا البيت عاش الميرزا غلام أحمد، فكان يرى أباه يجهز قوة وينضم بها إلى صفوف الإنكليز، ويرى أخاه غلام قادر يقاتل إلى جانبهم، وكان عمره آنذاك سبعة عشر عامًا، وكان يشاهد دار أبيه سرحًا للقادة العسكريين الإنكليز، وهم يخططون الخطط ويرسمون الوسائل للقضاء على الصحوة الإسلامية وقتل رجالها، وقد اعترف الميرزا في أكثر من مرة بهذه المشاركة مع الإنكليز
(2)
. إذ يقول: "إننا لم نقصر في إراقة دمائنا والتضحية بأنفسنا في سبيل حكم الإنكليز" اهـ
(3)
.
طفولته ودراسته:
بعد أن بلغ الميرز غلام سن الشعور بدأ يتعلم، وكانت الدراسة كلها -وهو صغير- في داره، ومن الأساتذة الذين درس عليهم القادياني هم: فضل إلهي، وفضل أحمد، وغل علي شاه. ومن العلوم التي درسها هي: النحو، والصرف، والمنطق، وبعض العلوم الدينية والأدبية، وهو يتحدث عن مستوى علمه فيقول: "ولما ترعرعت ودخلت في طور الشباب قرأت قليلا من الفارسية ونبذة من رسائل الصرف والنحو وغيرها من العلوم، وشيئًا يسيرًا من كتب الطب، وكان أبي عرافًا حاذقًا وكانت له يد طولي في هذا الفن، فعلمني من بعض كتب هذه الصناعة، وأطال القول في
(1)
كتاب البرية للميرزا غلام ص: 3 - 4.
(2)
القاديانية والاستعمار الإنكليز لعبد الله السامرائي: من منشورات وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية 1981 م ص:22.
(3)
تبليغ رسالت لغلام القادياني: فاروق بريس، قاديان 1922 م، 7/ 24.
الترغيب لكسب الكمال فيها .... وكذلك لم يتفق لي التوغل في علم الحديث والأصول والفقه إلا كطل من الوابل" اهـ
(1)
.
وذكر ابنه بشير أحمد أن أباه غلام أحمد القادياني درس بعض الكتب الإنكليزية، فقال:"وفي أثناء قيامه في سيالكوت فتحت مدرسة ليلية الإنكليزية لموظفي الحكومة .... بدأ حضرته (الغلام القادياني) يدرس الإنكليزية في هذه المدرسة، وقرأ كتابًا أو كتابين هناك" اهـ
(2)
.
هذا جُلّ ما تعلمه القادياني أيام دراسته، ولقد فاتته أهم العلوم وأجلها مثل القرآن وتفسيره والحديث وعلومه والفقه وأصوله، لعله لم يردها أو أرادها ولكن قد عاقته دون تعلمها كثرة الأمراض التي كان يعانيها منذ صغره، من الأمراض التي قد أصيب بها الميرزا ما يلي: الكسور في يده اليمنى، ومرض الدق والسل، ومرض الدُوار، ومرض عصبي وسوء الذاكرة، ومرض الماليخوليا (المراق) بسبب ضعف في الدماغ، وكان ضعيف العينين لم يكد يفتحهما وأخطر مرض أصيب به القادياني مرض "هستيريا"
(3)
. نسأل الله السلامة والعافية من كل شر.
وتوظف الميرزا القادياني في محاكم المديرية في مدينة سيالكوت بمرتب يساوي خمس عشرة روبية
(4)
. وبقي على ذلك أربع سنوات من عام 1864 م إلى عام
(1)
التبليغ إلى مشايخ الهند للغلام أحمد القادياني ص: 59، نقلًا عن القاديانية دراسات وتحليل لإحسان إلهي ص:127.
(2)
سيرة المهدي لبشير أحمد: ط/ 2 - 1935 م ص: 137.
(3)
ينظر سيرة المهدي لغلام بشير أحمد 1/ 198، وحياة أحمد ليعقوب القادياني 1/ 79، وحقيقة الوحي للغلام أحمد القادياني ص: 206، ومكتوبات أحمدية 5/ 3 - 2، ومجلة القاديانية ريوو آف ريليجز الصادرة 31 أكتوبر 1901 م، وسيرة المهدي لغلام بشير أحمد 2/ 55 - 77، والقادياني والقاديانية للندوي ص:23.
(4)
ينظر كتاب تحفه شهزاده ويلز (هدية إلى ولي العهد سمو أمير ويلز) للبشير الدين محمود ط/ 2، 1922 م ص:34.
1868 م، وبعد أن درس الإنكليزية توظف في الحقوق إلى أن ترك هذه الوظيفة سنة 1868 م، ثم شارك والده في المحاكمات والقضايا التي كان مشغولًا بها
(1)
.
هذا وقد قضى معظم حياته في مساندة الحكومة ومؤازرتها، فيقول الميرزا القادياني نفسه عن نفسه:"لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنكليزية ومؤازرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر الإنكليز من الكتب والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة، وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وكابل والروم" اهـ
(2)
.
لقد كان العصر الذي عاش فيه الميرزا غلام عصر المناظرات بين الأديان والفرق، وقد نشط المستشرقون النصارى ورجال الكنيسة في نشر ديانتهم، والدعوة إليها، والرد على الدين الإسلامي، فقد هيأ الميرزا القادياني نفسه للدخول في هذه المعركة التي تكسبه الصيت البعيد، وبدأ يؤلف كتابًا كبيرًا في إثبات فضل الإسلام والرد على النصرانية، وغيرها من الأديان السائدة في الهند كالآرية والبرهمية، وسماه براهين أحمدية.
وبدأ تأليف هذا الكتاب عام 1879 م، وكاتب بعض العلماء والباحثين ليرسلوا إليه أفكارهم ومقالاتهم لكي يستعين بها في تأليفه، ومن هؤلاء العلماء الذين راسلهم القادياني السيد جراغ علي، فجاء الكتاب في أربعة أجزاء،
(3)
. وفي صفحة 562 أصدر المؤلف إعلانًا بالإنكليزية والأردية تحدى فيه وادعى لأول مرة أنه مأمور من الله لإقامة حجة الإسلام، ومهيأٌ لإقناع حميع الناس، فقال:"لقد كلفني الله إصلاح الخلق بكل مسكنة وتواضع وفقر وتذلل على طريق النبي الناصري الإسرائيلي (المسيح)، وقد ألفت لهذا الغرض كتاب "براهين أحمدية"، فقد جمعت فيه 37 مَلْزَمةً،
(1)
سيرة المهدي لغلام بشير أحمد 1/ 156.
(2)
ينظر ملحق بكتاب شهادة القرآن ط/ 6 ص: 10.
(3)
ينظر سيرة المهدي لغلام بشير علي 2/ 151.