المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: الاستياك بعد الزوال.

المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب.

المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة.

ص: 279

المسألة الأولى: الاستياك (1) بعد الزوال (2).

اختيار الشيخ: اختار جواز الاستياك بعد الزوال، فقال:"والحديث يدل بعمومه على جواز الاستياك للصائم مطلقا، سواء كان الاستياك بالسواك الرطب أو اليابس. وسواء كان صائما فرضا أو تطوعا، وسواء كان في أول النهار أو في آخره"(3).

ثم ختم مرجحا فقال: "وقد ظهر بما ذكرنا أن القول الراجح المعول عليه هو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومن وافقه"(4).

تحرير محل الخلاف: اتفق أهل العلم أن السواك مرغب فيه (5)، وذلك لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (6). واتفقوا أن السواك اليابس لا بأس به للصائم أول النهار (7). واختلفوا في السواك للصائم آخر النهار على قولين:

القول الأول: لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره.

وبه قال: الحنفية (8) ، والمالكية (9) ، والحنابلة في رواية (10). والظاهرية (11)، وهو اختيار الشيخ.

(1) السِّواك، والمسواك: ما تدلك به الأسنان من العيدان. ويتخذ عوده غالبا من شجر الأراك. ينظر: المصباح المنير 1/ 297، النهاية في غريب الحديث 2/ 425، جمهرة اللغة 2/ 857.

(2)

زال: بمعنى تحرك، أو تنحى عن موضعه، والزوال هُوَ تنحي الشَّمْس عَن وسط السَّمَاء الى جهة الْمغرب، فَيُقَال عند تنحيها زَالَت ومالت. ينظر: تهذيب اللغة 13/ 172، غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 177، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 2/ 1293.

(3)

مرعاة المفاتيح 6/ 517. يعني حديث عامر بن ربيعة ص 282.

(4)

مرعاة المفاتيح 6/ 520 - 521.

(5)

ينظر: شرح مختصر الطحاوي 1/ 301، مواهب الجليل 1/ 264، المجموع 1/ 267، المغني 1/ 71.

(6)

رواه البخاري 1/ 303 رقم 847، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، ومسلم 1/ 220 رقم 252، في الطهارة، باب السواك، واللفظ له.

(7)

بدائع الصنائع 2/ 106، شرح الموطأ للزرقاني 2/ 299، المجموع 1/ 275، المغني 3/ 126.

(8)

المبسوط 3/ 99، بدائع الصنائع 1/ 106، تحفة الملوك ص 145، تبيين الحقائق 1/ 332.

(9)

المدونة 1/ 271 - 272، التلقين 1/ 74، الكافي 1/ 352، التاج والإكليل 3/ 350.

(10)

الكافي 1/ 53، الهداية ص 160، الإنصاف 1/ 118.

(11)

المحلى 4/ 336.

ص: 280

القول الثاني: لا بأس بالسواك أول النهار ويكره آخره.

وبه قال: الشافعية (1) ، والحنابلة في المذهب (2).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم- هو اختلافهم في فهم حديث الخُلوف (3) الذي سيأتي -إن شاء الله- في أدلة القول الثاني (4).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خير خِصَال (5) الصائم السواك» (6).

وجه الاستدلال: دل الحديث على أن السواك من خير آداب الصائم، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين ما قبل الزوال وما بعده، فيبقى على عمومه (7).

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تسوك وهو صائم» (8).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (9).

(1) الأم 2/ 111، الحاوي 3/ 466، المجموع 6/ 377، تحفة المحتاج 1/ 222.

(2)

الهداية ص 160، الكافي 1/ 53، الفروع 1/ 145، الإنصاف 1/ 118.

(3)

الخُلوف: -بالضم هو الأفصح وقيل يجوز بالفتح- تغير ريح الفم. ينظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 143، وتاج العروس 23 - 266.

(4)

سيأتي تخريجه صفحة (284).

(5)

الخِصَال: جمع خَصْلة، وقوله:«من خير خصال» : أي آداب صومه. ينظر: شمس العلوم 3/ 1818، والتنوير شرح الجامع الصغير 9/ 591.

(6)

رواه ابن ماجه 1/ 536 رقم 1677، في الصيام، باب ما جاء في السواك والكحل للصائم، والدارقطني في السنن 3/ 191 رقم 2371. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم 5299.

(7)

ينظر: نيل الأوطار 1/ 140.

(8)

رواه الضياء في المختارة 11/ 229 رقم 225، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة 3/ 104:"رواه أحمد بن منيع ورجاله ثقات".

(9)

سبق تخريجه صفحة (280).

ص: 281

وجه الاستدلال: أن الحديث يدل بعمومه على استحباب السواك للصائم بعد الزوال؛ لأن الصلاتين الواقعتين بعد الظهر والعصر، داخلتان تحت عموم الصلاة، فلا تتم دعوى الكراهة إلا بدليل يخصص هذا العموم (1).

الدليل الرابع: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مَطْهرة للفم مَرْضاة للرب» (2).

وجه الاستدلال: الحديث يدل على مشروعية السواك؛ لأنه سبب لتطهير الفم، وموجِب لرضا الله على فاعله، وقد جاء لفظ السواك في الحديث مطلقا، ولم يخصه بوقت معين ولا بحالة مخصوصة؛ فدل على مطلق شرعيته (3).

الدليل الخامس: سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك» (4).

وجه الاستدلال: أن السواك مستحب في جميع الأوقات دون تقييد، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل بيته بعد الزوال وهو صائم، ومع ذلك لم يأت نص واحد صحيح عنه صلى الله عليه وسلم يبين كراهته بعد الزوال.

الدليل السادس: عن عامر بن رَبِيعة (5) رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أُحْصي يتسوك وهو صائم» (6).

(1) ينظر: نيل الأوطار 1/ 136، وشرح الموطأ للزرقاني 2/ 300، وفتح القدير لابن الهمام 2/ 348، والتوضيح لابن الملقن 13/ 238.

(2)

أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم 3/ 31، كتاب الصيام، باب السواك الرطب واليابس للصائم، ووصله: أحمد 40/ 240 رقم 24203، والنسائي 1/ 10 رقم 5، كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، وصححه الألباني في الإرواء 1/ 105 رقم 66.

(3)

ينظر: نيل الأوطار 1/ 133.

(4)

رواه مسلم 1/ 220 رقم 253، كتاب الطهارة، باب السواك.

(5)

هو: عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي، أبو عبد الله حليف آل الخطاب، من السابقين، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين، وشهد بدراً وسائر المشاهد، توفي بعد مقتل عثمان بأيام. ينظر: الطبقات الكبرى 3/ 386، معرفة الصحابة 4/ 2049، سير أعلام النبلاء 2/ 333.

(6)

رواه البخاري معلقا بصيغة التمريض 3/ 31، كتاب الصيام، باب سواك الرطب واليابس للصائم، ووصله: أبو داود 2/ 307 رقم 2364، في الصوم، باب السواك للصائم، والترمذي 3/ 95 رقم 725، في الصوم، باب ما جاء في السواك للصائم، وقال:"حديث حسن". وأحمد 24/ 447 رقم 15678، وضعفه الألباني في الإرواء 1/ 107 رقم 68.

ص: 282

وجه الاستدلال: دل الحديث على استحباب السواك للصائم، من غير تقييد بوقت دون وقت (1)؛ فيدخل فيه ما بعد الزوال.

الدليل السابع: عن عبد الرحمن بن غَنْم (2)، قال:«سألت معاذ بن جبل أتسوك وأنا صائم؟ فقال: نعم، قلت: أي النهار؟ قال: أي النهار شئت، إن شئت غُدْوة (3)، وإن شئت عشية، قلت: فإن ناسا يكرهونه عشية، قال: ولم؟ قلت: يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من المسك» ، فقال: سبحان الله! لقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك، حين أمرهم وهو يعلم أنه لابد أن يكون بفي الصائم خلوف، وإن استاك، وما كان بالذي يأمرهم أن يُنْتِنُوا (4) أفواههم عمدا، ما في ذلك من الخير شيء، بل فيه شر» (5).

الدليل الثامن: عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك آخر النهار وهو صائم» (6).

الدليل التاسع: وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: «يستاك أول النهار، وآخره، ولا يبلع ريقه» (7).

(1) ينظر: نيل الأوطار 1/ 139.

(2)

هو: عبد الرحمن بن غَنْم الأشعري الشامي، مختلف في صحبته، من الفقهاء العلماء، روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمر، وعثمان، وغيرهم، وعنه: ابنه محمد، وعطية بن قيس، وصفوان بن سليم، وغيرهم، بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ليفقه أهلها، توفي سنة 78 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 4/ 1867، وسير أعلام النبلاء 4/ 45، وتهذيب التهذيب 6/ 250.

(3)

الغُدْوة: ما بين صلاة الغَداة وطلوع الشمس. ينظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 649.

(4)

النَّتْنُ: الرَّائِحَة الكَرِيهَة، نقيضُ الفَوْحِ. ينظر: لسان العرب 13/ 426.

(5)

رواه الطبراني في المعجم الكبير 20/ 70 رقم 133، وجود إسناده الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 443، وقال محققوا مسند الإمام أحمد 24/ 449:"إسناده محتمل للتحسين". ووافقهم الألباني في الإرواء 1/ 106، ثم تراجع عن ذلك وضعفه في السلسلة الضعيفة 13/ 783 رقم 6349.

(6)

رواه ابن حبان في كتاب المجروحين 1/ 144 رقم 72، وقال:"خبر باطل رفعه، والصحيح من فعل ابن عمر"، وأقره الزيلعي في نصب الراية 2/ 460، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 1/ 578 رقم 578:"باطل".

(7)

رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم 3/ 30، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم، ووصله: ابن أبي شيبة بمعناه 2/ 295 رقم 9157، في الصيام، باب من رخص في السواك للصائم.

ص: 283

الدليل العاشر: ولأن كل معنى لم يُكره أول النهار، لم يُكره آخره كالمضمضة، ولأن أول النهار مساو لآخره في شروط صحة الصوم، فينبغي أن يتساويا أيضا في الكراهة والاستحباب والإباحة (1).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا بأس بالسواك أول النهار ويكره آخره.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«والذي نفسي بيده لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك» (2).

وجه الاستدلال: أن السواك يُزيل الخُلوف الذي هذه صفته وفضيلته، وإن كان في السواك فضل، لكن فضل الخُلوف أعظم (3).

الدليل الثاني: عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإن الصائم إذا يبست شفتاه كان له نور يوم القيامة» (4).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لك السواك إلى العصر فإذا صليت العصر فألقه» ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«خُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» (5).

الدليل الرابع: ولأن مناجاة الصائم لربه مع دوام الخُلوف أولى؛ لأن الله مدحه، فيكون الأفضل (6).

(1) ينظر: المعونة للقاضي عبد الوهاب 1/ 474، الإشراف له 1/ 44.

(2)

رواه البخاري 3/ 24 رقم 1894، في الصيام، باب فضل الصوم، ومسلم 2/ 806 رقم 1151، باب فضل الصيام.

(3)

ينظر: طرح التثريب 4/ 100.

(4)

رواه البزار في المسند 6/ 82 رقم 2137، واللفظ له، والدارقطني في السنن 3/ 192 رقم 2372، وعنه البيهقي في الكبرى 4/ 455 رقم 8336، باب من كره السواك بالعشي إذا كان صائما، موقوفا ولم يرفعاه، وضعفه الألباني في الإرواء 1/ 106 رقم 67.

(5)

رواه الدارقطني في السنن 3/ 190 رقم 2370، في الصيام، باب السواك للصائم، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 455 رقم 8338، في الصيام، باب من كره السواك بالعشي إذا كان صائما، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة 13/ 784.

(6)

ينظر: شرح الزرقاني للموطأ 2/ 300.

ص: 284

الدليل الخامس: ولأن الخُلوف أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد (1)(2).

وجه القياس: أنه قد ثبت أن دم الشهيد لا يُزال عنه، فلا يُغسّل ولا يُصلى عليه وهما واجبان في حق غيره من أموات المسلمين؛ وهذا كله من أجل المحافظة عليه، فإذا تُرك من أجل دم الشهيد واجبان، دل على رُجحانه عليهما؛ لكونه مشهودا له بالطيب. فتكون المحافظة على الخُلوف الذي يشاركه في الشهادة له بالطيب أولى بالمحافظة؛ لأنه إنما تُترك من أجله سُنَّةُ السواك (3).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: جواز السواك بعد الزوال للصائم؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولأن الأحاديث جاءت باستحباب السواك على العموم ولم تفرق بين ما كان قبل الزوال وما بعده.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما حديث علي، وأثر أبي هريرة رضي الله عنهما ، فضعيفان لا تقوم بهما الحجة (4).

ثانيا: وأما قولهم: إن السواك يزيل الخُلوف فيجاب عنه:

بأن الخُلوف لا ينقطع ما دامت المعدة خالية، غايته أنه يخف (5).

ثالثا: وأما قولهم: إن مناجاة الصائم لربه مع دوام الخلوف أولى؛ لأن الله مدحه فيكون الأفضل. فيجاب عنه:

أن مدح الخُلوف يدل على فضله لا على أفضليته على غيره؛ وبيانه:

(1) وهو ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((لا يُكلَم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يُكلَم في سبيله، إلّا جاء يوم القيامة وجرحه يَثعُب، اللّون لون دم، والرّيح ريح مسك)). أخرجه البخاري 4/ 18 رقم 2803، كتاب الجهاد والسير، باب من يجرح في سبيل الله عز وجل، ومسلم 3/ 1495 رقم 1876، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله.

(2)

ينظر: المهذب للشيرازي 1/ 33، والمجموع 1/ 276.

(3)

ينظر: المجموع 1/ 280، وطرح التثريب 4/ 100.

(4)

ينظر: نيل الأوطار 1/ 139.

(5)

ينظر: شرح الزرقاني للموطأ 2/ 300، فتح القدير لابن الهمام 2/ 348 - 349.

ص: 285

أن صلاة الوتر أفضل من سنة الفجر، وقد جاء في الحديث:«ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» (1)، وكم من عبادة أُثني عليها مع فضل غيرها عليها، وهذه المسألة من قاعدة: ازدحام المصالح التي يتعذر الجمع بينها (2)، فالسواك شُرِع إجلالا لله حال مناجاته في الصلاة؛ لأن تطهير الفم للمناجاة تعظيم لها، والخُلوف مناف لذلك. فقُدِّم السواك لهذا المعنى (3).

رابعا: وأما قياسهم رائحة الخلوف على رائحة دم الشهيد فيجاب عنه من خمسة أوجه:

الأول: أن الصائم مناج لربه، فنُدِب له تطييب فمه، والشهيد ليس بمناج وهو جيفة أشد من الدم نفسه، فزواله لا يؤثر شيئا بل بقاؤه على الشهيد يوجب مزيد الرحمة له (4).

الثاني: أن دم الشهيد حجة له على خصمه، وسبيل الخصومة الظهور، وليس للصائم خصم يحتج عليه بالخلوف، إنما هو شاهد له بالصيام، وذلك محفوظ عند الله وملائكته (5).

الثالث: أنه ورد النهي عن إزالة دم الشهيد (6)، مع وجوب إزالة الدم، ومع وجوب غسل الميت، فما اغتُفِر ترك هذين الواجبين إلا لتحريم إزالته، فلذلك قيل بتحريمه. ولم يرِد ذلك في السواك، وإنما قيل بالاستنباط (7).

الرابع: أن دم الشهيد حق له، فلا يُزال إلا بإذنه، وقد انقطع ذلك بموته، وقد كان له غسله في حياته. أما الخُلوف فهو حق للصائم، فلا حرج عليه في ترك حقه، وإزالة ما يشهد له بالفضل (8).

(1) أخرجه مسلم 1/ 501 رقم 725، كتاب صلاة المسافرين باب استحباب ركعتي سنة الفجر

(2)

ينظر قاعدة ازدحام المصالح في الفوائد في اختصار المقاصد لسلطان العلماء ص: 51.

(3)

ينظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام لسلطان العلماء 1/ 39، وشرح الزرقاني على الموطأ 2/ 300، ونيل الأوطار 1/ 139.

(4)

ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 300.

(5)

ينظر: طرح التثريب 4/ 101، شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 300.

(6)

رواه البخاري كتاب الجنائز باب الصلاة على الشهيد، رقم 1343، من حديث جابر بن عبد الله.

(7)

ينظر: طرح التثريب 4/ 101.

(8)

ينظر: طرح التثريب 4/ 101، نهاية المحتاج 1/ 183.

ص: 286

الخامس: أنه يحرم إزالة دم الشهيد عنه، فكان القياس أن يحرموا إزالة الخلوف لا كراهته. ولا قائل به منهم.

فإن قيل: فما المقصود من حديث الخُلوف؟ فيجاب:

أن حديث الخُلوف فائدته عظيمة بديعة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما مدح الخلوف نهيا للناس عن تقذر مكالمة الصائمين بسبب الخلوف، لا نهيا للصائمين عن السواك. فعُلِم أنه لم يُرد بالنهي بقاء الرائحة، وإنما أراد نهي الناس عن كراهتها، وهذا التفسير أولى؛ لأن فيه إكرام الصائم، ولا تعرض فيه للسواك (1).

قال العّز ابن عبد السلام (2): "إن السواك نوع من التطهر المشروع لإجلال الرب سبحانه وتعالى؛ لأن مخاطبة العظماء مع طهارة الأفواه تعظيم لا شك فيه، ولأجله شرع السواك، وليس في الخُلوف تعظيم ولا إجلال، فكيف يقال إن فضيلة الخلوف تَرْبو (3) على تعظيم ذي الجلال بتطييب الأفواه؟ "(4).

والله أعلم.

(1) ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 300، وطرح التثريب 4/ 100، وإرشاد الساري 3/ 374.

(2)

هو: أبو القاسم عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن الحسن السُّلَمي، أبو محمد الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، فقيه شافعي مجتهد، أصله من المغرب، خطيب الجامع الأموي، وقاضي القضاة بالديار المصرية، وتوفي بها سنة 660 هـ، من تصانيفه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والفتاوى، والتفسير الكبير. ينظر: طبقات الشافعية 8/ 209، تاريخ الإسلام 14/ 933، الأعلام 4/ 21.

(3)

تربوا: من رَبا يَرْبو، إذا زاد. لسان العرب 14/ 305.

(4)

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/ 39.

ص: 287