المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

وفيه أربعة عشر مطلبا:

المطلب الأول: حكم الحجامة للصائم.

المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم.

المطلب الثالث: حكم المباشرة للصائم.

المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم.

المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم.

المطلب السادس: حكم الاكتحال للصائم.

المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام.

المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم.

المطلب التاسع: حكم من استقاء عمدا وهو صائم.

المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء.

المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر.

المطلب الثاني عشر: حكم صيام من أدركه الفجر وهو جنب من احتلام أو جماع.

المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنفساء إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد الفجر.

المطلب الرابع عشر: هل الغيبة وقول الزور يفسدان الصيام؟ .

ص: 244

المطلب الأول: حكم الحِجامَة (1) للصائم.

اختيار الشيخ: اختار أن الحجامة لا تُفَطِّر ولكن يستحب تركها، فقال:"وحينئذ فيندب تركها (أي الحجامة) كالفَصْد (2) ونحوه؛ تَحرُّزا عن إضعاف البدن"(3).

تحرير محل الخلاف: أجمع العلماء على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع (4)؛ لقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (5).

واتفقوا أن خروج دم الحيض والنِفاس مفسد للصيام (6).

واختلفوا في الحجامة هل تُفطِّر الصائم أم لا؟ ، على قولين:

القول الأول: أن الحجامة لا تُفطِّر الصائم.

وبه قال: الحنفية (7) ، والمالكية (8) ، والشافعية (9)، والظاهرية (10)، وهو اختيار الشيخ.

(1) الحِجامَة: مأخوذة من الحجم وهو المَصّ. والمِحجم، بالكسر: الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة عند المص. ينظر: النهاية 1/ 347، مختار الصحاح ص 67، تاج العروس 31/ 444.

(2)

الفَصْد: من فَصَد يفصِد فَصْدا وفِصادا، وهو شق الوريد وإخراج شيء من دمه بقصد التداوي ينظر: جمهرة اللغة 2/ 656، مختار الصحاح ص 240، معجم لغة الفقهاء ص 346.

(3)

مرعاة المفاتيح 6/ 533.

(4)

ينظر: الإقناع لابن المنذر 1/ 193، الإقناع لابن القطان 1/ 231، مراتب الإجماع ص 39، الاستذكار 3/ 372، بداية المجتهد 2/ 52.

(5)

سورة البقرة: آية: 187.

(6)

ينظر: مراتب الإجماع ص 40، الإقناع في مسائل الإجماع 1/ 230، المبسوط للسرخسي 3/ 152، الاستذكار 3/ 324، شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية 1/ 244 و 432.

(7)

بدائع الصنائع 2/ 107، تحفة الفقهاء 1/ 368، تبيين الحقائق 1/ 322، البناية 4/ 40.

(8)

المدونة 1/ 270، الرسالة ص 60، جامع الأمهات ص 17، مواهب الجليل 2/ 416. وعند المالكية: تكره الحجامة؛ لأن الغالب منها لحوق الضعف. ينظر: المعونة 1/ 474، والقبس 1/ 507.

(9)

الأم 2/ 106، الحاوي 3/ 460 - 461، المجموع 6/ 349، روضة الطالبين 2/ 369.

(10)

المحلى 4/ 335.

ص: 245

وقال به من الصحابة: أم سلمة، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم (1).

القول الثاني: أن الحجامة تُفطِّر الحاجم والمحتجم وعليهما القضاء.

وبه قال: الحنابلة (2) ، وإسحق بن راهويه (3) ، والأوزاعي (4).

وقال به: علي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري، وعائشة، رضي الله عنهم ، وابن سيرين، والحسن البصري، وعطاء (5).

سبب الخلاف:

قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: تعارض الآثار الواردة في ذلك"(6).

أدلة القول الأول: القائلين بأن الحجامة لا تُفطِّر الصائم.

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم» (7).

وفي رواية: «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة وهو صائم محرم» (8).

(1) تنظر أقوالهم في: مصنف ابن أبي شيبة 2/ 307 - 308، والاستذكار 3/ 322، والمجموع 6/ 349، والمغني 3/ 120.

(2)

مسائل أحمد رواية أبي داوود ص 130، المغني 3/ 120، الفروع 5/ 7، الإنصاف 3/ 302.

(3)

مسائل أحمد وإسحاق 3/ 1242، الإشراف لابن المنذر 3/ 130، المغني 3/ 120، بداية المجتهد 2/ 53.

(4)

المجموع 6/ 349، بداية المجتهد 2/ 53.

(5)

تنظر أقوالهم في: مصنف ابن أبي شيبة 2/ 307، والمجموع 6/ 349، والمغني 3/ 120. بل إن عطاء أوجب عليهما الكفارة أيضا، ووُصِف قوله هذا بالشذوذ. ينظر: الاستذكار 3/ 326، المجموع 6/ 349، التوضيح لابن الملقن 13/ 309.

(6)

بداية المجتهد 2/ 53.

(7)

رواه البخاري 2/ 685 رقم 1836، كتاب الصوم، باب الحجامة والقيئ للصائم.

(8)

رواه أحمد 3/ 414 رقم 1943، والدارقطني في السنن 3/ 260 رقم 2513، كتاب الحج، باب المواقيت، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 438 رقم 8264، في الصيام، باب الصائم يحتجم لا يبطل صومه، وقال شعيب الأرناؤوط:"إسناده ضعيف".

ص: 246

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في حجة الوداع وهو صائم؛ لأن ابن عباس ¢ لم يصحبه صلى الله عليه وسلم في سفره وهو محرم إلا في حجة الوداع، فدل على جواز الحجامة للصائم، وأنها لا تُفَطِّر.

قال ابن عبد البر: "فابن عباس شهد معه حجة الوداع، وشهد حجامته يومئذ محرم صائم. فإذا كانت حجامته صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فهي ناسخة لا محالة؛ لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان؛ لأنه توفي في ربيع الأول صلى الله عليه وسلم "(1).

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أول ما كُرِهت الحجامة للصائم، أن جعفر بن أبي طالب (2) رضي الله عنه احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أفطر هذان» ، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم»، «وكان أنس يحتجم وهو صائم» (3).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: «رَخَّص النبي صلى الله عليه وسلم في القُبلة للصائم، ورخَّص في الحجامة للصائم» (4).

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على أن الفطر بالحجامة منسوخ؛ لأن الرخصة تأتي بعد العزيمة (5).

(1) الاستذكار 3/ 324.

(2)

هو: جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو عبد الله، صحابي هاشمي من شجعانهم، يقال له: جعفر الطيار، وهو من السابقين إلى الإسلام، وكان خطيب القوم أمام ملك الحبشة، كان أمير الجيش إلى مؤتة بعد زيد بن حارثة، فاستشهد هناك رضي الله عنه، روى عنه: عمرو بن العاص، وابن مسعود، وغيرهم. ينظر: معرفة الصحابة 2/ 511، والاستيعاب 1/ 242، السير 1/ 206.

(3)

رواه الدارقطني في السنن 3/ 149 رقم 2260، في الصيام، باب القبلة للصائم، وقال:"كلهم ثقات ولا أعلم له علة"، وعنه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 446 رقم 8302، في الصيام، باب ما يستدل به على نسخ الحديث، وقال الألباني في الإرواء 4/ 73:"وهو كما قالا".

(4)

رواه ابن خزيمة في صحيحه 3/ 230 رقم 1967، في الصيام، باب ذكر البيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعا، والنسائي في الكبرى 3/ 345 رقم 3224، في الصيام، باب الحجامة للصائم، والدارقطني في السنن 3/ 152 رقم 2268، في الصيام باب القبلة للصائم، وقال:"كلهم ثقات، وغير معتمر يرويه موقوفا"، وصححه الألباني في الإرواء 4/ 74.

(5)

ينظر: فتح الباري 4/ 178.

ص: 247

الدليل الرابع: عن ثابت البُناني (1) قال: سئل أنس بن مالك رضي الله عنه: «أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ ، قال: لا؛ إلا من أجل الضعف» (2).

الدليل الخامس: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: «إنما كُرِهت للصائم من أجل الضعف» (3).

الدليل السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يقولون: أفطر الحاجم والمحجوم؟ ، ولو احتجمتُ ما بالَيْتُ» (4).

وجه الاستدلال: أن قول أبي هريرة رضي الله عنه هذا يدل على أنه قد ثبت عنده الرخصة في الحجامة (5).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن الحجامة تُفطِّر الحاجم والمحتجم وعليهما القضاء.

الدليل الأول: عن ثَوْبان (6) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» (7).

(1) هو: ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، أحد أئمة التابعين، روى عن: أنس، وابن الزبير، وابن عمر، وروى عنه: حميد الطويل، وشعبة، ومعمر، وغيرهم، توفي سنة 127 وقيل 123 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 5/ 220، تهذيب الكمال 4/ 342، تاريخ الإسلام 3/ 382.

(2)

رواه البخاري 3/ 33 رقم 1940، كتاب الصوم، باب الحجامة والقيء للصائم.

(3)

رواه ابن أبي شيبة 2/ 308 رقم 9323، في الصوم، باب من رخص للصائم أن يحتجم، وابن خزيمة 3/ 232 رقم 1971، في الصوم، باب ذكر بيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعا، والبيهقي في الكبرى 4/ 264 رقم 8267، في الصيام، باب الصائم يحتجم، وقال الهيثمي في المجمع 3/ 169:"رجاله ثقات"، وقال الألباني في تعليقه على ابن خزيمة:"إسناده صحيح موقوف".

(4)

رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 211 رقم 7527، في الصيام باب الحجامة للصائم، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 179، والنسائي في السنن الكبرى 3/ 331 رقم 3166.

(5)

ينظر: التوضيح لابن الملقن 13/ 307.

(6)

هو: ثَوْبان بن جَحْدَرٌ القرشي الهاشمي، أبو عبد الله، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أهل اليمن أصابه سبيا فاعتقه، ولم يزل معه في الحضر والسفر حتى توفي صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج إلى الشام، ثم حمص، وتوفي بها سنة 54 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 1/ 501، سير أعلام النبلاء 3/ 16، تاريخ دمشق 11/ 166.

(7)

رواه أبو داود 2/ 308 رقم 2367، في الصوم، باب في الصائم يحتجم، والنسائي في الكبرى 3/ 318 رقم 3120، وابن ماجة 1/ 537 رقم 1680، في الصيام، باب ما جاء في الحجامة للصائم، وأحمد 37/ 64 رقم 22381، وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 132 رقم 2049:"إسناده صحيح على شرط مسلم"، وينظر: إرواء الغليل 4/ 65 - 75.

ص: 248

الدليل الثاني: عن شَداد بن أَوْس (1) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل بالبَقِيع (2) وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي، لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال:«أفطر الحاجم والمحجوم» (3).

الدليل الثالث: عن رافع بن خَدِيج (4) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» (5).

وجه الاستدلال: أن الحديث نص في حصول الفطر بالحجامة (6).

الدليل الخامس: عن سالم: «أن ابن عمر رضي الله عنه كان يحتجم وهو صائم. فبلغه حديث أَوْس، فكان إذا كان صائما احتجم بالليل» (7).

(1) هو: شَداد بن أَوْس بن ثابت، أبو يعلى الأنصاري الخزرجي، صحابي من الأمراء، ولاه عمر رضي الله عنه إمارة حمص، ولما قتل عثمان رضي الله عنه اعتزل، وعكف على العبادة، إلى أن توفي سنة 58 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 3/ 1459، سير أعلام النبلاء 2/ 460، والأعلام 3/ 158.

(2)

البقيع: أي بقيع الغَرْقَد: وهو مقبرة أهل المدينة، وهو معروف لا يجهله أحد، بجوار المسجد النبوي من جهة الشرق. ينظر: المعالم الأثيرة ص 52.

(3)

رواه أبو داود 2/ 308 رقم 2369، في الصيام، باب في الصائم يحتجم، وابن ماجة 1/ 537 رقم 1681، في الصيام، باب ما جاء في الحجامة للصائم، وأحمد 28/ 336 رقم 17113، وقال محققه الأرنؤوط:"إسناده صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الألباني في صحيح أبي داود 7/ 134 رقم 2051.

(4)

هو: رافِع بن خَدِيج بن رافع، أبو عبد الله الأنصاري الأوسي الحارثي، كان عريف قومه، استصغر يوم بدر، وشهد أحدا والخندق، روى عنه: ابنه رفاعة، والسائب بن يزيد، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، توفي بالمدينة سنة 74 هـ. ينظر: الاستيعاب 2/ 479، الإصابة 2/ 362، السير 3/ 182.

(5)

رواه الترمذي 3/ 144 رقم 774، أبواب الصوم باب كراهية الحجامة للصائم، وقال:"حديث حسن صحيح"، وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال:"أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج"، وأحمد 3/ 465 رقم 15866، وقال شعيب الأرنؤوط:"حديث صحيح رجاله ثقات"، وابن خزيمة 3/ 227 رقم 1964، ونقل عن علي بن عبد الله قوله:"لا أعلم في: «أفطر الحاجم والمحجوم» حديثا أصح من ذا"، وقال ابن قدامة:"رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفسا". المغني 3/ 120.

(6)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية 1/ 436، وينظر: معالم السنن 2/ 110.

(7)

أخرجه أحمد كما في مسائل ابنه عبد الله ص 182 رقم 683، وهو عند البخاري معلقا 3/ 33، باب الحجامة والقيء للصائم:«وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يحتجم وهو صائم، ثم تركه، فكان يحتجم بالليل» ، ووصله: مالك رواية أبي مصعب 1/ 323 رقم 838، باب الحجامة للصائم، وقال الألباني في مختصر البخاري 1/ 565:"وصله مالك بإسناد صحيح عنه".

ص: 249

وجه الاستدلال: أن ابن عمر رضي الله عنهما ما كان ليترك الحجامة في النهار، ويؤخرها إلى الليل إلا لأنه فهم أنها تفسد الصوم، وأنه حُكمٌ غير منسوخ.

الدليل الرابع: عن أبي العالية (1)، قال: دخلت على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهو أمير البصرة ممسيا، فوجدته يأكل ثمرا وكامخا (2)، وقد احتجم. فقلت له: ألا تحتجم نهارا؟ ، فقال:«أتأمرني أن أهريق (3) دمي وأنا صائم» (4).

وجه الاستدلال: إنكار أبي موسى رضي الله عنه على من أشار عليه بالحجامة في يوم الصيام، يدل على أنه كان يرى أنها مفسدة للصوم.

الدليل السادس: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتجم وهو مُحْرِم صائم في السفر؛ لأنه لم يكن قط مُحْرِما مقيما ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها؛ فلا يلزم من حجامته أنها لا تُفطِّر، فاحتجم صلى الله عليه وسلم وصار مُفطِرا، وذلك جائز (5).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن الحجامة لا تُفطِّر الصائم؛ وذلك لقوة ما استدلوا به؛ ولأن حديث ابن عباس رضي الله عنه في احتجامه صلى الله عليه وسلم ناسخ لأحاديث إفطار الحاجم والمحجوم.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما حديث أفطر الحاجم والمحجوم فيجاب عنه بثلاثة أجوبة:

(1) هو: رُفَيْع بن مِهْرَان الرِّيَاحِيّ، أبو العالية البًصْري، مولى امرأة من بني رياح، الإمام المقرئ الحافظ المفسر، أحد الأعلام من كبار التابعين، سمع من: عمر، وعلي، وأبي، توفي بعد 90 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 4/ 207، تهذيب التهذيب 3/ 284.

(2)

الكامَخ: ، إدام يؤتدم به، أو المخلَّلات. ينظر: المصباح المنير 8/ 151، المعجم الوسيط 2/ 798.

(3)

أَهْرَق: أصله: أراق، أي: أسال. ينظر: مختار الصحاح ص 326، القاموس المحيط 1/ 930.

(4)

أخرجه النسائي في السنن الكبرى 3/ 339 رقم 3201، في الصيام باب الحجامة للصائم، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 307 رقم 9307، في الصيام، باب من كره أن يحتجم الصائم، وقال الألباني في مختصر البخاري 1/ 565:"وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه، والنسائي، والحاكم".

(5)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية 1/ 444، ومعالم السنن 2/ 111.

ص: 250

الجواب الأول: أنه منسوخ ودليل النسخ أمران:

الأول: أن حديث شداد بن أوس رضي الله عنه والذي فيه: «أفطر الحاجم والمحجوم» ، كان في زمان الفتح. أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما والذي فيه إثبات حجامة النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم كان في حجة الوداع (1).

قال ابن عبد البر: "وصح النسخ فيها؛ لأن حجامته صلى الله عليه وسلم صحت عنه وهو صائم محرم عام حجة الوداع، وقوله: «افطر الحاجم والمحجوم»، كان منه عام الفتح، في صحيح الأثر بذلك"(2).

الثاني: ويدل على النسخ أيضا قوله في حديث أنس رضي الله عنه السابق: «ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ في الحجامة» ، وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي (3).

الجواب الثاني: أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أصح سندا، فوجب تقديمه (4).

الجواب الثالث: أن معناه: تَعَرَضا للفطر، أما المحجوم: فلضعفه بخروج الدم، فربما لحِقَه مشقة فعجز عن الصوم فأفطر بسببها. وأما الحاجم: فقد يصل إلى جوفه شيء من الدم أو غيره إذا ضم شفتيه على قارورة الحجامة. كما يقال للمتعرض للهلاك: هَلَكَ فلان، وإن كان باقيا سالما. وكقوله صلى الله عليه وسلم:«من ولي القضاء فقد ذُبِح بغير سكين» (5)؛ أي: تعرض للذبح بغير سكين (6).

ثانيا: وأما قولهم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مسافر، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة، فيجاب عنه:

(1) ينظر: المجموع 6/ 352، والسنن الكبرى للبيهقي 4/ 446، والحاوي الكبير 3/ 461.

(2)

الاستذكار 3/ 325.

(3)

ينظر السنن الكبرى للبيهقي 4/ 446، والمجموع 6/ 352.

(4)

المصدران السابقان.

(5)

رواه أبو داوود 3/ 298 رقم 3571، كتاب الأقضية، باب في طلب القضاء، واللفظ له، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذي 3/ 606 رقم 1325، أبواب الأحكام، باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/ 514 رقم 2171:"حسن صحيح".

(6)

ينظر: معالم السنن 2/ 110، والمجموع 6/ 353.

ص: 251

أن هذا التأويل غير صحيح؛ لأن ابن عباس رضي الله عنه قد أثبت الصيام للنبي صلى الله عليه وسلم حين احتجم؛ ولو أن الحجامة كانت قد أفسدت صومه صلى الله عليه وسلم لقال: إنه صلى الله عليه وسلم أفطر بالحجامة، كما يقال: أفطر الصائم بشرب الماء، وبأكل التمر، وما أشبه ذلك، ولا يقال: شَرِب الماء صائما، ولا أكل التمر وهو صائم (1).

ثالثا: وأما استدلالهم بأن الصحابة كانوا يؤخرون الاحتجام إلى الليل، فيجاب عنه:

بأن عمل الصحابة ليس صريحا في كونهم يرون الفطر بالحجامة. ولعل هذا التأخير إلى الليل خشية الضعف الذي يؤدي إلى الفطر، ويؤيد ذلك أن أنسا رضي الله عنه وأبا سعيد رضي الله عنه قد عللا ترك الصحابة للحجامة بذلك كما سبق.

والله أعلم.

(1) ينظر: معالم السنن 2/ 111، والمجموع 6/ 353.

ص: 252