الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر
.
اختيار الشيخ: اختار أن الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر وأخرت الاغتسال إلى ما بعد الفجر فصيامها صحيح، فقال:"فائدة: في معنى الجنب الحائض والنفساء إذا انقطع دمها ليلا ثم طلع الفجر قبل اغتسالها"(1).
تحرير محل الخلاف: أجمع أهل العلم على أن الحائض والنُفَساء لا يحل لهما الصوم، وأنهما يفطران رمضان، ويقضيان، وأنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم (2)، لقول عائشة:«كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة» (3).
واختلفوا في المرأة تَطهُر من دم الحيض أو النِفاس قبل طلوع الفجر فتؤخر اغتسالها حتى تصبح، هل صيامها صحيح؟ على قولين:
القول الأول: صيامها صحيح.
وبه قال: الحنفية (4) ، والمالكية في المذهب (5) ، والشافعية (6) ، والحنابلة (7)، والظاهرية (8)، وهو اختيار الشيخ رحمه الله.
القول الثاني: أن صيامها غير صحيح وعليها قضاء ذلك اليوم.
وهو قول عند: المالكية (9). وبه قال: الأوزاعي (10).
(1) مرعاة المفاتيح 6/ 487.
(2)
ينظر: الإقناع لابن القطان 1/ 234، مراتب الإجماع ص 40، المجموع 6/ 257، المغني 3/ 152، شرح النووي على مسلم 4/ 26، عمدة القاري 3/ 301.
(3)
رواه البخاري 1/ 71 رقم 321، كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة، ومسلم 1/ 265 رقم 335، كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، واللفظ له.
(4)
المبسوط 2/ 142، بدائع الصنائع 2/ 89، البحر الرائق 1/ 215، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 147.
(5)
الرسالة ص 60، المعونة 1/ 481، الاستذكار 3/ 291، شرح الزرقاني على خليل 2/ 359.
(6)
الإشراف لابن المنذر 3/ 141، المجموع 6/ 307، طرح التثريب 4/ 126.
(7)
المغني 3/ 148، شرح الزركشي 2/ 602، الإنصاف 3/ 308.
(8)
المحلى 4/ 407.
(9)
قال به: ابن الماجشون، ومحمد ابن مسلمة. ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 430، الاستذكار 3/ 290، المنتقى 2/ 43، المسالك 4/ 177، مناهج التحصيل 2/ 108.
(10)
الإشراف لابن المنذر 3/ 141، المغني 3/ 148، المجموع 6/ 308.
سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم: اختلافهم في الحائض إذا ارتفع الدم عنها، ورأت علامة الطهر، هل حكمها حكم الحائض في العبادات والعادات حتى تغتسل بالماء، أو حكمها حكم الطاهر في الجميع، وإن لم تغتسل؟ (1).
أدلة القول الأول: القائلين بأن صيامها صحيح.
الدليل الأول: لأنها محدِثة زال حَدَثُها قبل الفجر، ولم يبق عليها سوى فعل التطهير؛ فوجب أن يصح صومها كالجُنُب والمُحْدِث (2).
الدليل الثاني: ولأن الطُهْرَ من الحيض هو: رؤية المرأة للنَقاء، ولا يُشترط غُسْلها بالماء، فمن طلع عليها الفجر طاهرا، لزمها صوم ذلك اليوم؛ لأن الصوم ليس من شرطه الاغتسال (3).
الدليل الثالث: ولأن حَدَثها هذا زال موجِبه قبل الفجر، فلا يمنع بقاء حكمه صحة الصوم، كحَدَث الجنابة (4).
الدليل الرابع: ولأنها أهلٌ لأداء الصوم من أول النهار، فجاز صومها (5).
أدلة القول الثاني: القائلين بأن صيامها غير صحيح وعليها قضاء ذلك اليوم.
الدليل الأول: لأنها في بعض اليوم غير طاهرة، وليست كالتي تصبح جُنُبا فتصوم؛ لأن الاحتلام إذا وقع في النهار لا ينقض الصيام، والحيض ينقضه (6).
الدليل الثاني: وقياسا على الحائض إذا طهرت -ولم تُفِرِّط في غُسْلِها- فإننا نسقِط عنها الصلاة، إذا لم تُدْرِك بعد غُسْلها مقدار ركعة في الوقت، فكذا من طهرت ولم تغتسل إلا بعد الفجر أسقطنا عنها الصيام (7).
الترجيح: الذي يترجح -إن شاء الله- هو القول الأول: أن من طهرت قبل الفجر وأخرت اغتسالها إلى ما بعد الفجر فصيامها صحيح؛ لأنها أهل لأداء الصوم من أول النهار، فجاز
(1) ينظر: مناهج التحصيل 2/ 109.
(2)
ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 430، وشرح الرسالة له 1/ 244.
(3)
ينظر: الاستذكار 3/ 291، وينظر: المغني 3/ 148.
(4)
ينظر: المنتقى للباجي 2/ 43، المسالك شرح الموطأ 4/ 177.
(5)
ينظر: المبسوط للسرخسي 2/ 142.
(6)
ينظر: الاستذكار 3/ 290 - 291، وشرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب 1/ 245.
(7)
ينظر: الاستذكار 3/ 291.
صومها. وأما حدثها هذا فقد زال موجبه قبل الفجر فلا يمنع بقاء حكمه صحة الصوم؛ كحدث الجنابة.
وأما قول أصحاب القول الثاني: إنها في بعض اليوم غير طاهرة وليست كالتي تصبح جنبا فتصوم؛ لأن الاحتلام إذا وقع في النهار لا ينقض الصيام والحيض ينقضه، فيجاب عنه: كيف تكون في بعضه حائضا، وقد كَمُلَ طُهْرُها قبل الفجر! ؛ ولذلك أُمرت بالغُسْل، ولو لم تكن طاهرا لَما أُمرت بالغُسْل. فهي طاهر وإن فَرَّطَت في غُسْلها إلى ما بعد الفجر. فيكون حكمها وحكم الجُنُب سواء (1).
وأما قولهم: قياسا على الحائض إذا طهرت -ولم تفرط في غسلها- فإننا نسقط عنها الصلاة إذا لم تدرك بعد غسلها مقدار ركعة في الوقت، فيجاب عنه: أن هذا القياس غير مُسَلَّم به أصلا، لأن المسألة المَقيس عليها ليست مُسَلَّم بها، بل الحق -إن شاء الله- بخلاف ما رأوه (2)؛ وذلك: لأننا خُوطِبنا بالوقوف على الدليل الشرعي، ومن أين لهم أن المرأة إذا طهرت قبل خروج وقت الصلاة بركعة ولم تفرط في الغسل ثم خرج وقت الصلاة بعد غُسْلها أسقطنا عنها الصلاة؟ ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة» (3) و (مَن) مِن أدوات العموم (4) ، فانظر هل حد لها النبي صلى الله عليه وسلم حدا من الاغتسال ومقدار الاغتسال، أو أشار إليه؟ ، وليس في الأخبار شيء يدل على ذلك (5). والله تعالى أعلم.
(1) ينظر: الاستذكار 3/ 291، وينظر: المغني 3/ 148.
(2)
تنظر المسألة في: الاستذكار 1/ 43، والتمهيد 3/ 284.
(3)
رواه البخاري 1/ 120 رقم 580، كتاب مواقيت الصلاة باب من أدرك من الصلاة ركعة، ومسلم 1/ 423 رقم 607، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك.
(4)
ينظر: إرشاد الفحول 1/ 295.
(5)
ينظر: مناهج التحصيل 2/ 10، وينظر: الاستذكار 3/ 291.
المطلب الرابع عشر: هل الغِيبة (1) وقول الزُور (2) يفسدان الصيام؟ .
اختيار الشيخ: اختار أنها لا تفسد الصيام كقول الجمهور فقال: "واعلم أن الجمهور على أن الكذب والغِيبة والنميمة لا تفسد الصوم، وعن الثوري والأوزاعي إن الغيبة تفسده والراجح الأول"(3).
تحرير محل الخلاف: اتفق الفقهاء أن الصائم مأمور بتنزيه صومه عن الكذب والغِيبة وقول الزور (4).
واختلفوا هل يَفسد صيام من وقع منه ذلك على قولين:
القول الأول: لا يَفسد صيامه.
وهو قول: الحنفية (5) ، والمالكية (6) ، والشافعية (7) ، والحنابلة (8)، وهو اختيار الشيخ.
القول الثاني: يَفسد صيامه.
وبه قال: الأوزاعي (9)، والثوري (10)، وابن حزم الظاهري (11).
سبب الخلاف: وسبب اختلافهم -والله أعلم-: هو اختلاف فهمهم لبعض الأحاديث التي نهت الصائم عن الغِيبة وقول الزور ونحوهما من المعاصي.
(1) الغِيبَة: ذكر مساوئ الإنسان في غيبته وهي فيه، وإن لم تكن فيه فهي بهتان، وإن واجهه فهو شتم. ينظر: التعريفات للجرجاني ص 163.
(2)
الزُور: الباطل، والكذب. ينظر: المحكم 9/ 101، تهذيب اللغة 13/ 163، النهاية 2/ 318.
(3)
مرعاة المفاتيح 6/ 479.
(4)
ينظر: الكافي لابن عبد البر 1/ 341، المجموع 6/ 356، المغني 3/ 181، عمدة القاري 10/ 276.
(5)
بدائع الصنائع 2/ 100، الاختيار /133، مراقي الفلاح ص 249، البناية 4/ 111.
(6)
الكافي 1/ 341، المقدمات 1/ 254، التاج والإكليل 3/ 372، خلاصة الجواهر الزكية ص 33.
(7)
الأم 2/ 111، الحاوي 3/ 465، التنبيه ص 67، المهذب 1/ 341، تحفة المحتاج 3/ 424.
(8)
الكافي 1/ 448، الفروع 5/ 27، حاشية الروض المربع 3/ 428، الإقناع 1/ 315.
(9)
ينظر: شرح البخاري لابن بطال 4/ 25، إكمال المعلم 4/ 110، الحاوي الكبير 3/ 465، المجموع 6/ 356، مزيد النعمة ص 233، فتح الباري 4/ 104.
(10)
ذكر قوله الغزالي في إحياء علوم الدين 1/ 234، وقال:"رواه بشر بن الحارث عنه"، وينظر: عمدة القاري 10/ 276.
(11)
المحلى 4/ 304.
أدلة القول الأول: القائلين لا يفسد صيامه.
الدليل الأول: قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (1).
وجه الاستدلال: أن ظاهر القرآن يقضي بفساد صيام من لم يمسك عن الأكل والشرب والجماع، وظاهره يقضي بصحة ما عدا ذلك إلا ما خصه الدليل، وليست الغيبة وقول الزور ونحوهما مما خصه الدليل (2).
الدليل الثاني: ولأن الإجماع استقر على أن الغيبة وقول الزور وما شابهها من الأقوال المحرمة لا تُفطِّر الصائم (3).
الدليل الثالث: ولأن المُحرَّم إذا كان مُحرَّما في ذات العبادة أفسدها، وإن كان تَحريمه عاما لم يفسدها، فالأكل والشرب يفسدان الصوم؛ لأنهما مُحرَّمان في ذات العبادة، بخلاف الغيبة فإن تحريمَها عامٌ في الصيام وفي غير الصيام (4).
الدليل الرابع: ولأنه نوع كلام، فلا يفطر به؛ كسائر أنواع الكلام (5).
الدليل الخامس: ولأن كل شيء كان المباح منه لا يُفَطِّر، فإن المحظور منه لا يُفَطِّر، أصله القُبْلَة وعكسه الأكل والجِماع (6).
أدلة القول الثاني: القائلين يفسد صيامه.
الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع قولَ الزور، والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامَه وشرابه» (7).
(1) سورة البقرة: آية: 187.
(2)
ينظر: الفروع 5/ 27، حاشية الروض المربع 3/ 428.
(3)
ينظر: الحاوي الكبير 3/ 465، والاختيار 1/ 133، والفروع 5/ 27، والبناية 4/ 111.
(4)
ينظر: الشرح الممتع 6/ 431.
(5)
ينظر: البيان 3/ 235.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير 3/ 465.
(7)
رواه البخاري 3/ 26 رقم 1903، في الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم.
الدليل الثاني: وعنه أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والصيام جُنَّة (1)، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرْفث (2)، ولا يَصْخَب (3)، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه، فليقُل إني امرؤ صائم» (4).
الدليل الثالث: وعنه أيضا قال ¢: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُبَّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر» (5).
الدليل الرابع: وعنه أيضا قال ¢: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب فقط الصيام من اللَّغْو (6)، والرَّفَث» (7).
وجه الاستدلال من الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الرَفَث والجهل في الصوم، فكان من فعل شيئا من ذلك - عامدا ذاكرا لصومه - لم يصم كما أُمر، ومن لم يصم كما أُمر، فإنه لم يصم؛ لأنه لم يأت بالصيام الذي أمره الله تعالى به، وهو السالم من الرَفَث والجهل، وهما اسمان يعمان كل معصية.
(1) الجُنَّة: الوقاية، أي إن الصيام يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات. ينظر: النهاية 1/ 308، ولسان العرب 13/ 94.
(2)
فلا يَرْفث: أي: لا يفحش في القول. ينظر: مختار الصحاح ص 125، وتاج العروس 5/ 263.
(3)
الصَخَب: الصياح والجلبة وشدة الصوت واختلاطه. ومنهم من قيده للخصام. ينظر: تاج العروس 3/ 189، ومقاييس اللغة 3/ 336، والنهاية 3/ 14.
(4)
رواه البخاري 3/ 26 رقم 1904، في الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، ومسلم 2/ 806 رقم 1151، في الصيام باب حفظ اللسان للصائم.
(5)
رواه النسائي في الكبرى 3/ 348 رقم 3236، في الصيام، باب ما ينهى عنه الصائم من قول الزور والغيبة، واللفظ له، وابن ماجه 1/ 539 رقم 1690، في الصيام باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم، وأحمد في المسند 14/ 445 رقم 8856، وقال شعيب الأرنؤوط:"إسناده جيد"، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/ 262:"حسن صحيح".
(6)
اللَغْو: الباطل من الكلام. ينظر: المخصص 1/ 36، والمغرب ص: 425، وتاج العروس 39/ 469.
(7)
رواه ابن خزيمة في صحيحه 3/ 242 رقم 1996، في الصيام باب النهي عن اللغو في الصيام، والبيهقي في الكبرى 4/ 449 رقم 8312، في الصيام باب الصائم ينزه صيامه عن اللغط والمشاتمة، والحاكم في المستدرك 1/ 595 رقم 1570، وقال:"صحيح على شرط مسلم"، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 948 رقم 5372.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من لم يدع القول بالباطل -وهو الزور- ولم يدع العمل به، فلا حاجة لله تعالى في ترك طعامه وشرابه. فصح أن الله تعالى لا يرضى صومه ذلك ولا يتقبله، وإذا لم يَرْضَه ولا قَبِله فهو باطل ساقط (1).
الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الأول: وهو ما استقر عليه إجماع المسلمين من أن الغيبة وقول الزور ونحوهما من الأقوال المحرمة لا تُفَطِّر الصائم.
وأما الأحاديث الصحيحة التي فهم منها بعض أهل العلم -كابن حزم- إفطار الصائم بسبب ارتكاب المعاصي كالغيبة وقول الزور، فقد أجاب عنها أهل العلم بما يشفي ويكفي:
قال العَمْراني (2): "وأما الخبر فالمراد به أنه يسقط ثوابه، حتى يصير في معنى المفطر، كقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال لأخيه والإمام يخطب: أَنْصِت، فلا جمعة له» (3). ولم يُرِد أن صلاته تبطل، وإنما أراد أن ثوابه يسقط، حتى يصير في معنى من لم يصل"(4).
وقال ابن المُلَقِّن (5): "أما فقه الباب فهو أن حكم الصائم الإمساك عن الرفث وقول الزور، كما يمسك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك فقد نَقَص صيامه، وتعرض لسخط ربه تعالى وترك قبوله منه، وليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه إذا لم يدع قول الزور، وإنما معناه التحذير من قول الزور، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «من باع الخمر
(1) ينظر: المحلى 4/ 305 - 306.
(2)
هو: يحيى بن أبي الخير سالم بن أسعد اليماني، أبو الحسين العمراني الشافعي، فقيه أصولي متكلم، كان شيخ الشافعية في بلاد اليمن، تفقه على: خاله الإمام أبو الفتوح العمراني، وزيد بن عبد الله اليافعي، وغيرهما، توفي سنة 558 هـ، من تصانيفه: البيان في فروع الشافعية، ومناقب الإمام الشافعي. ينظر: طبقات الشافعية الكبرى 7/ 336، طبقات الشافعية 1/ 328، والأعلام 8/ 146.
(3)
أخرجه أبو داود 1/ 276 رقم 1051، أبواب الجمعة باب فضل الجمعة، وأحمد 2/ 125 رقم 719، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب 1/ 110 رقم 433:"ضعيف".
(4)
البيان للعمراني 3/ 235، وينظر: الحاوي الكبير 3/ 465.
(5)
هو: عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الأندلسي الشافعي ثم المصري، سراج الدين، أبو حفص ابن النحوي، المعروف بابن الملقن، من أكابر العلماء بالحديث والفقه والرجال، من مصنفاته: التوضيح في شرح البخاري، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، البدر المنير في تخريج أحاديث شرح الوجيز، توفي سنة 804 هـ بالقاهرة. ينظر: إنباء الغمر 2/ 216، البدر الطالع 1/ 508.
فليُشَقِّص (1) الخنازير» (2)، يريد: أي: يَذْبَحها. ولم يأمره بشَقْصِها ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم شارب الخمر، فكذلك حَذَّر الصائم من قول الزور والعمل به، ليَتِمَّ أجرُ صيامه" (3).
والله أعلم.
(1) أي: فليقطعها قطعا ويفصلها أعضاء كما تفصل الشاة إذا بيع لحمها، يقال: شَقَّصَه يُشَقِّصُه، وبه سمي القَصّاب مُشَقِّصا. ينظر: النهاية 2/ 490، وتاج العروس 18/ 16، ولسان العرب 7/ 48.
(2)
أخرجه أبو داود 3/ 280 رقم 3489، أبواب الإجارة، باب في ثمن الخمر والميتة، وأحمد 30/ 154 رقم 18214، وقال محققه شعيب الأرناؤوط:"إسناده ضعيف"، وقال الألباني في الضعيفة رقم 4566:"ضعيف".
(3)
التوضيح 13/ 79 - 80، وينظر: شرح ابن بطال 4/ 23، الاستذكار 3/ 374، التمهيد 19/ 56، المسالك شرح الموطأ 4/ 237، فتح الباري 4/ 117، عمدة القاري 10/ 276.