المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

.

اختيار الشيخ: اختار قول الجمهور أن من شهد عند القاضي برؤية هلال شوال فردت شهادته، فإنه لا يفطر، فقال:"قلت: يؤيد قول الجمهور ما روي عن عائشة مرفوعا: «الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس» "(1).

تحرير محل الخلاف: اتفق أهل العلم أن من كان مقيما في جماعة، فأَخبَر برؤية هلال شوال، فرُدَّت شهادته، ثم أظهر الفطر أنه يُنكَر عليه (2).

واختلفوا في من رآه ورُدت شهادته: هل له أن يفطر سِرّا؟ ، على قولين:

القول الأول: لا يجوز له الفطر سِرّا.

وبه قال: الحنفية (3) ، والمالكية (4) ، والحنابلة في المذهب (5)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يجوز له الفطر سِرّا.

وبه قال: الشافعية (6) ، والحنابلة في رواية (7)، والظاهرية (8).

سبب الخلاف: لاختلافهم في هذه المسألة سببان والله أعلم:

السبب الأول: هل الهلال هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يشتهر، ولم يظهر، أو أنه لا يسمى هلالا إلا بالظهور والاشتهار (9).

السبب الثاني: هل يقاس من رأى هلال شوال وحده، على من رأى هلال رمضان وحده.

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 429. وسيأتي تخريج الحديث ص 108 من رواية أبي هريرة.

(2)

درر الحكام 1/ 199، المجموع 6/ 280، مواهب الجليل 2/ 389 - 390، الإنصاف 3/ 278.

(3)

الجوهرة النيرة 1/ 137، درر الحكام 1/ 199، البناية 4/ 31، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 651.

(4)

البيان والتحصيل 2/ 351، المنتقى 2/ 39، الكافي 1/ 335، التاج والإكليل 3/ 292، مواهب الجليل 2/ 390.

(5)

مسائل أحمد وإسحاق 3/ 1203، الهداية ص 156، المغني 3/ 166، الإنصاف 3/ 278.

(6)

الأم 2/ 104، الحاوي 3/ 449، المهذب 1/ 330، روضة الطالبين 2/ 378.

(7)

شرح الزركشي 2/ 630، المبدع 3/ 9، الإنصاف 3/ 278، الإقناع 1/ 304.

(8)

المحلى بالآثار 4/ 378.

(9)

ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 25/ 116، المبدع في شرح المقنع 3/ 9، الإنصاف 3/ 278.

ص: 107

أدلة القول الأول: القائلين لا يجوز له الفطر سِرّا.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (1).

وجه الاستدلال: ظاهر الحديث أن الصوم والفطر لا يكون إلا مع جماعة المسلمين (2).

الدليل الثاني: عن أبي قِلابة (3)، «أن رجلين رأيا الهلال، وهما في سفر فتعجلا حتى قدما المدينة ضُحى، فأخبرا عمر بن الخطاب (4) رضي الله عنه بذلك، فقال عمر لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: نعم، قال: لم؟ ، قال: لأني كرهت أن يكون الناس صياما، وأنا مفطر، فكرهت الخلاف عليهم، فقال للآخر: فأنت؟ ، قال: أصبحت مفطرا، قال: لم؟ ، قال: لأني رأيت الهلال فكرهت أن أصوم، فقال للذي أفطر: لولا هذا - يعني الذي صام - لرددنا شهادتك، ولأوجعنا رأسك، ثم أمر الناس فأفطروا وخرج» (5).

(1) أخرجه الترمذي 3/ 71 رقم 697، أبواب الصيام، باب ما جاء في أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون، وقال:"هذا حديث حسن غريب"، والدارقطني 3/ 114 رقم 2181، كتاب الصيام، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 440:"إسناده جيد".

(2)

ينظر: شرح الزركشي على الخرقي 2/ 630.

(3)

هو: عبد الله بن زيد بن عمرو ويقال ابن عامر، أبو قِلابة الجرمي البصري، من أئمة التابعين، كان ثقة كثير الحديث، روى عن: ابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة، روى عنه: ثابت البُناني، وقتادة، وأيوب، وخلق سواهم، توفي بالشام سنة 104 هـ، وقيل بعدها. ينظر: الطبقات 7/ 183، سير أعلام النبلاء 4/ 468، تهذيب الكمال 14/ 542.

(4)

هو: عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي، أبو حفص الفاروق، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، ولد سنة 40 ق هـ، أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، بايعه المسلمون خليفة بعد أبي بكر، ففتح الله في عهده الفتوح، ووضع التاريخ الهجري، ودون الدواوين، قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الصبح سنة 23 هـ. ينظر: الاستيعاب 3/ 1144، الإصابة 4/ 484، تذكرة الحفاظ: 1/ 11.

(5)

رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 164 رقم 7338، كتاب الصيام ، باب أصبح الناس صياما وقد رئي الهلال، واللفظ له، والطبري في تهذيب الآثار 2/ 761 رقم 1125، وابن حزم في المحلى 4/ 378. قال ابن كثير في مسند الفاروق 1/ 271:"وهذا أيضا منقطع".

ص: 108

وجه الاستدلال: إنما أراد عمر رضي الله عنه ضربه لإفطاره برؤيته، ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه، ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه، ولا توعدَه (1).

الدليل الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إنّما يوم النّحر يوم ينحر النّاس، ويوم الفطر يوم يفطرون» (2).

وفي رواية: قالت: «إنما النّحر إذا نحر الإمام، وعُظْم النّاس، والفطر إذا أفطر الإمام، وعُظْم النّاس» (3).

الدليل الرابع: ولأنه يجوز أن يكون غالطا في الرؤية؛ ومخالفةُ عامةِ الناس له يقوي هذا الغلط، والفطر ليس مما يُحتاط له بخلاف الصوم (4).

الدليل الخامس: ولأنه قول عمر وعائشة رضي الله عنهما ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما، فكان إجماعا (5).

الدليل السادس: ولأن ذلك وسيلة لأهل الفسق والبِدَع إلى الفطر قبل الناس بيوم، ثم إذا اطُلِع عليهم ادعوا رؤية الهلال (6).

أدلة القول الثاني: القائلين يجوز له الفطر سِرّا.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّي عليكم فأكملوا العدد» (7).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية، وهذا قد رأى فوجب عليه الفطر (8).

(1) ينظر: المغني 3/ 167، وشرح الزركشي 2/ 630، وشرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 156.

(2)

رواه أبو يوسف في الآثار ص: 179 رقم 818، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 422 رقم 8209، كتاب الصيام باب القوم يخطئون في رؤية الهلال، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 442:" وهذا سند جيد بما قبله".

(3)

رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 157 رقم 7310، كتاب الصيام باب الصيام.

(4)

ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 157، وبدائع الصنائع 2/ 81.

(5)

ينظر: المغني 3/ 167.

(6)

ينظر: المنتقى للباجي 2/ 39، بداية المجتهد 2/ 48.

(7)

سبق تخريجه صفحة (70).

(8)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 449، والبيان للعمراني 3/ 485، وسبل السلام 1/ 559، المحلى 4/ 378.

ص: 109

وإنما اشتُرِطَ عليه الأكل سرا، حتى لا يراه أحد؛ لأنه إذا أظهر الفطر عَرَّض نفسه للتُهمَة وعقوبة السلطان (1).

الدليل الثاني: ولأنه قد تَيقَّن أن هذا اليوم من شوال، فحَلَّ له الأكل؛ كما لو قامت البينة (2).

الدليل الثالث: ولأن يقين نفسه أبلغ من الظن الحاصل بالبَيِّنة (3).

الدليل الرابع: ولأنه لا يجوز له أن يعتقد الصوم، وهو يعلم أنه عليه حرام؛ لأنه يوم العيد عنده (4).

الدليل الخامس: ولأن العبد إنما يعامل الله بما يعلمه (5).

فلا يجوز له أن يترك ما يعتقده، ويقلد غيره.

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه لا يجوز له الفطر سِرّا؛ لقوة ما استدلوا به؛ ولأن حديث أبي هريرة وأثر عائشة رضي الله عنهما بَيَّنا أن الفطر لا يكون إلا مع جماعة المسلمين، و (سَدّا للذريعة)(6).

وأما أدلة القول الثاني فيجاب عنها بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث صوموا لرؤيته الحديث فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن الخطاب في الحديث ورد بصيغة الجمع، فهو متوجه إلى الأمة بعمومها لا بأفرادها.

الوجه الثاني: أن الصيام والعيد من العبادات التي يراعى فيها الاجتماع كالصلوات المفروضة.

ثانيا: وأما قولهم: إنه يتيقن أنه من شوال، فيجاب عنه:

أن اليقين قد لا يثبت؛ لأنه يحتمل أن يكون الرائي خُيِّل إليه، كما روي أن رجلا في زمن عمر ¢، قال: لقد رأيت الهلال. فقال له: امسح عينك. فمسحها، ثم قال له: تراه؟ قال: لا. قال: لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك، فظننتها هلالا (7).

(1) ينظر الحاوي 3/ 449، البيان 3/ 485، حلية العلماء 3/ 152، المهذب للشيرازي 1/ 330.

(2)

ينظر: البيان للعمراني 3/ 485.

(3)

ينظر: المجموع 6/ 280، وشرح عمدة الفقه كتاب الصيام لابن تيمية 1/ 155.

(4)

ينظر: البيان والتحصيل للجد 2/ 351 - 352.

(5)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية 1/ 135.

(6)

الذَّرِيعة: هي المسألة التي ظاهرها الإباحة، ويُتوصل بها إلى فعل المحظور. وسَدّها: منع الوسائل المؤدية إلى المفاسد حسما للفساد. ينظر: أصول الفقه الذي لا يسع جهله ص 211. إرشاد الفحول 2/ 193.

(7)

ينظر: المغني 3/ 167، المبسوط للسرخسي 3/ 79، والبناية للعيني 4/ 25.

ص: 110

ثالثا: وأما قولهم كما لو قامت البينة، فيجاب عنه:

أنه غير صحيح؛ لأن بقيام البينة يكون اليوم محكوم بأنه من شوال، بخلاف مسألتنا فهو محكوم بأنه من رمضان (1).

رابعا: وأما تعليلهم بأنه يوم يحرم صيامه؛ لأنه يوم العيد عنده، فيجاب عنه:

أن حصول المقصود -إن تيقن الرؤية- يقع بالنية والإمساك عن الفِطر (2)، وأما التجرؤ على الفطر في يوم يعتقده عموم المسلمين من رمضان، فإنه باب من أبواب المفاسد التي يجب سدها، حتى لا يتجرأ على الفطر أهل الفسوق والعصيان.

والله تعالى أعلم.

(1) ينظر: المغني 3/ 167.

(2)

ينظر: المنتقى للباجي 2/ 39.

ص: 111