المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

.

اختيار الشيخ: اختار منع الصوم بعد انتصاف شعبان لمن كان الصيام يضعفه، أو لم يصل آخر شعبان بأوله، أو لم تكن له عادة، فقال:"أما حديث الانتصاف وهو حديث صحيح كما ستعرف فهو محمول على من يضعفه الصوم، أو على من صامه بلا سبب، أو على من لم يصله بما قبله أي لم يصم قبل نصف الشهر والله تعالى أعلم"(1).

اختلف الفقهاء في من أراد صيام النصف الثاني من شعبان بنية النفل ولم تكن له عادة صيام ولم يصل أول شعبان بآخره، على قولين:

القول الأول: يجوز الصيام تطوعا في النصف الثاني من شعبان ولو لم يعتده، ولو لم يصله بالنصف الأول.

وبه قال: الحنفية (2) ، والمالكية (3) ، والشافعية في وجه ضعيف (4) ، والحنابلة (5).

القول الثاني: يمنع الصيام تطوعا في النصف الثاني من شعبان، إذا لم يوافق عادة له، أو لم يصل صيامه بما قبل النصف الثاني منه وأن ابتداء المنع يكون من أول اليوم السادس عشر من الشهر.

وهو المشهور عند الشافعية (6)، وهو اختيار الشيخ.

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يجوز الصيام تطوعا في النصف الثاني من شعبان ولو لم يعتده، ولو لم يصله بالنصف الأول.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان» (7).

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 440.

(2)

بدائع الصنائع 2/ 79، البناية 4/ 20، تبيين الحقائق 1/ 317، مراقي الفلاح 1/ 240.

(3)

الذخيرة 2/ 532، منح الجليل 2/ 117، حاشية الدسوقي 1/ 513، بلغة السالك 1/ 687.

(4)

المجموع 6/ 400، الإقناع في حل أفاظ أبي شجاع 1/ 239، مغني المحتاج 2/ 165.

(5)

المغني 3/ 106، الفروع 5/ 98، شرح منتهى الإرادات 1/ 495، مطالب أولي النهى 2/ 220.

(6)

البيان 3/ 559، المجموع 6/ 400، الغرر البهية 2/ 217، فتح الوهاب 1/ 141.

(7)

رواه أبو داود 2/ 323 رقم 2431، كتاب الصوم، باب في صوم شعبان، واللفظ له، والنسائي 4/ 199 رقم 199، في الصيام، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحمد 42/ 354 رقم 25548. وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 190 رقم 2101:"إسناده صحيح على شرط مسلم".

ص: 140

الدليل الثاني: عن أم سلمة رضي الله عنها (1) قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين، إلا أنه كان يصل شعبان برمضان» (2).

الدليل الثالث: عن أبي سلمة (3) قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: «كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا» (4).

الدليل الرابع: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما (5) قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة، إن كانا في صيامه وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان» ، فقلت: يا رسول الله إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم، إلا يومين إن دخلا في

(1) هي: هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين أم سلمة القرشية، أسلمت قديما، ومن المهاجرات الأول، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع من الهجرة بعد أن توفي زوجها، كانت موصوفة بالعقل البالغ والرأي الصائب، توفيت سنة 62 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 6/ 3218، سير أعلام النبلاء 2/ 201، تهذيب الكمال 35/ 317.

(2)

رواه أبو داود 2/ 300 رقم 2336، كتاب الصوم باب فيمن يصل شعبان برمضان، والنسائي 4/ 150 رقم 2175، كتاب الصيام باب التقدم قبل شهر رمضان، واللفظ له، والترمذي 3/ 104 رقم 736، أبواب الصوم باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، وقال:"حديث حسن"، وابن ماجة 2/ 563 برقم 1648، أبواب الصيام باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، وأحمد 44/ 188 رقم 26562، وقال شعيب الأرنؤوط:"إسناده صحيح".

(3)

هو: عبد الله، وقيل غير ذلك، ابن عبد الرحمن بن عوف، الزهري، من كبار التابعين من أهل المدينة، كان ثقة فقيها كثير الحديث، ولي قضاء المدينة، توفي سنة 94 هـ. ينظر: الطبقات الكبرى 5/ 155، سير أعلام النبلاء 4/ 287، تهذيب التهذيب 12/ 117.

(4)

رواه البخاري 3/ 38 رقم 1969، كتاب الصوم باب صوم شعبان، ومسلم 2/ 811 رقم 1156، كتاب الصيام باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان

واللفظ له.

(5)

هو: أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل، أبو محمد، ولد بمكة ونشأ على الإسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبا جما، وكان أمّره على جيش عظيم وله عشرون سنة، فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوجه فأنفذه أبو بكر، روى عنه: أبو هريرة، وابن عباس، ومن كبار التابعين: أبو وائل، وآخرون، توفي بالمدينة سنة 54 هـ. ينظر: أسد الغابة 1/ 194، سير أعلام النبلاء 2/ 496، تهذيب الكمال 2/ 338.

ص: 141

صيامك وإلا صمتهما، قال:«أي يومين؟ » قال: قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس، قال:«ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» ، قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال:«ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» (1).

وجه الاستدلال: في هذه الآثار دليل على أنه لا بأس بصيام شعبان كله (2).

الدليل الخامس: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصيام بعد رمضان شعبان» (3).

الدليل السادس: وعنه رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل؟ -يعني بعد رمضان- قال: «صوم شعبان تعظيما لرمضان» (4).

وجه الاستدلال: فلم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أول شعبان وبين آخره فكان حكمهما سواء.

الدليل السابع: عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له -أو لآخر-: «أصمت من سَرَر شعبان؟ » قال: لا، قال:«فإذا أفطرت، فصم يومين» (5).

وجه الاستدلال: وهذا في آخر شعبان (6)، ولم يسأله هل صمت قبله شيئا أم لا؟ .

(1) رواه أحمد 36/ 85 رقم 21753، واللفظ له، والنسائي 4/ 201 رقم 2357، واقتصر على قصة صوم شعبان وفضله، ورقم 2358 مقتصرا على قصة صوم الاثنين والخميس، وأخرج أبو داود قصة صوم الاثنين والخميس 2/ 325 رقم 2436، وله شواهد أخرى، والحديث حسنه محقق المسند، ووافقه الألباني في صحيح النسائي رقم 2221، وينظر: الإرواء 4/ 103.

(2)

ينظر: شرح معاني الآثار 2/ 83.

(3)

أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 83 رقم 3329، كتاب الصيام باب الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان، وقال الحافظ:"إسناده ضعيف". ينظر: فتح الباري 4/ 129.

(4)

رواه الترمذي 3/ 42 رقم 663، أبواب الزكاة باب ما جاء في فضل الصدقة، وقال:"هذا حديث غريب، وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي"، والبيهقي في الكبرى 4/ 503 رقم 8517، في الصيام باب الجود والإفضال في شهر رمضان، وضعفه الألباني في الإرواء 3/ 397 رقم 889.

(5)

سبق تخريجه صفحة (132).

(6)

ينظر: شرح معاني الآثار 2/ 84.

ص: 142

الدليل الثامن: عن عبد الله بن عمرو بن العاص (1) رضي الله عنهما قال: أُخبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنت الذي قلت ذلك»؟ فقلت له: قد قلته، بأبي أنت وأمي. فقال:«فإنك لا تستطيع ذلك. فصم وأفطر، وقم ونم. وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها. وذلك مثل صيام الدهر» . قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوما وأفطر يومين» . قلت: أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوما وأفطر يوما، فذلك مثل صيام داود، وهو أفضل الصيام» . فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «لا أفضل من ذلك» (2).

وجه الاستدلال: فأباح النبي صلى الله عليه وسلم صوم يوم وفطر يوم من سائر الدهر، فدخل ما بعد نصف شعبان في الإباحة (3).

الدليل التاسع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما، فليصمه» (4).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التقدم بيوم أو يومين فمفهومه جواز التقدم بأكثر من يومين، وإنما نهى عن التقدم خشية أن يزاد في رمضان ما ليس منه (5).

أدلة القول الثاني: القائلين بمنع الصيام تطوعا في النصف الثاني من شعبان إذا لم يوافق عادة له، أو لم يصل صيامه بما قبل النصف الثاني منه، وأن ابتداء المنع يكون من أول اليوم السادس عشر.

(1) هو: عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، أبو محمد القرشي، أسلم قبل أبيه، وكان مجتهدًا في العبادة، مكثرا من الحديث، وهو أحد العبادلة الأربعة الفقهاء، روى عنه بعض الصحابة وعدد كثير من التابعين، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة ما كان يسمعه منه فأذن له، توفي سنة 65 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 3/ 1720، طبقات ابن سعد 4/ 261؛ سير أعلام النبلاء 3/ 79.

(2)

رواه البخاري 4/ 161 رقم 3420، كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود

، ومسلم 2/ 816 رقم 1159، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا أو لم يفطر العيدين والتشريق

(3)

ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 407، وشرح معاني الآثار 2/ 87.

(4)

سبق تخريجه صفحة (132).

(5)

ينظر: المغني 3/ 106، شرح العمدة كتاب الصيام 2/ 648، فتح الباري 4/ 129.

ص: 143

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» (1).

وجه الاستدلال: فهذا نص صريح في تحريم الصيام إذا انتصف شعبان، ويستثنى ما ذُكِرَ مِن مَن كانت له عادة صيام، أو من كان له سبب؛ لورود النص في ذلك، أو وصل صوم ما بعد النصف بما قبله ولو بيوم النصف -وإن اقتضى ظاهر الحديث السابق الحرمة في هذه الصورة أيضا- لكن جاز؛ حفظا لأصل مطلوبية الصوم (2).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما، فليصمه» (3).

وجه الاستدلال من وجهين:

الأول: أن في قوله: «ولا يومين» دليل على أن المقصود هنا هو انهي عن صيام التطوع وليس صيام يوم الشك؛ وذلك لأن الشك لا يكون في يومين فلو قصد النهي عن يوم الشك لاكتفى بقوله: «بصوم يوم» (4).

الثاني: أن المراد من الحديث التقدم بالصوم، فحيث وجد منع، وإنما اقتصر على يوم أو يومين؛ لأنه الغالب ممن يقصد ذلك، وجُعِل أمد المنع من أول السادس عشر من شعبان؛ لحديث أبي هريرة ¢ السابق (5).

(1) رواه أبو داود 2/ 751 رقم 2337، كتاب الصوم، باب كراهية وصل شعبان برمضان، والترمذي 2/ 121 رقم 735، أبواب الصوم، باب كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان، وقال:"حديث حسن صحيح"، وابن ماجه 1/ 528 رقم 1651، كتاب الصيام، باب النهي أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوما فوافقه، ينظر ما قيل عن هذا الحديث وإسناده في: فتح الباري 4/ 129، الكافي 1/ 364، نصب الراية 2/ 441، معالم السنن 2/ 100، تهذيب السنن 3/ 223. وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 101:"إسناده صحيح على شرط مسلم".

(2)

ينظر: المنهاج القويم ص 249، والغرر البهية 2/ 217.

(3)

سبق تخريجه صفحة (132).

(4)

ينظر: التمهيد 2/ 41.

(5)

ينظر: فتح الباري 4/ 128 - 129.

ص: 144

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز صيام النفل بعد انتصاف شعبان؛ لصحة ما استدلوا به ولثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون المقصود من النهي الوارد في حديث أبي هريرة ¢ -في النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان-، هو: استجمام من لم يقوَ على تتابع الصيام الكثير في بقية شعبان؛ ليقوى بذلك على صيام شهر رمضان، فيستحب له الفطر فيها ، كما استحب إفطار عرفة للحاج؛ ليقوى على الدعاء. أما من لم يصعب عليه ذلك ، ولم يَضعُف به ، فلا يتوجه النهي نحوه (1).

ويحمل حديث التقدم على من يحتاط بالصيام لرمضان (2).

قال الطحاوي (3) رحمه الله: "دل ذلك أن النهي الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة ¢ الذي ذكرناه في أول هذا الباب، لم يكن إلا على الإشفاق منه على صُوّام رمضان لا لمعنى غير ذلك، وكذلك نأمر من كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف يمنعه من صوم رمضان أن لا يصوم حتى يصوم رمضان؛ لأن صوم رمضان أولى به من صوم ما ليس عليه صومه، فهذا هو المعنى الذي ينبغي أن يحمل عليه معنى ذلك الحديث، حتى لا يضاد غيره من هذه الأحاديث"(4).

والله أعلم.

(1) ينظر: تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة 1/ 493.

(2)

ينظر: فتح الباري 4/ 129.

(3)

هو: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، نشأ في طحا من صعيد مصر، من أشهر شيوخه: خاله المزني، ومن أشهر كتبه: العقيدة الطحاوية، ومشكل الآثار، وشرح معاني الآثار، توفي سنة 321 هـ. ينظر: الجواهر المضية 1/ 102، سير أعلام النبلاء 15/ 27، الأعلام 2/ 169.

(4)

شرح معاني الآثار 2/ 84 - 85، وينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 407.

ص: 145