المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

.

اختيار الشيخ: اختار جواز الاستياك جميع اليوم بالعود الرطب واليابس في الفرض والنفل فقال: "والحديث يدل بعمومه على جواز الاستياك للصائم مطلقا، سواء كان الاستياك بالسواك الرطب أو اليابس. وسواء كان صائما فرضا أو تطوعا، وسواء كان في أول النهار أو في آخره"(1).

ثم ختم مرجحا فقال: "وقد ظهر بما ذكرنا أن القول الراجح المعول عليه هو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومن وافقه"(2).

تحرير المسألة: قد مر معنا الكلام عن الاستياك بعد الزوال، والاستياك بالعود الرطب، ومر خلاف العلماء في ذلك.

ومما اختلفوا فيه أيضا: تفريقهم بين الاستياك في صوم الفرض وصوم النفل، وإن كان الخلاف الحاصل في هذه المسألة ضعيفا، ولكن بما أن الشيخ نص على عدم التفريق بين الفرض والنفل أحببت أن أذكرها بإيجاز، والخلاف في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: لا فرق بين صوم الفرض وصوم النفل في الاستياك، كل على مذهبه الذي ذكر في المسألتين السابقتين.

وهو قول: الحنفية (3) ، والمالكية (4) ، والشافعية (5) ، والحنابلة (6)، والظاهرية (7)، وهو اختيار الشيخ.

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 517. أي حديث عامر بن ربيعة سبق ص 282.

(2)

مرعاة المفاتيح 6/ 520 - 521.

(3)

البناية 4/ 73، البحر الرائق 2/ 302، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 681، تبيين الحقائق 1/ 332. وعندهم: يجوز جميع اليوم، رطبا كان السواك أو يابسا.

(4)

الرسالة ص 60، الاستذكار 3/ 378، المنتقى 2/ 75، الثمر الداني 1/ 298. وعندهم: يجيزونه جميع اليوم بالعود اليابس.

(5)

روضة الطالبين 2/ 368، فتح القريب المجيب ص 30، المنهاج القويم 20، مغني المحتاج 1/ 184، تحفة الحبيب 1/ 121. وعندهم: يجيزونه بالعود الرطب إلى الزوال.

(6)

الكافي 1/ 53، المغني 1/ 72، حاشية اللبدي على نيل المآرب 1/ 17، المبدع 1/ 78. وعندهم: في المذهب يجيزونه بالعود اليابس إلى الزوال. وفي رواية يجيزونه جميع اليوم بالعود الرطب.

(7)

المحلى 4/ 336، ومذهبهم كمذهب الحنفية.

ص: 295

القول الثاني: التفريق بين الفرض والنفل؛ فيجوز في النفل طوال اليوم ويُكره في الفرض بعد الزوال.

وهو وجه عند: الشافعية، قال به: القاضي حسين (1)(2)، ورواية عند: الحنابلة (3).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا فرق بين صوم الفرض وصوم النفل في الاستياك كل على مذهبه الذي ذكر في المسألتين السابقتين (4).

الأدلة هي نفسها التي سيقت في المسألتين السابقتين (5).

وجه الاستدلال: أنه لا فرق بين أن يكون الصيام فرضا أو نفلا فالنصوص جاءت عامة في الأوقات والأحوال فتكون عامة أيضا في أنواع الصيام.

قال النووي: "ولا فرق بين صوم النفل والفرض"(6).

وقال البهوتي (7): "فيكره (أي السواك) فرضا كان الصوم أو نفلا"(8).

وقال العيني بعد أن ذكر من فَرّق بين الاستياك في صوم الفرض وصوم النفل: "وعندنا لا بأس في الأحوال كلها"(9).

(1) هو: حسين بن محمد بن أحمد، أبو علي القاضي المَرورُّوذي، من كبار أصحاب القفال، كان غواصًا في الدقائق، وكان يلقب بحبر الأئمة، وهو شيخ الجويني المشهور بإمام الحرمين، توفي سنة 462 هـ، من تصانيفه: التعليقة في الفقه. ينظر: طبقات الشافعية الكبرى 4/ 356، طبقات الشافعيين ص 443، تاريخ الإسلام 10/ 163، الأعلام 2/ 254.

(2)

فتح العزيز 6/ 423، المجموع 6/ 377، كفاية الأخيار ص 21، طرح التثريب 4/ 98.

(3)

الفروع مع تصحيح الفروع 1/ 147، الإنصاف 1/ 117.

(4)

ينظر: صفحة (280 - 289).

(5)

ينظر: صفحة (281 - 293).

(6)

المجموع 6/ 377.

(7)

هو: أبو السعادات منصور بن يونس بن صلاح الدين البُهُوتي الحنبلي المصري. كان شيخ الحنابلة بمصر، فقيه محقق، أخذ عن: ابن الحجاوي، والمرداوي، وغيرهما، وعنه: مرعي بن يوسف، والفتوحي، وخلق. من مؤلفاته: كشاف القناع عن الإقناع، والروض المربع شرح زاد المستقنع. توفي سنة 1051 هـ. ينظر: المدخل لابن بدران ص 440، معجم المؤلفين 13/ 22، والأعلام 7/ 307.

(8)

الروض المربع ص 24.

(9)

البناية شرح الهداية 4/ 73.

ص: 296

أدلة القول الثاني: القائلين بالتفريق بين الفرض والنفل؛ فيجوز في النفل طوال اليوم ويكره في الفرض بعد الزوال.

الدليل الأول: عن أبي هريرة ¢ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به» (1).

وجه الاستدلال: أن الله عز وجل في هذا (الحديث القدسي)(2) قد خص الصوم بقوله: «لي» ، وإن كانت أعمال البر المخلصة كلها له تعالى؛ لأجل أن الصوم لا يمكن فيه الرياء، كما يمكن في غيره من الأعمال (3).

فإذا كان هذا هو مطلوب الشارع، فإزالة الخلوف بالاستياك يكون مشروعا في النفل؛ لأجل أن لا يُظهِر الصائم صيامه. وإنما قصرناه على النفل؛ لأن وجود الرياء في الفرض غير متصور؛ إذ الجميع متلبسون بالصيام، فلا وجه لحصول الرياء فيه.

الدليل الثاني: ولأن المستحب في النوافل الإخفاء، فلو ترك الصائم الاستياك، لم يُؤمَن أن تظهر رائحة الخُلوف من فيه، فيظهر للناس أنه صائم، فاستحِبَّ له إزالة تلك الرائحة بالاستياك؛ ليكون أبعد عن الرياء (4).

الترجيح: الذي يترجح -إن شاء الله- في هذه المسألة هو القول الأول: أنه لا فرق بين صيام الفرض وصيام النفل؛ لعدم وجود دليل يفرق بينهما.

وأما قول أصحاب القول الثاني: إن إزالة الخُلوف بالاستياك يكون مشروعا في النفل؛ لأجل أن لا يُظهر الصائم صيامه، -وهذا بالطبع عند من يرون كراهة إزالة الخُلوف بعد الزوال-؛ فيجاب عنهم:

(1) رواه البخاري 3/ 26 رقم 1904، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، ومسلم 2/ 806 رقم 1151، كتاب الصيام، باب فضل الصيام.

(2)

الحديث القدسي: القُدْسي لغة: نسبة إلى القدس أي الطهر. اصطلاحا: هو ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل. ينظر: لسان العرب 10/ 396، تيسير مصطلح الحديث ص 158.

(3)

ينظر: إكمال المعلم 4/ 110.

(4)

ينظر: فتح العزيز بشرح الوجيز 6/ 423، وروضة الطالبين 2/ 368.

ص: 297

أن هذا التفريق لا دليل عليه من الشرع، ثم كيف تستحبون للصائم فِعل ما ترونه مكروها- وهو إزالة الخُلوف-، مِن أجل مصلحة مظنونة بل مُتَوهمة؟ ! .

وأما قولهم: إن المستحب في النوافل الإخفاء، فيجاب عنه:

أن هذا يقال في العبادات الظاهرة: كالصلاة، والزكاة، وقراءة القرآن. أما الصيام فلا وجه فيه للرياء حتى يخفيه صاحبه، وإنما الصائم هو من يخبر عن نفسه بأنه صائم أم لا (1). والله أعلم.

(1) ينظر: أعلام الحديث للخطابي 2/ 940 - 941، والمُعْلِم بفوائد مسلم 2/ 61.

ص: 298

المطلب السادس: حكم الاكتحال (1) للصائم.

اختيار الشيخ: اختار جواز الاكتحال للصائم بلا كراهة، فقال في ذلك:"فالراجح هو القول بالجواز من غير كراهة"(2).

تحرير محل الخلاف: أجمع العلماء على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع (3)؛ لقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (4).

واختلفوا في حكم الكحل للصائم على قولين:

القول الأول: أن الاكتحال يجوز للصائم بلا كراهة.

وبه قال: الحنفية (5) ، والشافعية (6)، والظاهرية (7)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: أن من اكتحل وهو صائم أفطر.

وبه قال: ابن شُبْرُمَة، وعبد الرحمن ابن أبي لَيْلَى (8) ، ومنصور بن المُعْتَمِر (9).

(1) الاكتحال: ذر الكحل في العين، أو دلك الاجفان به، سواء أكان للتزين أم للتداوي. ينظر: معجم لغة الفقهاء ص: 84، ولسان العرب 11/ 584.

(2)

مرعاة المفاتيح 6/ 523.

(3)

ينظر: الإقناع لابن المنذر 1/ 193، الإقناع لابن القطان 1/ 231، مراتب الإجماع ص 39، بداية المجتهد 2/ 52، الاستذكار 3/ 372.

(4)

سورة البقرة: آية: 187.

(5)

الأصل 2/ 244، المبسوط 3/ 67، بدائع الصنائع 2/ 106، البناية 469، رد المحتار 2/ 417.

(6)

الأم 2/ 110، الحاوي 3/ 460، المجموع 6/ 348، مغني المحتاج 2/ 156.

(7)

المحلى 4/ 335.

(8)

هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي، أبو عيسى الكوفي، التابعي الجليل، روى عن: عمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم، وروى عنه: ابنه عيسى، ومجاهد، وابن سيرين، وآخرون، واتفقوا على توثيقه وجلالته، أدرك (120) صحابيا كلهم من الأنصار، توفي سنة 148 هـ. ينظر: الطبقات الكبرى 6/ 109، سير أعلام النبلاء 4/ 262، تهذيب التهذيب 6/ 260.

(9)

هو: منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي، أبو عَتَّاب الكوفي، الحافظ الثبت القدوة، أحد الأعلام، روى عن: ربعي بن حراش، وأبي وائل، وإبراهيم النخعي، وآخرين، روى عنه: شعبة بن الحجاج، والسفيانان، والأعمش، وطائفة، توفي سنة 132 هـ. ينظر: الطبقات الكبرى 6/ 337، سير اعلام النبلاء 5/ 402، تهذيب التهذيب 10/ 312.

ص: 299

وقال به: سليمان التيمي (1)(2).

وقيده: المالكية (3) ، والحنابلة (4) ، بوصوله إلى الحلق، وأما إن لم يصل إلى الحلق فيُكره عندهم.

سبب الخلاف: الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى سببين والله أعلم:

السبب الأول: اختلافهم هل الصيام معقول المعنى؟ فيكون الواجب هو الإمساك عن كل ما يغذي إذا كان من منفذ الطعام والشراب، أم غير معقول المعنى؟ فيكون الواجب هو الإمساك عما يَرِد الجوف من أي المنافذ وإن كان غير مُغذّي (5).

السبب الثاني: اختلافهم في ثبوت الأحاديث التي نهت الصائم عن الاكتحال، والأحاديث التي أباحت له الاكتحال، وستأتي في الأدلة إن شاء الله.

أدلة القول الأول: القائلين بأن الاكتحال يجوز للصائم بلا كراهة.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم» (6).

وجه الاستدلال: أن هذا الحديث نص في جواز الاكتحال للصائم.

(1) هو: سليمان بن طَرْخَانَ التيمي، أبو المعتمر البصري، كان ثقة كثير الحديث وكان من العباد المجتهدين، روى عن: أنس بن مالك، وطاوس، وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم. وعنه: ابنه معتمر، وشعبة، والسفيانان، وغيرهم، توفي سنة 143 هـ. ينظر: طبقات ابن سعد 7/ 252، وسير أعلام النبلاء 6/ 195، وتهذيب التهذيب 4/ 201.

(2)

تنظر أقوالهم في: الإشراف لابن المنذر 3/ 133، الحاوي الكبير 3/ 460، حلية العلماء 3/ 173، المجموع 6/ 348، مصنف عبد الرزاق 4/ 208. تنبيه: نقل أبو يوسف القاضي عن ابن أبي ليلى الكراهة فقط. ينظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص 131.

(3)

المدونة 1/ 269، التلقين 1/ 69، الكافي 1/ 346، الذخيرة 2/ 505، مواهب الجليل 2/ 425.

(4)

الكافي 1/ 440، المغني 3/ 121، الإنصاف 3/ 299، دقائق أولي النهى 1/ 481.

(5)

ينظر بداية المجتهد 2/ 52.

(6)

رواه ابن ماجه 1/ 536 رقم 1678، كتاب الصيام، باب ما جاء في السواك والكحل للصائم، واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 437 رقم 8259، كتاب الصيام، الصائم يكتحل، قال في مصباح الزجاجة 2/ 67:"هذا إسناد ضعيف"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة 13/ 245 رقم 6108.

ص: 300

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال:«نعم» (1).

وجه الاستدلال: أن إذنَ النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بالاكتحال حال كونه صائما دليل على جوازه للصائم بلا كراهة (2).

الدليل الثالث: عن بَرِيْرَة (3) رضي الله عنها، قالت:«رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمد وهو صائم» (4).

الدليل الرابع: عن أبي رافع (5) رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإِثْمِد (6) وهو صائم» (7).

الدليل الخامس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكره الكحل للصائم،

(1) رواه الترمذي 3/ 96 رقم 726، أبواب الصيام، باب ما جاء في الكحل للصائم، وقال:"حديث ليس إسناده بالقوي، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء"، وقال الألباني في ضعيف الترمذي 1/ 84:"ضعيف الإسناد".

(2)

ينظر: مرقاة المفاتيح 4/ 1395.

(3)

هي: الصحابية بَرِيْرَة مولاة عائشة أم المؤمنين، كانت أمة لبعض بني هلال، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها وتعتقها، وجاء الحديث في شأنها:«الولاء لمن أعتق» وعتقت تحت زوج، وكان اسمه مغيثا. ينظر: الطبقات الكبرى 8/ 256، سير أعلام النبلاء 2/ 297، تهذيب الكمال 35/ 136.

(4)

رواه الطبراني في المعجم الأوسط 7/ 81 رقم 6911، وقال في مجمع الزوائد 3/ 167:"وفيه جماعة لم أعرفهم". ينظر: السلسلة الضعيفة للألباني 13/ 249.

(5)

هو: أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، غلبت عليه كنيته، واختلف في اسمه، فقيل: أسلم، وهو أشهرها، كان قبطيا، وكان عبدا للعباس بن عبد المطلب، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بشره بإسلام العباس أعتقه، شهد أحدا وما بعدها، مات بالمدينة آخر خلافة عثمان رضي الله عنه. ينظر: الاستيعاب 4/ 1656، والإصابة 7/ 112، سير أعلام النبلاء 2/ 16.

(6)

الإِثْمد: حجر الكحل، وهو أسود إلى حمرة. ينظر: تاج العروس 7/ 468، مختار الصحاح 1/ 50.

(7)

رواه الطبراني في المعجم الكبير 1/ 317 رقم 939، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 436 رقم 8258، وقال:"محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ليس بالقوي"، وضعفه الألباني كما في ضعيف الجامع الصغير 1/ 663 رقم 4599.

ص: 301

وكره له السَّعُوط (1) أو شيئا يصبه في أذنيه» (2).

الدليل السادس: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يَرْمَد (3) أبدا» (4).

الدليل السابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «انتظرت النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلينا في رمضان، فخرج من بيت أم سلمة، وقد كحلته وملأت عينيه كحلا» (5).

وجه الاستدلال: أن صيام يوم عاشوراء كان في ذلك الوقت فرضا، فدل على جواز اكتحال الصائم (6).

الدليل الثامن: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أنه كان يكتحل وهو صائم» (7).

الدليل التاسع: عن الأعمش قال: «ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره الكحل للصائم،

(1) السَّعُوط: وهو ما يجعل من الدواء في الأنف. ينظر: الصحاح 3/ 1131، النهاية 2/ 931.

(2)

رواه ابن وهب في الجامع ص 178 رقم 296، كتاب الصوم، وفي الموطأ ص 97 رقم 294، من كتاب الصوم، والحربي في الفوائد المنتقاة ص 123 رقم 123، وأبو نعيم في الطب النبوي 1/ 376 رقم 315، باب وجع الأذن، والمدونة 1/ 269، وقال صاحب كتاب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء 1/ 306:"سنده ضعيف جدا".

(3)

الرَمَدُ: مرض يصيب العين، فتَهيج وتنتفخ. ينظر: مقاييس اللغة 2/ 438، تاج العروس 8/ 116.

(4)

أخرجه البيهقي في الشعب 5/ 334 رقم 3517، في الصيام، صوم التاسع مع العاشر، وقال:"وجويبر ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس"، وفي فضائل الأوقات ص/455 رقم 246، باب في الاكتحال يوم عاشوراء، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 2/ 89 رقم 624:"موضوع".

(5)

أخرجه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث 2/ 613 رقم 582، كتاب اللباس والزينة، باب الكحل للصائم، وأبو بكر البزاز في الغيلانيات ص/115 رقم 75، وقال في المطالب العالية 10/ 399 رقم 2264:"عمرو بن خالد واهٍ".

(6)

ينظر: المبسوط 3/ 67.

(7)

رواه أبو داود 2/ 310 رقم 2378، في الصيام، باب في الكحل عند النوم للصائم، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 304 رقم 9272، في الصيام باب من رخص في الكحل للصائم، وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 139:"حسن موقوف".

ص: 302

وكان إبراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصَّبِر (1)» (2).

الدليل العاشر: ولأن ما وجد من الطعم في حلقه هو أثر الكحل لا عينه؛ كمن ذاق شيئا من الأدوية المُرّة فإنه يجد طعمه في حلقه، وهو قياس الغبار والدخان.

وإن وصل عين الكحل إلى باطنه، فلا يَضرّه أيضا؛ لأنه وصل من قِبَل المَسامّ (3) لا من قِبَل المسالك؛ لأنه ليس بين العين والحلق مسلك؛ فهو نظير الصائم يَشْرَع في الماء فيجد برودة الماء في كبده (4).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن من اكتحل وهو صائم أفطر.

الدليل الأول: عن مَعْبَد بن هَوْذة (5) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد الْمُرَوَّحِ (6) عند النوم، وقال:«ليتقه الصائم» (7).

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج» (8).

(1) الصَّبِر: الدواء المر، وأصله: عصارة شجر مر، واحدته صَبرة، والجمع: صُبور. ينظر: مختار الصحاح 1/ 375، تاج العروس 12/ 280.

(2)

رواه أبو داوود 2/ 310 رقم 2379، في الصوم، باب في الكحل عند النوم للصائم، وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 140:"حسن".

(3)

المَسامّ: هي منافذ الجسم. ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 2/ 1526

(4)

ينظر: المبسوط 3/ 67، تحفة الفقهاء 1/ 366، البناية 4/ 41، الحاوي 3/ 460، المغني 3/ 122.

(5)

هو: مَعْبَد بْنُ هَوْذَة الأنصاري، جد عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، روى حديثه عبد الرحمن بن النعمان بن معبد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم فِي الاكتحال بالإثمد عِنْدَ النوم. ينظر: معرفة الصحابة 5/ 2526، الاستيعاب 3/ 1428، تهذيب الكمال 28/ 240.

(6)

المُرَوَّح: أي المطيب بالمسك، كأنه جعل له رائحة تفوح. ينظر: النهاية 2/ 658، غريب الحديث 1/ 328.

(7)

رواه أبو داود 2/ 310 رقم 2377، في الصيام، باب في الكحل عند النوم للصائم، وقال:"قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر يعني حديث الكحل"، واللفظ له، وأحمد في المسند 25/ 474 رقم 16072، وقال شعيب الأرناؤوط:"إسناده ضعيف". وقال الألباني في الإرواء 4/ 85: "منكر".

(8)

رواه البخاري معلقا مجزوما به 3/ 33، ووصله: ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 308 رقم 9319، والبيهقي في السنن الصغرى 2/ 101 رقم 566، باب الحجامة للصائم، وصححه الألباني في الإرواء 4/ 79 رقم 933.

ص: 303

وجه الاستدلال: أن الصائم إذا وجد طعم الكحل فقد دخل (1).

الدليل الثالث: ولأنه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله بفيه، فأفطر به؛ كما لو أوصله من أنفه (2).

الدليل الرابع: ولأن الكحل الحادّ يصل إلى الجوف، ويظهر الكحل بعينه على اللسان إذا بَصَقَه الإنسان، فعُلِم أن في العين مَنْفَذا يصل منه. وإذا كان في العين مَنْفَذا وصل بالداخل منه كسائر المنافذ. وأيضا فإن الدَمْع يخرج من العين، والدَمْعُ محله الدماغ، فعُلِم أن في العين منافذ ينزل منها الدمع (3).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز الكحل للصائم بلا كراهة؛ لأن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول على جواز اكتحال الصائم، وإن كان لا يخلو واحد منها من كلام، لكنها يقوي بعضها بعضا، وتنتهض بمجموعها للاحتجاج على جواز الاكتحال للصائم، مع ما صح عن أنس بن مالك ¢ من فعله، إضافة إلى أنه ليس هناك في كراهة الكحل حديث صحيح أو حسن (4).

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث معبد بن هوذة فيجاب عنه:

أنه حديث لا يصح، وليس هناك ما يقويه (5).

ثانيا: وأما استدلالهم بأثر ابن عباس: «الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج» ، فيجاب عنه:

أن المراد بالدخول دخول شيء بعينه من منفذ إلى جوف البطن أي المعدة، لا وصول أثر شيء من المسامات إلى الباطن، ولذا لا يفطر تدهين الرأس وشم العطر، وليس للعين منفذ إلى جوف البطن (6).

(1) ينظر تحفة الأحوذي 3/ 349.

(2)

ينظر: المغني 3/ 122، الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 438.

(3)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 389.

(4)

ينظر: تحفة الأحوذي 3/ 348، ومرعاة المفاتيح 6/ 523.

(5)

ينظر: نيل الأوطار 4/ 243، والتوضيح لابن الملقن 13/ 212.

(6)

ينظر: تحفة الأحوذي 3/ 349، ومرعاة المفاتيح 6/ 522.

ص: 304

ثالثا: وأما استدلالهم بوصول الكحل الحاد إلى الجوف وخروج الدمع من العين، فيجاب عنه:

بأن دخول الكحل وخروج الدمع يكون من المسام التي في العين، والمسام ليست كالمنافذ التي يحصل الفطر بالداخل منها بدليل أنه لو اغتسل بالماء، أو دهن رأسه، أو طيَّب بدنه، فإنه يجد في حلقه برودة الماء، وطعم الدهن ولا يفطر. والعَرَق يخرج من هذه المسام كما يخرج الدمع من العين (1).

والله أعلم.

(1) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 389.

ص: 305