المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

؟ .

اختيار الشيخ: اختار أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، فقال:"يوم عاشوراء، أي: اليوم العاشر من المحرم"(1).

اختلف أهل العلم في تعيين يوم عاشوراء على قولين:

القول الأول: هو اليوم العاشر.

وبه قال: الحنفية (2) ، والمالكية (3) ، والشافعية (4) ، والحنابلة (5)، وهو اختيار الشيخ.

وهو الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه (6).

القول الثاني: هو اليوم التاسع.

وهو قول: الظاهرية (7)، وروي ذلك عن: ابن عباس رضي الله عنه (8).

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "والسبب في ذلك اختلاف الآثار"(9).

أدلة القول الأول: القائلين بأن عاشوراء هو اليوم العاشر.

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم عاشر» (10).

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيام عاشوراء، يوم العاشر» (11).

(1) مرعاة المفاتيح 7/ 45.

(2)

درر الحكام 1/ 197، البحر الرائق 2/ 277، مراقي الفلاح 1/ 235، رد المحتار 2/ 375.

(3)

البيان والتحصيل 17/ 325، المنتقى 2/ 58، مواهب الجليل 2/ 403، حاشية الدسوقي 1/ 516.

(4)

الحاوي الكبير 3/ 473، العزيز 3/ 246، المجموع 6/ 383، نهاية المحتاج 3/ 207.

(5)

مسائل أحمد وإسحاق 3/ 1226، المغني 3/ 177، الفروع 5/ 89، المقنع 1/ 318.

(6)

مصنف عبد الرزاق 4/ 288 رقم 7841.

(7)

المحلى، 4/ 437.

(8)

معالم السنن 2/ 132، الاستذكار 3/ 329، المجموع 6/ 383، المغني 3/ 177.

(9)

بداية المجتهد 2/ 70.

(10)

رواه الترمذي 3/ 119 رقم 755، في الصيام باب ما جاء عاشوراء أي يوم هو، وقال:"حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3968.

(11)

رواه البزار 18/ 153 رقم 1051، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 189 رقم 5135:"رجاله رجال الصحيح"، ونقل الألباني في السلسلة الضعيفة 8/ 311 عن الحافظ ابن حجر أنه قال:"إسناده صحيح".

ص: 517

وجه الاستدلال: في الحديثين دليل على أن العاشوراء هو اليوم العاشر (1).

الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، فقالوا: يا رسول الله إنه يوم تُعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع» ، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).

وجه الاستدلال: أن هذا الحديث يدل دلالة صريحة على أن عاشوراء هو اليوم العاشر وليس التاسع، وأنه صلى الله عليه وسلم هَمَّ بصوم التاسع، فمات قبل ذلك، ثم ما هَمّ به من صوم التاسع معناه أنه لا يقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر (3).

قال ابن عبد البر: "وفي هذا دليل على أنه كان يصوم العاشر إلى أن مات، ولم يزل يصومه حتى قَدِم المدينة، وذلك محفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنه "(4).

الدليل الرابع: عن ابن عباس رضي الله عنه، قال:«صوموا التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود» (5).

وجه الاستدلال: في هذا الأثر رد على من قال إن مذهب ابن عباس رضي الله عنه أن عاشوراء هو اليوم التاسع، بل إنه كان يرى صوم اليوم التاسع مع العاشر كما هو صريح في هذا الأثر.

الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «يوم عاشوراء العاشر» (6).

وجه الاستدلال: وهذا تصريح من ابن عباس رضي الله عنه أن عاشوراء هو اليوم العاشر.

أدلة القول الثاني: القائلين بأن عاشوراء هو اليوم التاسع.

(1) ينظر: تحفة الأحوذي 3/ 382.

(2)

أخرجه مسلم 1/ 797 رقم 1134، في الصيام باب أي يوم يصام في عاشوراء.

(3)

ينظر: نخب الأفكار 8/ 407، وفتح الباري 4/ 245، ونيل الأوطار 4/ 290، وكوثر المعاني 13/ 189.

(4)

التمهيد 7/ 215.

(5)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 275 رقم 8404، في الصيام، باب صوم يوم التاسع، وفي فضائل الأوقات رقم 242، باب استحباب صوم اليوم التاسع مع العاشر، وعبد الرزاق في المصنف 4/ 287 رقم 7839، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 78 رقم 3302، وأشار إليه الترمذي في السنن 3/ 119، وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 207:"إسناده صحيح".

(6)

رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 288 رقم 7841، في الصيام، باب صيام يوم عاشوراء.

ص: 518

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، فقالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع» ، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد عزم على أن ينقل صيام يوم عاشوراء إلى اليوم التاسع؛ مخالفة لليهود، فكان هو المرغب في صيامه دون اليوم العاشر.

الدليل الثاني: عن الحَكَم بن الأعرج (2)، قال: انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنه، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال:«إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما» ، قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: «نعم» (3).

وجه الاستدلال: في هذا الأثر تصريح من ابن عباس رضي الله عنه بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم (4)، وقد نسب ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الدليل الثالث: ولأنه مأخوذ من إظْماء الإبل (5)؛ فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الوِرْد (6) رِبْعا بكسر الراء، وكذا تُسَمّي باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع على هذا عِشْرا بكسر العين (7).

الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة والله أعلم هو القول الأول: أن عاشوراء هو اليوم العاشر؛ وذلك: لقوة أدلتهم، ولصراحة النصوص النبوية في أن المقصود من عاشوراء هو اليوم العاشر. وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

(1) سبق تخريجه صفحة (516).

(2)

هو: الحكم بن عبد الله بن إسحاق، المعروف بالحكم بن الأعرج البصري. تابعي ثقة، حدث عن: عبد الله بن عُمر، وعبد الله بن عباس، وغيرهما، وعنه: يونس بن عبيد، ومعاوية بن عمرو بن غلَّاب. ينظر: الطبقات الكبرى 7/ 213، تهذيب الكمال 7/ 103، تهذيب التهذيب 2/ 428.

(3)

رواه مسلم 2/ 797 رقم 1133، في الصيام باب أي يوم يصام في عاشوراء.

(4)

ينظر: المحلى 4/ 437، شرح مسلم للنووي 8/ 12.

(5)

الإظماء: من الظَمَأ وهو العطَش، يقال رجل ظمآن أي عطشان. ينظر: النهاية 3/ 162، تاج العروس 1/ 333.

(6)

ورد الماء: إذا بلَغَه وأَشْرَفَ عليه، دخله أو لم يدخله. ينظر: تاج العروس 9/ 289، المعجم الوسيط 2/ 1024.

(7)

ينظر: المجموع 6/ 383، الذخيرة 2/ 530.

ص: 519

أولا: أما استدلالهم بحديث: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع» ،

فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن الحديث يدل على أنه كان يصوم العاشر، وأما التاسع فإنه لم يصمه (1).

قال النووي: "وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه صلى الله عليه وسلم ليس هو التاسع، فتعين كونه العاشر"(2).

الوجه الثاني: أن المقصود هو صيام اليوم التاسع مع العاشر، فيحصل بذلك مخالفة اليهود، لا إفراد التاسع وحده.

قال ابن رشد الجد: "لأنه يحتمل: «لأصومن التاسع مع العاشر» كيلا أقصد إلى صيامه بعينه دون أن أخلطه بغيره، كما يفعله اليهود"(3).

ثانيا: وأما استدلالهم بقول ابن عباس رضي الله عنه: «فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما» ، على أن ابن عباس رضي الله عنه يرى أن عاشوراء هو اليوم التاسع، فغير مُسَلَّم؛ لأن ابن عباس رضي الله عنه لم يجعل عاشوراء هو يوم التاسع، بل قال للسائل: صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو العاشر (4).

قال الشوكاني: "إن ابن عباس رضي الله عنه أرشد السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه وهو التاسع، ولم يُجِب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر؛ لأن ذلك مما لا يُسْأَل عنه ولا يَتَعلّق بالسؤال عنه فائدة، فابن عباس لَمّا فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه أجاب عليه بأنه التاسع. وقوله: «نعم» بعد قول السائل: «أهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم»؟ ، بمعنى: نعم هكذا كان يصوم لو بقي؛ لأنه قد أَخبرَنا بذلك. ولا بد من هذا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مات قبل صوم التاسع"(5).

ثالثا: وأما قولهم: إنه مأخوذ من إظماء الإبل، فيجاب عنه:

أنه معارض بأن الأصل في الاشتقاق الموافقة في المعنى، والعاشوراء من العشر، وهو المعروف عند أهل اللغة، وأما تقدير أخذه من إظماء الإبل فبعيد (6). والله أعلم.

(1) ينظر: مواهب الجليل 2/ 403.

(2)

المجموع 6/ 383، وشرح مسلم 8/ 12.

(3)

البيان والتحصيل 17/ 325.

(4)

ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير 7/ 197، نخب الأفكار 8/ 408.

(5)

نيل الأوطار 4/ 287، وينظر: زاد المعاد 2/ 72.

(6)

ينظر: الذخيرة 2/ 530، المجموع 6/ 383، معجم مقاييس اللغة 4/ 326، والنهاية 3/ 240.

ص: 520