المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

؟ .

اختيار الشيخ: اختار أن صيام عرفة أفضل من صيام عاشورا، فقال:"وسيأتي أن صوم عرفة يكفر سنتين وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة، وظاهره إن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء"(1).

اختلف أهل العلم في أيهما أفضل صيام يوم عرفة أو صيام يوم عاشوراء على قولين:

القول الأول: صيام يوم عرفة أفضل.

وقال به: الحنفية (2) ، والمالكية (3) ، والشافعية (4) ، والحنابلة (5)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: صيام يوم عاشوراء أفضل.

وبه قال: ابن عباس رضي الله عنه (6) ، واختاره ابن رشد الجد من المالكية (7).

أدلة القول الأول: القائلين بأن صيام يوم عرفة أفضل.

الدليل الأول: عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله» (8).

وجه الاستدلال: أن التكفير منوط بالأفضلية (9).

والحديث نص على أن صيام عرفة تكفير سنتين، وصيام عاشوراء تكفير سنة، فكان صيام عرفة أفضل.

(1) مرعاة المفاتيح 7/ 45.

(2)

مراقي الفلاح ص 151، رد المحتار 2/ 375، حاشية الطحطاوي ص 639.

(3)

التوضيح لخليل 2/ 458، الدر الثمين 1/ 453، مواهب الجليل 2/ 403، الفواكه الدواني 2/ 273.

(4)

المجموع 6/ 381، أسنى المطالب 1/ 431، نهاية المحتاج 3/ 207، كفاية الأخيار 1/ 207.

(5)

متن الخرقي ص 51، الكافي 1/ 450، الشرح الكبير 3/ 107، شرح الزركشي 2/ 639.

(6)

صحيح البخاري 3/ 44 رقم 2006، في كتاب الصيام، باب: صيام يوم عاشوراء، وينظر: فتح الباري 4/ 249.

(7)

المقدمات الممهدات 1/ 242، ومواهب الجليل 2/ 403، والتاج والإكليل 3/ 333.

(8)

سبق تخريجه صفحة (420).

(9)

ينظر: مواهب الجليل 2/ 403، والفواكه الدواني 2/ 273.

ص: 528

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم» (1).

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما من السنة يوم أصومه أحب إلي من أن أصوم يوم عرفة» (2).

وجه الاستدلال: أن هذا تصريح من عائشة رضي الله عنها أن يوم عرفة هو أفضل يوم يصام.

الدليل الرابع: ولأن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام ، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل (3).

ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء فكان يومه بسنتين (4).

الدليل الخامس: ولأن صيام عرفة من خصائص هذه الأمة، بخلاف عاشوراء؛ لمشاركة موسى عليه السلام وقومه لنا فيه (5)؛ فكان ما خُصت به هذه الأمة أفضل.

أدلة القول الثاني: القائلين بأن صيام يوم عاشوراء أفضل.

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر، يعني شهر رمضان» (6).

وجه الاستدلال: وهذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان (7).

(1) رواه البيهقي في الشعب 5/ 315 رقم 3486، واللفظ له، والطبراني في المعجم الأوسط 7/ 44 رقم 6802. وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 11/ 310 رقم 5191:"منكر".

(2)

رواه ابن الجعد في مسنده ص 89 رقم 512، واللفظ له، والبيهقي في الشعب 5/ 315 رقم 3485، في الصيام باب: تخصيص أيام العشر من ذي الحجة بالاجتهاد بالعمل فيهن، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 341 رقم 9716، في الصيام باب: ما قالوا في صوم يوم عرفة بغير عرفة.

(3)

ينظر: فتح الباري 4/ 249، حاشية الطحطاوي ص 639، التوضيح لخليل 2/ 458.

(4)

ينظر: النجم الوهاج 3/ 355، ومغني المحتاج 2/ 183، إعانة الطالبين 2/ 301.

(5)

ينظر: تحفة الحبيب على شرح الخطيب 2/ 405.

(6)

رواه البخاري 3/ 44 رقم 2006، في الصوم باب صيام يوم عاشوراء، واللفظ له، ومسلم 2/ 797 رقم 1132، في الصيام باب صوم يوم عاشوراء.

(7)

ينظر: فتح الباري 4/ 249، ونيل الأوطار 4/ 288.

ص: 529

الدليل الثاني: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام من كل شهر ثلاثة أيام، وهي البيض، حُسِب له بصومه ثلاثة آلاف سنة، ومن صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر وقامه» (1).

وجه الاستدلال: أن هذا الحديث قد جعل صيام يوم عاشوراء كصيام الدهر وقيامه، وهذا فضل لم يُخصّ به يوم غير عاشوراء.

الدليل الثالث: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» (2).

وجه الاستدلال: أن الحديث يقتضي المنع من صيام يوم عرفة مثله مثل يوم العيد، سواء كان ذلك للحاج أو لغيره (3). فكيف يكون صيامه أفضل الصيام؟ .

الدليل الرابع: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يوم عرفة «لا يصحبنا أحد يريد الصيام، فإنه يوم تكبير، وأكل وشرب» (4).

وجه الاستدلال: فهذا ابن عباس رضي الله عنهما كان يرى أن يوم عرفة لا يصام، سواء كان الصائم حاجا أو غير حاج.

قال ابن عبد البر: "وقد ذهبت طائفة إلى ترك صومه بعرفة وغير عرفة؛ للدعاء"(5).

(1) رواه السهمي في تاريخ جرجان ص 344، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 200 بلفظ:«فمن صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله، وهو صوم الأنبياء، ومن أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله تعالى مثل عبادة أهل السموات السبع» ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وينظر: اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/ 93، وتنزيه الشريعة المرفوعة 2/ 150.

(2)

رواه أبو داود 2/ 320 رقم 2419، في الصوم باب صيام أيام التشريق، والترمذي 3/ 134 رقم 773، في الصيام باب ما جاء في كراهية الصوم في أيام التشريق، وقال:"حديث حسن صحيح"، والنسائي 5/ 252 رقم 3004، في الصيام باب: النهي عن صوم يوم عرفة، وأحمد 28/ 605 رقم 17379. وقال الألباني في الإرواء 4/ 130:"صحيح على شرط مسلم".

(3)

ينظر: نخب الأفكار 8/ 378.

(4)

رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 283 رقم 7820، في الصيام، باب صيام يوم عرفة.

(5)

التمهيد 21/ 161.

ص: 530

الدليل الخامس: ولأن يوم عاشوراء كان هو الفرض قبل أن يُفرَض صيام رمضان، وقد خَصَّه الشرع -لفضله- بما لم يَخُصّ به غيره، وذلك بأن يصومه من لم يُبَيّت صيامه، ومن لم يعلم به حتى أكل أو شرب (1).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن صيام عرفة أفضل؛ لصحة حديث: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله» ؛ والتكفير منوط بالأفضلية. وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث ابن مسعود رضي الله عنه: «ومن صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر وقامه» ، فيجاب عنه:

أنه حديث باطل، لا يصح الاحتجاج به.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ، فيجاب عنه:

أن ذكر يوم عرفة في هذا الحديث غير محفوظ، وإنما المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، من غير ذِكرِ يوم عرفة (2).

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث ابن عباس رضي الله عنه: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء

» ، فيجاب عنه:

أن ابن عباس رضي الله عنه أسند ذلك إلى عِلمِه؛ فليس فيه ما يَرُدّ عِلم غيره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق في أدلة القول الأول- أن صوم عاشوراء يُكَفّر سنة، وأن صيام يوم عرفة يُكَفّر سنتين، فيكون صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء (3)؛ لأن التكفير منوط بالأفضلية (4).

رابعا: وأما استدلالهم بأن ابن عباس رضي الله عنه كان ينهى عن صيام يوم عرفة للحاج ولغيره، فيجاب عنه من وجهين:

(1) ينظر: المقدمات الممهدات 1/ 242.

(2)

ينظر: التمهيد 21/ 163، وقوت المغتذي على جامع الترمذي 1/ 274.

(3)

ينظر: فتح الباري 4/ 249، ونيل الأوطار 4/ 288.

(4)

ينظر: مواهب الجليل 2/ 403، والفواكه الدواني 2/ 273.

ص: 531

الوجه الأول: أن مقصود ابن عباس رضي الله عنه ترك الصيام بعرفة لا مطلق الترك، ويؤيده ما جاء عن سعيد بن جبير:«أنه رأى ابن عباس رضي الله عنه مفطرا بعرفة يَأكل رُمانا» (1).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بأن ابن عباس رضي الله عنه كان لا يرى صيام عرفة للحاج وغيره، فقد يكون ذلك بسبب أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أفطر يوم عرفة بعرفة، ولم يبلغه حديث فضل عرفة لغير الحاج من تكفير سنتين. وثبت عنده أن يوم عاشوراء قد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في صيامه، وكان يتعهد الصحابة عنده، وأنه صامه وأمر بصيامه. من أجل ذلك كله، ترجح عنده أفضلية صيام يوم عاشوراء على غيره. ومما قد يبين أن ابن عباس رضي الله عنه لم يبلغه حديث فضل عرفة، ما جاء عن عطاء بن أبي رباح ومجاهد? أنهما قالا:«لم نكن نصوم يوم عرفة حتى أخبرنا عبد الكريم أبو أُمَيّة (2) أن صيام يوم عرفة كفارة سنتين: السنة المستقبلة، والسنة الماضية» (3).

وعطاء ومجاهد? من أخص تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه (4)، فلو كان عند ابن عباس رضي الله عنه علم بفضل صيام عرفة لما خفي عليهما ذلك. والله أعلم.

(1) رواه عبد الرزاق 4/ 282 رقم 7816، في الصيام باب صيام يوم عرفة، واللفظ له، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى 3/ 225 رقم 2828، في الصيام باب: إفطار يوم عرفة بعرفة، وأحمد في المسند 3/ 364 رقم 1870، بلفظ: قال: أتيت على ابن عباس رضي الله عنه بعرفة وهو يأكل رمانا، فقال:"أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، وبعثت إليه أم الفضل بلبن، فشربه"، وقال شعيب الأرنؤوط:"حديث صحيح".

(2)

هو: عبد الكريم بن أبي المخارق: قيس، وقيل: طارق، أبو أمية المعلّم البصري، نزيل مكة، روى عن: أنس بن مالك، وحسان بن بلال المزني، وطائفة. وعنه: مالك، وحماد بن سلمة، والسفيانان، وطائفة، توفي سنة 126 هـ. ينظر: تهذيب التهذيب 6/ 377، سير أعلام النبلاء 6/ 83.

(3)

رواه الفاكهي في أخبار مكة 4/ 325 رقم 2768، وقال المحقق:"إسناده صحيح".

(4)

ينظر في بيان أنهما من أخص تلاميذه: مجموع الفتاوى 13/ 347.

ص: 532