المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

.

اختيار الشيخ: اختار قول الجمهور: إنه يشترط شاهدان لثبوت هلال شوال، فقال:"وأما هلال شوال فلا يقبل فيه إلا شهادة اثنين عدلين"(1).

تحرير محل الخلاف: اتفق أهل العلم على أن الكافة إذا أخبرت برؤية الهلال، أن الصيام والإفطار بذلك واجبان (2).

واختلفوا في عدد الشهود الذي يثبت به هلال شوال على قولين:

القول الأول: يشترط لهلال شوال شهادة رجلين.

وبه قال: الحنفية (3) ، والمالكية (4) ، والشافعية (5) ، والحنابلة (6)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يكتفى في ثبوت هلال شوال بشاهد واحد.

وبه قال: أبو ثور (7)(8) ، وابن حزم (9)(10).

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 450.

(2)

مراتب الإجماع ص 40، الإقناع لابن القطان 1/ 228، بدائع الصنائع 2/ 80، القوانين الفقهية ص 79، تبيين الحقائق 1/ 321، مناهج التحصيل 2/ 66، المحلى بالآثار 4/ 375.

(3)

بدائع الصنائع 2/ 81، الاختيار 1/ 130، تبيين الحقائق 1/ 319، البناية 4/ 31.

(4)

المدونة 1/ 267، المقدمات الممهدات 1/ 251، بداية المجتهد 2/ 48، التاج والإكليل 3/ 279.

(5)

الأم 2/ 103، الحاوي الكبير 3/ 412، نهاية المطلب 4/ 12، البيان 3/ 482، المجموع 6/ 280.

(6)

المغني 3/ 165، الفروع 4/ 418، الروض المربع 1/ 227، شرح منتهى الإرادات 1/ 473.

(7)

هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، وأبو ثور لقبه، أصله من بني كلب، فقيه من أصحاب الإمام الشافعي، من مصنفاته: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي، توفي سنة 240 هـ. ينظر: تهذيب التهذيب 1/ 118، وتذكرة الحفاظ 2/ 87، والأعلام للزركلي 1/ 30.

(8)

الإشراف لابن المنذر 3/ 113، بداية المجتهد 2/ 49، المجموع 6/ 280.

(9)

هو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، أبو محمد الأندلسي القرطبي، الإمام الفقيه الظاهري، أصله من الفرس، كانت له الوزارة وتدبير المملكة، فانصرف عنها إلى التأليف والعلم، من تصانيفه: المحلى في الفقه؛ مراتب الإجماع، والإحكام في أصول الأحكام في أصول الفقه، توفي سنة 456 هـ. ينظر: تاريخ الإسلام 10/ 74، طبقات الحفاظ ص 435، الأعلام 4/ 254.

(10)

المحلى بالآثار 4/ 373.

ص: 96

واختاره: ابن رشد الحفيد (1)(2)، وابن المنذر (3)(4).

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب، وتردد الخبر في ذلك بين أن يكون من باب الشهادة أو من باب العمل بالأحاديث التي لا يشترط فيها العدد"(5).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يشترط لهلال شوال شهادة رجلين.

الدليل الأول: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، فقال:«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (6).

وجه الاستدلال: أن قوله صلى الله عليه وسلم: «حتى تروه» ، أي الهلال، وليس المراد رؤية جميع الناس بحيث يحتاج كل فرد إلى رؤيته، بل المعتبر رؤية بعضهم وهو العدد الذي تثبت به الحقوق، وهو عدلان، لكن استثنى منه هلال رمضان لحديثي ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، فإنهما نصان في قبول شهادة العدل الواحد في رؤية هلال رمضان (7).

(1) هو: محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، أبو الوليد القرطبي المالكي، الملقب بابن رشد الحفيد، تمييزا له عن جده، أدرك حياة جده شهرا، عنى بكلام أَرِسطو وترجمه إلى العربية وزاد عليه زيادات كثيرة، وهو طبيب فيلسوف فقيه، توفي سنة 595 هـ في مراكش، من مصنفاته: فلسفة ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد. ينظر: تاريخ الإسلام 12/ 1039، شذرات الذهب 6/ 522، الأعلام 5/ 318.

(2)

بداية المجتهد 2/ 49.

(3)

هو: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، نزيل مكة، من كبار الفقهاء المجتهدين، لم يكن يقلد أحدًا؛ وعده الشيرازي في الشافعية، لقب بشيخ الحرم، أكثر تصانيفه في بيان اختلاف العلماء، من مصنفاته: المبسوط، والإشراف على مذاهب أهل العلم، والإجماع وغيرها، توفي سنة 319 هـ. ينظر: تذكرة الحفاظ 3/ 5، وطبقات الشافعية 3/ 102، والأعلام 5/ 294.

(4)

الإقناع 1/ 19.

(5)

بداية المجتهد 2/ 48.

(6)

سبق تخريجه صفحة (70).

(7)

ينظر: إرشاد الساري 3/ 356، وطرح التثريب للعراقي 4/ 114.

ص: 97

الدليل الثاني: عن ربعي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح صائما لتمام الثلاثين من رمضان، فجاء أعرابيان فشهدا أن لا إله إلا الله وأنهما أهلاه بالأمس، «فأمرهم فأفطروا» (1).

الدليل الثالث: عن أبي عمير بن أنس بن مالك قال: حدثني عمومتي من الأنصار، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، «فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد» (2).

الدليل الرابع: عن أنس (3) رضي الله عنه أن قوما شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الهلال، هلال شوال، «فأمرهم أن يفطروا، وأن يغدوا (4) على عيدهم» (5).

وجه الاستدلال من الأحاديث: أن هذه الأحاديث تدل على أن الأصل في أمر الهلال شهادة عدلين (6).

وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل في ذلك شهادة اثنين فغير جائز قبول أقل منهما (7).

(1) سبق تخريجه صفحة (72).

(2)

سبق تخريجه صفحة (71).

(3)

هو: أنس بن مالك بن النضر، النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو حمزة المدني، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، خدمه إلى أن قبض، ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة، فمات بها آخر من مات بها من الصحابة سنة 93 هـ، له في الصحيحين 2286 حديثا. ينظر: طبقات الكبرى 7/ 17؛ معرفة الصحابة 1/ 231، سير أعلام النبلاء 3/ 395.

(4)

الغَدْوة، وهي: ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. هذا أصله، ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان. ينظر: المصباح المنير 2/ 443، تاج العروس 39/ 144.

(5)

رواه البزار في مسنده رقم 7164، وقال:"هذا الحديث أخطأ فيه سعيد بن عامر، وإنما رواه شعبة، عن أبي بشر، عن أبي عمير بن أنس: أن عمومة له "، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 147:"رجاله رجال الصحيح، إلا أن البزار قال الصواب أنه مرسل".

(6)

ينظر: مرعاة المفاتيح 6/ 450.

(7)

ينظر: تهذيب الآثار للطبري 2/ 766.

ص: 98

الدليل الخامس: عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: إنا صحبنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلمنا منهم، وإنهم حدثونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين، فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» (1).

الدليل السادس: عن طاووس، قال: شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ، فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده على رؤية هلال شهر رمضان، فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته، فأمراه أن يجيزه. قالا:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة واحد على رؤية الهلال رمضان، وكان لا يجيز شهادة الإفطار إلا بشهادة رجلين» (2).

الدليل السابع: عن علي (3) رضي الله عنه قال: (إذا شهد رجلان ذوا عدل على رؤية الهلال فأفطروا)(4).

الدليل الثامن: ولأن هذه شهادة يلحق الشاهد فيها التهمة، فكان من شرطها العدد، كسائر الشهادات (5).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يكتفى في ثبوت هلال شوال بشاهد واحد.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته؛ «فصام وأمر الناس بصيامه» (6).

(1) سبق تخريجه صفحة (90).

(2)

سبق تخريجه صفحة (89).

(3)

هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو الحسن القرشي الهاشمي، من السباقين للإسلام، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، زوجه النبي صلى الله عليه وسلم بنته فاطمة، ولي الخلافة بعد مقتل عثمان، قتله عبد الرحمن بن ملجم سنة 40 هـ بالكوفة. ينظر: سير أعلام النبلاء 28/ 223، الكامل في التاريخ 2/ 747، أسد الغابة 4/ 87.

(4)

رواه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 320 رقم 9469، كتاب الصيام، باب من كان يقول إلا بشهادة رجلين.

(5)

ينظر: البيان 3/ 482، بدائع الصنائع 2/ 81.

(6)

سبق تخريجه صفحة (88).

ص: 99

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال؛ يعني رمضان، فقال:«أتشهد أن لا إله إلا الله؟ » قال: نعم. قال: «أتشهد أن محمدا رسول الله؟ » قال: نعم. قال: «يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدا» (1).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الواحد على هلال رمضان، فيقاس عليه هلال شوال؛ إذ لا فرق بينهما (2).

كما أنه لم يأت أن النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة الواحد على هلال شوال (3).

الدليل الثالث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مَكْتُوم (4)» (5).

وجه الاستدلال: أنه لمّا كان الإجماع منعقدا على وجوب الفطر والإمساك عن الأكل بقول واحد، وهو قول المؤذن، فوجب أن يكون الأمر كذلك في دخول الشهر وخروجه؛ إذ كلاهما علامة تفصل زمان الفطر من زمان الصوم (6).

الدليل الرابع: ولأن باب رؤية الهلال من باب الإخبار، فلا يجري مجرى الشهادات؛ ألا ترى أن شهادة الواحد مقبولة في رؤية هلال شهر رمضان، فكذلك يجب أن تكون مقبولة في هلال شهر شوال (7).

(1) سبق تخريجه صفحة (88).

(2)

ينظر: نيل الأوطار 4/ 223.

(3)

ينظر: المحلى بالآثار 4/ 376.

(4)

هو: عمرو بن قَيْس بن زائدة بن الأصم بن رواحة القرشي العامري، ابن أم مَكْتُوم الصحابي الجليل، وقيل اسمه عبد الله، مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ضريرا واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة، وشهد القادسية في خلافة عمر. ينظر: الاستيعاب 3/ 997، الإصابة 4/ 494، السير 1/ 360.

(5)

رواه البخاري 1/ 127 رقم 620، كتاب الأذان، باب الأذان بعد الفجر، ومسلم 2/ 768 رقم 1092، كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.

(6)

ينظر: بداية المجتهد 2/ 50، وينظر: المحلى بالآثار 4/ 375.

(7)

ينظر: معالم السنن 2/ 101.

ص: 100

الدليل الخامس: ولأنه من الدين؛ وقد صح في الدين قبول خبر الواحد؛ فهو مقبول في كل مكان، إلا حيث أَمَر الله تعالى بأن لا يقبل إلا عدد سماه لنا (1).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه يكتفى في ثبوت هلال شوال بشاهد واحد؛ وذلك لصحة ما استدلوا به، ووضوح دلالته على المطلوب، ولصحة قياسهم.

قال ابن رشد: "ويشبه أن يكون أبو ثور لم ير تعارضا بين حديث ابن عباس وحديث ربعي بن حراش، وذلك: أن الذي في حديث ربعي بن حراش أنه قضى بشهادة اثنين، وفي حديث ابن عباس أنه قضى بشهادة واحد، وذلك مما يدل على جواز الأمرين جميعا، لا أن ذلك تعارض، ولا أن القضاء الأول مختص بالصوم والثاني بالفطر، فإن القول بهذا إنما ينبني على توهم التعارض. وكذلك يشبه ألا يكون تعارض بين حديث عبد الرحمن بن زيد وبين حديث ابن عباس إلا (بدليل الخِطاب) (2)، وهو ضعيف إذا عارضه النص"(3).

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول، فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث: «لا تصوموا حتى تروا الهلال

»، فيجاب عنه بأن يقال:

أين في الحديث تخصيص هلال شوال بشهادة عدلين؟ ، فالحديث لم يذكر عدد الشهود لا في هلال رمضان ولا في هلال شوال، وإنما ذكر مطلق الرؤية، وأما تعيين عدد الشهود فيستفاد من أدلة أخرى.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث الأعرابيين، وحديث الركب، وحديث القوم الذين شهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم برؤية هلال شوال، فيجاب عنه:

أنه ليس في هذه الأحاديث اشتراط بأن يكون الشهود اثنين أو ركبا أو قوما، وإنما حصل أن جاء أعرابيان، وحصل أن جاء ركب، وحصل أن جاء قوم، فهي (وقائع أعيان)(4) لا تفيد أن أقل من ذلك لا يقبل، وإنما كان يستقيم استدلالهم لو أتوا بحديث واحد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم

(1) ينظر: المحلى بالآثار 4/ 375، نيل الأوطار 4/ 222 - 223.

(2)

وهو المفهوم وقد سبق تعريفه صفحة (91).

(3)

بداية المجتهد 2/ 49.

(4)

المراد بوقائع الأعيان: ذكر واقعة عين لشخص مخصوص حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم مع احتمال الحكم فيها لوجوه عدة. ينظر: مُوسوعة القواعد الفقهيّة 3/ 157

ص: 101

رد شهادة واحد على هلال شوال. وعليه فليس في هذه النصوص ما يدل على تقييد أو اشتراط اثنين أو أكثر لرؤية هلال شوال.

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن زيادة: «فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» غير محفوظة؛ لأنها لم تأت من طريق صحيحة (1).

الثاني: وعلى التسليم بصحة الحديث، فيجاب عنه: أن اشتراط شهادة الاثنين مستفاد من هذا الحديث (بمفهوم الشرط)(2)، وقد وقع الخلاف بين العلماء في العمل به.

ثم هو أيضا معارض بما تقدم من قبوله صلى الله عليه وسلم لخبر الواحد في أول الشهر، وبالقياس عليه في آخره؛ لعدم الفارق. فلا ينتهض مثل هذا المفهوم لإثبات هذا الحكم به (3).

رابعا: وأما استدلالهم بحديث طاووس، قال:"شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما .. " الحديث، فيجاب عنه: أنه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة (4).

ومثله أثر علي رضي الله عنه فهو أثر ضعيف (5).

خامسا: وأما قولهم: إن هذه شهادة يلحق الشاهد فيها التهمة، فكان من شرطها العدد، كسائر الشهادات، فيجاب عنه:

كما أنهم ردوا شهادة الشاهد بهذا الظن، كان ينبغي رد شهادة الشاهدين في شوال أيضا بنفس الظن؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا فتلحقهما التهمة، كما يفعلون في سائر الحقوق (6). والله أعلم.

(1) لأن في سندها: حجاج ابن أرطاة، وهو كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالتحديث. ينظر: تقريب التهذيب ص: 152، وتهذيب الكمال 17/ 123. وينظر: البدر المنير 5/ 644.

(2)

مفهوم الشَّرْط: هو من أنواع دليل الخطاب (مفهوم المخالفة). ينظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص 379.

(3)

ينظر: نيل الأوطار 4/ 222 - 223.

(4)

قال الدارقطني في السنن 3/ 97: "تفرد به حفص بن عمر الأبلي أبو إسماعيل وهو ضعيف الحديث".

(5)

لأنه من رواية الحارث الأعور، وهو ضعيف باتفاق المحدثين، معروف بالكذب. ينظر: ميزان الاعتدال 1/ 435، وتهذيب الكمال 5/ 245.

(6)

ينظر: المحلى 4/ 376.

ص: 102