المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

.

اختيار الشيخ: اختار جواز انغماس الصائم في الماء موافقة للجمهور، فقال رادا على من رأى كراهة ذلك:"قلت: الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل من الكتاب أو السنة، ولم يقم دليل على كراهة الدخول في الماء أو التلفف بالثوب المبلول، بل ثبت خلافه فالقول بكراهته مردود على قائله"(1).

اختلف الفقهاء في حكم انغماس الصائم في الماء والتلفف بالثوب المبلول على قولين:

القول الأول: لا يكره انغماس الصائم في الماء ولا تلففه بالثوب المبلول.

وبه قال: المالكية (2) ، والشافعية (3) ، والحنابلة (4) ، وأبو يوسف القاضي (5) ، والظاهرية (6) ، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يكره انغماس الصائم في الماء وتلففه بالثوب المبلول.

وبه قال: أبو حنيفة (7).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم والله أعلم: هل الدخول في الماء والتلفف بالثوب المبلول يدلّ على المَلَل من الصيام وقلة الصبر، أو هو سبب للتقوي على الصيام؟ .

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا يكره انغماس الصائم في الماء ولا تلففه بالثوب المبلول.

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 524

(2)

المدونة 1/ 271، النوادر والزيادات 2/ 43، التاج والإكليل 3/ 350.

(3)

الحاوي 3/ 461، البيان 3/ 531، المهذب 1/ 340، المجموع 6/ 348.

(4)

المغني 3/ 123، الإنصاف 3/ 309، شرح منتهى الإرادات 1/ 483، حاشية الروض المربع 3/ 405.

(5)

بدائع الصنائع 2/ 107، تحفة الفقهاء 1/ 368، البحر الرائق 2/ 301، مراقي الفلاح ص 256، رد المحتار 2/ 419، عمدة القاري 11/ 11. وعليه الفتوى عند الحنفية.

(6)

المحلى 4/ 336

(7)

تحفة الفقهاء 1/ 368، بدائع الصنائع 2/ 107، البحر الرائق 2/ 293، رد المحتار 2/ 396.

ص: 330

الدليل الأول: عن أبي بكر بن عبد الرحمن (1) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْج (2) يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر» (3).

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على أنه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله؛ لفعله صلى الله عليه وسلم (4).

وهو أصل في استعمال ما يتقوى به الصائم على صومه، مما لا يقع به الفطر من التبرد بالماء والمضمضة به، والتلفف بالثوب المبلول؛ لأن ذلك يعينه على الصوم ولا يقع به الفطر (5).

الدليل الثاني: قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «إن لي أَبْزَنا أَتَقَحَّمُ (6) فيه وأنا صائم» (7).

وجه الاستدلال: أن أنس رضي الله عنه كان لا يرى حرجا في الانغماس في الماء إذا شعر بالحر وهو صائم للتبرد وقد صرح هو نفسه بذلك (8).

(1) هو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي، أبو عبد الرحمن المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان مكفوفا، روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعائشة، وعنه: بنوه، ومولاه سميّ، ومجاهد، والزهري، والشعبي، وطائفة، توفي سنة 94 هـ. ينظر: الطبقات الكبرى 5/ 207، سير أعلام النبلاء 4/ 416، تهذيب الكمال 33/ 112.

(2)

العَرْج: وهو بفتح العين وسكون الراء: قريةٌ جامعةٌ من عمل الفرع، على أيام من المدينة. ينظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 204، ومعجم البلدان 4/ 98.

(3)

رواه مالك في الموطأ 3/ 420، باب ما جاء في الصيام في السفر، وأبو داود 2/ 307 رقم 2365، كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، وأحمد 25/ 241 رقم 15903، وقال محققه:"إسناده صحيح على شرط مسلم"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/ 61.

(4)

ينظر: نيل الأوطار 4/ 249.

(5)

ينظر: المنتقى 2/ 49، المسالك لابن العربي 4/ 369.

(6)

الأَبْزَن: حجر منقور شبه الحوض، وقيل من صفر، وهي كلمة فارسية ولذلك لم يصرفه. أَتَقَحَّمُ: أي ألقي نفسي. ينظر: تاج العروس 34/ 252، تهذيب اللغة 13/ 155، لسان العرب 13/ 51.

(7)

أخرجه البخاري معلقا مجزوما به 3/ 30، باب اغتسال الصائم، وقال الحافظ في الفتح 4/ 154:"هذا الأثر وصله قاسم بن ثابت في (غريب الحديث) له من طريق عيسى بن طهمان".

(8)

ينظر: فتح الباري 4/ 154.

ص: 331

الدليل الثالث: «بَلَّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوبا فألقاه عليه وهو صائم» (1).

وجه الاستدلال: أن الثوب المبلول إذا أُلقي على البدن بَلَّه، فأشبه ما إذا صب عليه الماء، أو إذا انغمس فيه (2).

الدليل الرابع: ولأنه ليس فيه إلا دفع أذى الحر، فلا يُكرَه؛ كما لو استظلَّ (3).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يكره انغماس الصائم في الماء وتلففه بالثوب المبلول.

الدليل الأول: عن عليّ رضي الله عنه، قال:«لا تدخل الحمّام وأنت صائم» (4).

وجه الاستدلال: أن علي رضي الله عنه كره للصائم الاغتسال حال كونه صائما.

الدليل الثاني: توجيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي فيه: «أنه كان يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر» ؛ أنه لبيان الجواز فقط، وكراهة التنزيه لا تنافي الجواز (5).

الدليل الثالث: ولأن فيه إظهار المَلَل من العبادة والامتناع عن تحمل مشقتها (6).

الدليل الرابع: ولأن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرتموه محمول على حال مخصوصة وهي حال خوف الإفطار من شدة الحر، وكذا فعل ابن عمر رضي الله عنه محمول أيضا على مثل هذه الحالة (7).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول، جواز اغتسال الصائم ودخوله الماء وتلففه بالثوب المبلول؛ وذلك لصحة ما استدل به أصحاب هذا القول، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله كما في حديث العَرْج، وصحابته الكرام أيضا.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

(1) أخرجه البخاري معلقا في الصوم 3/ 30، باب اغتسال الصائم، ووصله في التاريخ الكبير 5/ 147، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 300 رقم 9212، كتاب الصيام، باب ما ذكر في الصائم يتلذذ بالماء.

(2)

ينظر: إرشاد الساري 3/ 370، وعمدة القاري 11/ 11، وفتح الباري 4/ 153.

(3)

ينظر: بدائع الصنائع 2/ 108.

(4)

رواه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 318 رقم 9448، كتاب الصيام، باب في الرجل يدخل الحمام وهو صائم، وقال الحافظ في الفتح 4/ 153:"في إسناده ضعف".

(5)

ينظر: مرقاة المفاتيح 4/ 1396، وأصول السرخسي 1/ 64.

(6)

ينظر: بدائع الصنائع 2/ 108.

(7)

المصدر السابق.

ص: 332

أولا: أما استدلالهم بأثر علي فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أنه أثر في إسناده ضعف فلا تقوم به الحجة (1).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بصحته: فأين الدليل على أن عليا ¢ قصد ما ذكروه من كراهة دخول الحمام من أجل المَلَل، بل لعله قصد النهي عن دخوله لحفظ الصوم عن ما يخدشه برؤية العورات، كما جاء عن أبي العالية أنه سئل: أَدخُلُ الحمّام وأنا صائم؟ قال: «أتحبّ أن تنظر إلى عورة غيرك وأنت صائم؟ » ، قال: قلت: لا (2).

ثانيا: وأما قولهم: إن فِعل النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز فقط، وكراهة التنزيه لا تنافي الجواز، فأجاب عنه الشيخ عبيد الله المباركفوري بقوله:"قلت: الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل من الكتاب أو السنة، ولم يقم دليل على كراهة الدخول في الماء أو التلفف بالثوب المبلول، بل ثبت خلافه فالقول بكراهته مردود على قائله"(3).

ثالثا: وأما قولهم: إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل ابن عمر رضي الله عنهما، محمول على حال مخصوصة، فيجاب عنه:

أن حملكم هذا لجواز الفعل على حال خوف الإفطار بحاجة إلى قرينة تدل على ذلك، ولا قرينة (4).

رابعا: وأما قولهم: إن فيه إظهار المَلَل من العبادة والامتناع عن تحمل مشقتها، فيجاب عنه: أنه فعل يعين الصائم على التقوي على صومه، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

ثم إن تركَ الحنفية العملَ بهذا القول المنقول عن أبي حنيفة يجعل القول بجواز الدخول في الماء، والتلفف بالثوب المبلول للصائم، -بلا كراهة- قولا قريبا من المتفق عليه بين الفقهاء.

قال العيني: "كراهة الاغتسال للصائم، رواية عن أبي حنيفة غير معتمد عليها، والمذهب المختار أنه لا يُكرَه"(5). والله أعلم.

(1) ينظر: فتح الباري 4/ 153، نيل الأوطار 4/ 249، وعون المعبود 6/ 352.

(2)

رواه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 318 رقم 9447، في الصيام، في الرجل يدخل الحمام وهو صائم.

(3)

مرعاة المفاتيح 6/ 524.

(4)

ينظر: المصدر السابق.

(5)

عمدة القاري 11/ 11.

ص: 333