المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

.

اختيار الشيخ: اختار أن صيام يوم الشك بنية النفل لا يجوز إلا لمن كان له عادة صيام، فقال:"ولا يجوز صومه لا بنية رمضان شكا أو جزما ولا بنية النفل، إلا أن يوافق صوما كان يصومه"(1).

تحرير محل الخلاف: اتفق الفقهاء أن من كان له عادة صيام كالاثنين والخميس ووافق ذلك يوم الشك أنه يجوز له الصيام (2).

واختلفوا في حكم صومه بنية النفل لمن لم تكن له عادة صيام، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجوز صيام يوم الشك بنية النفل بلا كراهة.

وهو قول: الحنفية (3) ، والمشهور عند المالكية (4) ، ورواية عند الحنابلة (5).

القول الثاني: يَحرُم صيام يوم الشك بنية النفل.

وبه قال: الشافعية في الصحيح (6) ، والحنابلة في رواية (7)، والظاهرية (8)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثالث: يكره صيام يوم الشك بنية النفل.

وبه قال: المالكية في قول (9) ، والشافعية في وجه (10) ، والحنابلة في المذهب (11).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم:

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 446.

(2)

ينظر: الهداية للمرغينني 1/ 118، المجموع 6/ 400، مواهب الجليل 2/ 393، دقائق أولي النهى 1/ 494.

(3)

البناية 4/ 17، الاختيار 1/ 130، البحر الرائق 2/ 284، تبيين الحقائق وحاشية الشلبي 1/ 117.

(4)

الرسالة ص 59، الكافي 1/ 48، الذخيرة 2/ 502، التوضيح لخليل 2/ 391.

(5)

مسائل أحمد رواية عبد الله ص 180، الفروع 5/ 106 - 107، الإنصاف 3/ 349.

(6)

التنبيه ص 68، حلية العلماء 3/ 178، البيان 3/ 558، المجموع 6/ 400.

(7)

الفروع 5/ 106 - 107، الإنصاف 3/ 349.

(8)

المحلى 4/ 444.

(9)

مواهب الجليل 2/ 393، حاشية الدسوقي 1/ 513، بلغة السالك 1/ 687، شرح زروق للرسالة 1/ 446.

(10)

الإقناع ص 81، المجموع 6/ 400، حلية العلماء 3/ 178.

(11)

الفروع 5/ 106، الإنصاف 3/ 349، الإقناع 1/ 319، دقائق أولي النهى 1/ 494.

ص: 177

هو اختلافهم في نهيه صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك؛ هل هو نهي أريد به العموم، فيدخل فيه صيام النفل، أو نهي أريد به الخصوص، وهو صومه بنية الاحتياط لرمضان (1).

أدلة القول الأول: يجوز صيام يوم الشك بنية النفل بلا كراهة.

الدليل الأول: عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت:«ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين، إلا أنه كان يصل شعبان برمضان» (2).

الدليل الثاني: عن أبي أُمامة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان» (3).

الدليل الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان» (4).

الدليل الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما، فليصمه» (5).

وجه الاستدلال: أن الأحاديث الثلاثة الأُوَل تدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الشك؛ لأنه كان يصل شعبان برمضان، وبما أنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عن صوم يوم الشك، كما في الحديث الرابع، فيجمع بين الأحاديث: بأن يكون نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الشك إنما هو على الخوف أن يكون من رمضان، وأن هذا هو الممنوع. وأما إذا أخلص النية للتطوع فلم يحصل فيه معنى الشك، إنما نيته أنه من شعبان فهذا لا مانع منه (6).

(1) ينظر: مناهج التحصيل 2/ 96.

(2)

سبق تخريجه صفحة (141).

(3)

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 8/ 181 رقم 7750، وفي مسند الشاميين 2/ 46 رقم 894، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 192:"رجاله ثقات"، وفيه سويد بن عبد العزيز، قال الحافظ في التقريب رقم 2692:"ضعيف".

(4)

سبق تخريجه صفحة (140).

(5)

سبق تخريجه صفحة (132).

(6)

ينظر: التمهيد 2/ 41، التوضيح 13/ 104، فتح الباري 4/ 128، عمدة القاري 10/ 288، تحفة الأحوذي 3/ 296.

ص: 178

الدليل الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا» (1).

أدلة القول الثاني: يَحرُم صيام يوم الشك بنية النفل.

الدليل الأول: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال:«من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم» (2).

وجه الاستدلال: فهذا الحديث صريح في النهي عن صيام يوم الشك، ولم يفرق بين صيامه بنية النفل أو بنية الاحتياط من رمضان، ولا يستثنى إلا ما استثناه الشرع.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه» (3).

وجه الاستدلال: فالحديث صريح في النهي عن التقدم بالصيام قبل رمضان، واستثني من ذلك من كان له سبب، بأن كان عادته صوم يوم وفطر يوم، أو صوم يوم معين كيوم الاثنين فصادفه، فيجوز صيامه؛ لورود النص بذلك (4).

أما من لم يكن له عادة صيام ثم صامه تطوعا، فيَدخل تحت النهي.

الدليل الثالث: ولِما ثبت عن ابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهما:«أنهما كانا يأمران بالفصل بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو يومين، كما استحبوا أن يفصلوا بين صلاة الفريضة والنافلة بكلام، أو قيام، أو تقدم أو تأخر» (5).

الدليل الرابع: ولأن التطوع مجرد قربة، فلا يحصل بفعل معصية (6).

(1) ذكره الزيلعي في نصب الراية 2/ 440، وقال:"غريب جد". وابن حجر في الدراية تخريج أحاديث الهداية 1/ 276، وقال:"لم أجده بهذا اللفظ". وقال الكمال في فتح القدير 2/ 316: "لا أصل له".

(2)

سبق تخريجه صفحة (121).

(3)

سبق تخريجه صفحة (132).

(4)

ينظر: المجموع 6/ 400، وفتح الباري 4/ 128.

(5)

رواه عن ابن عباس: عبد الرزاق في المصنف 4/ 158 رقم 7311 - 7312، باب فصل ما بين رمضان وشعبان، وابن أبي شيبة 2/ 284 رقم 9022، و 2/ 285 رقم 9033، باب من كره أن يتقدم شهر رمضان بصوم. وعن أبي هريرة: عبد الرزاق 4/ 158 رقم 7313، باب فصل ما بين رمضان وشعبان، وابن أبي شيبة 2/ 285 رقم 9025، باب من كره أن يتقدم شهر رمضان بصوم.

(6)

ينظر: المهذب للشيرازي 1/ 346، البيان للعمراني 3/ 558.

ص: 179

أدلة القول الثالث: يكره صيام يوم الشك بنية النفل.

الظاهر أن أصحاب هذا القول قد جمعوا بين النصوص التي استدل بها أصحاب القول الأول، والتي تفيد جواز صيام يوم الشك بنية النفل، وبين النصوص التي استدل بها أصحاب القول الثاني، والتي تفيد النهي عن صيام يوم الشك بنية النفل، ثم حملوا النهي على الكراهة، والله أعلم.

الراجح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الثاني: أنه يحرم صيام يوم الشك بنية النفل؛ إلا ما جاء الإذن به عن النبي صلى الله عليه وسلم، كمن كانت له عادة صيام، وأن النهي الوارد في الأحاديث يفيد منع الصيام لا كراهته؛ والأصل في النهي التحريم، ولا صارف له إلى الكراهة (1).

ويجاب عما استدل به أصحاب القول الأول بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث: «لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا» . فهو حديث لا أصل له.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث: وصل شعبان برمضان، فيجاب عنه:

أنه يجوز ذلك لمن كان له عادة صيام، كما جاء الحديث صريحا في ذلك.

ثالثا: وأما قولهم: إن النهي بالتقدم لمن صامه احتياطا خشية أن يكون اليوم من رمضان، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن في قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا يومين» دليل على أن المقصود هنا هو انهي عن صيام التطوع وليس صيام يوم الشك؛ وذلك لأن الشك لا يكون في يومين فلو قصد النهي عن يوم الشك لاكتفى بقوله: «بصوم يوم» (2).

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه» فالحديث نهى عن التقدم، ثم استثنى من عرفنا، وهذا استثناء متصل، فهل من استُثني في الحديث له أن يصوم يوم الشك بنية الاحتياط من لرمضان أو يقتصر الجواز على صيام النفل؟ . فإذا كان الجواب هو الثاني وهو المقصود من الحديث بلا شك، فما فائدة هذا الاستثناء إذا أبحنا للجميع صيام يوم الشك بنية النفل من كان له عادة ومن لم يكن له عادة! .

(1) ينظر: إرشاد الفحول 1/ 279.

(2)

ينظر: التمهيد 2/ 41.

ص: 180

فيكون معنى الحديث والله أعلم: لا يتقدم أحد بأي صيام، إلا ما استثناه الدليل. وبهذا يُجمع بين النصوص: فتكون أحاديث النهي عن التقدم والنهي عن صيام يوم الشك، لمن لم يكن له عادة صيام، وتكون أحاديث وصل شعبان برمضان، لمن كانت له عادة صيام.

قال الشَّوكاني (1): "ولا تعارض بينه وبين ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان أو أكثره ووصله برمضان، وبين أحاديث النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين

، فإن الجمع بينها ظاهر: بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام يعتاده، وقد تقدم تقييد أحاديث النهي عن التقدم بقوله صلى الله عليه وسلم:«إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم» (2) " (3).

والله أعلم.

(1) هو: محمد بن علي بن محمد الشوكاني الخولاني، أبو عبد الله، فقيه مجتهد من كبار علماء صنعاء اليمن، ولي قضاءها، ومات حاكما بها، وكان يرى تحريم التقليد، توافد عليه الطلاب من كل مكان، من مصنفاته: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، وفتح القدير في التفسير، والسيل الجرار، مات سنة 1250 هـ. ينظر: البدر الطالع 2/ 214، الأعلام 6/ 298، معجم المؤلفين 11/ 53.

(2)

هذه الرواية رواها: أبو داود 2/ 298 رقم 2327، باب من قال: فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 349 رقم 7948، باب النهي عن استقبال شهر رمضان بصوم يوم أو يومين، والنهي عن صوم يوم الشك، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 7/ 94.

(3)

نيل الأوطار 4/ 292.

ص: 181