المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

؟ .

اختيار الشيخ: اختار قول الجمهور باشتراط كون الرقبة المعتقة في كفارة الإفطار في رمضان مؤمنة فقال: "وهو ينبني على أن السبب إذا اختلف واتحد الحكم، هل يقيد المطلق أم لا؟ وإذا قيد فهل هو بالقياس أم لا؟ . والمسألة مشهورة في أصول الفقه. والأقرب أنه إن قيد فبالقياس، ويؤيده التقييد في مواضع أخرى"(1).

تحرير محل الخلاف: أجمع العلماء أن الواجب في كفارة القتل إعتاق رقبة مؤمنة (2)، لقوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} (3).

واختلفوا في إعتاق الرقاب في باقي الكفارات هل يشترط كونها مؤمنة أو تجزئ الكافرة ومن تلك الكفارات كفارة الجماع في شهر رمضان فاختلفوا فيها على قولين:

القول الأول: يشترط أن تكون الرقبة مؤمنة.

وبه قال: المالكية (4) ، والشافعية (5) ، والحنابلة في المذهب (6)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: لا يشترط كون الرقبة مؤمنة بل تجوز الكافرة.

وبه قال: الحنفية (7) ، والحنابلة في رواية (8) ، والظاهرية (9).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم:

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 499. وهذا ذكره عند لفظة طهل تجد رقبة تعتقها" الواردة في الحديث الآتي.

(2)

ينظر: الإقناع في مسائل الإجماع 2/ 281، والإقناع لابن المنذر 1/ 358، والإشراف له 7/ 388، والمجموع 19/ 189، والمغني 8/ 367.

(3)

سورة النساء: الآية: 92.

(4)

الذخيرة 2/ 526، القوانين الفقهية ص 83، إكمال المعلم 4/ 54، التاج والإكليل 3/ 363.

(5)

مختصر المزني 8/ 309، الحاوي الكبير 10/ 461، المهذب 3/ 69، العزيز 9/ 295. قال النووي:"ولا يجزئ في شيء من الكفارات إلا رقبة مؤمنة". المجموع 17/ 368.

(6)

المغني 8/ 22، المبدع 3/ 35، الروض المربع ص 234، الإنصاف 9/ 214.

(7)

النتف في الفتاوى 1/ 144، فتح القدير 4/ 258، مراقي الفلاح ص 250.

(8)

المغني 8/ 22، شرح الزركشي 5/ 492، الإنصاف 9/ 214.

(9)

المحلى 4/ 328.

ص: 406

هل تقيد الرقاب -التي جاءت مطلقة- بصفة الإيمان، أو تبقى على إطلاقها؟ (1).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يشترط أن تكون الرقبة مؤمنة.

الدليل الأول: عن معاوية بن الحَكَم (2) رضي الله عنه قال: كانت لي جارية فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: علي رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنا؟ » فقالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال صلى الله عليه وسلم: «اعتقها فإنها مؤمنة» (3).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم علل جواز إعتاقها عن الرقبة التي عليه بأنها مؤمنة، فدل على أنه لا يجزئ عن الرقبة التي عليه إلا مؤمنة (4).

قال الماوردي: "فكان الدليل في هذا الخبر من وجهين:

أحدهما: اعتبار الإيمان، ولو لم يكن شرطا لَما اعتبره. والثاني: تعليقُه بالإجزاء" (5).

الدليل الثاني: ولأنه إعتاقٌ على وجه القُربة، فوجب أن تكون مسلمة؛ أصله الإعتاق في كفارة القتل (6).

الدليل الثالث: ولأن المقصود من إعتاق المسلم: تفريغُه لعبادة ربه، وتخليصُه من عبودية المخلوق إلى عبودية الخالق. ولا ريب أن هذا أمر مقصود للشارع، محبوب له، فلا يجوز إلغاؤه. وكيف يستوي عند الله ورسوله تفريغ العبد لعبادته وحده، وتفريغه لعبادة الصليب، أو الشمس والقمر والنار! (7).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يشترط كون الرقبة مؤمنة بل تجوز الكافرة.

(1) ينظر: بداية المجتهد 3/ 129، وبدائع الصنائع 5/ 110.

(2)

هو: معاوية بن الحكم السلمي المدني، روى عنه: ابنه كثير، وعطاء بن يسار، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، له حديث في الكهانة والطيرة والخط وتشميت العاطس وعتق الجارية. ينظر: الإصابة 6/ 118، الاستيعاب 3/ 1414، تهذيب التهذيب 10/ 205.

(3)

رواه مسلم 1/ 381 رقم 537، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته.

(4)

ينظر: المغني 8/ 22، وشرح الزركشي 5/ 492.

(5)

الحاوي الكبير 10/ 463 - 464، وينظر: زاد المعاد 5/ 308.

(6)

ينظر: بداية المجتهد 3/ 129، المغني 8/ 22.

(7)

ينظر: زاد المعاد 5/ 308.

ص: 407

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (1).

الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم للمجامع في رمضان: «هل تجد رقبة تعتقها» (2).

وجه الاستدلال من الآية والحديث: أن الله تعالى أطلق الرقبة في هذه الكفارة، فوجب أن يجزئ ما تناوله الإطلاق (3).

وجاءت مطلقة أيضا في الحديث، فلو كان شيء من الرقاب التي تُعتق لا يُجزئ في ذلك لبَيَّنه عليه السلام (4).

قال ابن رشد: "وأما حجة أبي حنيفة فهو ظاهر العموم، ولا معارضة عنده بين المطلق والمقيد، فوجب عنده أن يُحمَل كلٌّ على لفظه"(5).

فتُحمَل في كفارة القتل على المؤمنة؛ لأنها جاءت مقيدة بصفة الإيمان، وتبقى في بقية الكفارات على إطلاقها، فتشمل المؤمنة والكافرة.

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يشترط كون الرقبة المُعتقة في كفارة الجماع في رمضان مؤمنة؛ والذي يظهر والعلم عند الله أن هذا التقييد بكونها مؤمنة ليس من باب القياس، وإنما هو من باب حمل المطلق على المقيد؛ وذلك أنه سبحانه وتعالى قيد الرقبة بالإيمان في كفارة القتل وأطلقها في باقي الكفارات، فيجب صرف المطلق إلى المقيد (6).

أما استدلال أصحاب القول الثاني: بآية الظهار، وحديث المجامع في رمضان، وأن الرقبة جاءت مطلقة فيهما فتبقى على إطلاقها، فيجاب عنه:

أن لسان العرب يقتضي حمل المطلق على المقيد إذا كان من جنسه، فيُحمَل عُرْف الشرع على مقتضى لسانهم (7).

(1) سورة المجادلة: آية: 3.

(2)

سبق تخريجه صفحة (363).

(3)

ينظر: بدائع الصنائع 5/ 110، المغني 8/ 22، شرح الزركشي 5/ 492.

(4)

ينظر: المحلى 4/ 328، بدائع الصنائع 5/ 110.

(5)

بداية المجتهد 3/ 129.

(6)

ينظر بداية المجتهد 3/ 129.

(7)

ينظر: زاد المعاد 5/ 307.

ص: 408

قال الإمام الشافعي: "شَرَطَ الله عز وجل في رقبة القتل مؤمنةً، كما شَرَطَ العَدْلَ في الشهادة، وأطلق الشهودَ في مواضع. فاستدللنا على أن ما أَطْلَق على معنى ما شَرَطَ. وإنما رَدّ الله تعالى أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين. وفَرَضَ الله تعالى الصدقات، فلم تَجُز إلا للمؤمنين، فكذلك ما فَرَضَ الله مِن الرقاب، فلا يجوز إلا مِن المؤمنين"(1).

فاستدل الإمام الشافعي بأن لسان العرب وعُرْفَ خطابهم يقتضي حَمْلَ المطلق على المقيد إذا كان مِن جنسه، فيُحمَلُ عُرْفُ الشرع على مقتضى لسانهم. وقد قَيَّد الله تعالى كَفّارة القتل بالإيمان، والمطلق هنا كفارة الجِماع، فوجب أن يُحمَل مطلقُها على ما قُيِّد من كَفّارة القتل، كما أنَّ الله سبحانه وتعالى قَيَّد الشهادة بالعدالة في قوله سبحانه وتعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2)، وأطلقها في قوله عز وجل:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (3)، فحُمِل المطلق على المقيد في اشتراط العدالة، كذلك الكَفَّارة (4).

والله أعلم.

(1) مختصر المزني 8/ 309.

(2)

سورة الطلاق: آية: 2.

(3)

سورة البقرة: آية: 282.

(4)

ينظر: الحاوي الكبير 10/ 462.

ص: 409