المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

.

اختيار الشيخ: قال في اختياره: "قلت والراجح عندي: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء مغيمة في ليلته ولم ير الهلال"(1).

تحرير محل الخلاف: من المسائل التي يبحثها الفقهاء مسألة: صيام يوم الشك، والتي يعبر عنها آخرون بصيام يوم الغيم، وهذا الاختلاف في التسمية راجع إلى اختلافهم في تعريف يوم الشك، والتي هي مسألتنا.

وقد اختلف أهل العلم في تعريف يوم الشك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: إذا غيمت السماء ليلة ثلاثين من شعبان ولم ير الهلال فصبيحة الغيم هو يوم الشك.

وبه قال: الحنفية (2) ، والمالكية (3)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يوم الشك يوم الثلاثين من شعبان سواء كانت السماء صحوا أو مغيمة، إذا تحدث برؤيته أو شهد بها من لا يثبت بقوله فإن لم يتحدث برؤيته أحد فليس يوم شك.

وبه قال: الشافعية (4)، ومال إليه: ابن عبد السلام (5) من المالكية (6).

القول الثالث: هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء صحوا.

وبه قال: الحنابلة (7).

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 446.

(2)

مراقي الفلاح ص 239، البناية 4/ 17، البحر الرائق 2/ 284، رد المحتار 2/ 381.

(3)

التنبيه لابن بشير 2/ 712، جامع الأمهات ص 170، مختصر خليل ص 61، مواهب الجليل 2/ 392.

(4)

الوسيط 2/ 535، البيان 3/ 560، روضة الطالبين 2/ 367.

(5)

هو: أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن يوسف، الهَوّاري التونسي، من فقهاء المالكية. كان إماما حافظا عالما بالحديث، ولي قضاء الجماعة بتونس، سمع: عبد الله بن محمد الطائي القرطبي، وعنه: القاضي ابن حيدرة، وابن عرفة، وغيرهما، من مؤلفاته: شرح على مختصر ابن الحاجب، وديوان فتاوى، توفي سنة 749 هـ، ينظر: شجرة النور الزكية 1/ 301، الديباج المذهب 2/ 330، الأعلام 6/ 205.

(6)

مواهب الجليل 2/ 393، شرح الزرقاني على خليل 2/ 347، الفواكه الدواني 1/ 306، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/ 513.

(7)

مسائل أحمد رواية أبي داوود ص 127، الكافي 1/ 451، الفروع 5/ 97، الإنصاف 3/ 349.

ص: 120

سبب الخلاف: الذي يظهر -والله أعلم- أن سبب الخلاف يرجع إلى أمرين:

أولا: هل أمره صلى الله عليه وسلم بإتمام العدة ثلاثين لأن ذلك اليوم هو يوم من شعبان، أو لأنه يوم مشكوك فيه؟ .

ثانيا: هل يصدق إطلاق يوم الشك على يوم الصحو بعد أن ترآءا الناس الهلال ولم يروه.

أدلة القول الأول: القائلين بأنه إذا غيمت السماء ليلة ثلاثين من شعبان ولم ير الهلال فصبيحة الغيم هو يوم الشك.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة، والشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» يعني تمام ثلاثين (1).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين وقد يكون ثلاثين، ولا يكون الشك إلا بوجود علة وهي الغيم (2).

الدليل الثاني: عن عمار بن ياسر (3) رضي الله عنه قال: «من صام اليوم الذي يُشكّ فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» (4).

(1) أخرجه البخاري 7/ 53 رقم 5302، كتاب الطلاق، باب اللعان، ومسلم 2/ 761 رقم 1080، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال

، واللفظ له.

(2)

ينظر: مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص 646.

(3)

هو: عمار بن ياسر بن عامر بن مالك العَنْسِي، أبو اليقظان، مولى بنى مخزوم، أحد السابقين إلى الإسلام والجهر به، هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا والخندق، وبيعة الرضوان، ولاّه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الكوفة، وشهد الجمل وصفين مع علي، وقتل بصفين سنة 37 هـ. ينظر: معرفة الصحابة 4/ 2070، وطبقات ابن سعد 3/ 246، سير أعلام النبلاء 1/ 406.

(4)

رواه أبو داود 2/ 300 رقم 2334، كتاب الصوم، باب كراهية صوم يوم الشك، والترمذي 3/ 61 رقم 686، أبواب الصوم، باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي 4/ 153 رقم 2188، كتاب الصيام، باب صيام يوم الشك، وابن ماجه 1/ 527 رقم 1645، كتاب الصيام، باب ما جاء في صيام يوم الشك، وذكره البخاري تعليقا، في كتاب الصوم 3/ 27، ينظر: تغليق التعليق 3/ 139. وصححه الألباني في الإرواء 4/ 125 رقم 961.

ص: 121

وجه الاستدلال: أن حديث عمار مفسر بالنهي عن صوم يوم الشك، وهذا يوم شك؛ لأنه يحتمل أن يكون من شعبان ويحتمل أن يكون من رمضان، ولا معنى للشك إلا التردد بين الجهتين (1). ولا يتصور ذلك إلا بوجود الغيم.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِّيَ عليكم (2) فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (3).

وجه الاستدلال: فأَمرُه صلى الله عليه وسلم بإكمال عدة شعبان لا لأنه من شعبان يقينا ولكن لعدم إمكان الرؤية وهذا هو الشك.

الدليل الرابع: ولأن عدم رؤيته في الصحو دليل على أنه يوم من شعبان جزما (4).

الدليل الخامس: ولأن رد شهادة من رآه في الصحو دليل على غلطه، وهذا ظاهر ومقابل الظاهر الموهوم لا المشكوك فيه، وأما إن كان في غيم فهو شك، وإن لم يشهد به أحد (5).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن يوم الشك يوم الثلاثين من شعبان سواء كانت السماء صحوا أو مغيمة، إذا تحدث برؤيته أو شهد بها من لا يثبت بقوله فإن لم يتحدث برؤيته أحد فليس يوم شك.

استدلوا بحديث: ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة، فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان» (6).

(1) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 89، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 5/ 292.

(2)

غَبِي عليكم: بالتخفيف أي خفي. أو «غُبِّي» بضم الغين وتشديد الباء المكسورة، لما لم يسم فاعله، من الغباء: شبه الغبرة في السماء. ينظر: النهاية 3/ 342، لسان العرب 15/ 114.

(3)

أخرجه البخاري 3/ 27 رقم 1909، كتاب الصيام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا

» ، ومسلم 2/ 762 رقم 1081، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال.

(4)

ينظر: الخلاصة الفقهية ص 190.

(5)

ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق 2/ 284.

(6)

رواه النسائي 4/ 153 رقم 2189، كتاب الصيام، باب صيام يوم الشك، واللفظ له، وأحمد 3/ 445 رقم 1985، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 4/ 549 رقم 1917:"هذا إسناد جيد".

ص: 122

وجه الاستدلال: فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يوم الغيم هو يوم من شعبان. وأنه ليس يوم شك (1).

أما لو شهد من ردت شهادته سواء كان ذلك في يوم صحو أو يوم شك فإن شهادته تورث الشك، هل هو يوم من شعبان أو يوم من رمضان.

قال ابن عبد السلام المالكي: "وهو الأظهر عندي؛ لأننا ليلة الغيم مأمورون بإكمال العدة ثلاثين يوما لخبر: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان» أو «فاقدروا له»؛ فإن هذا يدل على أن صبيحة ليلة الثلاثين من شعبان عملا (بالاستصحاب) (2) "(3).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء صحوا.

استدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال. ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» . قال نافع: (كان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما، بعث من ينظر له الهلال، فإن رأى فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر (4) أصبح مفطرا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما) (5).

وجه الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن ابن عمر رضي الله عنه وهو راوي الحديث كان يصوم إذا حال دون رؤية الهلال سحاب أو قتر؛ مما يدل على أنه ليس يوم الشك المنهي عنه، وما كان لابن عمر رضي الله عنهما وهو

(1) ينظر: أسنى المطالب 1/ 419، والفقه الإسلامي للزحيلي 3/ 1632.

(2)

الاستصحاب لغة: طلب الصحبة، وهي الملازمة. ينظر القاموس المحيط 1/ 104. واصطلاحا: استدامة إثبات ما كان ثابتًا، أو نفي ما كان منفيًا. ينظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة ص 210.

(3)

ينظر: الفواكه الدواني 1/ 306.

(4)

قَتَر: أي غُبار. ينظر: النهاية في غريب الحديث 4/ 12، تاج العروس 13/ 361.

(5)

رواه أبو داود 2/ 297 رقم 2330، باب الشهر يكون تسعا وعشرين، واللفظ له، وأحمد 8/ 71 رقم 4488، وهو دون قول ابن عمر عند: مسلم 2/ 759 رقم 1080، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال

وصححه الألباني في صحيح أبي داود 7/ 87 رقم 2009.

ص: 123

الحريص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمره. أما إذا كانت السماء صحوا فكان لا يصومه؛ فدل على أنه هو يوم الشك المنهي عن صيامه (1).

الوجه الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه» عقب قوله: «إنما الشهر تسع وعشرون» فقد أتى بحرف الفاء المشعرة بالسبب؛ فكأنه قال: الشهر الذي لا بد منه تسع وعشرون؛ فاقدروا له هذا العدد إذا غم عليكم (2).

فيكون اليوم الذي يلي التاسع والعشرين حال الغيم هو الأول من رمضان لا يوم الشك.

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: إذا غيمت السماء ليلة ثلاثين من شعبان ولم يُرَ الهلال فصبيحة الغيم هو يوم الشك؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولسلامة أدلتهم من المعارضة.

وأما الجواب عن أدلة القولين الآخرين فيكون بما يلي:

أولا: أما قولهم: إن يوم الغيم هو يوم من شعبان قطعا فغير مسلم، لأنه لو رؤي الهلال بعد مضي 28 يوما من رمضان لكان يوم الغيم ذلك هو الأول أم رمضان يقينا؛ لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوما، ولكن يحكم بأنه اليوم المكمل للثلاثين من شعبان لوجود الشك.

وأما اشتراطهم شهادة من لا تقبل شهادته في يوم الغيم حتى يكون يوم شك: فلا دليل عليه. ثم إن من لا تقبل شهادته لا يعتبر حديثه (3).

ثانيا: وأما استدلالهم بلفظة: «فاقدروا له» وبفعل ابن عمر رضي الله عنه على أن يوم الصحو ليس بيوم شك فيجاب عنه:

أن هذا الاستدلال قد يُسَلَّم، لو لم تأت إلا رواية فاقدروا له وأن معناها تقديره بتسعة وعشرين يوما، لكن الرواية جاءت صريحة في إتمام الثلاثين كما هو في حديث ابن عمر رضي الله عنهما

(1) ينظر: المغني 3/ 107 - 108، وشرح العمدة كتاب الصيام 1/ 124.

(2)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 94.

(3)

ينظر: منح الجليل 2/ 116

ص: 124

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«إن الله تبارك وتعالى جعل الأهلة مواقيت، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له، أتموه ثلاثين» (1).

فهذه الرواية الصحيحة صريحة في إتمام الثلاثين، وإن كانت السماء مغيمة.

وأما صيام ابن عمر رضي الله عنهما فليس دليلا على أن ذلك اليوم ليس يوم شك؛ بدليل أن ابن عمر كان يصومه ولا يوجب صيامه، فدل على أنه كان يصومه احتياطا، وهو اجتهاد منه رضي الله عنه (2).

والله أعلم.

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 345 رقم 7931، كتاب الصيام باب الصوم لرؤية الهلال أو استكمال العدد ثلاثين، والحاكم في المستدرك 1/ 584 رقم 1539، كتاب الصوم، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد على شرطهما، ولم يخرجاه". وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 3093.

(2)

ينظر: زاد المعاد 2/ 44 - 45.

ص: 125