المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

؟ .

اختيار الشيخ: اختار رحمه الله استحباب صيام التاسع مع العاشر، وأن إفراد العاشر لا يكره، فقال:"وفيه (1) تنبيه على أن من أراد صوم عاشوراء ابتدأ من يوم التاسع"(2).

ثم قال: "وعندي مراتب صوم عاشوراء الثلاث هكذا أدناها أن يصوم العاشر فقط، وفوقه أن يصوم الحادي عشر معه، وفوقه أن يصوم التاسع والعاشر. وإنما جعلت هذه فوق المرتبتين الأوليين؛ لكثرة الأحاديث فيها"(3).

تحرير محل الخلاف: اتفق العلماء على استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء (4).

واختلفوا في إفراد عاشوراء على قولين:

القول الأول: يستحب التاسع والعاشر ولا يكره إفراد العاشر.

وبه قال: المالكية (5)، والشافعية (6) ، والحنابلة في المذهب (7) ،وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يستحب أن يصوم التاسع والعاشر ويكره إفراد العاشر.

وبه قال: الحنفية (8)، ورواية عند: الحنابلة (9).

أدلة القول الأول: القائلين يستحب التاسع والعاشر ولا يكره إفراد العاشر.

(1) أي حديث ابن عباس رضي الله عنه الآتي في نفس الصفحة (519).

(2)

مرعاة المفاتيح 7/ 46.

(3)

المصدر السابق 7/ 47.

(4)

ينظر" المجموع 6/ 383، المغني 3/ 178، المعاني البديعة 1/ 337، مواهب الجليل 2/ 403،

(5)

الرسالة ص 148، الكافي 1/ 350، الذخيرة 2/ 529، جامع الأمهات ص 178. وعند المالكية: لا يسن صيام الحادي عشر مع التاسع والعاشر. ينظر: مواهب الجليل 2/ 403.

(6)

الحاوي الكبير 3/ 473، المجموع 6/ 383، العزيز 3/ 246، نهاية المحتاج 3/ 207. وعند الشافعية: يسن صيام اليوم الحادي عشر مع التاسع والعاشر. ينظر: الغرر البهية 2/ 236، تحفة المحتاج 3/ 456.

(7)

مسائل أحمد وإسحاق 3/ 1226، الهداية ص 164، المحرر 1/ 231، الفروع 5/ 89. وعندهم: إن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام؛ ليتيقن صومهما. ينظر: المغني 3/ 178، والمبدع 3/ 49.

(8)

فتح القدير 2/ 303، درر الحكام 1/ 197، البحر الرائق 2/ 277، تبيين الحقائق 1/ 313.

(9)

شرح العمدة كتاب الصيام 2/ 584، الفروع 5/ 91، المبدع 3/ 49، الإنصاف 3/ 346.

ص: 521

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، فقالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع» ، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوما، أو بعده يوما» (2).

وجه الاستدلال: فهذه النصوص تبين أن المستحب مخالفة اليهود بصيام يوم مع عاشوراء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تمنى أن لو بقي إلى المستقبل صام يوما معه، وأنه عليه الصلاة والسلام صام مدة عمره يوم عاشوراء منفردا، فيكون إفراد صيام يوم عاشوراء جائزا بلا كراهة؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، ويكون صيام التاسع مع العاشر سنة لأتباعه صلى الله عليه وسلم؛ لعزمه على ذلك.

قال الطِيبي: "فصار اليوم التاسع من المحرم صومه سنة وإن لم يصمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عزم علي صومه"(3).

أدلة القول الثاني: القائلين يستحب أن يصوم التاسع والعاشر ويكره إفراد العاشر.

استدلوا على استحباب يوم معه بما استدل به أصحاب القول الأول.

أما كراهة إفراده فاستدلوا بما يلي:

الدليل الأول: أن ابن عباس رضي الله عنه كان يكره إفراده ويأمر بصوم اليومين مخالفة لليهود (4).

فقد قال رضي الله عنه في يوم عاشوراء: «خالفوا اليهود، وصوموا التاسع والعاشر» (5).

(1) سبق تخريجه صفحة (516).

(2)

رواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 475 رقم 8406، في الصيام، باب صوم يوم التاسع، وفي شعب الإيمان 5/ 330 رقم 3511، في الصيام، باب: تخصيص عاشوراء بالذكر، عن ابن عباس رضي الله عنه ، وأخرجه أحمد 4/ 52 رقم 2154، وابن خزيمة 3/ 290 رقم 2095، في الصيام، باب الأمر بأن يصام قبل عاشوراء يوما أو بعده يوما مخالفة لفعل اليهود في صوم عاشوراء، وقال شعيب الأرناؤوط:"إسناده ضعيف"، وكذا الألباني في ضعيف الجامع رقم 3506.

(3)

شرح المشكاة 5/ 1606.

(4)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 2/ 584.

(5)

سبق تخريجه صفحة (516).

ص: 522

الدليل الثاني: ولأنه إفراد يوم يعظمه غير أهل الإسلام، فكره؛ كإفراد النَيْرُوز (1) والمِهْرَجان (2)(3).

الدليل الثالث: ولأن التشبُّه بأهل الكتاب مكروه، وقطع التشبه بهم مشروع ما وُجِد إلى ذلك سبيل؛ فإذا صيمَ وحده؛ كان فيه تشبُّه بأهل الكتاب (4).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يستحب صيام التاسع والعاشر، ولا يُكرَه إفراد العاشر؛ لأن الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل من الكتاب والسنة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام صام مدة عمره يوم عاشوراء منفردا، وتمنى أن لو بقي إلى المستقبل صام يوما معه (5).

فيقال والله أعلم: إن صيام التاسع والعاشر مستحب؛ لعزم النبي صلى الله عليه وسلم على فعله، فإن فاته التاسع صام الحادي عشر معه؛ تحقيقا لمخالفة اليهود، وإن اقتصر على العاشر فلا بأس به، والله أعلم.

(1) النَّيْرُوز: اليوم الحادي والعشرون من شهر مارس من السنة الميلادية، وهو عيد الفرح عند الفرس. ينظر: معجم لغة الفقهاء ص 490، والمعجم الوسيط 2/ 962، ولسان العرب 1/ 527.

(2)

المِهْرَجان: بكسر فسكون لفظ معرب، عيد الخريف عند الفرس. ينظر: معجم لغة الفقهاء ص 467، والمصباح المنير 2/ 582.

(3)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 2/ 584.

(4)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 2/ 584، وتحفة الفقهاء 1/ 343، رد المحتار 2/ 375.

(5)

ينظر: العرف الشذي 2/ 177.

ص: 523