المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

.

اختيار الشيخ: اختار لزوم كون النية معينة عن كل صوم واجب، سواء كان صيام رمضان أو غيره، فقال:"ولا بدمن كون النية جازمة معينة في كل صوم واجب، وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارة أو نذر"(1).

تحرير محل الخلاف: اتفق العلماء أن صيام القضاء، والكفارات، والنذور المطلقة لا يجوز إلا بتعيين النية (2).

واختلفوا في وجوب تعيينها لشهر رمضان على قولين:

القول الأول: يجب تعيين النية في صيام رمضان.

وبه قال: المالكية (3) ، والشافعية (4) ، والحنابلة في المذهب (5)، والظاهرية (6)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: لا يجب تعيين النية لشهر رمضان، بل لو نوى الصوم مطلقا، أو نوى نفلا، وقع عن صيام رمضان.

وبه قال: الحنفية (7) ، والحنابلة في رواية (8).

سبب الخلاف: وسبب اختلافهم في هذه المسألة راجع إلى أمرين كما قاله ابن رشد:

السبب الأول: "هل الكافي في تعيين النية في هذه العبادة هو تعيين جنس العبادة أو تعيين شخصها؟ ؛ وذلك أن كِلا الأمرين موجود في الشرع"(9).

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 466.

(2)

ينظر: المبسوط للسرخسي 3/ 135، والإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 425، وكفاية النبيه 6/ 278، وشرح المشكاة للطيبي 5/ 1586، والمغني 3/ 112.

(3)

الكافي 1/ 336، بداية المجتهد 2/ 55، الذخيرة 2/ 498، مواهب الجليل 2/ 418.

(4)

الحاوي 3/ 402، البيان 3/ 492، المجموع 6/ 302، منهاج الطالبين ص 75.

(5)

المغني 3/ 111، شرح الزركشي 2/ 565، المبدع 3/ 18، الإنصاف 3/ 293.

(6)

المجموع 6/ 302.

(7)

الأصل 2/ 333، بدائع الصنائع 2/ 83، مراقي الفلاح 1/ 238، رد المحتار 2/ 378.

(8)

الكافي 1/ 439، الفروع 4/ 454، شرح الزركشي 2/ 565، المبدع 3/ 18، الإنصاف 3/ 293.

(9)

بداية المجتهد 2/ 55.

ص: 160

السبب الثاني: "واختلافهم أيضا في إذا نوى في أيام رمضان صوما آخر، هل ينقلب أو لا ينقلِب؟ سببه أيضا: أن من اِلعبادة عندهم من ينقلب مِن قِبَل أَنَّ الوقت الذي تُوقَع فيه مختص بالعبادة التي تنقلب إليه، ومنها ما ليس ينقلب"(1).

أدلة القول الأول: القائلين: بأنه يجب تعيين النية في صيام شهر رمضان.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (2).

وجه الاستدلال من وجهين: الأول: معلوم أن هذه الهاء في قوله: {فَلْيَصُمْهُ} كناية عن الشهر وعائدة إليه، فيصير تقدير الكلام: فلينوِ الصيام له، ولو أراد جنس الصوم مطلقا، لقال: فليصم. فلما قيده بالهاء دل على وجوب تعيين النية له (3).

الثاني: ولأن أَمْرَه سبحانه وتعالى بصوم هذا الشهر متضمن للأمر بنيَّته، فإن من صام فيه تطوعا أو قضاءً أو صوما مطلقا؛ لم يصمه، وإنما صام فيه (4).

الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (5).

وجه الاستدلال: منطوق الحديث أن له ما ينويه، ومفهومه أنه ليس له ما لم ينوه، وهذا إذا نوى تطوعا لم يَنْو صوم رمضان، فوجب أن لا يقع الاحتساب له بشيء لم يَنْوه. وكان ظاهر الحديث يقتضي أن يكون له أجر ما نواه من صيام، لكن الإجماع أبطله (6).

الدليل الثالث: عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يُجْمِع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له» (7).

(1) المصدر السابق.

(2)

سورة البقرة: آية: 185.

(3)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 402.

(4)

ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 205.

(5)

سبق تخريجه صفحة (115).

(6)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 402، الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 425، شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 205.

(7)

رواه أبو داود 2/ 329 رقم 2454، في الصوم، باب النية في الصيام، والترمذي 3/ 99 رقم 730، في الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل، والنسائي 4/ 196 رقم 2333، في الصيام، باب النية في الصيام، وقال الألباني في صحيح أبي داود 7/ 213 رقم 2118:"إسناده صحيح".

ص: 161

وجه الاستدلال: أن الصائم إذا لم يعيِّن رمضان، ولا قضاءه، ولا النذر، ولا الكفارة، لم يُجمِع صوم ذلك من الليل (1).

الدليل الرابع: ولأنه صوم واجب، فلم يجز بنية النفل كالقضاء والنذر (2).

الدليل الخامس: ولأن البدل من شأنه أن يساوي حكم مبدله، أو يكون أخف منه وأضعف، فأما أن يكون آكد منه وأقوى فلا. ثم كان تعيين النية في القضاء واجبا، فبأن يكون واجبا في الأداء أولى (3).

الدليل السادس: وقياسا على طواف الإفاضة في وجوب تعيين النية، فلو طاف ينوي به الوداع، أو طاف بنية الطواف مطلقا، لم يجزئه عن طواف الإفاضة (4).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يجب تعيين النية لشهر رمضان، بل لو نوى الصوم مطلقا، أو نوى نفلا، وقع عن صيام رمضان.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (5).

وجه الاستدلال: فمن نوى مطلقا، أو بنية النفل، يكون قد شهد الشهر وصامه؛ فيخرج عن العهدة (6).

الدليل الثاني: لأن الوقت في رمضان واحد لا يتنوع، فلا حاجة إلى التمييز بتعيين النية، بخلاف صوم القضاء والنذر والكفارة؛ لأن الوقت خارج رمضان متنوع، فوقعت الحاجة إلى التعيين بالنية (7).

الدليل الثالث: وقياسا على طواف القدوم، إذا نوى من فعله أن يجعلها عمرة: فإن طوافه ينقلب إلى طواف واجب، بينما طواف القدوم مستحب (8).

(1) ينظر: كفاية النبيه 6/ 278.

(2)

ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 425.

(3)

ينظر: الحاوي 3/ 402، والإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 425، وكفاية النبيه 6/ 278.

(4)

ينظر: المغني 3/ 112، وجامع العلوم والحكم 1/ 87.

(5)

سورة البقرة: آية: 185.

(6)

ينظر: بدائع الصنائع 2/ 84.

(7)

ينظر بدائع الصنائع 2/ 84، وشرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 201.

(8)

ينظر: المغني 3/ 112، جامع العلوم والحكم 1/ 87.

ص: 162

الدليل الرابع: وقياسا على ما قلتموه في الحج فيمن أحرم بحجة تطوع وعليه حجة الإسلام، أنها تنتقل إلى فرضه، كذلك في صوم رمضان، إذا نواه عن نذر وكفارة، أو تطوع انتقلت بِنِيّته إلى فرضه (1).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجب تعيين النية في صيام رمضان؛ وذلك لصحة ما استدلوا به ولدقة وجوه الاستنباط من الأدلة.

وأما الجواب عما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بالآية: فقد مضى الجواب عنه في أدلة الجمهور وأن وجه الاستدلال الذي فهموه منها غير مراد.

ثانيا: وأما قولهم: إن زمان رمضان مستحق الصيام، فلم يفتقر إلى تعيين النية، فيجاب عنه:

أنه منتقض بمن بقي عليه من وقت الصلاة قدر ما يفعلها فيه، فقد استحق زمان فعلها ووجب عليه تعيين النية فيها (2).

ومما يضعف هذا القول أيضا: تفريقهم بين المسافر والمقيم، وذلك أنهم يقولون إن المسافر لو نوى رمضان عن نذر أو كفارة أجزأ عما نواه، بينما المقيم عندهم لو نوى رمضان عن نذر أو كفارة لم يقع إلا عن رمضان (3).

ثالثا: وأما قياسهم انقلاب النية من النفل إلى الفرض في رمضان على طواف القدوم إذا نوى من فعله أن يجعلها عمرة، فيجاب عنه:

أنه يُفَرَّق بين من يكون طوافه في إحرام انقلب، كالإحرام الذي يفسخه ويجعله عمرة، فينقلب الطواف فيه تبعا لانقلاب الإحرام، كما ينقلب الطواف في الإحرام الذي نوى به التطوع إذا كان عليه حَجَّة الإسلام، تبعا لانقلاب إحرامه من أصله، ووقوعه عن فرضه،

(1) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 201، وينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 18.

(2)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 403، المسالك لابن العربي 4/ 169.

(3)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 403. وهذا الذي ذُكِر: عن أبي حنيفة، وخالفه صاحباه. ينظر: بدائع الصنائع 2/ 84.

ص: 163

بخلاف ما إذا طاف الإفاضة بنية الوداع، أو التطوع؛ فإن هذا لا يجزئه؛ لأنه لم ينو به الفرض، ولم ينقلب فرضا تبعا لانقلاب إحرامه (1).

رابعا: وأما القياس على من أحرم بحجة تطوع وعليه حجة الإسلام، فإنها تنتقل إلى فرضه، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن الجميع متفقون أن هناك فرقا بين الصيام والحج، وذلك: أن عند الشافعية والحنابلة، أنه إذا أحرم بحجة التطوع انتقل إلى فرضه، وأجزأه (2). وعند أبي حنيفة ومالك، لا ينتقل عما نواه (3).

وعند أبي حنيفة إذا نوى صيام التطوع انتقل إلى فرضه وأجزأه، وعند الجمهور أنه لا ينتقل إلى فرضه، ولا يجزيه عما نواه، وإذا وقع الفرق بينهما إجماعا لم يجزه اعتبار أحدهما بالآخر (4).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بأن الحج لا يفتقر إلى تعيين النية، فالفرق بينه وبين الصيام واضح وذلك: أنه في الحج لما لم يفتقر قضاؤه إلى التعيين، لم يفتقر أداؤه إلى التعيين. ولما افتقر قضاء الصوم إلى التعيين، افتقر أداؤه إلى التعيين (5).

والله أعلم.

(1) ينظر: جامع العلوم والحكم 1/ 87.

(2)

ينظر مذهب الشافعية في الحاوي الكبير 3/ 403، ومذهب الحنابلة في الفروع 5/ 289.

(3)

ينظر مذهب الحنفية في فتح القدير 2/ 437، ومذهب المالكية في الكافي 1/ 357.

(4)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 403.

(5)

ينظر: المصدر السابق 3/ 404.

ص: 164