المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دعي - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دعي

‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

؟ .

اختيار الشيخ: اختار أنه إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالمستحب الفطر وإلا فالصوم أفضل، فقال:"وليس الصوم عذرا في التخلف، لكن إذا حضر لا يلزمه الأكل ويكون الصوم عذرا في ترك الأكل إلا أن يشق على صاحب الطعام ترك إفطاره، فيستحب له حينئذ الفطر وإلا فلا"(1).

تحرير محل الخلاف: مر معنا في المسألة السابقة اختلاف الفقهاء في كون الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل أم لا.

وعلمنا أن المالكية والحنفية في رواية قد منعوا إفطار الصائم المتنفل، بينما أجاز الحنفية في الأظهر إفطاره إذا كان يعلم أن صاحب الدعوة يتأذى بتركه الفطر وإلا فلا.

وأما مسألتنا هذه فقد جرى الخلاف فيها بين الشافعية والحنابلة الذين أجازوا فطر الصائم المتنفل دون أن يوجبوا عليه قضاء. فاختلفوا في من دعي إلى طعام هل يستحب له الفطر، أو يستحب له إتمام صومه على قولين:

القول الأول: إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالمستحب الفطر وإلا فالصوم أفضل.

وبه قال: أكثر الشافعية (2) ، وبعض الحنابلة (3)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: يستحب له الفطر مطلقا.

وبه قال: أكثر الحنابلة (4) ، وبعض الشافعية (5).

أدلة القول الأول: القائلين إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالمستحب الفطر وإلا فالصوم أفضل.

الدليل الأول: عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعي إلى طعام وهو صائم، فليُجِب، فإن شاء طَعِم، وإن شاء ترك» (6).

(1) مرعاة المفاتيح 7/ 109.

(2)

العزيز 8/ 351، المجموع 6/ 393، عمدة السالك ص 208، فتح الباري 9/ 247.

(3)

الهداية ص 410، شرح الزركشي 5/ 333، المحرر 2/ 40، الروض المربع 1/ 543.

(4)

الكافي 3/ 79، المغني 7/ 279، شرح الزركشي 5/ 333، المحرر 2/ 40، دقائق أولي النهى 3/ 34.

(5)

البيان 9/ 490، المهذب 2/ 479، المجموع 16/ 405، فتح الباري 9/ 247.

(6)

سبق تخريجه صفحة (500).

ص: 506

الدليل الثاني: عن أنس رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سليم فأتته بتمر وسمن، فقال:«أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم» . ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غير المكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها (1).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه طعاما، فدعاهم، فلما دخلوا وضع الطعام، فقال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم تقول: إني صائم؟ ، أفطر، ثم صم يوما مكانه إن شئت» (2).

وجه الاستدلال من الأحاديث: إذا جمعنا بين هذه الأحاديث نجد أن حديث جابر رضي الله عنه جاء فيه إباحة الفطر وإباحة البقاء على الصيام، دون تفضيل أحدهما على الآخر (3).

ثم يأتي حديث أم سليم رضي الله عنها وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع صيامه؛ لعلمه أن أم سليم ترضى بمجرد حضوره ودعائه لها ولأهل بيتها؛ لأن أم سليم كانت عنده بمنزلة أهل بيته (4)؛ وذلك لأنها خالته من الرضاعة (5).

ثم يأتي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه والذي فيه أن صاحب الطعام قد تَكلَّف في إعداده، فلم يكن ليرضى بمجرد الحضور، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان صائما من المدعوين بأن يفطر، ويقضي يوما آخر إن شاء؛ حتى لا يكسر قلب صاحب الدعوة، والله أعلم.

قال النووي: "وأما الصائم فلا خلاف أنه لا يجب عليه الأكل، لكن إن كان صومه فرضا لم يجز له الأكل؛ لأن الفرض لا يجوز الخروج منه، وإن كان نفلا جاز الفطر وتركه، فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطرُ، وإلا فإتمامُ الصوم، والله أعلم"(6).

أدلة القول الثاني: القائلين يستحب له الفطر مطلقا.

(1) سبق تخريجه صفحة (501).

(2)

سبق تخريجه صفحة (500).

(3)

ينظر: تحفة الأحوذي 3/ 413.

(4)

ينظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير 6/ 231.

(5)

ينظر: التوضيح لابن الملقن 13/ 482، وعمدة القاري 11/ 98.

(6)

شرح مسلم 9/ 236. وينظر: فتح الباري 4/ 228، شرح المشكاة للطيبي 5/ 1618.

ص: 507

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه طعاما، فدعاهم، فلما دخلوا وضع الطعام، فقال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم تقول: إني صائم؟ ، أفطر، ثم صم يوما مكانه إن شئت» (1).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كان صائما -وأبا الفطر- بقطع صيامه، وإجابة دعوة أخيه، ولم يفرق صلى الله عليه وسلم بين من ينكسر قلبه بترك طعامه: فيؤكل عنده، وبين من يرضى بمجرد الحضور: فلا يؤكل عنده؛ بل جعل صلى الله عليه وسلم مجرد صُنعِ الطعام من أجل الضيف سببا في استحباب قطع صيام النفل؛ لإدخال السرور على أخيه المضيف.

قال ابن حجر: "فيه حجة لمن استحب له أن يخرج من صيامه لذلك"(2)، أي لمجرد الدعوة.

الدليل الثاني: ولأن إتمام الصوم جائز فقط، أما الخروج منه وفطره عند صاحب الدعوة ففيه إدخال السرور على أخيه المسلم، وجبر قلبه بأكل طعامه فيكون مستحبا (3).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالمستحب الفطر وإلا فالصوم أفضل، خاصة إذا كانت الدعوة عامة والحضور فيها كثير؛ فالغالب أن صاحب الدعوة يرضى بمجرد الحضور، ويبينه أثر ابن عمر رضي الله عنه حيث:«كان إذا دعي إلى طعام وهو صائم أجاب، فإذا جاءوا بالمائدة وعليها الطعام مد يده ثم قال: «خذوا بسم الله» ، فإذا أهوى القوم كف يده» (4).

أو يكون الضيف ليس بينه وبين أصحاب الطعام كُلْفَة، كما مر معنا في حديث أم سُلَيْم رضي الله عنها، أو يكون وقت الإفطار قد قَرُب، فهذا كله يرجح البقاء على الصيام.

قال ابن حجر: "ويَبعُد إطلاق استحباب الفطر مع وجود الخلاف، ولا سيما إن كان وقت الإفطار قد قَرُب"(5).

(1) سبق تخريجه صفحة (500).

(2)

فتح الباري 9/ 248.

(3)

ينظر: الكافي لابن قدامة 3/ 79، المغني 7/ 279، شرح الزركشي 5/ 333.

(4)

رواه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 318 رقم 9441، كتاب الصيام، باب من كان يقول إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب.

(5)

فتح الباري 9/ 247.

ص: 508

أما إن كان صاحب الدعوة قد أقامها من أجله، وتَكَلَّف في إعداد الطعام، وقد يدعو الناس إكراما له، فالغالب أنه يجد في نفسه شيئا إن تَرَك الأكل عنده وإن لم يصرح بذلك، فلا شك أن المستحب هنا فِطْره وإدخال السرور على قلب أخيه المسلم.

والله أعلم.

ص: 509