المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

.

اختيار الشيخ: اختار وجوب تبييت النية لكل يوم من رمضان، فقال:"ولا بد من التبييت لكل يوم؛ لظاهر حديثها أيضا، ولأن صوم كل يوم عبادة مستقلة مسقطة لفرض يومها، ويتخلل بين يومين ما ينافي الصوم ويناقضه"(1).

تحرير محل الخلاف: أجمع العلماء على أن من نوى الصيام كل ليلة من ليالي شهر رمضان، فصام أن صومه تام (2).

واختلفوا هل يشترط للصائم أن ينوي الصيام قبل كل يوم جديد، أم تكفي نية واحدة من أول الشهر وتجزئ عن جميع أيام رمضان؟ ، على قولين:

القول الأول: تجب نية مستقلة لكل يوم من أيام رمضان.

وبه قال: الحنفية (3) ، والشافعية (4) ، والحنابلة في المذهب (5)، والظاهرية (6)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثاني: تجزئ نية واحدة من أول الشهر عن جميع أيام شهر رمضان.

وهو قول: المالكية (7)، ورواية عند: الحنابلة (8).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم والله أعلم: هل صيام رمضان عبادة واحدة أو عبادات متعددة؟ (9).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه تجب نية مستقلة لكل يوم من أيام رمضان.

(1) مرعاة المفاتيح 6/ 466. ويعني بحديثها حديث حفصة الآتي، وقد سبق تخريجه ص 151.

(2)

ينظر: الإجماع لابن المنذر ص 49، الإقناع له 1/ 191، الإقناع لابن القطان 1/ 227.

(3)

المبسوط 3/ 60، بدائع الصنائع 2/ 85، البناية 4/ 95، رد المحتار 2/ 380.

(4)

الحاوي 3/ 400، حلية العلماء 3/ 154، البيان 3/ 489، المجموع 6/ 302.

(5)

المغني 3/ 111، الفروع 4/ 452، المبدع 3/ 18، دقائق أولي النهى 1/ 478.

(6)

المحلى 4/ 285.

(7)

الكافي 1/ 335، المنتقى 2/ 41، الذخيرة 2/ 499، مواهب الجليل 2/ 419.

(8)

الكافي 1/ 439، الفروع 4/ 452، شرح الزركشي 2/ 566، المبدع 3/ 18.

(9)

ينظر: المسالك لابن العربي 4/ 169، شرح الخرشي 2/ 246.

ص: 155

الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» (1).

وجه الاستدلال: لأنه اعتبر تبييت (جِنْس)(2) الصيام في جنس الليل، فكل يوم من الصيام يُبَيَّت في جنس من الليل، فوجب أن يُبَيَّت بما يُبَيَّت به اليوم الأول (3).

الدليل الثاني: ولأن المعنى الذي وجبت النية من أجله في اليوم الأول، موجود في اليوم الثاني، وما يليه إلى آخر الشهر؛ وهو: أنه صوم يوم واجب، فوجب أن يكون من شرطه تَقَدُّم النية من ليلته؛ كاليوم الأول (4).

الدليل الثالث: ولأنها عبادة تؤدى وتقضى، فوجب أن يكون عدد النية في أدائها كعدد النية في قضائها (5).

الدليل الرابع: ولأنه انتقال من فطر إلى صوم، فوجب أن يكون من شرطه نية تخصه (6).

الدليل الخامس: ولأن كل ما يجب في صيام القضاء كان واجبا من باب أولى في صيام الأداء (7).

الدليل السادس: ولأن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها الأكل والشرب والجماع في لياليها، -وهو ينافي الصيام-، فوجب أن يكون لكل يوم نية مستقلة كالقضاء (8).

أدلة القول الثاني القائلين: تجزئ نية واحدة من أول الشهر عن جميع أيام شهر رمضان.

الدليل الأول: قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (9).

(1) سبق تخريجه صفحة (151).

(2)

الجِنْس: أعم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس، وهو كل ضرب من الشيء، فالناس جنس، والإبل جنس، وهكذا. ينظر: مقاييس اللغة 1/ 486، تاج العروس 15/ 515.

(3)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 402.

(4)

ينظر: المصدر السابق.

(5)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 402، المغني 3/ 111.

(6)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 402.

(7)

ينظر: المصدر السابق.

(8)

ينظر: المغني 3/ 111، وفتح القدير للكمال 2/ 366، والبناية 4/ 95، والمهذب 1/ 331.

(9)

سورة البقرة: آية: 185.

ص: 156

وجه الاستدلال: أن قوله سبحانه وتعالى: {فَلْيَصُمْهُ} يقتضي صيام جميع الشهر -ليله ونهاره- بنية واحدة، فخُصِّصَت ليالي الشهر بإباحة الفطر، وبقيت أيامه على الأصل، فلم تنقطع النية (1).

الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (2).

وجه الاستدلال: أن من عَقَد النية في أول رمضان، فإنه عَقَدَها لصيام جميع الشهر، فكان له ما نواه (3).

الدليل الثالث: عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» (4).

وجه الاستدلال: مقتضى الحديث إجزاء رمضان بنية واحدة؛ لعموم الألف واللام، فخُصِّص ما عدا شهر رمضان بالإجماع، فيبقى الشهر داخلا في هذا العموم (5).

الدليل الرابع: ولأن الصائم نوى في زمن يصلح جنسه لنية الصوم، فجاز كما لو نوى كل يوم في ليلته (6).

الدليل الخامس: وقياس العبادة التي لا يتخللها عبادة من جنسها، على العبادة المتحدة التي لا يتخللها شيء: فإنه تكفي في العبادة التي لا يتخللها شيء نية واحدة بالإجماع، فكذا العبادة التي لا يتخللها عبادة من جنسها؛ لأن أيام رمضان يتخللها الصلاة والذكر دون الصوم، وهو المقصود بقولهم:(من جنسها)(7).

الدليل السادس: وقياس صيام رمضان على الزكاة؛ بجامع أن كلّا منهما ل يجب إلا مرة في العام، فكما أجزءت نية واحدة للزكاة، جاز أن تجزء نية واحدة للصيام (8).

(1) ينظر: الذخيرة 2/ 499.

(2)

سبق تخريجه صفحة (115).

(3)

ينظر: المنتقى للباجي 2/ 41، المسالك 4/ 170، الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 425، وشرح العمدة كتاب الصيام 1/ 198.

(4)

سبق تخريجه صفحة (151).

(5)

ينظر: الذخيرة 2/ 499.

(6)

ينظر: المغني 3/ 111.

(7)

ينظر: الذخيرة 2/ 499 - 500.

(8)

المنتقى للباجي 2/ 41، المسالك في شرح موطأ مالك 4/ 170.

ص: 157

الدليل السابع: "ولأن شهر رمضان عبادة كالصلاة الواحدة، وأيامه كالركعات فيها، ثم كانت نية واحدة تُجزيه لجميع الصلاة، فكذلك يقتضي أنه يُجزئه نية واحدة لجميع الشهر"(1).

الدليل الثامن: وقياسه على الحج، فالحج طوافه وسعيه والوقوف بعرفة، تجزئ فيه نية واحدة عن جميعه، فكذا صيام رمضان تجزء نية واحدة عن جميع أيامه (2).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه تجزئ نية واحدة لجميع الشهر؛ وذلك لقوة ما استدل به أصحاب هذا القول من أدلة وأقيسة.

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول، فيجاب عنه كالتالي:

أولا: أما استدلالهم بحديث «لا صيام

»:

فقد ذُكِر في أدلة القول الثاني المقصود من الحديث، فلا حاجة للإعادة هنا.

ثانيا: وأما قولهم: إن القضاء يحكي الأداء، فوجب أن يكون ما في الأداء هو نفسه ما في القضاء، فيكون مثله في عدد النيات، فيجاب عنه:

أن هذا غير لازم، ألا ترى أن القضاء يجوز تفريقه، بينما الأداء لا يجوز تفريقه، ولذلك إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية (3).

ثالثا: وأما قولهم: إن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها الأكل والشرب والجماع في لياليها، وهو ينافي الصيام، فوجب أن يكون لكل يوم نية مستقلة، وقولهم: إنه انتقال من فطر إلى صوم، فوجب أن يكون من شرطه نية تخصه. فيجاب عنه:

أن شهر رمضان بمنزلة العبادة الواحدة؛ لأن النية وقعت لهذا الصوم في زمان يصلح جنسه لنية الصوم، من غير أن يتخلل النية والصوم المنوي زمان يصلح جنسه لصوم سواه، فجاز ذلك؛ كما لو نوى لكل يوم من ليلته. ولأن الفطر في لياليه عبادة أيضا يستعان بها على صوم نهاره، ولهذا شملت البركة لياليه وأيامه، وسمي الفطر ليلة العيد فطرا من رمضان، فعُلِم أن الفطر الذي يتخلل أيامه ليس فطرا من رمضان، فكان عبادة واحدة تجزئ فيه نية واحدة كسائر العبادات. وكون الفساد يختص ببعضه إذا صادفه، لا يمنع كونه عبادة واحدة،

(1) ينظر شرح الخرشي على خليل 2/ 246.

(2)

ينظر: المصدر السابق.

(3)

ينظر: الجامع لابن يونس 3/ 1079.

ص: 158

كالحج، فإنه يشتمل على: إحرام، ووقوف، وطواف، وسعي، ثم لو فسد الطواف لكونه على غير طهارة، أو غير ذلك، لم يتعد الفساد إلى غيره، ومع هذا فهو عبادة واحدة، بحيث تكفيه نية واحدة (1).

قال الشيخ ابن عثيمين (2): "وهذا هو الأصح؛ لأن المسلمين جميعا لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره، فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكما؛ لأن الأصل عدم القطع، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس"(3).

والله أعلم.

(1) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 198 - 199.

(2)

هو: محمد بن صالح بن محمد، أبو عبد الله العثيمين، الإمام الزاهد الفقيه الأصولي المفسر الفرضي النحوي، ولد سنة 1347 هـ في عنيزة، وأخذ عن: عبد الرحمن السعدي، وابن باز، وغيرهما، وعنه خلق كثير، له مؤلفات كثيرة منها: القواعد المثلى، وشرح العقيدة الواسط ية، توفي سنة 1421 هـ. ينظر: ابن عثيمين الإمام الزاهد، الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة ابن عثيمين، الجامع لحياة العلامة ابن العثيمين.

(3)

الشرح الممتع 6/ 356.

ص: 159