المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

؟ .

اختيار الشيخ: اختار أن على المجامع الكفارة وحده دون المرأة، فقال:"واستُدِل بأفراده بذلك على أن الكفارة عليه وحده دون المَوطوءة"(1).

ثم حَكَم ببطلان زيادة: «أَهْلَكْت» والتي استُدِلّ بها على لزوم الكفارة على المرأة (2).

تحرير محل الخلاف: اتفق عامة أهل العلم أن الرجل إذا جامع بعد الفجر في رمضان عامدا أن عليه الكفارة (3).

واختلفوا في وجوب الكفارة على المرأة الصائمة إذا طاوعت (4) في الجماع في نهار رمضان على قولين:

القول الأول: لا تجب عليها الكفارة وعليها القضاء.

وهو: أصح القولين عند الشافعية (5)، ورواية عند الحنابلة (6)، وقول الظاهرية (7) ، وهو اختيار الشيخ رحمه الله.

القول الثاني: تجب عليها الكفارة وعليها القضاء.

وبه قال: الحنفية (8)، والمالكية (9)، وقول عند الشافعية (10)، والمذهب عند الحنابلة (11).

(1) مرعاة المفاتيح، 6/ 504.

(2)

ينظر المصدر السابق 6/ 506. فقد أطال الشيخ الكلام في ردها والحكم ببطلانها.

(3)

ينظر: الإقناع لابن المنذر 1/ 193، والإشراف له 3/ 121، الإقناع لابن القطان 1/ 235، بداية المجتهد 2/ 64، والمغني 3/ 134.

(4)

كلام الشيخ المباركفوري عن المطاوعة، أما المكرهة فلم يرجح فيها شيئا.

(5)

الأم 2/ 109، الحاوي 3/ 424، المجموع 6/ 331، مغني المحتاج 2/ 179.

(6)

الكافي 1/ 446، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/ 259، الفروع 5/ 42، الإنصاف 3/ 314.

(7)

المحلى 4/ 335.

(8)

المبسوط 3/ 72، بدائع الصنائع 2/ 98، تحفة الفقهاء 1/ 361، تبيين الحقائق 1/ 327.

(9)

تهذيب المدونة 1/ 369، الكافي 1/ 342، المعونة ص 480، التاج والإكليل 3/ 364.

(10)

الحاوي الكبير 3/ 424، البيان 3/ 521، منهاج الطالبين ص 78، كفاية النبيه 6/ 334.

(11)

المغني 3/ 137، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين 1/ 259، الفروع 5/ 42، الإنصاف 3/ 314.

ص: 367

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: معارضة ظاهر الأثر للقياس؛ وذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة في الحديث بكفارة، والقياس أنها مثل الرجل؛ إذ كان كلاهما مكلفا"(1).

أدلة القول الأول: القائلين بأن المرأة لا تلزمها كفارة.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت! قال:«ما لك؟ » . قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تجد رقبة تعتقها؟ » . قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ » . قال: لا. قال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ » . قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتِي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيها تمر، قال:«أين السائل؟ » . فقال: أنا. قال: «خذ هذا فتصدق به» . فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:«أطعمه أهلك» (2).

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه احترق! قال: «ما لك؟ » . قال: أصبت أهلي في رمضان، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمِكْتل يدعى العَرَق، فقال:«أين المحترق؟ » . قال: أنا. قال: «تصدق بهذا» (3).

وجه الاستدلال: أن النص ورد في الرجل دون المرأة؛ وبيان ذلك من وجهين:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان بالكفارة ولم يأمر في المرأة بشيء، مع علمه صلى الله عليه وسلم بوجود ذلك منها (4). والأعرابي إنما سأله عن فعل شارك فيه زوجته مع جهلها بحكمه، فاقتضى أن يكون جوابه صلى الله عليه وسلم حكما لجميع الحادثة (5).

الثاني: أنه لمّا كان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر المرأة بالكفارة ولا راسلها بإخراجها مع جهلها بالحكم فيها دل على أن الكفارة لا تلزمها (6).

(1) بداية المجتهد 2/ 67.

(2)

سبق تخريجه صفحة (363).

(3)

سبق تخريجه صفحة (364).

(4)

ينظر: المغني 3/ 137.

(5)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 425.

(6)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 425، إحكام الأحكام 2/ 18.

ص: 368

ولهذا لما قال له صلى الله عليه وسلم رجل: إن ابني كان عَسِيفا (1) على هذا، وإنه زَنى بامرأته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«على ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أُنَيْس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» (2)، لم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته، فدل هذا على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها (3).

الدليل الثالث: لأن الكفارة هنا إنما وجبت لأجل الإصابة والوقوع على المرأة وجماعها. والجِماعُ إنما يفعله الرجل وحده، وإنما المرأة مُمَكِّنةٌ من الفعل ومَحلٌ له؛ والكفارة لم تُجَب لذلك (4).

الدليل الرابع: ولأنه حق في مال يتعلق بالوطء فوجب أن يختص الزوج بتَحمُّله، كالمهر (5).

الدليل الخامس: ولأن الجِماع فعلٌ واحد لا يتم إلا بهما، فأجزأت فيه كفارة واحدة (6).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن المرأة تلزمها الكفارة.

الدليل الأول: حديث الأعرابي السابق ذكره في أدلة القول الأول من رواية أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما.

وجه الاستدلال: أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجلَ بالكفارة -بسبب ما كان منه من إفساد الصيام بالمواقعة- دليلٌ على أن على المرأة كفارة مثل الرجل؛ لأن الشريعة قد سَوَّتْ بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليل التفريق. وإذا لزم المرأة القضاء؛ لأنها أفطرت بجماع متعمد - كما وجب على الرجل -، لزِمَها الكفارة لهذه العلة كالرجل سواء (7).

الدليل الثاني: حديث: «من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر (8)» (9).

(1) العَسِيف: هو الَأجير. ينظر: مختار الصحاح ص: 432.

(2)

رواه البخاري كتاب الصلح 5/ 355 رقم 2695، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، ومسلم كتاب الحدود 3/ 1324 رقم 1698، باب من اعترف على نفسه بالزنا، من حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما.

(3)

ينظر: معالم السنن 2/ 118.

(4)

ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 324 - 325.

(5)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 425، والمهذب 1/ 337، والبيان للعمراني 3/ 522.

(6)

ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 325.

(7)

ينظر: معالم السنن 2/ 117، عارضة الأحوذي 3/ 255.

(8)

من الظهار، وهو قول الرجل لامرأته: أنتي علي كظهر أمي. ينظر: القاموس المحيط 1/ 434.

(9)

قال الزيلعي في نصب الراية 2/ 449: "حديث غريب بهذا اللفظ"، وقال الحافظ في الدراية 1/ 279 رقم 370:"لم أجده هكذا".

ص: 369

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء عاما، ولم يفرق بين مفطر أو مفطرة، وهذه مفطرة فيتناولها الحديث؛ لأن «مَن» تُطلَق على المذكر والمؤنث (1).

الدليل الثالث: قياسا على قضاء ذلك اليوم، فلما وجب عليها قضاء ذلك اليوم وجبت عليها الكفارة عنه (2).

الدليل الرابع: ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع، فوجبت عليها الكفارة؛ كالرجل (3)؛ وذلك لأنها إذا طاوعته على الجماع كان كل منهما فاعلا له ومشاركا فيه، فما وجب عليه لله من الكفارة والعقوبة وغير ذلك وجب عليها مثله (4).

الدليل الخامس: ولأن الكفارة عقوبة تتعلق بالجماع، فاستوى فيها الرجل والمرأة؛ كحد الزنا (5).

الدليل السادس: ولأنهما اشتركا في سبب تجب به الكفارة، فوجب أن يلزم كل واحد منهما كفارة؛ كالقتل (6).

الدليل السابع: ولأنها كفارة، فوجبت على كل واحد منهما؛ كالحدّ (7) ، فإن الحدود كفارات لأهلها؛ لأن الكفارة ماحية من وجه وزاجرة من وجه وجابرة من وجه، والمرأة محتاجة إلى هذه المعاني حسب احتياج الرجل (8).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أن المرأة الصائمة إذا طاوعت في الجماع في نهار رمضان تجب عليها الكفارة؛ وذلك لقوة أدلة هذا القول، ولأن الشريعة قد سوت بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليل التخصيص، ولا دليل على إسقاط الكفارة عن المرأة.

(1) ينظر: المبسوط للسرخسي 3/ 72، الهداية للمرغيناني 1/ 122، منحة السلوك ص 265.

(2)

ينظر: التمهيد 7/ 178، وشرح البخاري لابن بطال 4/ 78، والتوضيح لابن الملقن 13/ 269.

(3)

ينظر: المغني 3/ 137، المبدع 3/ 31، شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 326، مطالب أولي النهى 2/ 200.

(4)

ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 326.

(5)

ينظر: المهذب 1/ 337، والبيان 3/ 521، والمجموع 6/ 330.

(6)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 425، والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/ 259.

(7)

الحَدّ: واحد حدود، وهو في اللغة: المنع، وفي الشرع: عقوبة مقدرة وجبت حقًا لله تعالى. ينظر: النهاية 1/ 352، التعريفات للجرجاني ص 83.

(8)

ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 327.

ص: 370

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث الأعرابي؛ فيجاب عنه من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: إن ما ذكر من المشابهة بين قصة الأعرابي وقصة العسيف لا يستقيم، وبيانه من وجهين:

الأول: أن الرجل في حديث العسيف أخبر بما يوجب الحد، والحدود حق الله، يلزم الإمام استيفاؤها، أما الكفارة فهي معاملة بين العبد وبين ربه لا نظر للإمام فيها.

الثاني: أن الحد في قصة العسيف مختلف: فإن المرأة كانت مُحصَنة، وحَدُّها الرجم، وكان الرجل غير مُحْصَن، وحَدُّه الجلد، فلم يكن بيان أحدهما بيانا للآخر، فلما اختلف البيان احتاج إلى شرحه، بخلاف مسألتنا: فإن الحكم لا يختلف، فكان البيان للرجل بيانا للمرأة (1).

الوجه الثاني: أنه لا يُسلَّم أن هناك حاجة إلى إعلام المرأة؛ فإنها لم تعترف بسبب الكفارة. وإقرار الرجل عليها لا يوجب عليها حُكما. فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قَبِل قول الأعرابي على نفسه بإقراره، ولم يقبل قوله عليها. وقد يمكن أن تكون المرأة مفطرة بعذر، من مرض، أو سفر، أو تكون مكرهة، أو ناسية لصومها، أو نحو ذلك من الأمور. وإذا كان كذلك، فإن الحاجة تمس إلى إعلامها إذا ثبت الوجوب في حقها، ولم يثبت (2).

الوجه الثالث: لا يُسلَّم قولهم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين حكم المرأة؛ فإن بيانه في حق الرجل بيان له في حق المرأة؛ لاستوائهما في تحريم الفطر، وانتهاك حرمة الصوم، مع العلم بأن سبب إيجاب الكفارة هو ذاك. والتنصيص على الحكم في بعض المكلفين كاف عن ذكره في حق الباقين. وهذا كما أنه عليه السلام لم يذكر إيجاب الكفارة على سائر الناس غير الأعرابي لعلمهم بالاستواء في الحكم (3).

(1) ينظر: التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي 2/ 84، شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 330، والمبسوط للسرخسي 3/ 72 - 73.

(2)

ينظر: إحكام الأحكام 2/ 18، التحقيق في أحاديث الخلاف 2/ 85، معالم السنن 2/ 118.

(3)

ينظر: إحكام الأحكام 2/ 19.

ص: 371

وقد يقال أيضا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالقضاء، وقد أمر الأعرابي بالقضاء؛ لعلمه بأن حكمها حكمه، فما حمل عليه ترك ذكر القضاء؛ حمل عليه ترك ذكر الكفارة (1).

ثانيا: وأما قولهم: إن الجماع فعل واحد لا يتم إلا بهما فأجزأت فيه كفارة واحدة، فيجاب عنه:

أنه لا يخلو إيجابكم الكفارة الواحدة من أحد أمرين: إما أن تجب على الزوج وحده، أو تجب عليهما معا. فيبطل أن تجب على الزوج وحده؛ لاشتراكهما في موجب الكفارة وهو الوطء، ويبطل أن تجب عليهما معا؛ لأنه يقتضي أن يلزم كل واحد منهما نصف كفارة، وهذا خلاف الأصول (2).

ثالثا: وأما قولهم: إنه حق في مال يتعلق بالوطء فوجب أن يختص الزوج بتحمله كالمهر، فيجاب عنه:

أن قياس الكفارة على المهر قياس مردود، للفرق بينهما، لأن التحمل في النكاح إنما يجري في مؤن الزوجية، ولا يجري في العبادات والعقوبات (3).

رابعا: وأما قولهم: إن الكفارة هنا إنما وجبت لأجل الإصابة والوقوع على المرأة وجماعها، والجماع إنما يفعله الرجل وحده، وإنما المرأة ممكنة من الفعل ومحل له، والكفارة لم تُوجَب لذلك، فيجاب عنه:

بأن السبب جناية الإفساد لا نفس الوقاع، وقد شاركته فيها (4).

والله أعلم.

(1) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 327، وشرح البخاري لابن بطال 4/ 78، والتوضيح لابن الملقن 13/ 269.

(2)

ينظر: الحاوي الكبير 3/ 425.

(3)

المبسوط للسرخسي 3/ 73.

(4)

ينظر: الهداية للمرغيناني 1/ 122.

ص: 372