المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة - الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

[موافقي الأمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الافتتاحية

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في البحث:

- ‌الشكر وتقدير:

- ‌التمهيددراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري واختياراته

- ‌المبحث الأول: دراسة حياة الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول:‌‌ اسمه، ونسبه، و‌‌كنيته، و‌‌لقبه

- ‌ اسمه، ونسبه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌المطلب الثاني:‌‌ مولده، و‌‌أسرته، ووفاته

- ‌ مولده

- ‌أسرته

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثالث: نشأته، وطلبه للعلم

- ‌المطلب الرابع:‌‌ شيوخه، وتلاميذه

- ‌ شيوخه

- ‌أولا: الشيخ أبو الهدى عبد السلام بن الشيخ خان محمد بن أمان الله المباركفوري

- ‌ثانيا: الشيخ العلامة أبو طاهر البهاري

- ‌ثالثا: الشيخ أبو العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن الشيخ بهادر المباركفوري

- ‌رابعا: الشيخ العلامة أحمد الله بن أمير الله بن فقير الله فرتاب كرهي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفور جيراجفوري

- ‌سادسا: الشيخ العلامة محمد أعظم بن فضل الدين أبو عبد الله الجوندلوي الباكستاني

- ‌تلامذته:

- ‌أولا: الشيخ عبد الجليل بن تعلقدار الرحماني البستوي

- ‌ثانيا: الشيخ محمد إدريس آزاد الرحماني الأملوي

- ‌ثالثا: الشيخ عبد المعيد بن عبد المجيد بن عبد القادر أبو عبيدة البنارسي

- ‌رابعا: الشيخ آفتاب آحمد الرحماني البنغلاديشي

- ‌خامسا: الشيخ عبد الغفار حسن بن العلامة عبد الستار بن عبد الجبار العمر فوري الرحماني

- ‌سادسا: الشيخ أحمد الله بن عبد الكريم الرحماني البنغلاديش

- ‌المطلب الخامس:‌‌ عقيدته، ومذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته

- ‌عقيدة الشيخ في الإيمان:

- ‌عقيدة الشيخ في الأسماء والصفات:

- ‌عقيدته في التوسل ودعاء الأموات والغائبين:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب السادس: ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب السابع: آثاره العلمية

- ‌المبحث الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى

- ‌المطلب الأول: تعريف الاختيار

- ‌في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌وقد عرفه بعض الباحثين باعتبار أقسامه الثلاثة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي والإنفراد:

- ‌تعريف الرأي:

- ‌وأما في الاصطلاح فقد عرف بعدة تعاريف منها:

- ‌تعريف الإنفراد:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌الفرق بين الإختيار والرأي:

- ‌وجه التشابه بينهما:

- ‌وجه الاختلاف بينهما:

- ‌الفرق بين الإختيار والإنفراد:

- ‌الفرق بين الإنفراد والرأي:

- ‌المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها

- ‌المطلب الثالث: دراسة الصيغ المعتبرة (في الاختيار) عند الشيخ المباركفوري

- ‌الباب الأول: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في الصيام

- ‌الفصل الأول: في تسمية الشهر، وفي رؤية الهلال، وفي يوم الشك

- ‌المبحث الأول: حكم قول رمضان، وفي رؤية الهلال

- ‌المطلب الثاني: اعتبار اختلاف المطالع

- ‌المطلب الثالث: هل يثبت دخول الشهر بالحساب الفلكي

- ‌المطلب الرابع: عدد الشهود في هلال شهر رمضان

- ‌المطلب الخامس: عدد الشهود لثبوت هلال شوال

- ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

- ‌المطلب السابع: حكم صيام من رأى هلال شوال وحده فردت شهادته

- ‌المطلب الثامن: حكم من أفطر ثم تبين أن اليوم من رمضان

- ‌المبحث الثاني: في يوم الشك، والصوم بعد انتصاف شعبان

- ‌المطلب الأول: في تعيين يوم الشك

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر

- ‌المطلب الثالث: من صام يوم الشك فتبين أنه من رمضان

- ‌المطلب الرابع: حكم الصيام بعد انتصاف شعبان

- ‌الفصل الثاني: في النية وصيام المسافر

- ‌المبحث الأول: في النية

- ‌المطلب الأول: في النية للفرض

- ‌المسألة الثانية: حكم النية لكل يوم من رمضان

- ‌المسألة الثالثة: حكم تعيين النية

- ‌المسألة الرابعة: حكم التَلَفُّظ بالنية

- ‌المسألة الخامسة: هل يُشترَط أن تُعقَد النية في جزء معين من الليل

- ‌المسألة السادسة: حكم ما إذا فعل بعد النية قبل الفجر ما ينافي الصوم

- ‌المطلب الثاني: في النية النفل

- ‌المسألة الأولى: حكم صيام يوم الشك بنية التطوع

- ‌المسألة الثانية: حكم نية صوم النفل من النهار

- ‌المسألة الثالثة: حكم عقد نية النفل بعد الزوال

- ‌المبحث الثاني: صوم السفر

- ‌المطلب الأول: حكم الصيام في السفر

- ‌المطلب الثاني: ما الأفضل للمسافر الصيام أو الفطر

- ‌المطلب الثالث: حد السفر المبيح للفطر

- ‌المطلب الرابع: حكم إفطار المسافر الذي استهل عليه رمضان وهو مقيم

- ‌المطلب الخامس: حكم إفطار المسافر بعد أن كان قد شرع في الصيام

- ‌المطلب السادس: حكم إفطار من سافر بعد طلوع الفجر

- ‌الفصل الثالث: في المفطرات وما يجتنبه الصائم، وفي الكفارة وخصالها

- ‌المبحث الأول: في المفطرات وما يجتنبه الصائم

- ‌المطلب الثاني: حكم الفصد للصائم

- ‌المطلب الرابع: حكم التقبيل للصائم

- ‌المطلب الخامس: حكم الاستياك للصائم

- ‌المسألة الثانية: الاستياك بالعود الرطب

- ‌المسألة الثالثة: الاستياك في صوم الفريضة

- ‌المطلب السابع: حكم الوصال في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الوصال أكثر من يوم

- ‌المسألة الثانية: الوصال إلى السَحَر

- ‌المطلب الثامن: حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم

- ‌المطلب العاشر: حكم انغماس الصائم في الماء

- ‌المطلب الحادي عشر: في الأكل والشرب للمتسحر

- ‌المسألة الأولى: حكم من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر

- ‌المسألة الثانية: هل المعتبر في تحريم الأكل والشرب تَبَيُّن الفجر أو طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث عشر: حكم صيام الحائض والنُفَساء إذا طهرت قبل الفجر، ولم تغتسل إلا بعد الفجر

- ‌المبحث الثاني: في الكفارة، وخصالها

- ‌المطلب الثاني: هل على المرأة المجامعة في رمضان كفارة

- ‌المطلب الثالث: هل على من جامع ناسيا في رمضان كفارة

- ‌المطلب الرابع: هل الأكل والشرب في رمضان عمدا يوجبان الكفارة كالجماع

- ‌المطلب السادس: هل الخصال الثلاثة في كفارة الجماع في رمضان على الترتيب أو على التخيير

- ‌المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان

- ‌المطلب التاسع: هل يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة الجماع في رمضان أن تكون مؤمنة

- ‌الفصل الرابع: في صوم التطوع، والأيام التي نهي عن الصوم فيها، وفي النذر، وصوم عاشوراء

- ‌المبحث الأول: في صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها

- ‌المطلب الأول: حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌المطلب الثاني: حكم صيام يوم السبت

- ‌المطلب الثالث: حكم صيام يوم عرفة للحاج

- ‌المطلب الخامس: حكم صيام عشر ذي الحِجَّة

- ‌المطلب السادس: حكم صيام الدهر

- ‌المطلب السابع: حكم صيام الست من شوال

- ‌المطلب الثامن: ما هو أفضل الصيام بعد رمضان صيام شعبان أو المحرم

- ‌المطلب التاسع: حكم الإفطار في صوم النافلة

- ‌المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌المطلب الحادي عشر: ما هي أيام البيض

- ‌المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله

- ‌المبحث الثاني: في النذر، وفي أعذار الفطر

- ‌المطلب الأول: حكم من نذر صوم العيدين متعمدا لعينيهما

- ‌المطلب الثاني: حكم من نذر صوم يوم قدوم فلان مثلا فوافق يوم عيد

- ‌المطلب الثالث: هل الضيافة عذر للإفطار من صوم النفل

- ‌المطلب الرابع: هل يستحب لمن كان صائما صيام نفل أن يفطر إذا دُعي

- ‌المبحث الثالث: في صوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء

- ‌المطلب الثاني: هل عاشوراء هو اليوم التاسع أو اليوم العاشر

- ‌المطلب الثالث: ما الأفضل في صيام عاشوراء

- ‌المطلب الرابع: هل صيام يوم مع عاشوراء لاحتمال الشك أو لمخالفة أهل الكتاب

- ‌المطلب الخامس: هل الأفضل صيام يوم عاشوراء أو يوم عرفة

- ‌الباب الثاني: اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري رحمه الله تعالى في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر، وفي الاعتكاف

- ‌الفصل الأول: في قضاء الصوم، وفي ليلة القدر

- ‌المبحث الأول: في قضاء الصوم

- ‌المطلب الأول: هل يجب قضاء رمضان على الفور؟ ، وهل يجب التتابع

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز التطوع قبل القضاء

- ‌المطلب الثالث: هل يقضي من أفطر في صيام النفل

- ‌المطلب الرابع: حكم صيام المرأة النفل وقضاء الواجب بغير إذن زوجها

- ‌المطلب الخامس: هل يقضي المجامع في رمضان اليوم الذي جامع فيه

- ‌المطلب السادس: حكم القضاء على من ذرعه القيء

- ‌المطلب السابع: هل يقضي من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌المطلب الثامن: هل يقضي الصوم من تمضمض أو استنشق فغلبه الماء

- ‌المطلب التاسع: حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

- ‌المطلب العاشر: ما الواجب على المُرضع والحامل إذا خافتا على ولدهما فقط

- ‌المبحث الثاني: في القضاء عن الميت

- ‌المطلب الأول: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي أمكنه التدارك

- ‌المطلب الثاني: ما الصوم الذي يصام عن الميت

- ‌المطلب الثالث: حكم قضاء الصوم عن الميت الذي لم يمكنه التدارك

- ‌المبحث الثالث: في ليلة القدر

- ‌المطلب الأول: في تعيين ليلة القَدْر

- ‌المطلب الثاني: هل ليلة القدر خاصة بهذه الأمة

- ‌الفصل الثاني: في الاعتكاف

- ‌المبحث الأول: في حكمه، واشتراط الصوم له، وغير ذلك

- ‌المطلب الأول: حكم (الاعتكاف)

- ‌المطلب الثاني: هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف

- ‌المطلب الثالث: هل لأقل الاعتكاف حدّ

- ‌المطلب الرابع: هل ينقطع اعتكاف من عاد مريضا أو صلى على جنازة

- ‌المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)

- ‌المطلب السادس: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المطلب السابع: متى يدخل المعتكِف معتكَفه

- ‌المطلب الثامن: حكم قضاء الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: في مكان الاعتكاف

- ‌المطلب الأول: أين تعتكف المرأة

- ‌المطلب الثاني: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: هل يجوز الاعتكاف في غير (المسجد الجامع)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

‌المطلب السادس: هل يكفي الإخبار ممن رأى الهلال أو تشترط الشهادة

؟ .

اختيار الشيخ: اختار أن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار فيكفي فيها الإخبار ولا تشترط الشهادة، فقال:"وفيه (1) دليل على أن الإخبار كاف ولا يحتاج إلى لفظ الشهادة"(2).

تحرير محل الخلاف: قَسَّم العلماء الخبر إلى ثلاثة أقسام: رواية محضة؛ كالأحاديث النبوية، وشهادة محضة؛ كإخبار الشهود عن الحقوق على المعينين عند الحاكم، ومركب من الشهادة والرواية، وله صور منها: الإخبار عن رؤية هلال رمضان (3)، وهي مسألتنا هذه.

فاختلف أهل العلم في رؤية هلال رمضان، هل بابها باب الإخبار أو بابها باب الشهادات؟ ، على قولين:

القول الأول: رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة.

وبه قال: الحنفية (4)، والشافعية في وجه (5)؛ وقال به: أبو إسحاق المروزي (6) ، والحنابلة (7)، والظاهرية (8)، وهو اختيار الشيخ عبيد الله.

القول الثاني: رؤية هلال رمضان بابها باب الشهادات، فتشترط الشهادة بلفظها.

وهو قول: المالكية (9)، والأصح عند الشافعية (10).

(1) يعني: حديث ابن عباس رضي الله عنه الذي سيأتي في أدلة القول الأول.

(2)

مرعاة المفاتيح 6/ 448.

(3)

ينظر: الفروق للقرافي 1/ 8.

(4)

الأصل 2/ 309، بدائع الصنائع 2/ 81، تحفة الفقهاء 1/ 346، الهداية 1/ 119.

(5)

المجموع 6/ 277، العزيز شرح الوجيز 3/ 174، كفاية النبيه 6/ 253، النجم الوهاج 3/ 276.

(6)

هو: إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي، أبو إسحاق، فقيه انتهت إليه رياسة الشافعية بالعراق بعد ابن سريج، أقام ببغداد أكثر أيامه، وتوفي بمصر سنة 340 هـ. له تصانيف منها: شرح مختصر المزني. ينظر: تاريخ بغداد 6/ 498، طبقات الشافعيين ص 240، طبقات الشافعية الكبرى 7/ 31.

(7)

الكافي 1/ 436، الفروع 4/ 417، دقائق أولي النهى 1/ 471، كشاف القناع 2/ 304.

(8)

المحلى 4/ 373.

(9)

المدونة 1/ 267، المنتقى 2/ 36، المعونة 1/ 454، مواهب الجليل 2/ 386.

(10)

المجموع 6/ 277، فتح العزيز 6/ 253، روضة الطالبين 2/ 345، مغني المحتاج 2/ 143.

ص: 103

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب، وتردد الخبر في ذلك بين أن يكون من باب الشهادة أو من باب العمل بالأحاديث التي لا يشترط فيها العدد"(1).

أدلة القول الأول: القائلين بأن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الهلال، «فأمر الناس بالصيام» (2).

وجه الاستدلال: أن ابن عمر رضي الله عنه ذكر أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فاكتفى بالإخبار ولم يلزمه بالشهادة، فكان فيه حجة لمن أجرى الأمر في رؤية هلال شهر رمضان مجرى الإخبار ولم يحملها على أحكام الشهادات (3).

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال؛ يعني رمضان، فقال:«أتشهد أن لا إله إلا الله؟ » قال: نعم. قال: «أتشهد أن محمدا رسول الله؟ » قال: نعم. قال: «يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدا» (4).

وجه الاستدلال: أن الأعرابي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رأى الهلال فقبل منه صلى الله عليه وسلم، فدل على أن الإخبار كاف ولا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى الدعوى (5).

الدليل الثالث: ولأن الواحد العدل فيه كاف عند جماعة من العلماء، فلو كان شهادة لما اكتُفيَ بالواحد، ولكان العدد الواجب في ثبوت الشهادة شرطا (6).

الدليل الرابع: ولأنه خبر ديني، فأشبه الرواية، والخبر عن القبلة، ودخول وقت الصلاة (7).

(1) بداية المجتهد 2/ 48.

(2)

سبق تخريجه صفحة (88).

(3)

ينظر معالم السنن 2/ 103، وسبل السلام 1/ 561.

(4)

سبق تخريجه صفحة (88).

(5)

ينظر: معالم السنن 2/ 103، وعون المعبود 6/ 334، وتحفة الأحوذي 3/ 303.

(6)

ينظر بدائع الصنائع 2/ 81، ومعالم السنن 2/ 101.

(7)

ينظر: المغني 3/ 165، شرح العمدة كتاب الصيام 1/ 146.

ص: 104

الدليل الخامس: ولأن حكمه يلزم الشاهد، وهو الصوم، وحكم الشهادة لا يلزم الشاهد، والإنسان لا يُتَّهم في إيجاب شيء على نفسه، فدل على أنه ليس بشهادة، بل هو إخبار (1).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن رؤية هلال رمضان من باب الشهادات، فتشترط الشهادة بلفظها.

الدليل الأول: عن أمير مكة الحارث بن حاطب رضي الله عنه قال: «عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره، وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما» (2).

الدليل الثاني: عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: إنا صحبنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتعلمنا منهم، وإنهم حدثونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين، فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» (3).

وجه الاستدلال: أن الحديثين نصا على قبول شهادة الشاهدين إذا شهدا بالرؤية (4)، فمفهومه عدم قبول إخبار من رأى الهلال إن لم يشهد.

الدليل الثالث: ولأنه حكم شرعي متعلق برؤية الهلال، فوجب أن يكون حكم الإخبار به حكم الشهادات؛ أصله هلال شوال (5).

الدليل الرابع: ولأنه لا يُقبَل فيه شاهد الفرع مع وجود شاهد الأصل، وهذا خاص بالشهادة لا بالإخبار (6).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة؛ وحديث ابن عمر والأعرابي يدلان على ذلك.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني، فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث أمير مكة، وحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، والذي فيهما:«وشهد شاهدا» و «شهد ذوا عدل» على اشتراط الشهادة فيجاب عنه:

(1) ينظر: بدائع الصنائع 2/ 81، وفتح العزيز في شرح الوجيز 6/ 254.

(2)

سبق تخريجه صفحة (90).

(3)

سبق تخريجه صفحة (90).

(4)

ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1/ 427.

(5)

ينظر المصدر السابق.

(6)

ينظر: المجموع 6/ 278، معالم السنن 2/ 101.

ص: 105

أن التصريح بالشهادة غاية ما فيه المنع من قبول الإخبار بالمفهوم، وحديثا ابن عمر والأعرابي يدلان على قبوله بالمنطوق؛ ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم.

ثانيا: ولأن قياس رؤية الهلال على الشهادة على سائر الحقوق بعيد؛ لأن الشهادة على الحقوق إنما اشترط لها لفظ الشهادة والعدد لاعتبارات أخرى ليست موجودة في من يخبر بأنه رأى هلال رمضان؛ كالتهمة وغير ذلك (1).

قال القَرافِي (2): "ووجه المناسبة بين الشهادة واشتراط العدد حينئذ وبقية الشروط: أن إلزام المعين تتوقع فيه عداوة باطنية لم يطلع عليها الحاكم، فتبعث العدو على إلزام عدوه ما لم يكن لازما له، فاحتاط الشارع لذلك واشترط معه آخر إبعادا لهذا الاحتمال، فإذا اتفقا في المقال قَرُب الصدق جدا بخلاف الواحد"(3).

فيكون تشبيه الرائي بالراوي هو أمثل من تشبيهه بالشاهد؛ لأنه ليس في رؤية القمر شبهة من مخالف (4).

ثالثا: ولأن الخبر إما أن يُقصَد به أن يترتب عليه (فَصْل قضاء)(5)(وإِبْرام حكم)(6) أو لا، فإن قصد به ذلك فهو الشهادة، وإن لم يقصد به ذلك: فإما أن يقصد به ترتب دليل حكم شرعي أو لا، فإن قصد به ذلك فهو الرواية، وإلا فهو سائر أنواع الخبر (7). والله أعلم.

(1) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام 1/ 138.

(2)

هو: شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس القرافي، أصله من صنهاجة قبيلة من بربر المغرب، ونسبته إلى القرافة وهي المحلة المجاورة لقبر الإمام الشافعي بالقاهرة، انتهت إليه رياسة الفقه على مذهب مالك، توفي بمصر سنة 684 هـ، من تصانيفه: الفروق في القواعد الفقهية؛ والذخيرة في الفقه؛ وشرح تنقيح الفصول في الأصول. ينظر: شجرة النور 1/ 270؛ الديباج ص 62، الأعلام 1/ 94.

(3)

الفروق 1/ 6.

(4)

ينظر: بداية المجتهد 2/ 49.

(5)

الفصل هو: القضاء بين الحق والباطل. والمقصود بفصل القضاء: هو الحكم الذي يقطع به القاضي عند التخاصم. ينظر: لسان العرب 11/ 521، طلبة الطلبة 2144.

(6)

إبرام الحكم: الإبرام في اللغة هو: عقد الشي. والحكم فِي اللُّغَة: الْمَنْع، ويطلق الحكم بمعنى القضاء، وفيه معنى المنع، وهو المقصود هنا. والحكم عند أَصْحَاب الْأصول: خطاب الله الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير. ينظر: لسان العرب 3/ 298، الكليات ص 380، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص 24.

(7)

ينظر: حاشية ابن الشاط على الفروق 1/ 6.

ص: 106