الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشاروا بأن تعود وسادي
…
فأبت وهي تشتهي أن تعودا
وأتتني في خيفة وهي تشكو
…
ألم الوجد والمزار البعيدا
ورأتني كذا فلم تتمالك
…
أن أمالت عليّ عطفا وجيدا
والعشر للطغرائي «1» ، وكذلك صوته في شعر الحاجري، وهو هذا:
[الطويل]
بحقك ذكّرها العقيق لعلها
…
تجد راحة في عودها وسراها
إذا ما حدا الحادي بنجد تمايلت
…
كأن سلافا في النشيد سقاها
كأنكم يوم الرحيل رحلتم
…
بنومي فعيني لا تلذ كراها
وكنت شحيحا من دموعي بقطرة
…
فقد صرت سمحا بعدكم بدماها
وكذلك صوته في شعر ابن حجاج، وهو هذا:«2» [البسيط]
نامي هنيئا لعينيك الرقاد فما
…
أمسيت أعرف إلا السهد والأرقا
وإن أردت حياتي فاحفظي رمقي
…
إن كان عندك شيء يمسك الرمقا
يا شامتا إذ رأى قلبي رهين أسى
…
وشر ما فيه أن الرهن قد غلقا
إن فرق الدهر شخصينا مراغمة
…
فثمّ قلبان لا والله ما افترقا
192- ومنهم- ابن كرّ أبو عبد الله
الشيخ شمس الدين محمد البغدادي الأصل، المصري الدار والمولد، هو في علم الموسيقى فرد لا يخلف، لحق بالأوائل وما تخلف، وأتى ببدائع الألحان وما تكلف، [ص 421] لا يختبي على مثله الوجود في بردتيه، ولا يجنى شبيه
النهار بكره وآصاله «1» بوردتيه، يطرب قبل الإنشاد، ويحرك حتى الجماد، وتخرس لديه أصواته المثاني والمثالث وما تجنح، وتهتز المغاني والأغاني وما يتزحزح، نقل مذاهب القدماء، كابن المهدي وإسحاق «2» ، وجدد طوالع تلك الأهلة التي أكلها المحاق، لا يمر به صوت مما ذكره أبو الفرج الأصفهاني إلا ويجيء به ويجيده، ويعيده ويزيده، وصنف كتابا يقال له أحسن ما صنف لجمع وشنف لسمع، وقد خطأ الفارابي «3» في هذا العلم، وأنكر عليه أهل المعرفة ثم سلموا إليه أنه إنما قاله عن علم، وابن كرّ هذا من بيت امرأة تناقل سلفه في بغداد إرثها حتى ملكها التتار، فلزم أبوه مصر، فأجري عليه راتب عاد إلى ابنه هذا بعضه، وهو الآن في زاوية قرب المشهد الحسيني بالقاهرة المعزية [أقطعها]«4» من وقفه أو وقف أبيه، وله عز نفس، وشمم عفاف، ما اتخذ هذه الصناعة الطربية إلا ريحانا له لا استرزاقا به، وله بي صحبة أعرف حقها له، كان يتردد إليّ ويتودد ويتفقد ولا ينفقه، ولقد غنى فأضحك وغنى فأبكى، وغنى فأنام، فرأيت بعيني منه ما سمعته أذناي عن الفارابي، فصدق الخبر الخبر، وحقق العين الأثر، ورأيت منه واحدا، سبحان من وهبه ما لا هو في قدرة البشر.
وله أصوات في أشعار لي، فمنها قولي:«1» [الكامل]
أفدي حبيبا قد فتنت بحبه
…
لو كان يرثي للمحب إذا شكا
والله ما هبت نسيم دياره
…
إلا اعتلقت بذيلها متمسكا
يا عين أنت شكيتي في حبه
…
لما نظرت له وأنت المشتكى
قالت عليك بأدمعي فأجبتها
…
لو كان دمعي البحر أفناه البكا
ومنها قولي: «2» [الطويل]
قفاني على الوادي أودع مهجتي
…
وأستودع الأحباب مني ما بقي
فيا ليت شعري هل نعود إلى الحمى
…
ويجمعنا سفح الكثيب فنلتقي
[ص 422]
ونعقل في ظل النخيل ركابنا
…
ونشرب من ماء الغزير ونستقي «3»
ونشكو الذي نلقاه من ألم الهوى
…
وهيهات ما عند الحبيب تشوقي
ومنها قولي: [مجزوء الرمل]
يا أخلائي بنجد
…
لي فؤاد مستهام
وجفون قد جفاها
…
بعد أجفاني المنام
إن وصلتم فسرور
…
واغتباط والتئام
أو هجرتم- وكفينا-
…
فعلى الدنيا السلام
قال محقق الكتاب: تم السفر العاشر من كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار.