المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌32- محمد بن الحارث بن بسخنر - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ١٠

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌وصف مخطوطة الكتاب:

- ‌الكتاب ومنهج مؤلفه:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[تراجم اهل الموسيقى]

- ‌1- ابن محرز

- ‌2- ابن عائشة

- ‌3- حنين الحيري

- ‌4- الغريض

- ‌5- طويس

- ‌6- يزيد حوراء

- ‌7- عبد الرّحمن الدّفّاف

- ‌8- ابن مسجح

- ‌9- عطرّد

- ‌10- الأبجر

- ‌11- فريدة

- ‌12- الدّلال

- ‌13- أبو سعيد مولى فائد

- ‌14- فليح بن أبي العوراء

- ‌15- الهذلي

- ‌16- مالك بن [أبي] السّمح

- ‌17- دحمان الأشقر

- ‌18- سياط

- ‌19- ابن جامع

- ‌20- جميلة

- ‌21- معبد

- ‌22- ابن سريج

- ‌23- أبو كامل

- ‌24- إسماعيل بن الهربذ

- ‌25- أبو دلف العجلي»

- ‌26- البردان

- ‌27- سائب خاثر

- ‌29- متيّم الهشاميّة

- ‌30- سلّامة القسّ

- ‌31- عبيد الله بن عبد الله بن طاهر

- ‌32- محمّد بن الحارث بن بسخنّر

- ‌33- عبد الله بن طاهر

- ‌34- معبد اليقطيني

- ‌35- محمد الزّف

- ‌36- عثعث

- ‌37- بصبص جارية ابن نفيس

- ‌38- الزّرقاء جارية ابن رامين

- ‌39- حبّابة جارية يزيد بن عبد الملك

- ‌41- هاشم بن سليمان

- ‌42- عمرو بانة

- ‌43- وجه القرعة

- ‌44- شارية

- ‌45- خليدة المكيّة

- ‌46- عمرو الميداني

- ‌47- أشعب الطّامع

- ‌48- يونس الكاتب

- ‌49- أحمد النّصبيّ

- ‌50- سليم

- ‌52- يحيى المكّي

- ‌53- حكم الوادي

- ‌54- عمر الوادي

- ‌55- أحمد بن يحيى المكّي

- ‌56- بذل

- ‌57- عزّة الميلاء

- ‌58- فند مولى عائشة

- ‌59- دنانير البرمكيّة

- ‌60- الزّبير بن دحمان

- ‌61- ومنهم- عبد الله بن العبّاس

- ‌62- أبو صدقة

- ‌63- عمرو بن أبي الكنّات

- ‌64- خليلان المعلّم

- ‌65- عبيدة الطّنبوريّة

- ‌66- أبو حشيشة

- ‌67- إسحاق الموصلي

- ‌69- عليّة بنت المهدي

- ‌70- ومنهم- أبو عيسى

- ‌71- علّويه

- ‌72- ومنهم- مخارق

- ‌73- عريب جارية المأمون

- ‌74- إبراهيم الموصلي

- ‌75- أبو زكّار

- ‌76- ومنهم دليل الطّنبوري

- ‌77- عليّ بن يحيى المنجّم

- ‌78- ومنهم- زرفل بن إخليج [ص 255]

- ‌79- ومنهم- إسرائيل العوّاد

- ‌80- ومنهم، طريف بن معلّى الهاشمي

- ‌81- ومنهم، تحفة جارية المعتز

- ‌82- ومنهم- إسحاق المنجّم

- ‌83- ومنهم- ابن العلّاف نديم المعتضد

- ‌84- ومنهم- مؤدّب الرّاضي

- ‌85- ومنهم- أبو سعد بن بشر

- ‌86- ومنهم- مسكين بن صدقة

- ‌87- ومنهم- بديع بن محسن

- ‌89- ومنهم- معمر بن قطامي

- ‌90- ومنهم- تحفة جارية أبي محمّد [ص 269]

- ‌91- تحفة؟؟؟ جارية أبي يعقوب

- ‌92- ومنهم- أبو العزّ العوّاد

- ‌93- ومنهم- عين الزّمان أبو القاسم

- ‌94- ومنهم- أبو العبيس بن حمدون

- ‌95- ومنهم- جيداء جارية سيف الدّولة

- ‌96- ومنهم- القاسم بن زرزر

- ‌97- ومنهم- عليّ بن منصور الهاشميّ

- ‌98- ومنهم- كردم بن معبد

- ‌99- ومنهم- أحمد بن أسامة النّصبيّ

- ‌100- ومنهم- وشيحة

- ‌101- ومنهم- إسرائيل اليهوديّ

- ‌102- ومنهم- يحيى جارية أبي محمّد المهلّبي

- ‌103- ومنهم- عنان جارية النّطافيّ

- ‌104- دنانير جارية محمّد بن كناسة

- ‌105- ومنهم، فضل اليماميّة

- ‌106- ومنهم- تيماء جارية خزيمة بن خازم

- ‌108- ومنهم- فنون جارية يحيى بن معاذ

- ‌109- ومنهم- صرف جارية أمّ حصين

- ‌110- ومنهم- نسيم جارية أحمد بن يوسف الكاتب

- ‌111- ومنهم- عارم جارية وليهدة النخاس

- ‌112- ومنهم- سلمى اليماميّة

- ‌113- ومنهم- مراد جارية عليّ بن هشام

- ‌114- ومنهم- متيّم الهشاميّة

- ‌115- سمراء وهيلانة

- ‌116- ومنهم- ظلوم جارية محمّد بن مسلم

- ‌118- ومنهم- ريّا وظمياء

- ‌119- ومنهم- بنان جارية المتوكّل

- ‌120- ومنهم- ريّا جارية إسحاق [الموصلي]

- ‌121- ومنهم- محبوبة جارية المتوكّل

- ‌122- ومنهم- أمل جارية قرين النّخّاس

- ‌123- ومنهم- رابعة جارية إسحاق بن إبراهيم الموصليّ

- ‌124- ومنهم- قاسم جارية ابن طرخان

- ‌125- ومنهم- مها جارية عريب

- ‌127- ومنهم- مثل جارية إبراهيم بن المدبّر

- ‌128- ومنهم-[نبت جارية مخفرانة]

- ‌129- ومنهم- صاحب جارية ابن طرخان النخاس

- ‌130-[ومنهم جلّنار جارية أخت راشد بن إسحاق الكوفي الكاتب]

- ‌131- ومنهم- خنساء البرمكيّة

- ‌132-[ومنهم خزامى جارية الضبط المغني]

- ‌133- ومنهم- صدقة بن محمّد

- ‌134- ومنهم- الحسين بن الحسن

- ‌135- ومنهم-[ياقوت المستعصميّ]

- ‌136- عبد المؤمن بن يوسف

- ‌137- ومنهم- لحاظ المغنّية

- ‌138- ومنهم- الثّوني

- ‌139- ومنهم- الخروف

- ‌140- ومنهم- محمّد بن غرّة

- ‌141- ومنهم- القاضي محمّد العوّاد

- ‌142- ومنهم- الدّهمان محمّد بن عليّ بن عمر المازني

- ‌143- ومنهم- الكمال التّوريزي

- ‌144- ومنهم- محمّد بن الكسب

- ‌145- ومنهم- الكتيلة

- ‌146- ومنهم- خالد

- ‌147- ومنهم- السّهروردي شمس الدّين

- ‌148- ومنهم- الشّمس الكرمي

- ‌149- ومنهم- يحيى الغريب الواسطيّ المشيب

- ‌150- ومنهم- حسن التاي

- ‌151- ومنهم- السّيلكو

- ‌152- ومنهم- البدر الأربلي

- ‌153- ومنهم- التّاج بن الكنديّ

- ‌154- ومنهم- خواجا أبو بكر النّوروزي

- ‌155- ومنهم- علاء الدّين دهن الحصا

- ‌156- ومنهم- نظام الدّين يحيى بن الحكيم

- ‌157- ومنهم- كمال الدّين محمّد بن البرهان الصّوفي

- ‌158- ومنهم- حسين بن عليّ المطريّ العزاويّ

- ‌159- ومنهم- عزيز جارية الحكم بن هشام

- ‌160- ومنهم- عزيز جارية الحكم بن هشام

- ‌161- ومنهم- بهجة جارية الحكم

- ‌162- ومنهم- مهجة جارية الحكم

- ‌163- ومنهم- فاتن جارية الحكم

- ‌164- فاتك جارية الحكم بن هشام

- ‌165- ومنهم- أفلح الرّباني

- ‌166- ومنهم- رغد جارية المغيرة بن الحكم

- ‌167- ومنهم- سليم مولى المغيرة بن الحكم

- ‌168- ومنهم- وضيح بن عبد الأعلى

- ‌169- ومنهم- ابن سعيد كامل

- ‌170- ومنهم- حصن بن عبد بن زياد

- ‌171- ومنهم- ساعدة بن بريم

- ‌172- ومنهم- سعد المجدّع

- ‌173- رداح جارية عبد الرّحمن [ص 394]

- ‌174- ومنهم- خليد مولى الأدارسة

- ‌175- ومنهم- سعدى جارية المعتمد بن عبّاد

- ‌176- ومنهم- ميمون الجوهريّ [أو الجهوريّ]

- ‌177- ومنهم- طريف بن عبد الله السّميع القابسيّ

- ‌178- ومنهم- زيد الغناء بن المعلّى

- ‌179- ومنهم- جارية تميم

- ‌181- ومنهم- أبو عبد الله اللالجي

- ‌182- ومنهم- ناطقة جارية الزّاعوني

- ‌183- ومنهم- بديع جارية المحلميّ

- ‌184- ومنهم- صافية جارية بدر أمير الجيوش

- ‌185- ومنهم- عيناء جارية بدر أمير الجيوش

- ‌186- ومنهم- مغنّي الصّالح بن رزّيك

- ‌187- ومنهم- سرور جارية العزيز

- ‌188- ومنهم- فنون العادليّة

- ‌189- ومنهم- عجيبة مغنّية الكامل

- ‌190- ومنهم- الكركيّة

- ‌191- ومنهم- الزّركشي أبو عبد الله

- ‌192- ومنهم- ابن كرّ أبو عبد الله

- ‌ملحق بالمصطلحات الموسيقية

- ‌مصطلحات الموسيقا العربية القديمة

- ‌أوتار العود وما يتعلق بها:

- ‌أسماء النوتات العربية وما يقابلها في النوتات العالمية التي استعملها اللاذقي في كتاب الرسالة الفتحية

- ‌الدوائر النغمية المشهورة ولكل دائرة لها نغماتها المعروفة لدى الموسيقيين وهي اثنتا عشرة دائرة هي:

- ‌ويتفرع من الأواز ستة أنغام:

- ‌المقامات وصلتها بالأبراج وتأثيراتها:

- ‌الإيقاعات الموسيقية القديمة وعددها اثنا عشر وهي:

- ‌الإيقاعات عند المتأخرين وعددها عشرون إيقاعا وهي:

- ‌أسماء المقامات وما يتصل بها ومعانيها باللغة الفارسية:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مصادر التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌32- محمد بن الحارث بن بسخنر

‌32- محمّد بن الحارث بن بسخنّر

«1»

رئيس طرب يشجي صوته الورقاء إذا ناحت، وذات اللفاء (؟) إذا باحت، طالما صبّ الدموع دما، وصدّ الثاكل أن يتذكّر عدما، لو باكى السيل لاستوقفه إذ جرى، أو شاكى المسهد لأشغله عن الكرى، راق الخلفاء كأس عناية، واتخذوه لذماء «2» الروح أجل غذائه، فكانوا لا يرون سرورا بغيره يتمّ، ولا حبورا بسواه يلمّ.

قال أبو الفرج: كان قديما يغنّي بالمعزفة «3» [ص 95] وكانت تحمل معه إلى دار الخلافة، فمر غلامه بها يوما، فقال قوم كانوا جلوسا على الطريق: مع هذا الغلام مصيدة الفأر، قال بعضهم: لا، هذه معزفة محمد بن الحارث، فحلف يومئذ بالطلاق والعتاق لا يغنّي بمعزفة أبدا، أنفة [من] أن تشبه التي يغني بها بمصيدة الفار، فصار يغني مرتجلا، وكان أحسن الناس أخذا للغناء وأحسنهم أداة.

قال أبو عبد الله الهاشمي، سمعت إسحاق المصعبي يقول للواثق، قال لي إسحاق بن إبراهيم الموصلي: ما قدر أحد أن يأخذ شيئا مستويا إلا محمد بن الحارث، فقال له الواثق: حدثني إسحاق عن إسحاق الموصلي بكذا وكذا، قال: قد قال لي إسحاق مرارا، قال له الواثق: فأي شيء أحدث من صنعته أحسن عندك؟ فقال: هو يزعم أنه لم يأخذ منه أحد قط هذا الصوت كما أخذته، وهو هذا:«4» [الطويل]

ص: 179

إذا المرء قاسى الدهر وأبيضّ رأسه

وثلّم تثليم الإناء جوانبه

فليس له في العيش خير وإن بكى

على العيش أو رجّى الذي هو كاذبه

فأمره الواثق أن يغنيه إياه، فأحسن واستعاده الواثق منه، فاستحسنه، وأمر برده مرارا حتى أخذه الواثق، وأخذه جواريه والمغنون.

وذكر يحيى المنجم أن إسحاق غنّى بحضرة الواثق: «1» [الطويل]

ذكرتك إذ مرت بنا أمّ شادن

أمام المطايا تشرئبّ وتسنح «2»

من المؤلفات الرّمل أدماء حرّة

شعاع الضحى من متنها يتوضّح «3»

فأمره الواثق أن يعيده على الجواري، وأحلفه بحياته أن ينصح فيه، فقال: لا يستطعن «4» الجواري أن يأخذنه مني، ولكن يحضر محمد بن الحارث فيأخذه مني، وتأخذه الجواري منه، فأحضره وألقاه عليه، فأخذه منه، وألقاه على الجواري.

قال أحمد بن الحسن بن هشام: جاءني محمد بن الحارث بن بسخنّر يوما، فقال لي: قم حتى أطفّل بك على صديق لي حر، وله جارية احسن خلق الله تعالى وجها وغناء، فقلت: أنت طفيليّ وتطفل بي؟ هذا والله [ص 96] أخس حال، وقمت معه فقصد بي دار رجل من فتيان (سرّ من رأى) كان لي صديقا، ويكنى أبا صالح، وقد غيّرت كنيته على سبيل اللقب «5» ، فلقّب أبا الصالحات، وكان

ص: 180

ظريفا حسن المروءة، ويضرب بالعود على مذهب الفرس ضربا حسنا، ولم يكن منزله يخلو من طعام وشراب، لكثرة من يقصده من إخوانه، فلما طرق بابه، قلت: فرجت عني [هذا]«1» صديقي، فدخلنا، وقدم لنا طعاما نظيفا فأكلنا، وأحضر النبيذ وأحضر جاريته، فغنت غناء حسنا، ثم غنت صوتا كانت أخذته من محمد بن الحارث، من صنعته، والشعر لابن أبي عيينة:«2» [الكامل]

ضيّعت عهد فتى لعهدك حافظ

في حفظه عجب وفي تضييعك

إن تقتليه وتذهبي بفؤاده

فبحسن وجهك لا بحسن صنيعك

فطرب محمد بن الحارث، ونقطها بدنانير مسيّفة «3» كانت في خريطته، ووجه بغلامه فجاءها ببرنية «4» فيها غالية فغلفها «5» منها، ووهبها الباقي، وكان معنا أخ لمحمد بن الحارث يكنّى أبا هارون ظريف طيب، فطرب ونعر ونخر «6» ، وقال لأخيه: والله إني أريد أن أقول لك شيئا في السر، وأسألك أن تخبرني هل فيه حرج، قال: قله علانية، قال: لا يصلح، قال: والله ما بيني وبينك شيء أبالي أن أقوله جهرا، فقله، قال: أشتهي أن تسأل أبا الصالحات أن ينيكني، فعسى صوتي أن ينصلح ويطيب غنائي، فضحك أبو الصالحات، وخجلت الجارية وغطت وجهها.

ص: 181

قال أبو العباس: حدثني محمد بن الحارث بن بسخنّر عن ابنه، قال لي الرشيد:

أنا عليّ أن أتغدّى عندك في غد، قال: فضاق عليّ من الأرض العريض، فجئت إلى عبد الملك بن صالح وقلت له: قد وقعت في بلية، قال: وما هي؟

قلت: زعم الرشيد انه يتغدّى عندي غدا، فقال: اذهب ففرّغ جهودك للقلايا والمعلكة ولا يخفك بسوى ذلك، قال: ففعلت، فلما جاءني قال: دعني من تخليطك وهلم إليّ بقلايا «1» ومعلكة، قال: فجئت بها، فقال: ضع يدك على رأسي، واحلف لتصدقني، قال: فوضعت يدي على رأسه وحلفت [ص 97]، قال: من أشار عليك بهذا؟ قلت: عبد الملك بن صالح، قال: أما والله لو كان طولب بالعشرة آلاف التي عليه، لما تفرغ لفضول الرأي.

قال محمد بن الحارث: كنت مع المأمون وهو يريد بلاد الروم، ومعه عدة من المغنين، فجلس يوما والمعتصم والعباس، فبعث المأمون بأصل شاهسفوص «2» وقد لفّ على رأسه حرير، فجاءني الغلام وقال: أعد الصوت، فأخذته وشممته، ووثبت فغنيته قائما، ووضعت الأصل بين يديّ وقلت للمغنين: حكم لي أمير المؤمنين عليكم بالحذق «3» بالغناء، قالوا: وكيف: [قال] قد دفع إليّ لواء الغناء من بينكم، قالوا: ليس كما ذكرت، ولكن حيّاك إذ أطربته، والرسول قائم، فانصرف بالخبر، فما لبث أن رجع فقال: كما قلت.

ص: 182

قال: صنع محمد بن الحارث لحنا في: «1» [مجزوء الكامل]

أصبحت عبدا مسترقّا

أبكي الألى سكنوا دمشقا

أعطيتهم قلبي فمن

يبقى بلا قلب فأبقى

وطرحه على المسدود الطنبوري، فوقع له موقعا حسنا، واستحسنه محمد بن الحارث منه، فقال له: أتحبّ أن أهبه لك؟ قال: نعم، قال: قد فعلت، وكان يغنيه ويدعيه، إنما هو لمحمد بن الحارث.

قال: دعا إسحاق بن إبراهيم المصعبي المأمون، فصار إليه معه المعتصم وعبد الله ابن طاهر وسائر جلسائه ومغنيه، فلما جلس المأمون على شرابه، كان ممن حضر المجلس من المغنين محمد بن الحارث، وقد شاع في المأمون الطرب، فغناه:«2» [المنسرح]

لو كان حولي بنو أميّة لم

تنطق رجال أراهم نطقوا

قال: فغضب المأمون، ودارت عينه في رأسه، وكان لا يكاد يغضب، فإذا غضب بلغ غاية الغضب، ثم التفت إليه فقال: تغنّيني في وقت سروري «3» ، وساعة طربي في شعر تمدح فيه أعدائي، وأنت مولاي، وربيب نعمتي؟ ادعوا أحمد [ص 98] بن هشام، وكان على حرسه، وكان المأمون لا يمضي إلى موضع، إلا ومعه صاحب شرطته وحرسه، وكان احمد قاعدا في حراقة «4» على باب إسحاق في دجلة، فجاء أحمد حتى مثل بين يديه، وكان عبد الله بن طاهر قد قام ليجدد وضوءا، فقال أحمد: خذه إليك فاضرب عنقه وانتسفه من الأرض، ومرّ به مبادرا

ص: 183