الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(1)
.
(2)
.
(3)
.
أما بعد؛
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ولقد قال الدارمي رحمه الله: "الحيض كتاب ضائع لم يصنف فيه تصنيف يقوم بحقه"
(4)
.
(1)
آل عمران: 102.
(2)
النساء: 1.
(3)
الأحزاب: 70، 71.
(4)
المجموع (2/ 180).
وقال النووي: "اعلم بأن باب الحيض من عويص الأبواب، ومما غلط فيه كثيرون من الكبار لدقة مسائله، واعتنى به المحققون، وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة".
وقال أيضاً: "وقد رأيت ما لا يحصى من المرات، من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه، لا يهتدى إلى الجواب الصحيح فيها إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض"
(1)
.
وقال ابن نجيم: "معرفة مسائل الحيض من أعظم المهمات، لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام، كالطهارة، والصلاة، وقراءة القرآن، والصوم، والاعتكاف، والحج، والبلوغ، والوطء، والطلاق، والعدة، والاستبراء وغير ذلك من الأحكام. وكان من أعظم الواجبات، لأن عظم منزلة العلم بالشيء، بحسب منزلة ضرر الجهل به: وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها"
(2)
.
وترجع صعوبة الحيض لأمور منها:
الأول: كون الحيض مما يختص به النساء. ويتعذر على الفقيه الوقوف على طبيعة الحيض بالحس والمشاهدة.
الثاني: تكلف الفقهاء في تقعيد قواعد مرجوحة لا دليل عليها، ثم رد
(1)
المجموع (2/ 180).
(2)
البحر الرائق (1/ 199)، ولعله يقصد بالنسبة للأحكام الفقهية، وإلا فضرر الجهل بمسائل الاعتقاد أشد من غيرها. والله أعلم.
مسائل الحيض المختلفة إلى تلك القواعد المرجوحة، مما زاد الموضوع تشعباً وتعقيداً.
وقد أحسن الشوكاني حين قال: "وقد أطال المصنفون في الفقه الكلام في المستحاضة، واضطربت أقوالهم اضطراباً يبعد فهمه على أذكياء الطلبة، فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعي فى البيان، والنقص فى الأديان وبالغوا في التعسير حتى جاءوا بمسألة المتحيرة فتحيروا، والأحاديث الصحيحة قد قضت بعدم وجودها" اهـ
(1)
.
والملاحظ أن أحاديث الحيض أحاديث معدودة كلها تدل على يسره وسهولته، ولو كانت أحكام الحيض متشعبة كما يراه الفقهاء لكثرت الأحاديث التي تبين أحكامه بياناً تقوم به الحجة، وتفهمه عامة النساء.
الثالث: تناول المرأة حبوباً فى منع الدورة والحمل مما قد يسبب اضطراباً في عادتها يصعب أحياناً ردها إلى كلام أهل العلم. ويتحير في أمرها طالب العلم.
الرابع: عدم تحكيم السنن الواردة في الحيض، ومعارضتها بأقوال الرجال والتكلف فى صرفها عن ظاهرها.
الخامس: قلة الكتب الطبية المتخصصة من الأطباء الموثوق بهم والتي يستعين بها الفقيه على فهم طبيعة الحيض، وتنزيل الأحكام الشرعية بناء على فهمها.
(1)
النيل (1/ 335) ح 368.