الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقول الشافعي: تحيض يوماً، الظاهر أنه يعني مع ليلته، فإنه إذا اطلق اليوم دخلت الليلة، وإذا اطلقت الليلة دخل اليوم.
قال تعالى: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}
(1)
، مع قوله سبحانه:{قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}
(2)
.
فأطلق اليوم وأريد به مع ليلته.
الدليل الثالث:
[38]
ما رواه الدارمي
(3)
أخبرنا يعلى، ثنا إسماعيل، عن عامر - يعني الشعبي - قال:
جاءت امرأة إلى عليّ، تخاصم زوجها طلقها. فقالت: قد حضت في شهر ثلاث حيض. فقال علي لشريح: اقض بينهما.
قال: يا أمير المؤمنين، وأنت ها هنا. قل: اقض بينهما. قال: إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته، تزعم أنها حاضت ثلاث حيض، تطهر عند كل قرء وتصلي، جاز لها، وإلا فلا. قال علي: قالون. وقالون بلسان الروم
مقارب، ومثل كلام الأوزاعي هذا لا أعتقد أن أحداً سوف يخطئ في نقله ما لم يتعمد. والله أعلم. أهـ
(1)
آل عمران، آية 41.
(2)
مريم، آية:10.
(3)
سنن الدارمي (855).
أحسنت.
[رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً، فالشعبي لم يسمعه من علي]
(1)
.
وجه الاستدلال:
قالوا: قد اتفق شريح وعلي رضي الله عنهما، وعلي له سنة متبعة على أن أقل الحيض يوم وليلة، ولا يمكن أن تحيض في شهر ثلاث مرات إلا في هذه الصورة؛ وذلك بأن تحيض يوماً وليلة، ثم تطهر ثلاثة عشر يوماً، ثم تحيض يوماً وليلة، وتطهر ثلاثة عشر يوماً، فالمجموع ثمانية وعشرون يوماً، ثم تحيض يوماً وليلة فتخرج من العدة بعد تسعة وعشرين يوماً.
ويجاب عن هذا:
أولاً: أن الأثر إسناده منقطع، والمنقطع ضعيف.
ثانياً: ليس في القصة ما يدل على أنها حاضت يوماً وليلة، وطهرت ثلاثة عشر يوماً، ولذلك جاء في شرح ابن رجب لصحيح
(1)
ذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، في كتاب الحيض (6)، باب (24) إذا حاضت في شهر ثلاث حيض. قال: ويذكر عن علي وشريح. قال الحافظ في الفتح: وإنما لم يجزم به للتردد في سماع الشعبي من علي، ولم يقل: إنه سمعه من شريح فيكون موصولاً. قال الدارقطني في العلل (4/ 97) سمع منه حرفاً - يعني عامراً من علي - ما سمع غير هذا، يعني: حديث "جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن الفرائض التي رواها الشعبي عن علي. قال: عندي ما قاسه الشعبي على قول علي، وما أرى علياً كان يتفرغ لهذا.
البخاري
(1)
: "قال حرب الكرماني، ثنا إسحاق، نا أبي، قال: سألت ابن المبارك، فقال: أرأيت قول سفيان: تصدق المرأة في انقضاء عدتها في شهر، كيف هذا؟، وما معناه؟.
قال: قل ثلاثاً حيضاً، وعشراً طهراً، وثلاثاً حيضاً. كذا قال". اهـ
وبناء على هذا التفسير على أن أقل الحيض ثلاث، فيكون مجموع الحيض ثلاث مرات، كل واحد منها ثلاثة أيام، فمجموعها تسعة أيام، ويكون مجموع الطهر عشرين يوماً، كل طهر عشرة أيام، فالمجموع تسعة وعشرون يوماً.
وهذا أيضاً تفسير إسحاق بن راهوية، كما ذكره ابن رجب عنه في شرحه.
وثالثاً: الأثر لا يدل على التحديد، فلو ادعت المرأة انقضاء عدتها بأقل من شهر، فأين الدليل من الأثر على أنه لن يسمع بينتها، فقد يقع من امرأة أقل من شهر. والأثر لا يمنع منه.
وممن قال بأن أقل الحيض يوم وليلة عطاء بن أبي رباح.
[39]
فقد روى الدارمي، أخبرنا الحكم بن المبارك، نا مخلد بن يزيد، عن معقل بن عبيد الله، عن عطاء، قال: أدنى الحيض يوم
(2)
.
[قال الحافظ: "إسناده صحيح"
(3)
، والحق أنه حسن، الحكم، ومخلد كل
(1)
(2/ 148).
(2)
سنن الدارمي (845).
(3)
الفتح (1/ 565).