الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني
من القياس:
قالوا: إذا كانت التسمية مشروعة في الطهارة الصغرى كانت مشروعة في الطهارة الكبرى من باب أولى، لأنها صغرى وزيادة
(1)
.
دليل الحنابلة على وجوب التسمية
.
لما كان الحنابلة يوجبون التسمية في الطهارة الصغرى أوجبوها في الطهارة الكبرى من باب القياس
(2)
.
والراجح عندي أنها لا تشرع:
وأما رواية: [لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَّ]:
فقد أخرجها الخليلي في الإرشاد (1/ 449) من طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة به.
قال المناري في فتح القدير (5/ 14): "وقال الرهاوي غريب تفرد بذكر الصلاة. فيه إسماعيل بن أبي زياد، وهو ضعيف جداً، لا يعتبر بروايته ولا بزيادته".
قال الدارقطني: يضع الحديث، كذاب متروك. الضعفاء والمتروكين له (85). الكشف الحثيث (142)، اللسان (1/ 1/ 406).
وقال الخليلي: ليس بالمشهور، كان يكون في دار المهدي. يقال: إنه كان يعلم ولد المهدي، وهو من جملة الحواشي، ويشحن هذا التفسير بأحاديث مسندة يرويها عن شيوخه عن ثور بن يزيد، وعن يونس الأيلي أحاديث لا يتابع عليها. الإرشاد (1/ 391).
[وأما رواية الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً]
فأخرجها النسائي (496) في عمل اليوم والليلة عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري مرسلاً، وأخرجه (495) عن محمود بن خالد، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد ابن عبد العزيز، عن الزهري به.
(1)
المبدع (1/ 194).
(2)
المرجع السابق.
أولا: الأصل في العبادات الحضر، حتى يرد دليل صحيح على المشروعية، وأحاديث الاغتسال من الجنابة ومن الحيض ليس فيها ذكر التسمية {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}
(1)
.
واستحباب التسمية في كل شيء ليس على إطلاقه، فهناك أمور تكون التسمية فيها من البدع: كالتسمية للأذان، والتسمية للصلاة، والتسمية لرمي الجمرات، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمي لهذه العبادات، فإذا لم ترد التسمية في غسل الجنابة لم تستحب في غسل الحيض، لأن صفة الغسل الواجبة فيهما واحدة، وقد ينفرد الحيض باستحباب بعض الأفعال الخاصة كما سيأتي إن شاء الله.
وإليك بعض أحاديث الاغتسال من الحيض والجنابة، لترى أن التسمية لم ترد فيهما.
الحديث الأول:
(106)
ما رواه مسلم، قال: حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت صفية تحدث،
عن عائشة، أن أسماء بنت شكل سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فَتَطهَّر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً، حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم
(1)
مريم آية (64).
تاخذ فرصة ممسكة فتَطَهَّرُ بها. فقالت أسماء وكيف تَطَهَّرُ بها؟ فقال: سبحان الله تطهرين بها. فقالت عائشة، وكأنها تخفي ذلك: تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليه الماء. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين
(1)
.
ورواه البخاري بأخصر من هذا
(2)
.
ووجه الدلالة ظاهرة، هو أنه قد وقع هذا الحديث جواباً عن كيفية الغسل من المحيض، وقد ذكر أموراً مستحبة كالسدر، فلو كانت التسمية مشروعة لأرشد عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثاني:
(107)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده. ورواه مسلم
(3)
.
(1)
صحيح مسلم (332).
(2)
صحيح البخاري (314)، وسيأتي تخريجه في حكم الوضوء لغسل الجنابة. فانظر هناك.
(3)
البخاري (272) ومسلم (316)
فهذه صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وليس فيها ذكر البسملة.
الحديث الثالث:
(108)
ما رواه مسلم، قال: حدثني علي بن حجر السعدي، حدثني عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، قال: حدثتني خالتي ميمونة، قالت:
أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا، ثم أدخل يده فى الإناء، ثم أفرغ بها على فرجه، وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بمنديل فرده. ورواه البخاري
(1)
.
وهذا الحديث كغيره ليس فيه التسمية، فيبعد أن تكون التسمية مشروعة ثم لا تنقل من قوله صلى الله عليه وسلم ولا من فعله.
الحديث الثالث:
(109)
ما رواه مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر كلهم، عن ابن عيينة. قال إسحاق: أخبرنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن، عبد الله بن
(1)
البخاري (257) ومسلم (317).
رافع مولى أم سلمة،
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأس ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين
(1)
.
(1)
صحيح مسلم (330).