الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطهر، لأنكم إما أن تقولوا: بأنها حيض مطلقاً، في العادة وبعدها. أو تقولوا: ليست بحيض مطلقاً، فأما أن تعتبروها في زمن مانعة من الصلاة والصيام، وفي زمن ليست مانعة، فهذا خطأ يخالف القواعد.
وأجيب:
بأن التفريق بين زمن العادة وغيرها إنما قلناه تبعاً للنصوص، لا أن ذلك وفقاً للقياس، والنص مقدم على القياس، وقد يقال: إن الصفرة والكدرة على وفق القياس، وذلك أنهما إذا كانا في زمن العادة والحيض، كان هذا وقت سلطان الدم، فهما أثر من آثاره، لأن العادة تبدأ ضعيفة، ثم تشتد ثم تتدرج بالضعف حتى تطهر المرأة، وما دامت في وقت الدم فقد أعطيت حكمه، لأن الكدرة أثر من آثاره، بخلاف ما إذا كان بعد الطهر فإنها ليست من أثر الحيض. والله أعلم.
دليل من قال: بأن الصفرة والكدرة ليست حيضاً مطلقاً
.
[الدليل الأول]
(*)
[76]
استدلوا بما رواه أبو داود، قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد ابن أبي عدي، عن محمد - يعني: ابن عمرو - قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة ابن الزبير،
عن فاطمة بنت أبي حبيش، قال: إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي
(1)
.
(1)
سنن أبي داود (286).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع
[ضعيف]
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالإمساك عن الصلاة إلا إذا رأت الدم الأسود، وأما إذا رأت غيره فإنها تصلي، والصفرة والكدرة ليست دماً أسوداً، وبالتالي فهي مأمورة بالصلاة إذا رأته.
وأجيب:
أولاً: الحديث ضعيف.
ثانياً: أن هذا الحكم خاص بالمستحاضة، وهي التي اختلط دم حيضها بدم استحاضتها وكان التمييز بين الدمين لا يمكن إلا باللون، لا أن هذا حكم مطلق لكل امرأة ولو لم تكن مستحاضة.
ثالثاً: أنه مقيد بحديث أم عطية: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً". وسيأتي تخريجه، وبأثر عائشة:"لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء" وسيأتى، وعليه فيكون ما عدا الدم الأسود ليس حيضاً، إلا في زمن العادة فإنه
(1)
الحديث ضعيف لاضطرابه في السند، فمرة حدث به محمد بن أبي عدي فجعله من مسند فاطمة، ومرة جعله من مسند عائشة، والأول من كتابه، والثاني من حفظه، فإن رجحنا ما كان في كتابه فهو منقطع، لأن عروة لم يسمعه من فاطمة. وإن رجحنا كونه من حفظه فهو وإن كان متصل السند، إلا أنه مخالف لكل من رواه عن عروة عن عائشة في متنه كما في الصحيحين وغيرهما، ولم يقل أحد ممن رواه عن عروة:"إن دم الحيض دم أسود يعرف" إلا محمد بن عمرو، وهو ممن لا يحتمل تفرده. وقد ضعف الحديث أبو حاتم والنسائي، وسوف أتكلم عليه بشيء من التفصيل إن شاء الله في باب الاستحاضة، وأذكر من خرجه مع أبي داود إن شاء الله، وأقارنه بحديث الصحيحين.