الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: هل تغسل المرأة أعضاء الوضوء مرة ثانية في الاغتسال أم يكفي غسلها في الوضوء قبل الغسل
.
إذا توضأت المرأة لغسل الحيض، فهل تغسل بقية بدنها دون أعضاء الوضوء؟ أو يلزمها غسل بدنها مع أعضاء الوضوء؟ فتكون غسلت أعضاء الوضوء مرتين، مرة فى الوضوء، ومرة في الغسل. هاتان مسألتان:
الأولى: هل تكرر غسل أعضاء الوضوء مرة في الوضوء، ومرة في الغسل.
والثانية: هل يشرع التثليث في غسل البدن، بحيث يغسل بدنه ثلاثاً عند الغسل.
وسوف أناقش المسألة الأولى أعني: هل تكرر غسل أعضاء الوضوء مرة في الوضوء، ومرة في الغسل، وأما المسألة الثانية فسوف يأتي الحديث عنها في مبحث خاص.
(114)
فقد روى البخاري، قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بين شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده.
ورواه مسلم
(1)
.
(1)
البخاري (272)، ومسلم (316).
فقولها: "ثم غسل سائر جسده" أى بقية جسده، وقد ذكر الزبيدي: أن كلمة سائر الناس: أي الباقي من الناس
(1)
.
وله شاهد من حديث ميمونة من رواية مسلم له، في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة.
(115)
وفيه: "ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده"
(2)
.
(1)
انظر تاج العروس (6/ 489). وفي حديث أبي موسى في البخاري (3411) ومسلم (2431)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. فمعنى "سائر الطعام" أي على بقيته.
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 327): "والسائر: الباقي، والناس يستعملونه بمعنى الجميع، وليس بصحيح، وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث، وكلها بمعنى باقي الشيء". اهـ
وذكر الزبيدي في تاج العروس (6/ 489) إلى أن في السائر قولين:
الأول: وهو قول الجمهور من أئمة اللغة وأرباب الاشتقاق أنه. بمعنى الباقي، ولا نزاع فيه بينهم، واشتقاقه من السُّوْر، وهو البقية.
والثاني: أنه بمعنى الجميع، وقد اثبته جماعة وصوبوه، وإليه ذهب الجوهري، والجواليقي، وحققه ابن بري في حواشي الدرة، وأنشد عليه شواهد كثيرة، وأدلة ظاهرة، وانتصر لهم الشيخ النووي في مواضع من مصنفاته، وسبقهم إمام العربية أبو علي الفارسي، ونقله بعضٌ عن تلميذه ابن جني
…
الخ كلامه رحمه الله. ولا مانع أن يكون معنى كلمة (سائر) مشتركاً بين المعنيين، والأصل فيها أن تكون بمعنى الباقي إلا إن دلت قرينة على أن المراد. بمعنى سائر: الكل فيقبل.
(2)
مسلم له (317).
وقال ابن رجب: الجنب له حالتان:
إحداهما: أنه لا يلزمه سوى الغسل، وهو من أجنب من غير أن يوجد منه حدث أصغر، فهذا لا يلزمه أكثر من الغسل، فإن بدأ بأعضاء الوضوء فغسلها لم يلزمه سوى غسل بقية بدنه بغير تردد، وينوي بوضوئه الغسل لا رفع الحدث الأصغر، وهو ظاهر.
الثاني: أن يجتمع عليه حدث أصغر وجنابة، كأن يحدث، ثم يجنب، فهل يتداخل الوضوء مع الغسل أم لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء. اهـ بتصرف
(1)
.
قلت: وملخص الأقوال في المسألة كالآتي:
قيل: إذا نوى الطهارة الكبرى، أجزأه عن نية الطهارة الصغرى.
وهو مذهب المالكية
(2)
، والشافعية
(3)
.
وقيل: يجزئ ولو لم ينو أحدهما، باعتبار أن النية ليست بشرط.
وهو مذهب الحنفية
(4)
.
(1)
في شرحه للبخاري (1352).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 140)، فتح البر بترتيب تمهيد ابن عبد البر (3/ 415) القوانين الفقهية (ص: 23)، شرح الزرقاني لمختصر خليل (1/ 105)، مختصر خليل (ص: 15)، منح الجليل (1/ 132)، التاج والإكليل المطبوع بهامش مواهب الجليل (1/ 318).
(3)
الأم (1/ 40)، المجموع (2/ 223)، الحاوي الكبير (1/ 221)، روضة الطالبين (1/ 89، 54).
(4)
البناية (1/ 173)، تبيين الحقائق (1/ 5)، البحر الرائق (1/ 24)، بدائع الصنائع
وقيل: لا تتداخل الطهارتان الكبرى والصغرى إلا بنية، فعلى هذا إما أن يتوضأ قبل الغسل أو ينوي بغسله الطهارة من الحدثين.
وهو مذهب الحنابلة
(1)
، ووجه في مذهب الشافعية
(2)
.
وقيل: يجب الوضوء، إما قبل الغسل وإما بعده، ولا تتداخل النيتان، وسواء وجد منه الحدث الأصغر أو لم يوجد.
وهو رواية في مذهب أحمد
(3)
، ووجه في مذهب الشافعية
(4)
.
وعلى هذه الرواية تغسل أعضاء الوضوء مرتين، مرة في الوضوء، ومرة في الغسل.
وقيل: يجب الوضوء وغسل بقية البدن.
وهو وجه في مذهب الشافعية
(5)
.
وفرق ابن حزم بين غسل الجنابة وبين غيره كغسل الجمعة ونحوها فقال في غسل الجنابة: إذا نوى الوضوء أجزأه، وإن لم ينوه لم يجزه، وقال في غيره
(1/ 19).
(1)
كشاف القناع (1/ 131)، المحرر (1/ 20)، شرح منتهى الإرادات (1/ 88)، الإنصاف (1/ 259)، المبدع (1/ 201، 200)، الفروع (1/ 205)، المغني (1/ 289).
(2)
المجموع (2/ 223)، روضة الطالبين (1/ 89، 54).
(3)
الفروع (1/ 205)، الإنصاف (1/ 259).
(4)
الروضة (/ 54)، المجموع (1/ 223).
(5)
انظر المصدر السابق.